الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


في اللحظات التاريخية المهمة تشكلت الحداثة الشعرية-2

قيس مجيد المولى

2010 / 6 / 9
الادب والفن



لقد قام معول الحداثة المقدس بهدم البناء اللغوي للغة الشعرية في القصيدة القديمة وهو عمل جدي وجاد للإنقطاع عن القوانين وقواعد اللغة التقليدية والتحرر من الإسلوب البدائي عند التعامل مع التراث بل أن هذا الهدم أخذ بنظر الإعتبار تفكيك المفردة القديمة بكيانها المعهود وكانت الإرادة واضحة لدى المحدثين في إعادة البناء على أرضية جديدة مستندين في هذا الى وسيطهم الجديد مع المجتمع إبتداء بالصفاء الشعري ووصولا إلى السمو للوصول لكونيتهم الخالية من الخلط والإعادة ضمن مشكلات لاحصر لها إزاء بدايات أولية لليقضة العربية وشيوع الأيدلوجيات وتقلص المسافات مابين النظريات الأدبية وتأثير مخلفات الحرب العالمية الثانية على الصعيد الإجتماعي والإقتصادي وكذلك مفهوم الحريات وحقوق الإنسان ، لقد هيأ كل ذلك للمحدثين الجدد مواجهة هذا الخليط من الإشكالات بمفاهيم نظرية ولابد فيما بعد من الإنتقال ومن هذه المفاهيم
إلى تبني النظريات المناسبة ضمن ماأفرزته تلك المشكلات وكذلك التطورات التي يشهدها العالم على كافة الأصعدة وبالأخص منها التحول الذي طرأ على كيان المجتمعات التي بدأت في التحاور الذاتي عن متطلبات حاجاتها الأساسية وفي مقدمتها مسألة الحريات التي دخلت كأس ضمن الأزمة للثقافة العربية مقابل الحاجة الروحية للإنفتاح الإنساني والإفادة من المشتركات بدلا من التطلع من خلال المناطق الضيقة
إلى محدودية الإبداع في الثقافة العربية والخضوع لمسمى( قداسة )المشروع التراثي والذي أستغل من قبل رواد القصيدة الكلاسيكية ضمن المفاهيم العامة والجاهزة نحو فهم التراث العربي وكيفية الإفادة منه ،
أن تأسيس حركة الحداثة وتحديدا جماعة (مجلة شعر ) تم على أساس تلك المشكلات التي ذكرناها وبالتالي فأن هذه المواجهة الشمولية تعني في جانبها الأساس أن همها كان إبداعيا ضمن مفهوم الوصول للجمالية وتحرير الذات ،
لاشك أن هذه الدعوة قد أتت بالحاجة التي يشعر بها الكثير من الشعراء العرب ولاشك بمالاقت من قبول وأستحسان وأنتماء من الشعراء حين سارعت أقلامهم بالكتابة في المجلة وحضور القسم منهم أسبوعية يوم الخميس ،أسماء كثيرة من العراق رفدت المجلة بقصائد ومقالات ومن الأردن ومن سوريا ومن لبنان وجلهم كانوا يمثلون الواجهة الإبداعية بين أبناء جيلهم كشعراء أو كنقاد مثل بدر ، نازك ، سعدي، بلند، موسى النقدي، سلمى الجيوسي ، خالدة سعيد، رنيه حبشي ، شوقي أبو شقرأ،
إن موسسي الحركة والمساندين لها قدموا تصورات جديدة عندما عرضوا إلى تحليل القصيدة القديمة وتحليل الأثر الذي تركته في عقلية المتلقي وأنعكاس ذلك على إستجابته النفسية والعاطفية وبالتالي كانت المهمة شيئا من العسرة في تطويع الأذن القديمة وتعديل ألسنة النطق
وجعل الأحاسيس برمتها تشترك في ذلك الإداء أمام لغة وبمرور الزمن قد إكتسبت حصانة دينية وبيئة كبيرة حاضنة بل رضا إلاهي كونها لغة القرآن المحفوظة صحائفه في السماء فالسطو عليها أو محاولة العبث بها يرقى إلى منزلة الخروج على الأعراف الدينية والأخلاق العربية وبالتالي فعده البعض بمصاف التنكيل بالحظارة العربية وماأتت به من متغيرات في صالح العقلية العربية كمنهج وسلوك
كانت الحساسية تجاه (اللغة ) تلك هي التي واحدة من المعضلات على أشدها لسبب سابق ذكرناه والسبب الأخر هو بطء التطور أو بالأحرى الشللية التي أصابت الفكر العربي في توجهاته الخاصة لإختيار لحظته المناسبة لإستيعاب النتائج المترتبة ماوراء الحربين العالميتين بعد أن قسمك الوطن العربي ونمت الإقطاعية وتغلل الإستعمار في مفاصل متعددة من أجزاء الجسد العربي ورغم ذلك فلم يحفل القاموس العربي بشئ جديد بإضافة نوعية رغم أن اللغة تتطور تطورا طبيعيا ضمن سياقاتها بسبب رسوخ الماضي التقليدي في العقل وفي المخيلة ،
إن النقد والرفض وإعادة الخلق من الصفات التي لازمت سعي المحدثين للوصول إلى السرية الساحرة
وموازنة الحفاظ على مافي اللغة من عذوبة وأنتهاكها
العذوبة هنا تكمن في تحسس أعماق المجتمع وليس الإقتراب من مناطق متحسساتها والإنتهاك يعني عند المحدثين إمتلاك إرادة التغيير من خلال الإحساس بوعي المعاناة لذلك فأن مايسعى لتقديمه من عمل إبداعي لايرتبط بهيكلية الزمكانية الأنية بل تصوره بأن الذي سيأتي هو نفسه الذي الأن ، فعليه أن يكون الصوت والكلمة بمستوى الإحساس بالغد وليس التعبير عن الواقع المقيت حسب ،
هذا التصور الذي ذكرناه عن اللغة جعل العديد من شعراء الحداثة يقفون بالضد نحو قواعد النحو ونحو فقه اللغة ودعو لتصور جديد أو بالأحرى لإستعمال جديد للنظام الذي إرتكزت عليه قواعد اللغة العربية
إن الإنتقالية الكبيرة التي أحدثها المجددون في الشعر من مرحلة إنحطاط مضمونه إلى إنتقاله لروح العصر وأشباعه بمتحولات ذلك العصر يعني بأن ذلك التغيير ليس تغييرا في كيان الشعر فحسب بل ومثلما دعا إليه يوسف الخال في بيانه تغييرا في النظام المغلق والتجربة والحياة والعقل ،


[email protected]
شاعر عراقي – مقيم في قطر









التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الدكتور حسام درويش يكيل الاتهامات لأطروحات جورج صليبا الفكري


.. أسيل مسعود تبهر العالم بصوتها وتحمل الموسيقى من سوريا إلى إس




.. فنانو الشارع يُحوِّلون العاصمة الإسبانية مدريد إلى رواق للفن


.. كريم السبكى: اشتغلنا على فيلم شقو 3 سنوات




.. رواية باسم خندقجي طلعت قدام عين إسرائيل ولم يعرفوها.. شقيقته