الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الخوف من الإسلام

أشرف عبد القادر

2010 / 6 / 10
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي


الخوف رد فعل طبيعي للإنسان والحيوان،والإنسان يخاف مما يجهل،وإذا زاد الخوف عن حده أصبح مرضا ويتحول إلى "رهاب"،أي خوفا غير مبرر عقليا.
من أين أتى الخوف من الإسلام؟
الخوف من الإسلام ليس جديدا على المجتمعات الغربية،فهو ظاهرة قديمة متجددة،هذا الخوف الساكن في الشعور واللاشعر الغربي يرجع إلى العصور الوسطى،ومازالت تجتره الذاكرة التاريخية،فالغرب لم ينس المواجهات العنيفة بينه وبين المسلمين،من فتح الأندلس والقسطنطينية،إلى موقعة بلاط الشهداء التي لو انتصر فيها المسلمون لدخل الإسلام إلى باريس،ولم ينس العرب الحروب الصليبية لاستعادة بيت المقدس،كما لم ينس الغرب الخلافة العثمانية بقوتها وتوسعها الكاسح الذي أخاف الغرب من الإسلام ومن المسلمين،وفي المقابل لم ينس العرب الفترة الاستعمارية التي عانى منها العرب كثيراّ من الاحتلال ،وكانت سبباً من أسباب تأخرهم،وكذلك الانقسام والتشرذم والتفتيت الذي قام به الاستعمار للعالم العربي والإسلامي وتقسيمه إلى دويلات يسهل السيطرة عليها.
هذا التاريخ الموجز للصراع بين الغرب والشرق يوضح لنا مدى تذبذب العلاقة بين الشرق والغرب منذ القرن الحادي عشر،فالعلاقة قائمة على الصراع الظاهر والخفي وعلى عدم الثقة من عبء الذاكرة التاريخية.
ما الذي أيقظ هذا الخوف الآن؟
تزايد أعداد المسلمين في القارة الأوربية وأمريكا،وكذلك سرعة انتشار الإسلام في العالم، وتزايد معدل إنجاب العرب والمسلمين في العالم،فقد بلغ عدد المسلمين في أوربا أكثر من 30 مليوناً،ليس هذا فحسب ،بل إن المسلمين يحاولون فرض عاداتهم وتقاليدهم على المجتمع الغربي والأمريكي،و قضية الحجاب والنقاب وذبح الخراف في المنازل في العيد الكبير،والآذان في الساعة الرابعة صباحاُ لإزعاج النائمين،وممارسة الإجرام بأنواعه وكذلك الإرهاب بأشكاله، هو ما يخيف أوربا من الإسلام والمسلمين،فدقت أوربا أجراس الخطر حفاظاً على هويتها الأوربية،وحماية لعلمانيتها.
من المسئول عن هذا العداء؟

نحن مقصرون في توعية جالياتنا بدورها في الخارج،فواجبها هو الاندماج في المجتمع الذي تعيش فيه،أن تطبق-عن قناعة- مثل سكان البلد الأصليين قوانين ودساتير البلدان التي تعيش فيها،وكذلك على جالياتنا أن تتخلص من فقه الولاء والبراء العنصري الذي يوصي بكراهية غير المسلم والمرأة ،واعتبار الغرب دار حرب ،وأن الجهاد لإدخالهم في الإسلام باق إلى قيام الساعة، فهذه أحكام دينية عتيقة يجب اليوم نسخها.
ما العمل للحد من الخوف من الإسلام؟
حوار الأديان والتزام المسلمين بقوانين الغرب،فنحن أقلية ونتكلم كما لو كنا أغلبية،فإذا كان هذا هو حالنا ونحن أقلية،فماذا لو أصبحنا أكثرية؟؟!!.
و علينا الآتي:
1- تحسن صورة الإسلام في الداخل عن طريق غربلة الفقه الإسلامي لتنقيته من الأساطير التي تسيء إليه أكثر مما تفيده،ليتوافق مع العقل والمنطق،وفتح باب الاجتهاد لنسخ الآيات التي لم تعد معاصرة لعصرنا عملاً بقول فيلسوف قرطبة ابن رشد:"إذا اختلف العقل مع النقل ،فليؤول العقل النقل،لأنه من غير المعقول أن يعطينا الله عقولاً وشريعة تناقضها".
2- تحسين صورة الإسلام في الخارج ،بضرب المثل الحسن والجيد لأقوالنا ولأفعالنا، فالمهاجرون العرب والمسلمون يجب أن يكونوا سفراء لبلدانهم ودينهم في المهجر،والابتعاد عن العنف بكل أشكاله،اللفظي والجسدي،لأن العنف مدان عالمياً،مهما كانت غايته نبيلة ، وكذلك علينا الإقلاع عن العادات الشكلية التي تستفز الغرب كـ"الحجاب،و"النقاب"، وأخيراً "البرقع"،وكذلك اللباس الأفغاني ،فذلك كله من العادات وليس من العبادات.
3- تكوين شبكة عالمية إسلامية توحد جهود الجاليات المسلمة في كل أنحاء العالم،تتفهم القوانين الدولية الداعمة لحقوق الإنسان وتحترمها،وتدافع عن الإسلام والمسلمين باللجوء إلى محاكم حقوق الإنسان ،خاصة محكمة حقوق الإنسان في أوربا كلما وقع انتهاك لحقوق الأقليات المسلمة التي نصت عليها الاتفاقيات الدولية لحماية حقوق الأقليات.
4- إصدار صحف باللغات العربية و الأجنبية،وكذلك فضائيات ناطقة باللغات الأجنبية العديدة لتوعية جالياتنا المهاجرة بواجبهم كضيوف في المهاجر ،وعلى حكوماتنا أن تحترم بدورها حقوق الأقليات في بلداننا الأصلية،وكذلك حقوق المرأة ،أي مساواة الأقليات والمرأة في الحقوق والواجبات بجميع المواطنين،وأن تسمح لغير المسلمين ببناء معابدهم وكنائسهم، كما يسمحون هم لنا ببناء الجوامع والمساجد في ديارهم.
5- ضرورة الإسراع في حل القضية الفلسطينية حلاً شاملا وعادلاً بتطبيق قرارات الشرعية الدولية،القاضية بإقامة دولتين لشعبين في فلسطين التاريخية،لأن عدم حل هذه القضية يمثل بؤرة الإرهاب في الشرق الأوسط.
في اليوم الذي سنحقق فيه التنمية الاقتصادية والاجتماعية والعلمية والتكنولوجية والتجديد الثقافي ،والتداول السلمي على السلطة،ونرسي مبدأ المواطنة، ونساوي المرأة بالرجل في الحقوق والواجبات،سنكون قد حققنا نقلة نوعية تجعلنا نشارك في صنع الحضارة،ولن نكون مجرد مستهلكين لها،بل سنساهم في تطويرها وتحسينها، وستكون حضارتنا وثقافتنا الذاتية ندا للآخرين، وستعود ثقتنا المفقودة في أنفسنا،وستكون علاقتنا مع الغرب مبنية على الاحترام المتبادل،والتسامح المتبادل والمصالح الإنسانية المشتركة.
فأهلاً بفكر إسلامي جديد،أهلاً بإسلام منفتح ومتصالح مع نفسه وعصره،أهلاً بإسلام السلام والمحبة والإخاء.
وأختتم بقول ابن عربي:
أنت أخي ما دمت معترفاً بي / آمنت بالله أو آمن بالحجر

مداخلة في المؤتمر الذي عقد في مدينة ليل بشمال فرنسا،والذي عقد أيام 7،8،9 من يونيو.
[email protected]








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. وثائقي -آشلي آند ماديسون-: ماذا حدث بعد قرصنة موقع المواعدة


.. كاليدونيا الجديدة: السلطات الفرنسية تبدأ -عملية كبيرة- للسيط




.. المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي دانييل هاغاري يعلن مقتل جنديين


.. مقطع مؤثر لأب يتحدث مع طفله الذي استشهد بقصف مدفعي على مخيم




.. واصف عريقات: الجندي الإسرائيلي لا يقاتل بل يستخدم المدفعيات