الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ما الذي تخشاه فتح من إجراء الانتخابات المحلية في الضفة

سامر أبو رحمة

2010 / 6 / 13
القضية الفلسطينية


لاشك في أن حركة فتح باتت مشتتة ومنقسمة على نفسها ،للدرجة التي تجعلها تفشل في إجراء الانتخابات المحلية في الضفة ،على الرغم من نجاحها في عقد مؤتمرها السادس وهي نتيجة منطقية لعدة عوامل جعلت من إجراء الانتخابات في ظل الشكل والمضمون التي ظهرت عليها التحضيرات بمثابة ضربة قاضية للحركة ،فالخلافات التي نشأت وتطورت بشأن إعداد القوائم وترتيب الأسماء بها وما نتج عنه من صراعات منعت تشكيل بعض القوائم ، وامتناع الحركات الإسلامية التي لم يجري التشاور معها أصلا بشأن الانتخابات في ظل إجراءات القمع و كبح الحريات عن المشاركة ، وما يشكله ذلك من تحدي يثير المخاوف من حجم المشاركة والنتائج التي قد تمثل ضربة قاسية للحركة في حين أتت محبطة ومخيبة للآمال ،لاسيما أن تدخلاتها في اختيار الشخصيات والقوائم قد أفرزت حالة من الصراع في بعض المناطق نبذا لمنطق المصالح الخاصة والفئوية والتسييس و لتراجع عن المأسسة التي تعيد للأذهان طغيان النفوذ والمصالح والفئوية على حساب المصلحة الوطنية وضرب لجوهر العملية الديمقراطي والذي ألقى بظلاله على محاولات الحركة إجراء تحالفات مع القوى والشخصيات المستقلة من أجل الخروج من مأزق عدم حصولها على نسبة معتبرة تعزز فرص تمثيلها للشعب الفلسطيني والتي جوبهت بالرفض لاعتبارات التعددية و والمنافسة والابتعاد عن الفئوية التي تحرم الشعب من الاختيار.

على الرغم من أن الانتخابات البلدية محلية لا تفرض تنافس سياسي فقد جرى مقاطعتها من بعض الفصائل لاعتبارات سياسية ،وان كان واقع الحريات في الضفة يعيق مشاركة هذه القوى وغيرها من القوى الأخرى المعارضة التي اتخذت قرار المشاركة ،إلا أن حركة فتح تتحمل جانب من المسئولية في رفضها التحاور مع هذه القوى من أجل المشاركة في واقع يتيح مساحة من الحرية بوقف الاعتقالات والتعدي على الحريات كمقدمة لانتخابات نزيهة وحرة توفر فرص متكافئة لجميع الأطراف من جهة ومن جهة أخرى تجاوزت حالة الانقسام السياسي على اعتبار الطبيعة المحلية للانتخابات رغم أن ترتيب البيت لداخلي وإنهاء الانقسام يمثل أولوية ملحة للشروع بالانتخابات حتى ولو كانت محلية ،على الرغم من أن حركة حماس كانت قادرة على البدء بانتخابات محلية متزامنة في غزة التي تواجه أوضاع مشابهة على صعيد القمع وكبح الحريات كمقدمة لإنهاء واقع الانقسام وبذلك تحقق مكاسب عملية سواء بإجراء الانتخابات أو بوقفها على قاعدة تحديد المسؤوليات إلا أن الطرفين في ضوء الانقسام يجدا أن أي مجازفة بهذا الشأن قد تحدث تراجعا عن النسب التي أكسبت كل طرف الشرعية رغم المفارقات بين الانتخابات المحلية والعامة ،إلا أنها قد تعد مؤشر لما هو قادم .

إن موقف الجبهة من المشاركة سواء باعتبار الاستحقاق الديمقراطي الذي يعيد الاعتبار لأي من الشرعيات أو لطبيعة الانتخابات على قاعدة أنها ليست سياسية، ومن خلال الدعوة إلا تعميم التجربة على كافة أرجاء الوطن باعتبارها معركة وطنية يخوضها الشعب الفلسطيني لترسيخ صموده في وجه الاحتلال وخياراته الديمقراطية والاجتماعية والتنموية واحتياجاته الحياتية المباشرة ،رغم تأكيدها على أن القوائم الشاملة والمغلقة والقرارات العليا الجاهزة والمسبقة، لا يمكن أن توفر الحاجة الملحة لأوسع مبادرة ومشاركة شعبية في هذه الانتخابات ولانخراط الغالبية الساحقة من الناخبين في هذه العملية الديمقراطية والمعركة الوطنية الشاملةودعوتها للجميع في هذا الوطن للقاء على أساس من الإخوة الوطنية والمساواة والتنافس في خدمة الوطن والمواطن، وترسيخ قيم الديمقراطية والفصل بين سلطاتها ، والتداول السلمي للسلطة والمسؤولية في إطار من الوحدة والاستقامة والنزاهة والشفافية والتنمية والتحديث، الأمر الذي يعزز الوحدة الوطنية على الأرض ومن احترام والتفاف أشقاء وأصدقاء شعبنا حول حقوقنا الوطنية في الحرية والاستقلال وصمود وتعاطف الرأي العام الإقليمي ،إن موقف الجبهة بحاجة على مراجعة في ضوء إعلان التأجيل ، إلا أن نجاح التجربة في ضوء الانقسام لا يعزز فرص المصالحة على الرغم من القناعة بأن قضية المصالحة غير مرتبطة بالانتخابات ، ومن عدم وجود نوايا حقيقية عند طرفي الانقسام لإنهائها رغم مخاطرها على المشروع الوطني والقضية ،كما أن تراجع جوهر الديمقراطية لصالح الاعتبارات السياسية بحاجة إلى مراجعة إذ أ ن الهدف من الديمقراطية كنظام ليس الانتخاب فحسب وإنما عملية بناء شاملة تشكل رافعة للمجتمع واقتصاده وسياساته لتوفر مقومات الصمود والمجابهة للاحتلال.

لقد كان قرار التراجع عن إجراء الانتخابات إي كانت أسبابه المعلن أم السري منها ،سواء كان استجابة لضغوط عربية ودولية ،أو لتحقيق المصالحة أو سوء تقدير للتوقعات التي قد تفرزها صناديق الاقتراع والتي قد تتلقى فتح خلالها ضربة قاسية ليؤكد على حالة التخبط التي تعيشها فلا يعقل أن تكتشف فجأة أنها تعيق المصالحة دون دراسة مسبقة قبل الإعلان عن القرار كما لا يمكن تبرير التراجع في ضوء الإعلان عن الخيار الديمقراطي والضرورة الملحة لإجراء الانتخابات ،إن القوى الوطنية ،بحاجة إلى مراجعة عميقة للحالة التي تعيشها من أجل إعادة الاعتبار لها في الساحة الفلسطينية وليس أدل على ضرورة المراجعة لحالة الضعف والوهن التي بدت عليه في استقطاب الجماهير من حيث عدم جاهزيتها وتخبطها وغلبة النخبوية والمصالح الفئوية في مقابل تقدمها بشأن المأسسة وإعادة البناء والتجديد والإصلاح بحيث تصبح فعلا قوى جماهيرية تعبئ وتقود الجماهير وتوجههم باتجاه المشروع الوطني بفعل حقيقي يبدأ بالمصالحة أولا وقبل كل شئ لأنها المقدمة لنيل ثقة الجماهير على قاعدة الشراكة والبرنامج الوطني وبدون ذلك فإنها ستواجه مشاكل حقيقية بشأن أحقية تمثيلها للشعب الفلسطيني وقيادتها لمنظمة التحرير .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. من ساحة الحرب إلى حلبة السباقات..مواجهة روسية أوكرانية مرتقب


.. محمود ماهر يطالب جلال عمارة بالقيام بمقلب بوالدته ????




.. ملاحقات قضائية وضغوط وتهديدات.. هل الصحافيون أحرار في عملهم؟


.. الانتخابات الأوروبية: نقص المعلومات بشأنها يفاقم من قلة وعي




.. كيف ولدت المدرسة الإنطباعية وكيف غيرت مسار تاريخ الفن ؟ • فر