الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أمحقة الكويت في سلوكها ازاء العراق ؟

لؤي الخليفة

2010 / 6 / 12
مواضيع وابحاث سياسية


يوم غزا صدام حسين دولة الكويت , كان الالم يعتصر قلوب اغلبية العراقيين , ولم يكن ثمة من يرغب ان يحدث ما حدث في ذلك اليوم المشؤوم ... ذلك ان الاخوة في الكويت لم يكونوا سوى اشقاء واهل , وكان قرار الغزو غير مرحب به حتى من الدائرة القريبة من صدام , عدا قلة قليلة ممن كانت تحيط به وارتبطت مصالحها معه , مصفقة ومهللة لاي خطوة يقدم عليها حتى وان ادت بالبلد والمنطقة الى كارثة , وهنا يحضرني ما قاله ذات مرة نائبه عزة الدوري وهو يقلده وشاحا , سيدي انني اوافقك على كل شيء تقوله وتفعله حتى وان كنت على خطأ ...
وجرى ما جرى وتعرض الاشقاء الى كوارث ونكبات وعمليات قتل وسلب وتشريد من قبل بعض العراقيين , ماكانت لها ان تجري دون ضوء اخضر من السلطة العليا يوم ذاك , وكان العراقيون اشد قلقا على اخوتهم الذين خلت ديارهم منهم , وراح يعبث بعضا ممن كان هناك بممتلكات اهل الكويت ... والقصة معروفة للجميع , ونحن اذ نذكرها بتفاصيلها الدقيقة , فهي جزء من التاريخ , وبالذات تاريخ السلطة البائدة .
وجائت (( قوات التحرير العالمية )) بزعامة الولايات المتحدة الامريكية , لتخرج القوات العراقية من الارض الكويتية ويحل بالعراق كارثة لم يشهد لها مثيلا لا التاريخ الحديث ولا القديم , كان ضحيتها مئات الالاف سواء اثناء العمليات العسكرية او بعدها , ناهيك عن عشرات الالاف من الاطفال راحوا ضحية الحصار الظالم وقلة الدواء والغذاء وتدمير البنية التحتية للبلد وتعطل التجارة والصناعة وانتشار الامراض وخاصة السرطانية وما الى ذلك ... وخير دليل على رفض العراقيين لما جرى في عام 1980 هي الاحداث التي اعقبت حرب الكويت , يوم هبت الجموع في اغلبية المدن العراقية بالتمرد على السلطة وتمكنوا من السيطرة على اربعة عشر
محافظة من مجموع الثماني عشرة , وليدفعوا فيما بعد غاليا ثمن ذلك , يوم استعاد الطاغية قوته وبطش بالشعب دون ان يرف له واتباعه جفن .
صحيح ان الكويت تكبدت خسائر مادية كبيرة اضافة الى عدة مئات من الضحايا , غير ان ذلك لا يقارن ابدا بما تكبده العراقيين الذين كانو هم ايضا , كما الكويتيون , ضحايا العنف الدموي لصدام وبطانته , غير ان الاخوة في الكويت ما انفكوا يصرون على بعض المطالب التي يفترض ان يكونوا هم اول المبادرين الى الغائها وابطالها , وايقاف كافة قرارات الامم المتحدة بدءا من التعويضات وانتهاء بالمفقودين , ذلك انها فرضت على العراق في ظروف غير متكافئة وبدعم امريكي عالمي , وكان صاحب السلطة انذاك مستعد للتوقيع على اية وثيقة مقابل البقاء في منصبه والكويتيون يعرفون ذلك حق المعرفة واكثر من غيرهم .
كانت الكويت محقة تماما في اي اجراء او عقوبة ازاء النظام السابق , فهي الجهة المتضررة , ومن كان سبب الضرر ما زال في السلطة , وبالمقابل فأن العراقيين لم يشعروا بالاسى على ما اتخذته الامم المتحدة من عقوبات قاسية ضد بلدهم رغم ظروفهم الحرجة ومعاناتهم التي امتدت لسنين طوال , على امل ان يتخلصوا ومعهم الكويتيين من النظام الظالم .
وجاء عام 2003 , لتكون الكويت وقطر اهم دولتين لقواعد دول المحور العسكرية ومنهما وغيرهما شنت الهجمات على الاخضر واليابس في العراق , وحتى يومنا هذا تفتخر الكويت بأنها وبفضلها تخلص البلد من النظام الفاشي , دون الاشارة الى المأسي التي حلت ببلاد الرافدين والذي بات يومه اسوء من امسه وليدفع من الضحايا مئات الاف جديدة ناهيك عن تدمير كل مقومات البلد وسلب حضارته وثرواته .
ما سبق ذكره كان مشاهد من المأساة التي مر بها اابناء الشعبين الكويتي والعراقي , وان تعافت الكويت منذ اعوام غير قليلة من ذلك غير ان اشقائهم في العراق مازالوا يعانون ويدفعون ثمن اخطاء لم يرتكبوها ولم يكن لهم فيها ناقة ولا جمل .
وعبثا حاول العراق وعلى مدى السنوات السبع الماضية اقناع الكويت بضرورة اعادة النظر في سياستهم , غير ان كل الجهود والمحاولات لم تفلح وسد الطرف الاخر كل الطرق التي من شأنها ان تؤدي لحل قد يكون منصفا سيما وان العراق ابدى كل الاستعداد للتعاون واعادة مايمكن اعادته وفي ضوء ماهو متوفر او يتم العثور عليه , ناهيك عن التعويضات المادية التي قاربت من العشرين مليار دولار لحد الان , واستحواذ الكويت على مساحات شاسعة من الاراضي العراقية الحدودية ومياهه الاقليمية والاعتداءات شبه اليومية للصيادين داخل المياه العراقية واصحاب المزارع الحدودية وغير ذلك كثير ...
ولم يعد لنا نحن العراقيين ان نسمع مع كل يوم جديد اصوات تتعالى داخل مجلس الامة الكويتي بمطالب لااول لها ولا اخر فبعد ان شبعنا من مسألة التعويضات والارشيف الحكومي والطيران ... هب احدهم بالامس القريب ليقول ان لدينا بعض مئات من المفقودين لا يمكن ان نتوصل الى اتفاق مع العراق دون ان تحل قضيتهم , وان العراق سوف يبقى تحت بنود الفصل السابع ما لم يكشف عنهم ... وهنا اجد نفسي مضطرا لاقول لهذا النائب ان المفقودين الذين لايتجاوز عددهم الخمسمائة , دفع العراق مقابلهم اكثر من خمسمائة الفا في الصحراء بين البلدين , وهذا يعني ان كل مفقود منكم يقابله الفا منا , اما كفاكم ذلك , وانتم تعلمون ان الكويتي والعراقي قتلا لذات السبب , الا وهو السياسة الهوجاء للطاغية , اما اليوم وبعد كل ما جرى , ارى انه من العيب والعيب الكبير ان يصر الاشقاء على مواقفهم المتعنتة وغير المبررة ... الا اذا اعتبروا دماء العراقيين ماء ولا اهمية لها سواء سكبت ام لا !! ... والاكثر غرابة ان من راح يطالب ويصر على الموقف غير الودي من بلدنا هم اعضاء مجلس الامة من التيار الاسلامي , اؤلئك الذين يفترض بهم ان يكونوا ايجابيين وداعمين لاخوة لهم في الدين انطلاقا من مباديء الاسلام وسماحته ,حسبما يدعون , ومع كل الاسف فأن الحكومة الكويتية , وربما خوفا من تلك الشلة , لم تقدم شيئا ولم تستطع ان ترتقي ولو قليلا , الى مصاف دول (( الكفر والدعارة )) ممن بادرت والغت الديون المترتبة لها في ذمة العراق وهي ديون حقيقية غير وهمية , اذ ربما كان كفرهم دليلهم الى معرفة براءة الشعب العراقي من جرائم صدام , وتاكيدهم ان العراقيين هم الضحايا الاكثر ضررا من سياسته الطائشة , خلافا لاسلاميي مجلس الامة الذين وقفوا بوجه كل بارقة امل لحل الازمة وتسويتها , وهكذا تكون الكويت ودولة اسلامية اخرى احتضنت الكعبة , الدولتين الوحيدتين ممن يثقلان العراق بديون كبيرة وغير صحيحة , لم تسقطا ديونهما المزعومة , ووقوفهما امام كل ما يمكن ان يعيد للبلد وابنائه بعضا من الرفاه الذي يفتقده وحرم منه منذ عقود عديدة .









التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - الجار الابدي
سلّوم ( 2010 / 6 / 12 - 09:31 )
تحيه استاذ لؤي
تحليل رائع
ليعلم الاخوه في الكويت انهم الجار الابدي للعراق ناهيك عن المشتركات الكثيره بين البلدين
وليعلم الاخوه الكويتين ان من قام بالسلب والنهب هم حثالة المجتمع والزبانيه الصداميه وهنال مثل معروف للجميع (لو خليت لقلبة)اي ان كل مجتمع في العالم يحوي هاكذا نماذج ومن الحكمه ان لايؤخذ الكل بجريرة شرذمه صغيره


2 - اخي سلوم ...اخذنا بجريرة غيرنا
لؤي الخليفة ( 2010 / 6 / 12 - 10:11 )
لك مني تحية وسلام
اوافقك الرأي انه ليس من الصحيح ان يؤخذ المرء بجريرة غيره , وكثر من اصحاب المباديء الانسانية والمثل العليا يتفقون على ذلك الا بعض ممن فقد جادة الصواب , واملنا كبير ان يراجع الاخو في الكويت مواقفهم ويبدأو بفتح صفحة جديدة مع اشقائهم في العراق واقامة علاقات ودية من شأنها ان تقطع الطريق امام من حاول ويحاول النيل منها مستقبلا ...مع امنياتي لك


3 - لنلغي ما بذمة العراق
علي النصف ( 2010 / 6 / 12 - 11:11 )
السلام عليكم
انني مواطن كويتي , اتفق مع اغلب ما جاء المقال وادعو حكومتي الى اتخاذ قرار جريء بالغاء كل ما بذمة العراق الشقيق , سواء اكانت مادية ام غيرها ونحن كنا ومازلنا شعب واحد لا صدام ولا غيره يستطيع ان يفرق بيننا وما احوجنا اليوم الى اراء ومواضيع تقرب من وجهات النظر وتدعم مسيرة العلاقات والاخوة , واخيرا تحية لكل قلم مدافع عن تمتين اواصر الاخوة بين البلدين

اخر الافلام

.. رفح: هل تنجح مفاوضات الهدنة تحت القصف؟ • فرانس 24 / FRANCE 2


.. مراسل شبكتنا يفصّل ما نعرفه للآن عن موافقة حماس على اقتراح م




.. واشنطن تدرس رد حماس.. وتؤكد أن وقف إطلاق النار يمكن تحقيقه


.. كيربي: واشنطن لا تدعم أي عملية عسكرية في رفح|#عاجل




.. دون تدخل بشري.. الذكاء الاصطناعي يقود بنجاح مقاتلة F-16 | #م