الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أحلام كبيرة- الحلقة السابعة

حوا بطواش
كاتبة

(Hawa Batwash)

2010 / 6 / 7
الادب والفن


أمضيت وقتا رائعا بصحبة وفاء التي كانت مفاجأة حفلة عيد ميلادي الصغيرة. وعندما أوصلتها الى بيتها, عرفت انها تسكن لوحدها. وقبل ذهابي, أعطتني رقم هاتفها في البيت. فاتّصلت بها بعد عودتي من سفري, بعد ان ألحّ علي شوقي اليها, دون ان أنتبه الى الوقت الذي بات متأخرا في الليل. ولكن وفاء كانت سعيدة باتّصالي وانا أحسست بالحب يغمرني مرة ثانية بعد سنوات طويلة وناشفة من عمري.
في اليوم التالي, قررت الذهاب اليها في مكان عملها عند الظهر. وحين رأتني, جمدت في مكانها متفاجئة, وهتفت: "عمر؟!"
ابتسمت لها وانا أقترب منها. "هل لي ان أدعوك على الغداء؟" سألتها.
رأيت ابتسامة رقيقة ترتسم على شفتيها, وهكذا ذهبنا معا الى مطعم قريب وجلسنا بانتظار غداءنا.
"لماذا لم تخبرني أنك ستسافر؟" وجدتها تسألني.
"لم أعرف أنك تريدين ان أخبرك." أجبت.
"على الأقل, كي أعلم أنك ستغيب." قالت بشيء من الإرتباك.
"لماذا؟ هل كنت تنتظرين ان أتّصل؟"
لم ترد. انفجرت ضاحكا.
"لماذا تضحك؟" تعجّبت وفاء.
فقلت: "أتعجّب أمرك. كدت أتوسّل اليك حتى أعطيتني رقم هاتفك, والآن, أجدك متلهّفة ان أتصل!"
"لست كذلك!"
"حسنا. شكرا لك!"
ضحكنا كثيرا, ومر بنا الوقت سريعا وافترقنا قبل ان ينتهي حديثنا وتهدأ ضحكاتنا. عرفت أني وقعت في الحب مرة أخرى, وكنت غارقا فيه بكل كياني. باتت وفاء تملأ كل تفكيري وحبها يغمرني بسعادة ولذة خاصة.
وبعد ذلك اليوم, اختفت وفاء فجأة.
اتّصلت بها الى بيتها عدة مرات ولم يرد أحد. ظلّ رنين الهاتف ينادي في الفراغ. وحين اتّصلت الى عملها قيل لي انها في اجازة. وبعد يومين, عاودت الإتّصال الى رقم بيتها فلم ترد. تعجّبت من الأمر. أين يمكن ان تكون؟!
كان شوقها في نفسي يملأني ويشدني الى بيتها. ذهبت الى البناية التي تسكن فيها وصعدت الى الطابق الثالث. رأيت بابا, فتوجّهت اليه وطرقت عليه. لم أكن أتوقّع ان يُفتح, ولم أكن أعلم لِم جئت الى بيتها في هذا الوقت من المساء, وانا أعلم انها ليست هناك. هممت ان أعود ادراجي حين سمعت فجأة صوت الباب وهو يُفتح. كانت وفاء وراء الباب!
"عمر؟!" بُهتت لرؤيتي, كما فعلت انا ايضا.
"لم أعرف أنك هنا," قلت. "اتّصلت بك عدة مرات ولم تردي."
"لم اكن هنا. عدت قبل قليل." قالت.
"أين كنت؟"
"كنت أزور أهلي."
"ولِم لم تخبريني؟؟ أنك ستغيبين؟"
"لم ألحق ان أخبرك."
سألت مبتسما: "هل هذا يعني... أنك تردينها لي؟؟"
فردّت الإبتسامة, وأجابت: "ربما."
"حسنا. هل أستطيع ان أدعوك على العشاء؟"
"في الحقيقة ... انا مرهقة بعض الشيء."
"متى وصلت؟"
"قبل قليل."
"حسنا. اذن, ارتاحي الآن. سنلتقي لاحقا... ان أردت."
"حسنا."
تركتها وعدت الى بيتي. ولكني كنت محمّلا بالقلق والإضطراب. انتابني احساس ان هناك شيء ما مختلف في وفاء, لم أعهده من قبل. وفجأة, هجس في صدري ان امرا ما قد حدث في غيابها. انها قالت انها كانت عند أهلها. فماذا حدث يا ترى؟ ولِم لم تخبرني انها مسافرة؟ ولِم كان الحزن يلوح من عينيها؟
في اليوم التالي, اتّصلت بها الى العمل فردّت علي.
"كيف حالك وفاء؟" سألتها.
"بخير." ردّت باقتضاب.
"وكيف حال أهلك؟"
"جيد. شكرا لك."
"تعلمين؟ بتّ متشوّقا للتعرف عليهم." قلت لها.
فلم أسمع لها ردا.
فاستطردت سائلا: "ألم يكن من الأفضل لك أن ترتاحي اليوم في بيتك؟"
أجابت: "العمل متراكم هنا."
"فهمت. هل نستطيع ان نلتقي؟"
"انا ... مشغولة جدا هذا اليوم."
"اذن, غدا؟؟"
"لا اعرف. ربما. سأتّصل بك."
"حسنا. سأنتظرك."
ازداد احساسي بالتغيّر الحاصل فيها من خلال أجوبتها. ولم أكن راغبا في انتظار اتّصالها فقد عرفت أنه سيتأخر.
"وفاء؟؟"
"نعم؟؟"
"هل كل شيء على ما يرام؟ كأنك ... كأن بك شيئا."
"لا, أبدا."
"هل حصل شيء؟"
"وماذا يمكن ان يحصل؟"
"لا ادري. هل أغضبتك بشيء؟"
"لا, أبدا. أنا بخير."
"ولكن صوتك ... لا يبدو بخير."
"لا تكن قلقا. سأكون بخير."
"لماذا لا تخبريني ما بك؟ ألا أستحقّ منك بعض الصراحة؟"
"أنت تستحقّ كل خير يا عمر!"
"حسنا. هذا جيد. اذن, متى أستطيع رؤيتك؟"
"غدا. سنلتقي غدا."
وغدا لناظره قريب. ولكنه بدا لي في تلك اللحظة بعيدا ... ومخيفا. أردت بشدة ان اعرف ما ستقوله وفاء في الغد. جلست في غرفتي مساءً أرقب النجوم عبر النافذة وافكّر: ترى, ماذا يخبّئ لي الغد؟


يتبع...








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. استشهاد الطفل عزام الشاعر بسبب سوء التغذية جراء سياسة التجوي


.. الفنان السعودي -حقروص- في صباح العربية




.. محمد عبيدات.. تعيين مغني الراب -ميستر آب- متحدثا لمطار الجزا


.. كيف تحول من لاعب كرة قدم إلى فنان؟.. الفنان سلطان خليفة يوضح




.. الفنان السعودي -حقروص- يتحدث عن كواليس أحدث أغانيه في صباح ا