الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


في اللحظات التاريخية المهمة تشكلت الحداثة الشعرية-4

قيس مجيد المولى

2010 / 6 / 11
الادب والفن


يكون الغموض في الشعر كنتيجة بعد أن تستهوي التجربة الشعرية الإيحاءات والدلالات الرمزية وكذلك الهوية الشخصية التي تتمتع بأستقلالية التجربة ، والغموض لدى شعراء حداثة شعر تكمن في قوة الفاعلية الجمالية التي تبتعد عن المعنى من خلال خرق البنى الإيحائية التي كانت تنساب في القصيدة القديمة كجُمل متواصلة تتمم غرض بعضها البعض إذ أن المتلقي كان يدرك فحوى البيت الشعري من إدراك البيت الذي قبله وهكذا ضمن السياق العام للقصيدة ،
إذ أن الشاعر عمد لترك اللغة هي التي تقول ماتريد وبما أن الذاكرة السمعية قد تشبعت بالمألوف من هذه المفردات القاموسية مع وجود إيقاع مرافق لموقع المفردة ضمن الجملة الشعرية وكذلك موقع الجملة الشعرية مع متوالياتها فلاشك أن المتلقي لايقوم لايقوم بأي إستحضار فكري ونفسي لقولبة الصور الشعرية كما أن هذه الجمل الشعرية ليس لديها من القوة على إحالة المتلقي لمناخ بعيد عن ضرفيته الأنية فتجعله قادرا على مغادرته لزمكانيته ولو بشكل محدود كي يستطع من تفكيك ذلك الإرغام في الترابط العضوي الإنسيابي وبذلك تتنوع لديه القوى الإيصالية وبالتالي تكون قدراته الإستلامية قادرة على تفسير صياغة أخرى للمعنى
مادامت اللغة تعبر بدلالة أدونيس عن نظامها الإشاراتي في أسعد وأتعس اللحظات ،
كما أن هذا الغموض الساحر لدى المحدثين لم يأت متأخرا فهناك تجد بعض الألغاز وشئ من السحرية لدى رواد القصيدة القديمة رغم فقر مدلولاتها الشمولية لكنها كانت تؤشر حاجة الشاعر ورغبته بالقفز مسافات مقبولة نحو الدهشة المطلقة التي يزينها إطار ما من الغموض ولو بنسب متدنية وإيصالات شبه مدركة ،
لقد كانت الأزمة الوجودية تحفر إستقلاليتها في العقل العربي بعد أن قدمت ماأستطاعت للمجتمع الأوربي في الشعر والفن والمسرح ووظف الأدباء الأوربيين وجودهم الجديد في مضامين متطورة سعيا للحرية وإكتساب حرية الذات وخلق الإنسان الجديد القادر على توظيف معاناته وأستثمارها لرفع معنوياته من جهة ولفهم الوجود بطريقة مثلى خالية من الحقائق الكونية وإيجاد البدائل للحد من تأثيراتها عليه ،
وبما أن الحداثة قد نجحت في تحرير اللغة من موروثها القديم فقد حدثت إنتقالية جديدة عبر لغة جديدة الى متاهات الروح لتبتكر أشكالا من أوجه الإتصال مع المعاناة ومع هلوسة البوح التي رافقت غزارة الإنتاج الشعري
عندما حطمت الحداثة الجديدة الأسيجة التي تحول دون الولوج الى الخوف وأستثمار دلالاته المختلفة وتقديمه عبر ما يحتاج اليه الشاعر ضمن أساسيات موجوداته بعد أن حقق أنتقالته في خروجه،
من مسمى (طهارة اللغة ) إلى عهرها وهي تحفل بالمفردات ذات الغاية المتعددة في صياغة الشكل الجديد للأخلاق الفاضلة لا على أساس ذلك الفهم التقليدي للعديد من المفردات القاموسية التي تكتفي بمضامينها بل بالإنسياح عبر المتداول (المحظور ) إذ دخلت مفردات جديدة ضمن القاموس الشعري الجديد وأعتمدت ضمن سياقاتها التعبيرية رغم أنها كانت تؤدي غرضا واحدا في حين جعلها رواد الحداثة تؤدي أغراضا متنوعة وبغير دلالاتها المستخدمة في الحياة العامة رغم أنها أشياء واقعية محسوسة لكنها حركت بأتجاه أخر خلافا لوظيفتها الواقعية لترتفع إلى عالم شعري
وتبعث من تلاقيها مع مفردات أخرى رديفة لغة مركزة كثيفة وأشارات وصور وأسرار من الأساليب والحكايا ومثل عليا من الجمال تنبع من فوضى خلاقة يبلغ الشاعر في نصه حد التقديس والعبادة لقناعته بعمله الخلاق المبتكر ،
لقد زاوج المحدثون اللغة الجديدة عبر أبعادها النفسية والفلسفية فامتصوا منها ذلك الهزال المرافق لادائها بعد أن فصلوا بين المتشابهات كلا على حده ومثلها المتضادات كلا على حده فالشك مقابل التطهير والأسماء والرموز مقابل الفراغ وبذلك تم خلخلة منظومة المفردات التي تنتمي إلى معيار ما والتي كانت تشكل ظواهر بارزة في طبيعة النص الشعري وسياقاته التقليدية ضمن أغراضه،
أن الوجه الإنتاجي لرواد الحداثة كان يهدف إلى إشراق أدب حي بلغة حية غير معتدلة وغير مكتفية بوجودها التي توفر لهم الطلاقة في التعبير والتجانس الموسيقي الخفي والإستدلال الرمزي التي تؤمن لنفسها تطورها الخاص مع تطور الزمن ،








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الدكتور حسام درويش يكيل الاتهامات لأطروحات جورج صليبا الفكري


.. أسيل مسعود تبهر العالم بصوتها وتحمل الموسيقى من سوريا إلى إس




.. فنانو الشارع يُحوِّلون العاصمة الإسبانية مدريد إلى رواق للفن


.. كريم السبكى: اشتغلنا على فيلم شقو 3 سنوات




.. رواية باسم خندقجي طلعت قدام عين إسرائيل ولم يعرفوها.. شقيقته