الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


العدوان الايراني على إقليم كوردستان – العراق

منذر الفضل

2010 / 6 / 10
حقوق الانسان



-1-
حقوق الشعوب والحلول السلمية
أثبتت تجارب التاريخ ان الحقوق القومية للشعوب لا يمكن ان تلغى ولا يجوز ان تهدر , وان المعايير الجديدة في المجتمع الدولي – منذ تفكك الانظمة الشمولية كما في يوغسلافيا والاتحاد السوفيتي– تتركز على احترام حقوق الانسان ومنها الحقوق القومية والسياسية والثقافية والتاريخية للشعوب مهما كان حجمها , كبيرة ام صغيرة , كما لم تعد هناك سيادة مطلقة للدول , بل صار مبدأ التدخل الدولي فاعلا لحماية حقوق الانسان والحد من اضطهاد الشعوب وقد حصل هذا في حالات كثيرة في المناطق الساخنة في العالم .
ومن جهة اخرى , فان قراءة التاريخ وسير الاحداث اثبتت ان حل المشكلات بين الدول , او بين الشعوب في الدولة الواحدة لا يمكن ان يتم بطريق القوة , وانما عن طريق الحوار واحترام هذه الحقوق التي وضع الاعلان العالمي لحقوق الانسان والاتفاقيات ذات الصلة أسسا لها وينبغي على الدول والمجتمعات ان تلتزم بها طواعية لكي يعيش البشر بسلام وأمن واستقرار حيث عانت البشرية من ويلات الحروب ولم تترك إلا المزيد من الكوارث والآلام والمآسي .
غير ان كثيرا من الدول ما تزال تنتهك قواعد القانون الدولي والمعايير الانسانية لحقوق الشعوب وترتكب جرائم ضد حقوق الانسان , ومن هذه الدول ايران في ظل الحكم الشمولي القومي – المذهبي . إذ تشير كل الوقائع الى وجود سلوك منهجي في ارتكاب انتهاكات صارخة للقانون الدولي وضد حقوق الانسان داخل ايران وضد دول الجوار وخاصة العراق , بينما ينبغي أن تكون العلاقات بين الدول مبنية على حسن الجوار واحترام الاتفاقيات الدولية واسس القانون الدولي , لا سيما بعد سنوات الحروب العجاف بين دولتين جارتين تربطهما روابط تاريخية طويلة , وخلفت هذه الحروب ملايين الضحايا من القتلى والجرحى والامراض النفسية وهدر الاموال وغيرها من الجروح القاسية التي لم تندمل حتى الآن .
فهل تتعظ ايران من وقائع التاريخ ؟
وهل تتعظ بعض دول الجوار من هذه التجارب التاريخية ايضا ؟

-2-
ايران من الاحتقان الداخلي الى السلوك العدواني الخارجي

قبل شهور قليلة , دفع نظام الجمهورية الاسلامية الايرانية بقواته الحدودية لاحتلال البئر رقم 4 من حقل الفكة الحدودي في منطقة العمارة جنوب العراق ورفع العلم الايراني على البئر في ضوء إدعاءات باطلة تعبر عن النزعة العدوانية للحكومة الايرانية , وبعد سلسلة من الاحتجاجات سحبت القوات الايرانية هذه القوات وعادت الى الحدود الدولية , كما ان ايران ما تزال حتى هذه اللحظة تتهرب من ترسيم الحدود بينها وبين العراق حسب قرار مجلس الامن الدولي رقم 598 الذي صدر في عام 1988 ووفقا لاتفاقية الجزائر الموقعة بين النظام المباد وحكومة شاه ايران رغم ان هذه الاتفاقية تضمنت هدرا للسيادة الوطنية وتنازلا من صدام عن جزء من مياه شط العرب الى شاه ايران في 6 اذار عام 1975 .
وسبب هذا التهرب أو المراوغة يعود الى الاطماع التوسعية الايرانية وسلوك هذا النظام العدواني الذي لم يحترم القانون الدولي ولا قواعد حسن الجوار , رغم سقوط نظام البعث وحكم صدام , مما يدلل على سوء النوايا وتصعيد التوتر من نظام الجمهورية الاسلامية الايرانية الذي صار سجلها حافلا بالانتهاكات والتجاوزات ضد حقوق الانسان وضد الاعراف والقواعد الدولية .
والى جانب ذلك تتحكم السلطات الايرانية بمياه نهر الكارون وتقوم باعمال غير مشروعة ادت الى الاضرار بحصة العراق من هذه المياه في مناطق الجنوب العراقي التي اغلبيتها من السكان الذين يعتمدون على الزراعة في معيشتهم وتشكل المياه قضية مهمة لهم ولحيواناتهم لأنها مصدر الحياة .ويبدو انها تستعمل المياه كسلاح للايذاء بالعراقيين فقد شاهدت عام 1969 جامعة البصرة وهي غارقة بالمياه بسبب فعل ايران المتعمد فتعطلت الدراسة وتضررت الجامعة كثيرا من هذا العمل غير المشروع . فهل هذه الاعمال وغيرها من مئات التجاوزات ضد العراق والعراقيين وضد كوردستان تدلل على حسن النوايا من الطرف الايراني ؟
نعرف ان هناك عمليات تنسيق امني بين ايران وتركيا لضرب الحركة التحررية الكوردية في مناطق كوردستان حيث يناضل الشعب الكوردي في ايران وفي تركيا لنيل حقوقهم القومية المشروعة , غير ان الحلول العسكرية لن تزيد الا التعقيدات على المشاكل ولن تسهم في حلها لاسيما وان الحسم العسكري سواء من ايران ام من تركيا غير ممكن في مناطق وعرة مليئة بالغابات والجبال التي ليس سهلا الوصول اليها .
واذا كان هذا هو الحال في الجنوب العراقي , فان نظام الحكم في ايران يمارس ذات النهج في الجزء الشمالي ايضا , فبين فترة واخرى تقوم القوات الايرانية بقصف المناطق الحدودية في اقليم كوردستان بحجة وجود الثوار الكورد التابعين لحزب ( بجاك ) في جبل قنديل , فقبل أيام قامت القوات العسكرية الايرانية بالدخول للمناطق الحدودية تحت وابل من القصف المدفعي لاراضي اقليم كوردستان واحتلت بعض المناطق واقامت عليها مواقع عسكرية بعمق (3) كيلومترات داخل الحدود الدولية الرسمية للعراق وهو انتهاك لسيادة العراق واعتداء على اقليم كوردستان – العراق حيث اصاب الكثير من المدنيين في ارواحهم وممتلكاتهم ومزارعهم دون مبرر وأدى الى نزوح مئات العوائل من تلك المناطق وهدم عدد من الدور والمدارس والجسور.فمالذي تستفيده ايران من وراء هذه الهجمات العسكرية والتخريب والدمار وقتل المدنيين وتشريدهم من بيوتهم في كوردستان العراق ؟
لقد حصلت احتجاجات كثيرة من الاطراف الرسمية في الحكومة الاتحادية ومن السيد رئيس اقليم كوردستان ومن برلمان اقليم كوردستان , ففي 8 حزيران 2010 اجتمع برلمان كوردستان – العراق و ادان اعضاء برلمان كوردستان بشدة في الجلسة المذكورة التجاوزات التي تقوم بها الجمهورية الاسلامية الايرانية منذ ايام من قصف مكثّف لقرى وخيم مواطني كوردستان وخصوصاً في مناطق (بشدر وجومان وسيدكان)، كما ان اعضاء البرلمان دعوا حكومة اقليم كوردستان الى تقديم المزيد من الدعم للمتضررين والنازحين وتقديم المساعدة لهم.
وعلى نطاق الحكومة الاتحادية , فقد احتجت وزارة الخارجية العراقية على هذا العدوان المتواصل حيث اجرى السيد وزير الخارجية العراقي هوشيار زيباري الثلاثاء 8-6-2010 اتصالاً هاتفياً مع نظيره الإيراني (منو شهر متكي ) وابلغه قلق الحكومة العراقية الشديد والعميق من استمرار القصف المدفعي اليومي للمناطق والقرى الحدودية في أربيل والسليمانية وتسجيل تحركات عسكرية إيرانية داخل الحدود العراقية . وطلب السيد وزير الخارجية ومن منطلق علاقات الاخوة وحسن الجوار ، وقف القصف المدفعي ووضع حد للتحركات العسكرية على خط الحدود الدولية بين البلدين الجارين ، واحترام سيادة ووحدة الاراضي العراقية .
-3-
شجب واستنكار العدوان الايراني
ان العدوان الايراني المذكور عمل غير مشروع ويوجب على كل من يؤمن بالسلام واحترام حقوق الانسان والقانون الدولي ان يشجبه ويستنكره , ولهذا نطالب بسحب القوات العسكرية الايرانية التي احتلت بعض المواقع الحدودية في اقليم كوردستان وتعويض جميع المتضررين ممن اصابهم الاذى في الارواح والاموال والممتلكات ووقف هذه الانتهاكات التي تخالف قواعد القانون الدولي وحسن الجوار .كما نأمل ان لا تقوم ايران بتصدير مشاكلها الداخلية من خلال افتعال مشاكل مع الجيران . و نطالب بحل المشكلات بطريق الحوار وبعيدا عن العنف والاعتراف بحقوق الشعوب القومية التي تعاني التهميش والظلم والتمييز بسبب القومية او الدين او المذهب او لأي سبب اخر.
ونأمل من المجتمع الدولي ان يتحمل مسؤولياته ويسهم بوقف العدوان الذي بلغ حدا غير مقبول حيث ان استمرار قصف واحتلال هذه المناطق من القوات العسكرية الايرانية سيهدد الامن والسلام والاستقرار في المنطقة التي عانت كثيرا من ويلات الحروب .
وبهذه المناسبة لابد ان اعرب عن شكري وتقديري لموقف المفكر العربي الاستاذ الدكتورشاكر النابلسي الذي سبق المثقفين العرب في التنديد بهذا العدوان ضد كوردستان – العراق وكنا نأمل من السيد عمرو موسى واتحاد المحامين العرب واتحاد الصحفيين العرب وغيرها من الدول المحبة للسلام والمؤسسات المهتمة بحقوق الانسان واحترام القانون ان تعلن عن تنديدها لهذا العدوان المتواصل الذي يخلق التوتر ويسبب الاذى وينشر الكراهية والعنف بدلا من المحبة والسلام والحوار .

الدكتور منذر الفضل








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مندوب الصين بالأمم المتحدة: نحث إسرائيل على فتح جميع المعابر


.. مقررة الأمم المتحدة تحذر من تهديد السياسات الإسرائيلية لوجود




.. تعرف إلى أبرز مصادر تمويل الأونروا ومجالات إنفاقها في 2023


.. طلاب يتظاهرون أمام جامعة السوربون بباريس ضد الحرب على غزة




.. تفاعلكم الحلقة كاملة | عنف واعتقالات في مظاهرات طلابية في أم