الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


بعضها وقع وبعضها واقعي - علاقة نت

عبدالجليل الكناني

2010 / 6 / 6
الادب والفن


تلك هي طبيعتي . قال ذلك ونظر إلى الجدار حيث المصباح الذي انطفأ فجأة وأطال النظر حتى خيل لي إن الظل الداكن الذي خيم على المكان قد أطفا جذوة الألم اللذيذ الذي كان يمتع به أحاسيسه الخدرة المستلمة لولا أن أردف بالقول بحرارة بدت كرد فعل عنيف على سطوة الظلال الداكنة – لماذا دائما ؟.. ولماذا دائما أيضا اهرع إليك لأحدثك ؟ إننا متشابهان وكلانا مشغول بالوظيفة والعائلة وبأحاسيس تستشعر وحولة الدروب المؤدية إلى تحقيق ابسط غاياتنا . الفرق بيني وبينك هو انك اعتدت ، بسبب طبيعة عملك أو ربما بغريزة دفاعية متأصلة هي الفرق الوحيد بيننا ، أن تضع الشك أولا حتى تبلغ الحقائق ومهما نصحتني لن أصير مثلك . أنا رجل لا يعرف معنى التجارب والعبر . حين دخلت ، هذه المراة ، إلى عالمي بغتة لم أكن على استعداد لأية علاقة وان كانت مما تسمى بالبريئة إلا أنه وبعد المحادثة الأولى على الشبكة ، ألنت ، صرت اشعر بمسؤولية ما تقيدني بها ، حتى تواصل حوارنا لمرات عدة ، أفصحت ، هي ، خلالها بجرأة كبيرة عن علاقتها البائسة بزوجها ذلك الزوج الذي لم يراع أنوثتها واحتياجاتها حتى صارت صيدا سهلا للشاب الذي يصغرها بعشرة أعوام والذي باتت تحبه . تقول أنها لأول مرة تستشعر أنوثتها وتبلغ معه ذروة العاطفة واللذة وحين سألتها - الم يستطع زوجك إرضاء غرائزك ؟؟ كتبت - دعك منه انه يعيش في غير واد . قلت لنفسي هذه ساقطة ترمي حبالها ومن ثم ، لكي لا اظلمها ، ارتأيت أنها ربما صادقة ، وبدافع ، أقول عنه إنساني ولعلك تملك تفسيرا آخر له ، قررت ان لا اظلمها ، وما الضير في ذلك ؟ هي كتبت - أنت لا تعرفني ولا أنا أعرفك ذلك ما يجعلني جريئة في حديثي إليك فلا تظن بي السوء ، كما أنني لمست فيك حسا إنسانيا ، أنا أتعذب وأريد منك مساعدتي .
ولماذا تتعذبين طالما انك وجدت من يمنحك السعادة ؟ كتبت لها ذلك ، و بعد دقيقة خلتها خلالها تبكي أو لعلها تضحك أو تبادل صديقها أو صديقتها الغمزات ، ردت – وماذا لو تزوج لابد يوما يتزوج . كتبت لها – ان حصل ذلك فلأنه لا يحبك فاتركيه . لا أستطيع . جاءني ردها ثم توالت السطور عبر نافذة المحادثة
كوثر- يحبني ويتعذب لاضطراره الزواج فأمه تريد له ذلك .
احمد – اذن وماذا علي ان افعل؟
كوثر – ان تساعدني
احمد – في ماذا ؟؟
كوثر- أن تجد لي حلا .
احمد - لا املك حلا إن لم تساعدي نفسك هذا الشاب يستغلك .
كوثر –لا لا انه يحبني اشعر بذلك حين التقيته وحين يبادلني الحب انه يحبني .

قلت لأحمد :- لا تنتظر من خلال ألنت علاقات صادقة فهذا الذي يحدثك ربما يكون رجلا يريد تزجية الفراغ بالضحك من الآخرين . فنظر إلي معاتبا وهل تظنني غبيا لقد اعطتني رقم هاتفها الخلوي وسمعت صوتها . كما أنها اتصلت بي ذات مرة بعد أن انقطعت عنها وراحت تبكي بحرقة لأنها بحاجة إلي كما تقول - لعله رجل يقلد صوت امرأة . – لا إنها امرأة تقلد صوت امرأة – ماذا تقصد ؟ - بدا لي صوتها عميقا لعله خلل في الهاتف كما تقول ولكنها امرأة وقد أضفى الصدق في حديثها وقعا في نفسي . – اتركها يا احمد لا تضع نفسك في ورطة عواقبها وخيمة . – هل تريد مني التخلي عنها ماذا لو كانت تسير نحو الهاوية وقد تقتل ؟ - أخشى أن ثمة دوافع أقوى من التي تدعيها تشدك إلى تلك المرأة – لا اعرف . قال احمد ثم أردف – ولا املك تفسيرا غير أني اشعر بحرية لم آلفها من قبل .فقلت :- لعل انطباعي حين حدثني يوحي بأكثر من ذلك ، أرجو أن لا يتملكك وهم الحب . انتفض احمد مستنكرا :- ليس الحب حتى أني اخجل من قولها .
- أعطني رقم هاتفها - هل تريد تعقيد الأمور؟ – لا لن أخذلك . – لا أريدها أن تعرف أو حتى أن تشك بصلتي بك .
اتصلت بكوثر عدة مرات فكان الجهاز مغلق أو خارج منطقة التغطية كذلك يأتي الرد وعرفت من احمد أن الأمر كذلك معه . وحين عبرت له عن قلقلي من حدوث مكروه لها قال لي : هذا ما يحصل غالبا ولكنني بعد العديد من المحاولات أتمكن من الاتصال بها . إذن سأواصل الاتصال . وجاءني صوتها ، كما قال ، عميقا مرتبكا ، ولكنه صوت امرأة وبدت نبرتها وطريقة الرد مألوفة رغم التمويه الذي ارتأيت انه مقصود على عكس ما ادعته لأحمد من انه خلل في جهازها المحمول . وطلبت مني أن لا اتصل بها ثانية والا ستضطر للإبلاغ عني . وخلال الدقيقتين اللاحقتين اتصلت هي بأحمد لتخبره بأنه ليس أهلا للثقة وانه عقد الأمور وزادها قلقا بإعطائه رقم هاتفها لصديقة ومهما أنكر لم يتمكن من إقناعها ، بدعوى أنها لم تعط هذا الرقم لأية امرأة أو رجل غيره وانه خاص به هو . وهذه الثقة والصدق الذين أحس بهما جعلت احمد يغضب مني ويزداد تمسكا بكوثر . وراح ينحاز إليها رغم خيانتها لزوجها ويتهم ذلك الزوج بالخيانة وانه هو الذي يدفع بها إلى الهاوية . ولكن ما الحل ؟ هي تريد حلا بعد فوات الأوان . بعدما أوغلت بالإثم .
احمد : - الحل الوحيد هو أن تطلبي الطلاق من زوجك وتتزوجي من ذلك الشاب
كوثر: – أنت تنظّر على ارض هشة . ذلك مستحيل يا احمد .
احمد :– من الذي يرفض ؟؟ إن كان هو إنما يكذب عليك ويستغلك
كوثر:– هو يحبني ، إلا أن ظروفه قاهرة كظروفي أنا ولا يمكن لأي منها أن تذلل .ثم كتبت - اغلب الرجال هكذا يهملون زوجاتهم ولكن بدرجات واغلب النساء هكذا لو اتيحت لهن الفرصة لفعلن ما فعلت .
وحينما استنكرتُ قولها بشدة كتبت لي – وهل علاقتك بزوجتك مختلفة .
نعم مختلفة . كذلك كتبت لها ولا يمكن لزوجتي أن تسلك طريقك .
كوثر - تبدو واثقا . ولا اظنك كذلك .
لقد أرعبني ما قالت وبدا لي أنها مستفزة ناقمة .

قلت لأحمد :- لقد نجحت باصطيادك وبعدما تتأكد من تعلقك بها ستطرح هي الحل البديل وهو أن تكون عشيقها ولو اكتشفت انك بالكاد تدعم استمرار حياتك وعائلك ستركلك .
بدا محاصرا ذلك ما تعلنه نظراته الهاربة إلى كل الأرجاء ومع الحصار بدا جليا انه سيعلن ثورة من نوع ما وكنت أخشى ثورته التي تدعم عناده الأعمى عادة . ولكن نظراته ارتدت إلي ، فجأة ، وتراخت . ما الذي سأخسره ما زلت مالكا لزمام نفسي .
- وكم سيطول ذلك ؟؟ قال :-طالما بقيت على تواصل معك .
كنت امثل العقل الواعي لأحمد جراء ثقته بي . وهو يمثل الحس النبيل بالنسبة لي ذلك الذي لم آلفه لدن اغلب الناس . وعلى مبدأ عدم ظلم الآخرين بالشك وبعد مباحثات مستفيضة بيننا قرر احمد ان يضع في الحسبان انها بقدر ما تكون طائشة فهي ترى سلوكها بمنظار عاطفتها وثورة الألم الممض الذي عانته جراء علاقة فاشلة تماما ومهينة لمشاعر وأحاسيس امرأة كما انه بقدر ما يتسم سلوكها بالجرأة فهو سلوك مبعثه غباء في تقدير العواقب والانزلاق نحو الهاوية ومهمته أن ينقذ هذا المرأة البائسة من نفسها أولا ومن فشلها في علاقتها الزوجية أن أمكن وان فشل فهو إنما قد أخلى ضميره من مسؤولية تركها لتجاهد وحدها هذا على افتراض أنها صادقة وان كان افتراضا ضعيف الأسس فقد يكون واقعا لا يجب أن يتركه وراء ظهره . ومن هنا شعر بالارتياح وأكد لي مرة أخرى انه لم يخطئ حين طلب مني مساعدته . رغم أني في حقيقة الأمر كنت ارسم الصورة الواقعية لما يجري تلك الصورة التي لم أفصح عنها تماما وبالتفصيل لأحمد وهي أن كوثر مجرد عاهر ترمي حبالها لتصطاد و ربما خلفها وغيرها عصابة منظمة للنصب والاحتيال . إلا أن ما ادعته من كون اغلب النساء قد يفعلن مثلما تفعل ، وأنهن لو امتلكن الحرية التي لدى الرجال ، وكما كتبت نصا - لكنا لعبنا بكم لعبا ....
تلك الصورة التي لم تهز احمد فحسب إنما جعلتني الآخر أراجع علاقتي بزوجتي واسترجع صلاتنا الحميمة وهل هي حقا حميمة إلى الحد الذي يرضيها كامرأة وهل تريد المرأة أكثر من ذلك ؟؟ أ من الممكن على سبيل الافتراض الجريء الموغل في التطرف ان تسلك زوجتي أو زوجة احمد ذلك السلوك المشين ؟؟
كتب لها احمد - لا يمكن ذلك .
وقد اسر لي بصراحته المعهودة أن هذه المرأة شيطان زرع في نفسه الشك مما جعله يراقب سلوك زوجته . في حين لم أفصح أنا عما يدور في ذهني وعن سلوكي مع زوجتي والذي صدر عنه رد فعل لم اعهده منها وكل ذلك يصب في جمال ونعمة ما كنت اشعر بها تماما . صرت اعي سلوكي معها والج في تفاصيل علاقتنا إن كانت تحت ستر الليل أو خلل ضوء النهار . عرفت في الزوجة أشياء باهرة تعميها الغفلة والإيحاءات المسبقة . فقلت لأحمد لو أنني استطعت الاتصال بزوجها لوجدت لها الحل . ضحك احمد - وهل ستخبره ان زوجته خائنة ؟ .
لقد كان محقا إذ لا سبيل للتواصل مع زوجها دون أن يعرف بخيانتها . ولكن ماذا لو أقنعها هي ؟ كان ذلك رأي احمد الذي ضحكت منه أنا هذه المرة . حتى فاجأني ذات يوم بالقول لقد كتبت إلي تشكرني أنني قد ساعدتها بإيجاد الحل . وتعتذر لأنها لم تعد بحاجة إلي .
أدركت أن هذه المرأة لم تجد ما يثمر في علاقتها مع احمد فهي التي كتبت له ذات مرة بأنه يأخذ جميع الأمور على محمل الجد . ومثل هذا الرجل لا يمكن ان تحصل منه على غنيمة اذ كلما رمت شباكها عادت فارغة ولعلي لم ارد استفزازه برأيي هذا طالما أن المسألة قد حلت وخليت مسؤوليته فقلت له دون حماس لمعرفة الجواب :- وبماذا نصحتها ؟
- طلبت منها أن تحمي نفسها أن تترك الشاب حيث أن علاقتها معه قد تؤدي بالنتيجة إلى قتلها دون أسف من احد . وحينها سالت عن البديل فقلت لها البديل هو زوجك . لم يكن أول الأمر إقناعها بالسهل إلا أنها أخيرا قررت العمل بما ارتأيت لها . وهو أن تفعل مع زوجها ما تفعله مع عشيقها فان لم تجد ما يرضيها فلا حل لدي غير أن تمضي بنفسها إلى الهاوية . نعم كنت صارما معها لم أكن لينا ولا متسامحا – فكتبت لي - وهل أنت مقتنع تماما بما تقول ؟ أترضى أن تكون زوجتك عشيقتك ؟؟ كتبت لها :- نعم ان كان ذلك يرضيها ويجعلها مخلصة لي . لا حل غير هذا إن أردت مني مساعدتك . لاحل غير أن تكونا عشيقين لا زوجين أن تعطيه ما أعطيته لعشيقك .
قلت له بلهجة مشاكسة :- في الواقع الجميع بحاجة لذلك . فقال بشرود - نعم الجميع . ولولا كوثر لما أدركت ذلك . لقد عرفت زوجتي من خلالها ولكن شتان بينهما ، نعم شتان ....
حينما جلست إلى جانب زوجتي نشاهد التلفاز كنت ملتصقا بها ممسكا بيدها قبل ان افلت كفي لالتقط شريحة هاتف نقال مرمية بإهمال فوق المنضدة قبالتنا – لمن هذه الشريحة ؟ قالت دعك منها إنها شريحة تالفة لم تعد لها حاجة . – ولكنك لم تبدلي شريحة الهاتف ؟ - ليست لي إنما لإحدى زميلاتي - ومن تكون ؟؟ فقالت زوجتي بابتسامة عميقة – ومتى تسألني عمن لا تعرف ؟ .
نظرت إلى الشريحة التي بدت لي جديدة وحاولت أن افتح غطاء هاتفي النقال لاختبارها إلا أن زوجتي مدت يدها وأخذت الشريحة قائلة :- لا تدع الأشياء التالفة تفسد لحظاتنا السعيدة وراحت تطوق خصري بذراعيها وألقت برأسها فوق صدري .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - موضوع قصتك رائع
قاسم السيد ( 2010 / 6 / 7 - 18:51 )
موضوع قصتك رائع ومميز وفيه الجديد وتناولك فيه مسحة من الواقعيه رغم حداثة الاثر الاجتماعي لوسيلة الاتصال المسماة بالنت والذي للتو بدأ يفرز نتائجه على الواقع الاجتماعي لكنك اجدت التعامل مع موضوع قصتك


2 - شكرا استاذ قاسم
عبدالجليل الكناني ( 2010 / 6 / 8 - 08:27 )
ان يصدر مثل هذا التعليق على قصتي فهو شيء رائع وان يصدر عن الاستاذ قاسم فذلك اروع وشهادة اعتز بها

اخر الافلام

.. احتجاجات في جامعة ديوك الأميركية ضد الممثل الكوميدي جيري ساي


.. المغرب.. إصدارات باللغة الأمازيغية في معرض الكتاب الدولي بال




.. وفاة المنتج والمخرج العالمي روجر كورمان عن عمر 98 عاما


.. صوته قلب السوشيال ميديا .. عنده 20 حنجرة لفنانين الزمن الجم




.. كواليس العمل مع -يحيى الفخراني- لأول مرة.. الفنانة جمانة مرا