الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أردوغان..لعله يكون آخر الأنبياء

زينب رشيد

2010 / 6 / 9
القضية الفلسطينية



لم يبق أحد إلا وتاجر وناور وغامر بشعب فلسطين وقضية فلسطين وتراب فلسطين ودماء فلسطين و "مقدسات فلسطين" بدءا بالفلسطيني ذاته - أعني قياداته - مرورا بكل العرب وجيران العرب من العجم، وأخيرا هاهو السيد رجب طيب أردوغان يدخل المزاد من أوسع الأبواب ويحقق بضربة معلم وبزمن قياسي ما عجز التجار الأخرين من تحقيق ربع ربعه في سنوات.

ربما سيكون الفلسطيني، العادي والقيادي، أقوى بكثير مما هو عليه الأن في مواجهة تدخلات الآخرين القميئة والدنيئة والرخيصة في أدقَ شؤونه وأكثرها خصوصية، لو لم يكن له السبق في التدخل بشؤون الآخرين في الأردن ولبنان والعراق والكويت وغيرها من البلدان، وهذا موضوع طويل لكنه لا يتطلب إلا نزرا بسيطا من المصارحة والمكاشفة مع الذات يتمخض عنهما علاقة جديدة مع أطراف كثيرة يدين الفلسطيني لها باعتذارات تاريخية واضحة عما بدر منه من تجاوزات وصلت الى مستوى الجريمة في بعض الحالات خلال حقبة الثورة.

تاجر بنا القومي العروبي الشوفيني، وتاجر بنا الماركسي اللينيني الشمولي، وها نحن الأن سلعة تتقاذفها أيدي التجار الاسلاميين الكارهين للحياة والآخر وكل شيء.

وقبل هؤلاء جميعا تاجر قادتنا بنا، فبعضهم باعنا لأجل رمزية جُبلت بدماء كثيرة ماكان يجب أن ينزف عُشرها للوصول الى أكثر مما وصل اليه "الرمز" الراحل، والبعض الآخر باعنا في بازرات المعسكر الاشتراكي، وهاهم رجال الدين يعرضون بضاعتهم - دمائنا - تارة على مجنون ايراني وتارة أخرى على مراهق سوري.

النظام الايراني يقايض بنا للحصول على زمن كاف لبلوغ جنونه النووي، والنظام السوري يريد من وراء الامساك بنصف الورقة الفلسطينية الحفاظ على حالة اللاحرب واللاسلم التي أمنت له سيطرة على رقاب الشعب السوري ستدخل عقدها الخامس قريبا، و لا بأس لديه من خوض الحروب بدماء الأخرين حتى أخر عراقي في العراق، وآخر لبناني في لبنان، وآخر فلسطيني في فلسطين.

وأخيرا أردوغان يريد أن يواجه عسكره وجهازه القضائي بشعبية كاسحة حصل عليها بدماء تسعة أتراك وبعلم فلسطين، آملا أن يمرر تعديلاته الدستورية التي تحد من فعالية جهازي القضاء والعسكر بسلاسة، وهو لا يحتاج من "اسطول الحرية" أكثر من ذلك، في الوقت الذي نشرت فيه صحيفة "حريات" وهي كبرى الصحف التركية، ما يستشف منه دليل براءة لاسرائيل مما حدث، وهو عبارة عن صور لجنود اسرائيليين مضرجين بالدماء على سفينة "مرمرة" يتلقون اللكمات والاهانات من قبل "رواد السلام" حتى ان هؤلاء الرواد قاموا بخلع بنطال أحد الجنود. هذه الصور لم ينشرها الجانب الاسرائيلي على أهميتها في تبرئته خوفا من فضيحة تطال وحدته البحرية الخاصة التي بدت هشة الى أبعد الحدود في القتال الفردي القريب، وهو سبب يضاف الى مليون سبب آخر للاطاحة بالحكومة الاسرائيلية.

ناشر الصور التركي ضرب عصفورين بحجر واحد، فهذه الصور بالنسبة للجان التحقيق القانونية هي دليل براءة اسرائيلية كاملة، ستكون حجة بيد اردوغان ان لا يذهب أبعد مما ذهب اليه في انتقاد اسرائيل بعد أن حصل على أكثر بكثير مما كان يحلم بتحقيقه من وراء التصعيد الكلامي مع اسرائيل، أما بالنسبة للغوغائيين والمغيبين وما أكثرهم على امتداد عالمنا العربي والاسلامي فهي معركة انتصر فيها التركي المسلم على الاسرائيلي اليهودي بغض النظر عن النتيجة العملية النهائية وهي قتل تسعة من "المتضامنين" وجر الباقي مع سفينتهم الى ميناء اسرائيلي.

لو وصلت كل سفن "الحرية" المزعومة الى غزة فانها لن تُغير شيئا بواقع شعب غزة المحاصر من الداخل، أكثر بكثير مما هو محاصر من الخارج، فأهلنا في غزة يحتاجون الى الحرية من تسلط أبناء جلدتهم "الحمساويين" بعد أن حصلوا على حريتهم عمليا من الاحتلال الاسرائيلي بانسحاب اسرائيل الكامل من قطاع غزة، وسفن "الحرية" كانت النتيجة من وراءها وللاسف الشديد هو مزيد من تقوية حركة "حماس" واحكام قبضتها على القطاع وأبناءه واطالة أمد هذه السيطرة الى أجل غير معروف. لقد ربحت "حماس" ومعها اردوغان، وخسر الجميع وعلى رأسهم وفي مقدمتهم شعب غزة.

صفق شعبنا كثيرا وطبل وزمر أكثر، ورفع بعض الشخصيات الى مستوى الرسل والأنبياء، ولن نتفاجأ اذا ما بدأ يشاهد أبناء العالم العربي والاسلامي ومعهم أبناء شعبنا صور أردوغان في القمر، فقد شاهد هؤلاء من قبل صور صدام حسين وأسامة بن لادن وجمال عبد الناصر وأحمدي نجاد وحسن نصر الله وهوغو تشافيز.

ما يميز اردوغان عن هؤلاء الديكتاتوريين والثيوقراطيين، انه اضافة لكونه يعمل لمجده الشخصي والحزبي، فانه يعمل قبل ذلك للمصلحة التركية العليا، ومجد الزعيم هو مجدٌ للوطن في دولة المؤسسات والدستور، ومع كل صورة ترفع لاردوغان ومع كل هتاف باسمه يتمدد نفوذ تركيا الاقليمي والدولي، بحيث تصبح أكثر قوة مماهي عليه من قوة، وأكثر احتراما بين الأمم مما هي محترمة أصلا، بينما نظل نحن نجتر الهتافات ذاتها والشعارات ذاتها مع تبديل الأسماء فقط..جاعلين من هذا رسولا وذاك مخلصا والثالث منقذا والرابع نبيا، في ظل استمرار ثبات حالنا على ماهي عليه من ضياع وتشرذم وانقسام وتخلف وضياع حقوق.

لن تتغير هذه المعادلة إلا باعتمادنا على قوانا الذاتية وهي كبيرة جدا اذا ما تم تنظيمها واستغلالها على أحسن وجه، والتعامل بمنطق عقلي وليس عاطفي مع مجريات الأحداث الخاصة بقضيتنا، والتوقف عن التصفيق لكل من يدغدغ عواطفنا والهتاف باسمه ورفعه الى مستوى الانبياء وأول هؤلاء التركي رجب طيب أردوغان.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - الهولندي الطائر
نبيل السوري ( 2010 / 6 / 9 - 06:47 )
حكاية العرب مع قضاياهم تذكرنا برواية الهولندي الطائر


2 - فلسطين قضية من لا قضية له
عيسى ( 2010 / 6 / 10 - 11:03 )
تحياتي اختي الكاتبة .. انه قضية فلسطين قضية من لا قضية له .. اتمنى مثلك ان يكون اردوغان اخر الانبياء .. تحياتي لك ودام قلمك


3 - في الصميم
رستم علو ( 2010 / 6 / 11 - 01:50 )
احي فيكي هذه الصراحة والمنطق السليم . الحق كل الحق على الذي يخدمون اجندات الغير وطنية . ولا يعتمدون على الامكانيات الذاتي للشعب الفلسطيني . نتذكر ماذا فعلوا ويفعلون ابوات المنظمات الفلسطينية . يسارية واخوانية في الاردن وفي لبنان . وبالامس القريب اقاموا بيوتات العزاء لجيف البطل العروباسلامي جرذ الحفرة . ومن ثم تحولوا لورقة رخيصة في اجندة نجاد . واليوم اردوغان . للاسف كانوا وما زالوا بندقية للإجار . وتقبلي احترامي وتقديري .


4 - عجبي
سالم العبدالله الدميمي ( 2011 / 10 / 24 - 11:58 )

أردوغان وماأدراك ماأردوغان ؟
الأخ عيسى
نحن العرب تحركنا العواطف ... وكل المحتالين ومحترفي السياسة يعلمون بأن الشعوب العربية هي شعوب عاطفية ونادرا ماتلجأ للعقل في تفسير وتحليل المواقف السياسية
واردوغان ظهر فجأة .. بناء على سيناريو يعد له منذ سنين .. وهي محاولة من امريكا وواروبا لصنع وجه جديد يغطي على الوجه القبيح لأسرائيل
يعني وجه يقوم بما هو مطلوب من اسرائيل ويحقق أهداف إسرائيل أولا ومن ثم مصالح امريكا وواروبا - وقد تم تعويم شخصية اردوغان وتحجيم الجيش الذي كان يسيطر سيطرة كاملة على كل مفاصل الحكم في تركيا - حتى إنه كان يعزل رؤساء الدولة ومجلس الوزراء ويسجنهم ومنعهم من ممارسة السياسة لمدة خمس سنوات وأكثر واخر مثال هو ( اربكان ) وفجأة
يتم تحجيم الجيش والقضاء على مراكز القوى فيه ويصبح اردوغان وحزبه الذي هو في الأصل حزب اربكان ولكن تم تعديل أسمه
ومن ثم بدأت سياسة التعويم من مسرحية ( اسطول الحرية ) ومسرحية الملاسنة بين اردوغان ورابين الى تهديد اسرائيل والى التدخل بليبيا وسوريا والخ
طبعا في السياسة لايوجد سحر وسحرة ولكن يوجد مصالح وتلاقي مصالح

اخر الافلام

.. حملة ترامب تجمع تبرعات بأكثر من 76 مليون دولار في أبريل


.. القوات الروسية تعلن سيطرتها على قرية -أوتشيرتين- في منطقة دو




.. الاحتلال يهدم مسجد الدعوة ويجبر الغزيين على الصلاة في الخلاء


.. كتائب القسام تقصف تحشدات جيش الاحتلال داخل موقع كرم أبو سالم




.. وزير المالية الإسرائيلي: إبرام صفقة استسلام تنهي الحرب سيكو