الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الحج لايمكن أن يتم بالمراسلة

نوري بريمو

2004 / 8 / 12
اخر الاخبار, المقالات والبيانات


لمَّا كان الحج لا يمكن أن يتم بالمراسلة ...، بـل ينبغي أن يسعى المؤمن بشكل شخصي الى زيارة الديار المقدَّسة و أن يطوف برجليه في رحـابها بنِيَّة صافية ، وذلك ليتم قبول حجَّه ويصبح حاجاً حقيقياً.
وبما أنّ الأحكام القضائية لا يجوز أن يتم إطلاقها غيابيـاً ... ، حيث لا يجوز لأيَّة محكمة أن تطلق أي حكم على أي شخص إلا إذا ما وُجِّهَت إليه التهم بشكل وجاهي وبحضور محاميه وأهله ، وذلك ليكون ذلك الحكم عادلاً .
وبما أنّ التجربة التاريخية للشعوب قد أثبتت أنَّ كـل القضايـا العالقـة لا يمكن حلّها إلا باللقاء بين الفريقين المختلفين سواءً أتم ذلك بمفردهما أو بحضور طرف ثالث وسواءً أكان ذلك اللقاء بأساليب العنف والحرب أو بالحوار والسلم .
ولمَّا كان.... وبما أنّ.... فإنّ من حق قيادة الحركة الوطنية الديموقراطية الكوردية التي تقود نضالات أبناء شعبنا الكوردي في سوريا ، أن تُطالب الطرف الآخر سواءً أكانت السلطة أو خارجها ، بأن تلتقي معها وتطرح قضيتها على بساط البحث لتتم مناقشتها بشكل وجاهي مباشر ، وبغطاء سياسي منصف ومشروع .
وإن أيَّ تهرّب من تحقيق هذا المطلب المحق من قبل الطرف الآخر والإصرار على اتباع الأساليب الفوقية والاقصائية يعتبر خرقاً صارخاً لكل القوانين والأعراف والشرائع وللبديهيات التي أوردتُها في بداية مقالتي هذه ، حيث لا حج بدون زيارة الديار المقدّسة ... ولاعدل بدون محاكمة وجاهية ... ولا حل لأية مشك لة بدون الحوار السلمي المباشر بين الطرفين المتنازعين .
من هذا المنطلق ملّح ومن منطلقات أخرى كثيرة وأكثر إلحاحا ،تبقى السلطة هي المسؤولة عن تعقيد المسألة الكوردية في سوريا ، ليس هذا فحسب بل تأزيمها ودفعها نحو بعض المشاهد والمنعطفات السلبية التي نحن بغنىً تام عنها ، وإنّ أحداث القامشلي الدامية هي خير دليل على ما نقول .
فالتشخيص والقراءة الخاطئة لأية مشكلة كانت ، تدفعك لانتهاج ممارسات ومعالجات خاطئة وبالتالي تنجم عنها بالتأكيد نتائج خاطئة ومربكة ، إذ بدلاً من أن تُلبي السلطة رغبة الكورد ، من خلال الإلتقاء بالقيادات السياسية الكوردية ، أهملت من جانبها ، تلك الإرادة الخيّرة أو بالأحرى تحاشت فتح ذلك الملف الذي حسب تقديراتها سيبقى (مغلقاً ) ، وإقتصرت طيلة العقود التي تلت الإستقلال وحتى الآن في تعاملها مع هذه المسألة الحساسة باعتماد الأسلوب الأمني ، فحدث ما حدث من نتائج مؤلمة وتداعيات مؤسفة ، حيث تفجّر احتقان المجتمع الكوردي لمجرّد تحرّش بعض الأوساط الحاقدة ، بمشاعر جماهير القامشلي ومن بعدها باقي المناطق الكوردية الأخرى .
والخطيئة ذاتها تكرّرت للمرّة الثانية ...!؟، إذ بدلاً من أن تُترجم السُّلطة بشكل عملي وإيجابي ، حديث السيد الرئيس بشار الأسد حول القومية الكوردية التي هي جزء أساسي من النسيج الوطني والتاريخ السوري ، أقدمت على إبلاغ قيادات الأحزاب الكوردية قرارها بوجوب إيقاف نشاطها الحزبي والسياسي ، مما قد يؤدي الى نتائج لا تخدم لا الصالح الكوردي الخاص ولا السوري العام .
فالقيادات الكوردية اجتمعت في حينه وعلى أثر ذلك التبليغ مباشرة في إطار مجموع أحزابها ، وبعد تداول موضوع الحظر بجدِّية ومسؤولية ، أعلنت قرارها بالإجماع بأنَّها لن تحلّ نفسها بل على العكس من ذلك ستواصل نضالها السياسي الذي هو حقّ مشروع كالمعتاد وبالأساليب الممكنة والمتاحة بعيداً عن مختلف مظاهر التحدّي وردود الأفعال ومختلف أشكال العنف والعنف المضاد .
وبناءً عليه وبالاستفادة من مقولة : ليس من العيب الوقوع في الأخطاء لكنّ العيب الفادح يكمن في عدم المقدرة على تصحيحها وعدم درء ارتكابها مرّة أخرى...!؟، يتطلّب من القيادة السياسية السورية التنبّه الى اشكالية تكرار إهمال معالجة الملف الكوردي السوري الواجب حلّه بشكل موضوعي ومنصف ، وهذا ما لا يمكن أنْ يتم إلاّ من خلال :
1ـ عقد لقاءات مباشرة بين القيادة السياسية في البلد من جهة و ممثليّة الشعب الكوردي التي تتجسّد الآن في قيادة مجموع حركته السياسية في سوريا من جهة أخرى .
2ـ الإفراج الفوري عن كافة السجناء الكورد الذين تم اعتقالهم على خلفية الأحداث الأخيرة ، أو على خلفية مجرّد انتمائهم الى القومية الكوردية .
3ـ حلّ مشكلة الإحصاء الاستثنائي الذي تم بموجبه تجريد أكثر من مائة وخمسين ألف إنسان كوردي من الجنسية السوية منذ عام 1962،وحل موضوع الحزام العربي وغيره من الإجراءات الاستثنائية الأخرى .
4ـ الانفتاح الإيجابي على الشارعين السياسي والشعبي الكوردي ،عبر فتح صفحة جديدة من العلاقات من خلال إلغاء كافة مظاهر التمييز والنعرات الحاقدة المتبعة بحقه منذ عقود .
5ـ العمل من أجل زرع بذور الثقة بين الكود والعرب ، ليلتئم الجرح الذي انفتح في الجسد الكوردي على أثر وبعيد أحداث آذار الدموية التي تعرّض لها أبناء شعبنا دون أي وجه حق .
ولكن يبدو أنّ مثل هذه الخطوات لا يمكن الإقدام عليها إلاّ من خلال اتخاذ قرار سياسي حاسم قادر على نزع تلك الأسلاك الشائكة ـ المانعة ـ المزروعة في هذا الطريق الذي لا مفرّ من سلوكه ، وذلك كحل لا بديل عنه للمسألة الكوردية في الحالة السورية الراهنة ، ومنعاً من حصول أية تداعيات سلبية نحن بغنىً تام عنها .
فسوريا اليوم ... هي بحاجة ماسة الى الاعتراف بالآخر والتعايش الديموقراطي بين مختلف مكوناتها وأطيافها ، بعيداً عن كل مظاهر التمييز والتفرقة ، ومعاً على طريق خلق مناخ ديموقراطي رحب ، لننعم بالعيش في ظلال فضائه بحرية وأمن وسلام واستقرار .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ
*- عضو اللجنة السياسية لحزب الوحدة الديموقراطي الكردي في سوريا (يكيتي)








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. وثائقي -آشلي آند ماديسون-: ماذا حدث بعد قرصنة موقع المواعدة


.. كاليدونيا الجديدة: السلطات الفرنسية تبدأ -عملية كبيرة- للسيط




.. المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي دانييل هاغاري يعلن مقتل جنديين


.. مقطع مؤثر لأب يتحدث مع طفله الذي استشهد بقصف مدفعي على مخيم




.. واصف عريقات: الجندي الإسرائيلي لا يقاتل بل يستخدم المدفعيات