الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


لا عزاء للفلسطينيين ولا للشعب العربي

محمود عبد الرحيم

2010 / 6 / 10
القضية الفلسطينية


القراءة السطحية لقرارات وزراء الخارجية العرب في إجتماعهم الطارئ عقب العدوان الإسرائيلي الهمجي على قافلة الحرية، الحاملة مساعدات إنسانية لغزة، تجعلنا نهلل إنشراحا، ونعتقد جهلا أنهم يعبرون عن الطموحات الشعبية ولم يخذلونا، وقاموا بالرد المناسب على الكيان الصهيوني، ومن ورائه، وإن كانت الخطوات متأخرة فلا بأس.
غير أن وضع القرارات في سياقها الصحيح، والإستناد إلى خلفية المواقف السابقة، وخبرة التحرك العربي، تجعلنا ندرك أنهم يمزحون مزحة سخيفة في وقت لا يصلح فيه المزاح، ويخدعون أنفسهم قبل أن يخدعوا شعوبهم.
وإن كان من ميزة لهم، أو قيمة لقراراتهم، يستحقون عليها الإشادة فهي أنهم أجهدوا أنفسهم في صياغات بليغة، ترضي كل الأطراف ولا تغضب أحدا، وأمضوا يومين في إجتماعات أسموها طارئة،على مستوى السفراء، فوزراء الخارجية، وحتى الساعات الأولى من الصباح، غير أننا مللنا هذا النهج وهذا الخداع وتبديد الطاقات سدى، ولم نعد نطرب للعبارات البراقة التى صرنا نسمعها كثيرا، منهم ومن غيرهم الذين صاروا أكثر إجادة لها،وأكثر جاذبية كالأتراك.
من يدقق في قراءة القرارات ويعود إلى القرارات السابقة، لن يجد اختلافا كبيرا، تكاد تكون هي ذاتها، خاصة ما يتعلق بالموقف من إسرائيل والتشكيك في نواياها، وجديتها تجاه السلام، والتسليم بأنه لا جدوى من التفاوض معها، وإبلاغ رسالة تحذير إلى واشنطن، من أن السلوك الإسرائيلي يهدد أمن واستقرار المنطقة، ويهدد بانفجاره، وإشاعة العنف.
الى جانب الحديث عن الملاحقة القانونية لإسرائيل، وحملة إعلامية لفضح جرائمها.
حتى الحديث عن كسر الحصار عن قطاع غزة، سبق وأن اتخذوه قبل سنوات، وتكرر تباعا، ولم يحركوا ساكنا، بل أن الدول العربية في معظمها شريكة في هذا الحصار وملتزمة به فعليا.
وإذا توقفنا عند هذا القرار الأخير، وربطناه بما يليه، سنكتشف أنه عبارة إنشائية لا قيمة لها، لأنهم أوكلوا الأمر لمجلس الأمن لإصدار قرار بإدانة حصار إسرائيل وإلزامها برفعه، وكأنهم لم يدروا بأن تركيا سبقتهم في هذا المضمار، واحبطت مسعاها الولايات المتحدة التي لا تفوت أي فرصة لحماية إسرائيل مهما أرتكبت من جرائم حرب ،وجرائم ضد الانسانية لن يكون آخرها الهجوم على المتضامنين مع أهالي غزة ضد الحصار، ما يعني أنها خطوة استعراضية فاشلة مقدما.
ثم كيف سيكسرون الحصار وأقطاب النظام العربي، وخاصة مصر التي لها حدود مباشرة مع غزة، لاتزال تتبنى الموقف الامريكي الإسرائيلي من حماس، وترفض التنسيق معها، ولا تعترف سوى باتفاقية المعابر التي تجعل السيطرة لإسرائيل، ولو بطريق غير مباشر، من خلال المراقبين الأوروبيين وكاميرا المراقبة الاسرائيلية، رغم أن هذه الاتفاقية سقطت على أرض الواقع، و ثمة واقع جديد يفترض التعاون مع حماس والإعتراف بشرعيتها، إن لم تكن المستمدة من الانتخابات، فمن الأمر الواقع، بإعتبارها القوة المسيطرة على قطاع غزة.
إلى جانب ضرورة الفتح الدائم لمعبر رفح، ليس لأسباب إنسانية أو تحت تأثير واقعة معينة، ما إن تزول، حتى نعود إلى الإغلاق، فضلا عن جعله ممرا للأفراد والبضائع، وليس التحجج بأنه لا يصلح سوى لمرور الأشخاص..فهل هذا قابل للتحقق؟!
ثم إذا كانت إسرائيل تمارس التحدي والخرق للقانون الدولي ولكل الأعراف، أليس من باب أولى أن نتحدى نحن أيضا، ونرد ونحن نلتزم بالقانون والاعراف وبكل القيم الانسانية، بتسيير قوافل بحرية تحمل مساعدات تحت شعار الجامعة العربية، ويتقدمها ممثلون رسميون عن الدول العربية، وامين عام الجامعة العربية عمرو موسى، لنأخذ مبادرة كسر الحصار الفعلي، وليس الكلامي برا وبحرا، ولنقوم بتحيتهم، مثلما قاموا بتحية نشطاء قافلة الحرية لغزة؟
وأود أن أتوقف كثيرا أمام قرار الإلتزام بوقف كافة اشكال التطبيع مع إسرائيل، إذ أن شكل هذا القرار يتشابه في بريقه مع كسر الحصار، لكن مضمونه يبدو مثيرا للغثيان، ولا قيمة له ولا أثر.
فدولة كنيكاراغوا ليس لها ثأر عند الكيان الصهيوني، ولا سجل من الجرائم والانتهاكات مثلنا ، لم تتردد وقطعت علاقتها الديبلوماسية مع إسرائيل، في حين أن لا دولة عربية من التي تحتفظ بعلاقات مع الكيان فعلت المثل، أو على الأقل سحبت سفيرها، وجمدت المعاهدات الاستسلامية، وحتى الدول التي لها علاقات غير رسمية مع الكيان، لا تزال علاقاتها ساخنة، وكأن شيئا لم يحدث، فأين إلتزامهم؟
وما معنى التوصية بعدم إبقاء مبادرة السلام العربية طويلا على المائدة، أليس وزراء الخارجية هؤلاء ممثلون لحكوماتهم ومخولون بكل الصلاحيات السياسية من قادتهم، ليتخذوا قرارا كان يجب أن يتخذوه من سنوات بعيدة، أم أننا مازلنا نستجدي، ونلوح بسحب المبادرة، ولا نجرؤ على هذه الخطوة، لأن القرار ليس في أيدي وزراء الخارجية، ولا حتى الملوك والرؤساء العرب، وأنما في البيت الابيض بواشنطن التى لم يجرأ المسؤولون العرب على هذا المستوى الرفيع، أن يأتوا على ذكرها في قراراتهم، وأشاروا إليها من بعيد، وبصيغة المبني للمجهول حين أرادوا إنتقاد دورها الداعم لإسرائيل والخادع لهم بقولهم حرفيا إن إمعان إسرائيل في ممارساتها... يؤكد بالدليل الواضح عدم جدية اسرائيل في التوصل إلى سلام عادل وشامل في المنطقة وإصرارها أن تجعل المفاوضات غير ذات فائدة أو جدوى، ويشكك في مصداقية التأكيدات والتطمينات التي قدمت إلى الجانب الفلسطيني .
أو في موضع آخر بقولهم إستمرار بعض الدول في تقديم الدعم لإسرائيل رغم همجية ممارساتها وإنتهاكاتها ضد الشعب الفلسطيني وضد من يحاولون تقديم مساعدات إنسانية ضرورية له، أنما يستند إلى خطأ سياسي كبير بإعطائها إسرائيل حصانة إزاء عدم احترامها لقواعد القانون الدولي في سابقة تهدد النظام الدولي برمته .
إذ كانوا يرتعشون بهذا الشكل المخزي من مجرد النقد الموضوعي والصريح المؤسس على وقائع للراعي الرسمي للعدوان الاسرائيلي وليس لعملية السلام، ويعولون على مجلس الامن احدى ملحقيات وزارة الخارجية الامريكية.. فهل يمكن ان يكون لخطابهم منطق سليم أو صدقية أو نتوقع منهم تحركا ذا جدوى او حماية للمصالح العربية وانصافا للفلسطينيين وحقوقهم المهدورة؟!
ربما القرار الوحيد الذي سينفذونه بكل صدق وحماس، هو تقديم واجب العزاء للأتراك في شهدائهم الأحرار، ولا عزاء للفلسطينيين ولا للشعب العربي.

كاتب صحافي مصري








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - بيان راي
احمد الربيعي ( 2010 / 6 / 11 - 14:47 )
اسرائيل.....فلسطين.....اقبح اسمين عرفهما التاريخ

اخر الافلام

.. البريك العنابي.. طبق شعبي من رموز مدينة عنَّابة الجزائرية |


.. بايدن يعلن عن خطة إسرائيلية في إطار المساعي الأميركية لوقف ا




.. ارتفاع حصيلة الضحايا الفلسطينيين إثر العمليات الإسرائيلية في


.. مراسل الجزيرة يرصد آخر التطورات بالمحافظة الوسطى بقطاع غزة




.. توسيع عمليات القصف الإسرائيلي على مناطق مختلفة برفح