الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


لم يكن سقراط على أهبة الموت حين فاجأه أفريدون بالسؤال عن مغزى الخلود

باسم الماضي

2010 / 6 / 8
الادب والفن


عندما ينشطرُ القلبُ نهرينِ
يكونُ بلادَ كمَّثرى،
من تحتِ قشرتِها يلمعُ لبُّ الجحيم.

هل قلبُ هذه الأرض متَّخذٌ وجهةَ الغرامِ مثلي نحو ما ليس أنثى تماماً، بل أنثى بالإضافةِ إلى شيءٍ آخر، قصدتُ أنها أنثى، لكنها حين تختار أن ترقصَ لإغراءِ الشاعرِ تلبسُ لأمة حرب الرجل، وتلاعبُ بالأسنَّةِ الهواء، وتخاطبُ بالرجز فارساً افتراضياً كما لو أنه موجودٌ بالفعل، فإذا هي أجهزت عليهِ في خيالها، تذكَّرت فجأةً أنها مفجوعةٌ للتوِّ بأبنائها، ولهذا فقد خُيِّلَ إليها أنها خارجةٌ من بؤبؤِ عينِ العالم.
***
من الطبيعيِّ أن لا أكونَ جاهزاً للحبّ
لأنني لم أتخلَّص بعدُ
من مهمَّتي كثائرٍ على الفراعنةِ المحنَّطين
داخلَ أهراماتِ الجسد
***
فلو فرغتُ من هذه المهمَّةِ بالذات
فعسى أن أنتزعَ إحدى العينين
وأبقي على الأخرى
لأحرِّكها قليلاً نحو موضعِ النصلِ القديم
آنذاكَ أكونُ مهيَّئاً تماماً
لأن أرى وجهَ حبيبتي
على حقيقته بريقاً منبعثاً من حافَّةِ السيف
***
ربما يشتهي الإنسانُ موتاً آخر
بغيرِ طعمِ الملحِ في الجسد
وحينما يأخذ القبرُ امتدادَه
في قارَّةِ الحزنِ الأنثويِّ داخلَ قلبِ الشاعر
يكتشفُ أنَّه لم يكن موفَّقاً
في القبضِ على حقيقةِ موته الأجمل
ولهذا ينتخي بموتِِه الأقصى
أقصدُ ذلك الموتَ الذي لا يجانبُ طعمَ الملح
ويتَّخذُ منزلةً وسطى
بين الهواءِ والتراب
بصفتِهِ خلقاً لم يتحقَّق بعد
***

ليس للأحياءِ فضلٌ على الموتى
وإن كانت عيونُهم تحدِّقُ في الفراغ
ذاكَ أنَّ عيونَ الأحياء
مسكونةٌ بالرعبِ
من كونِها لا تطيقُ التحديقَ طويلاً
صوبَ مهزلةِ العالم
***
لم يكن سقراطُ على أهبةِ الموت
حين فاجأهُ أفريدون
بالسؤالِ عن مغزى الخلود
وإذ ليسَ لديهِ
ما يكفي من الآنات
ليشرحَ ما عيناهُ كانتا تبصرانِه
نظر نظرةً إلى أفلاطون
فهم معناها جيِّداً
فكان أن ضغط خلاصة ما شاء أن يقول
في استعارةٍ مكثَّفةٍ جدّاً
صارت فيما بعد ذلك المدى المنظور
من شبح جنازةِ العالم
حيث تبدو من بعيدٍ
كما لو أنها فارسٌ مقبلٌ على قومِه
ببشائر النصر
لم يكن في نيَّةِ أفلاطون
أن يتهجَّدَ بالغيبِ كثيراً
فلقد كان يشعرُ تماماً
أنه ابن الواقع
كما لو أنه حجرٌ يابسٌ
مرصوفٌ في أيِّ جدارٍ
لكن لم يكن لديهِ بدٌّ
من أن ينقذ اللغةَ من ورطةِ الصمت
فكان أن انقلبَ نظامُ الجاذبيَّةِ فجأةً
وبناءً على هذا فقد ارتطمَ أثناءَ السقوط
بالسقف الأعلى من السماءِ السابعة
وليس من شأن من يسقط من أسفل إلى أعلى
أن يشعرَ بأنَّ كلامَه
كبريتٌ يصل إلى درجة الإتقاد سريعاً
بمجرَّدِ المكثِ قليلاً داخلَ شرارةِ المجاز
***

أحياناً أتأمَّل العالم، لا بصفتِه أخطبوطاً كما هو في الواقع، لكن بصفته شاياً وسيجاراً وربما خمراً في الخيال.
أحياناً أخرى أقفُ مذهولاً أمامَ حيرتي، لعلمي أنَّ الجوابَ ليس هارباً على الدَّوام، فالفلاسفةُ يفترضون هذا بدافعٍ من كونِهم يعتاشون على مصِّ عظامِ الأسئلة، وأنا لستُ فيلسوفاً إلى حدِّ النخاعِ كما يقال، كما لا يشرِّفني أن أحملَ نزوعاً ساديّاً إزاءَ جمجمتي، فأقول إنها مستودعُ البكتريا، أقصدُ ما يشاعُ من أنَّ قصيدةَ النثرِ مولعةٌ بالهذيان.
***
تلك البلادُ راقصةٌ في مبغى
لكنها طيِّبةٌ للغاية
لأنها تطعمُ من كدِّ ليلها زغاباتِ قصائدي
***
تلك البلادُ الأخرى
لا تعرفُ معنى الرأفة
ولا يقشعرُّ بدنُها
لمرأى إنسانٍ يُذبحُ من قفاه
ولأنها على هذه الصفة
فإنني أتنفَّسُ الهواءَ الصاعد
من جثثِ الأموات
لتعرفَ من ريح فمي
أنني متزوِّجٌ في السرِّ من مقبرة
***
ليسوا بشراً هؤلاء المخبوؤون في لؤلؤ الكلام
هم ما فوق أبناءِ آدم
دون مستوى اللهِ طبعاً
ربما بسببِ هذا
قيلَ عن لؤلؤِ الكلام
إنه النورُ الذي جبلت منه أجسادُ الملائكة
***
مع أني شاكٌّ كثيراً
في تحديدِ التأويلِ المناسب
لما يوحيهِ هذا التمثالُ المنتصبُ أمامي
أعني جسدي أنا
فأنا الآنَ منحازٌ جدّاً إلى روحي
ومتيقِّنٌ من أنها بالرغمِ من كونِها بحكم اللاشيء
في ميزانِ معرفتي
تستطيعُ أن تمنحَني كينونةً أخرى
تشبهُ في تفاصيلِها الدقيقةِ نعيقَ الغراب

وحتى لو أنَّ الجسد أصبح روحاً
فهل سوف أربحُ القبر
لأمنحَه إلى جسدٍ آخر
لم يصر روحاً بعد؟
***

لا أرى أملاً في أن تبلغَ مرحلة الخلاص معرفتي
فهي إلى الآن
تتنقَّلُ في جوفِ أفعى
***

دعني أتهجَّد باسمك أيُّها الربّ
دعني أقل إنَّك نفسي
لأعلن أني صهرُ الأشياء
وأخوها
وأبوها كذلك
أما أن أكون هكذا مجرَّد حياةٍ ترقبُ موتاً
فهذا يعني أنَّ أيَّ حجرٍ ملقى
بإمكانه أن يأخذَ في جمجمتي مكانَ الدماغ
***








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. روبي ونجوم الغناء يتألقون في حفل افتتاح Boom Room اول مركز ت


.. تفاصيل اللحظات الحرجة للحالة الصحية للفنان جلال الزكى.. وتصر




.. فاق من الغيبوية.. تطورات الحالة الصحية للفنان جلال الزكي


.. شاهد: دار شوبارد تنظم حفل عشاء لنجوم مهرجان كان السينمائي




.. ربنا سترها.. إصابة المخرج ماندو العدل بـ-جلطة فى القلب-