الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أبغض الحلال ... المالكي رئيسا للوزراء - مرة اخرى –

محيي المسعودي

2010 / 6 / 13
مواضيع وابحاث سياسية



بات وضحا ، أن الصراع السياسي العراقي الراهن يدور حول الوصول للسلطة فقط . السلطة, بامتيازاتها المعنوية والمادية , وأن المتصارعين هم مجموعة من السياسيين غير المحترفين, الذين لايجيدون ولا يعرفون غير المساجلات السياسية طريقا للتواصل والدكتاتورية نظاما للحكم . ويعتقدون أن الحكم ليس تكليفا بل, تشريف وامتياز وسلطة مطلقة, وانه يمنحهم حق ملكية العراق أنسانا وأرضا ولو للفترة التي يستطيعون البقاء فيها على سدة الحكم . وقد غابت عنهم وعن الجميع ثقافة وروح وماهية وهدف النظام الديمقراطي الذي يتمحور حول البرامج السياسية التي تلبي اكثر من غيرها حاجات وتطلعات الشعب . وأن شكل النظام " الديمقراطي" في العراق وبعض آلياته ليست منبثقة من رؤى وافكار وبرامج هؤلاء السياسيين, بل فرضها الواقع والأحداث التي مرت على العراق وأوصلته ا إلى هذه الحال التي هو عليها اليوم .. وأذا كان السياسيون العراقيون لم يخرجوا عن ثقافة ومفاهيم الدكتاتورية في الحكم, فأن الناخب العراقي هو الآخر لمّا يزل اسير ثقافة الدكتاتورية , بسبب تراكمها خلال سنوات حكم النظام السابق .. كما أن هذا المواطن عند انتخابه للسياسي لم يتجاوز الأنتماء المذهبي والعرقي .. ولا زالت تسيطر عليه صورة نظام الحكم قبل التغيير- اذ نرى الاكثرية "الشيعة" لازالوا يخافون عودة نظام الحكم السابق ولا يثقون بالاقلية "شركائهم من السنة" وأن الاقلية لا تريد للأغلبية أن تحكم حتى ولو كانت أعدل من كسرى لان الثقافة المتوارثة لدى الاقلية تقول انهم الوحدون الصالحون للحكم وانهم فوق الجميع اجتماعيا وانهم اهل السراط المسقيم دينيا. كما أن الأغلبية التي وصلت للسلطة مؤخرا لم تستطع الى اليوم ان تمتلك الثقة بالنفس ولا الثقة بالآخر وهي تعتقد ان الاقلية التي كانت تحكم سوف تعود الى الدكتاتورية والظلم حين تعود قياداتها الى السلطة. لذلك تصر الاغلبية على اعتماد النظام الديمقراطي من اجل ان تحصل على الاغلبية النوعية ـ طائفة - عرق ـ كي تحكم او تظل في الحكم . وإذا كان البعض من هذه الأغلبية ذهب إلى الأقلية ومنحهم اصوته " الشيعة الذين صوتوا للقائمة العراقية" فأن السبب دائما يعود إلى حالتين, الاولى ثقافة الماضي التي ترسخت خلال اربعة عقود وبعض المنافع التي حصل عليها هؤلاء . والثانية انتقام البعض من قيادته الفاسدة التي نهبت كل شيء ولم تقدم شيئا . ويأتي منح الأصوات للعراقية نكاية بهؤلاء السياسيين الشيعة وتشفيا منهم وردا على ما فعلوه وليس حبا بالآخر ولا أيمانا وثقة به وبمشروعه السياسي .. لأن مشروعه السياسي واضح جدا ويعلن عنه قادته وهو طائفي عرقي بامتياز ..
تكشف الصورة المعلنة للكتل السياسية , دكتاتورية فكرها ونهجها السياسي, إذ نجد أن زعيم الكتلة هو الحاكم المطلق لكتلته بل المالك لها . أما التحالفات فأنها لا تعدو أن تكون مرحلة هدنة ـ ديمقراطية ـ ومقايضة منافع ومناصب تنتهي بوصول زعيم هذا التحالف أو ذلك إلى السلطة وإذا كان الصراع على السلطة قد أنحصر اليوم بين شخصيات معدودة فان هذه الشخصيات جميعها وبحكم تصرفاتها وسلوكها واعمالها واقوالها التي ظهرت اثناء الاعوام الماضية ـ يظهر بوضوح انها لا تصلح لقيادة النظام الديمقراطي الوطني في العراق وكل شخصية من هذه الشخصيات لديها من السلوك والتصرفات والأحداث ما يؤكد عدم صلاحيتها . والحديث هنا حول الرئاسات الثلاث .. وخاصة رئاسة الوزراء وإذا بدأنا بالكتلة العراقية باعتبارها حصدت أكثر المقاعد في الانتخابات الأخيرة نجد ان هذه الكتلة تشبه حصان سباق له أكثر من رأس وكل رأس في اتجاه مختلف عن الأخر وإذا كان رأسها الأكبر ـ شكليا ـ هو أياد علاوي فأن الأخير صلاحيته لرئاسة الوزراء منتهية قبل الأربع سنوات الماضية .. وإلا كيف يصبح رئيسا للوزراء ويقود البلد وهو لم يحضر جلسة واحدة للبرلمان العراقي ـ ممثل الشعب ـ مما يعني ان علاوي كان متعاليا على الشعب ومستهترا بخياراته ناهيك عن عدم احترامه النظام الديمقراطي ـ وكل هذا نابع طبعا من ثقافته الديكتاتورية ـ فكيف يُؤتمن على العراق من أخذ شيك باربعة ملايين دولار من تركي الفيصل مدير المخابرات السعودية سابقا, ليؤسس ما يسمى اليوم بحركة الوفاق . وما يزيد الشكوك ويؤكدها حول تبعية علاوي للمخابرات السعودية زيارته الأخيرة وما أشيع عن استلامه للأموال من تلك الدولة التي صدرت الإرهاب بأبشع انواعه إلى العراق من خلال علمائها الدنيين ورجالها السياسين كتركي الفيصل.. تلك الدولة التي لا تسمح للمرأة ان تقود سيارة .. كيف أنسجم علاوي العلماني مع هذه الدولة ؟ لو لم يكن بركماتيا انتهازيا في طبعه ودكتاتوريا في فكره السياسي ..! وانا اعتقد أن لدى السعودية وثائق على علاوي تستطيع من خلالها لوي ذراعه متى شاءت, حتى وان كان رئيسا لوزراء العراق .. وعلاوي معروف من قبل أصدقائه وخصومه أنه رجل يعمل لمصالحه الخاصة .. أما الشخصية الثانية المرشحة لرئاسة الوزراء والتي رشحها التيار الصدري فهو- ابراهيم الجعفري - والجعفري لم يرشحه التيار لولا علاقته الطيبة معه أبان النزاع الطائفي وعندما كان الاخير رئيسا للوزراء . وقد قيل وأعلن ونشر عن السجون السرية التي كانت موجودة في زمن الجعفري ثم ان الجعفري نفسه يتسم بحدة المزاج وشدة الانفعال وبروح وثقافة دكتاتورية .. حتى أنه عندما عُزِل عن رئاسة الوزراء ونصب مكانه نوري المالكي أنشق عن حزب الدعوة وأسس حزبا خاصا به ليلبي رغباته ونزعاته .. فالرجل ديكتاتوري متعصب وما وقوف التيار معه إلا ردا للجميل أبان حكمه للعراق .. أما المرشح الثالث - عادل عبد المهدي - فأنه الأقل حظا في الوصول الى رئاسة الوزراء لأن ما أشيع عنه كثير جدا وأخرها اشتراك حمايته في سرقة مصرف الزوية في بغداد ناهيك عن البطانيات والصوبات وغيرها التي جرى الحديث عنها في الاعلام ايام الانتخابات . ثم ان جماعة المجلس الاعلى هم اقلية ربما لا تتجاوز عدد مقاعدهم في البرلمان 17 مقعدا وقد وقع هو وقائمته في فخ العراقية عندما أعلنت الاخيرة انها تؤيد ترشيح عبد المهدي لرئاسة الوزراء وكان الهدف وراءها واضحا وهو الضغط على المالكي في مفاوضاته مع الائتلاف الوطني في حينه والضغط عليه بعد التحالف ومحاولة شق وافشال اتحاد الطرفين . لم يبق من المرشحين من يملك حظا يذكر لرئاسة الوزراء غير- نوري المالكي - والاخير لديه اعداء اكثر من كل المرشحين لرئاسة الوزاراء . اعداءه اللدودون في تحالفه الجديد هم تيار الاحرار وهم اغلبية في الائتلاف الوطني ناهيك عن جماعة الجعفري ثم جماعة المجلس الاعلى الذين لايحبونه ولا يرغبون في تسنمه رئاسة الوزاء . وقريبا من هؤلاء يضمر ويعلن زعماء العراقية عداءا واضحا وشديدا للمالكي ولا يبتعد الاكراد عن بغض وعداء زعماء العراقية للمالكي . هؤلاء هم اعداء المالكي الساسيون داخل العراق . وهو في خارج العراق على العكس من الساسين المنافسين له . فبينما تدعم الدول العربية وامريكا القائمة العراقية . نجد ايران تدعم الائتلاف الوطني . وتقف امريكا ايضا خلف الاكراد اما المالكي فجميع دول الجوار والدول العربية وامريكا تضمر وتعلن له العداء . المالكي هو الاكثر اعداء بين السياسين العراقين . ولكن على الرغم من وجود هؤلاء الاعداء الكثرين الا انه الاوفر حظا في الوصول الى رئاسة الوزراء , وياتي هذا الحظ من طبيعة تكوين الساحة السياسية العراقية . اذ يعي الائتلاف الوطني العراقي انه لايمكنه الحصول على رئاسة الوزاء بحكم عدد مقاعده البرلمانية المحدودة وبسبب تمسك العراقية بهذه الرئاسة ويؤمن هذا الائتلاف ايمانا مطلقا ان تسنم المالكي رئاسة الوزاء هو شر ولكنه اهون من شر ان يتسنم المنصب اياد علاوي . اما الاكراد ومهما ابدوا من تقارب وتفاهم مع العراقية فانهم ابدا لن يطمئنوا للعراقية مع وجود طارق الهاشمي واثيل النجيفي اللذان يخشاهما الاكراد اشد الخشية .
من هذا المشهد تظهر القائمة العراقية وحيدة ولا احد يتحالف معها الا المالكي نفسه . ولكن المالكي يريد رئاسة الوزاء وهي ضالة العراقية ايضا . ولان المالكي المرشح الاقوى في التحالف الجديد لان قائمته 89 نائبا متماسكين مقابل 70 نائبا ينتمون الى كتل مختلفة الرؤى بل ومتناحرة في بعض الاحيان . ولان الاكراد يقبلون الف "مالكي" ولا هاشمي او نجيفي" واحد مع كرههم الشديد للمالكي . هنا اصبح واضحا ان فرصة المالكي هي افضل الفرص في الوصول الى رئاسة الوزراء . الا اذا غلب كره تيار الاحرار للمالكي اصحابه ولم يصوتوا للمالكي داخل قبة البرلمان . وهو امر محتمل الوقوع بشكل كبير ويعد هدفا من اهداف القائمة العراقية . واذا كان تكرار الوجوه السياسية في الحكم " عالميا "من مقابح الديمقراطية فان هذا التكرار في العراق يُعد اشد خطرا واعظم قبحا لانه يُطفئ امل وحس الشعب بالحياة الديمقراطية ويُبقي ويُعمق الثقافة والحس الدكتاتوري ولكنه في المقابل يؤدي خدمات كبيرة للعملية الديمقراطية في العراق لان البلاد لما تنضج ديمقراطيا بعد وهي معرضة للردة عن الديمقراطية .كما ان كثيرا من الملفات لمّا تزل عالقة وان كثيرا من المؤسسات المهنية المهمة في الدولة لم تكتمل بعد وخاصة المؤسسة الامنية التي يرتكز عليها العراق في اقامة نظامه الديمقراطي . وقد شهدنا تطور هذه المؤسسة التي يقودها المالكي اذ استطاعت ان تقضي على اكثر من ثلاثة ارباع قادة القاعدة في البلاد خلال السنوات الماضية . وعليه فأن تسنم المالكي لرئاسة الوزراء يُعد ابغض الحلال في ديمقراطية العراق . ولكن بشرط ان يكون المالكي ديمقراطيا حقيقيا وليس مرتديا عباءة الديمقراطية








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تصريحات المرشد الإيراني وتأثيرها على مسار السلام في المنطقة


.. بعد سيطرة الجيش الإسرائيلي عليه.. ما مستقبل محور فيلادلفيا و




.. التهدئة في غزة.. بين تهديدات اليمين الإسرائيلي وضغوط الوسطاء


.. حرائق ضخمة على جانبي الحدود بين لبنان وإسرائيل




.. شاهد| النيران تلتهم منازل كريات شمونة شمال إسرائيل بسبب صوار