الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


سباق مغاربي مقلق: التسلح يتقدم والتنمية الى الخلف

بشير زعبيه

2010 / 6 / 14
مواضيع وابحاث سياسية


ثمة توجه مقلق خفي أحيانا ومعلنا حينا آخر نحو الانفاق على السلاح في منطقة المغرب العربي فيما يمكن أن يقترب توصيفا من مصطلح (سباق التسلح).. وهو ما استنتجته منظمة الأمم المتحدة في سياق توقفها أمام هذا التوجه حين دعت قبل سنة تقريبا بلدان المغرب العربي الى وقف ما اعتبرته نشرا للأسلحة التقليدية في المنطقة على خلفية التقرير السنوي الذي كان أصدره معهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام وجاء فيه أن أربعة من البلدان المغاربية – عدا موريتانيا – اقتربت من احتلال المرتبة العشرين في سلم ترتيب الدول الأكثر انفاقا على التسلح واستأثرت بثلث تجارة السلاح في القارة الأفريقية ، ما دعا عديد المتتبعين لشؤون المنطقة الى الانشغال ازاء هذا المؤشر المقلق ، وانعكس ذلك في تقارير وأراء مفصلة سبق أن تعاطت مع هذا الشأن .
ولعل أكثر ما يقلق هنا هو أن هذا التهافت على التسلح لا يندرج ضمن أجندة جماعية منبثقة عن اتفاقيات للتعاون والتكامل بين دول يجمعها كيان مفترض واحد هو اتحاد المغرب العربي ، وانما هو توجه فردي خاضع لحسابات خاصة لكل دولة ، ولعل أيضا من أعاجيب السياسة العربية هو أن يتراجع عنصر الاطمئنان الذي يفترض أن يسود بين الجيران حين ينجزوا تجمعا أو تكتلا أو كيانا ما يجمعهم ليحل محله عنصر القلق وهاجس الخوف من الجار الى درجة الاحتماء بامكانيات القوة استجابة لهذا الهاجس ، فيصبح الانفاق على التسلح الذي يكرس التراجع نحو الذات والتمترس وراءها أهم من الانفاق على التنمية بما تحمله من امكانيات العمل الجماعي المشترك ومردوداته الايجابية على الحياة المعيشية لشعوب المنطقة جميعها وهو ما تم تسويقه في المنطقة تحت شعار (مغرب عربي بدون حدود) ساعة الاعلان عن ولادة اتحاد المغرب العربي قبل عشرين سنة .. ما يقلق أيضا أن هذا التسابق على التسلح يجيء في وقت يبدو فيه مناخ المنطقة غير معافى و يقترب من درجة الافراط في دول لا تتوفر بينها وعلى حدودها شروط الصحة السياسية – يمكن أن نستحضر هنا حالة الجزائر والمغرب من زاوية الخلاف المستحكم حول قضية الصحراء الغربية – فقد خصصت الجزائر مؤخرا مليارات الدولارات من أجل تجهيز وتحديث ترسانتها العسكرية ، ورغم أن شراسة المعركة التي تخوضها البلاد منذ سنوات ضد الارهاب المسلح يراها البعض مبررا لهذه السياسة ، الا أن حسابات الاحتمال تراها جارتها المغرب مبررة لمواجهة هذه السياسة بسياسة مماثلة ، وفي سياق هذه المتتالية لن تكتفي الجارتان الأخريان ليبيا وتونس وفق مبدأ الضرورة بموقف المراقب لمثل هذا المعطى الحساس على حدودها لتتسع بالتالي حلبة السباق
.. ومع ذلك يظل السؤال : لماذا يحدث هذا ؟ مكتسبا شرعيته ، بل ويمكن طرحه في صيغة استنكارية : أي هاجس يدفع دولة واحدة من دول المغرب العربي الى تخصيص أكثر من ستة مليارات في ميزانيتها هذا العام للانفاق العسكري ؟ وعلى حساب من وماذا ستصرف هذه المليارات وأزيد في منطقة يرتفع مؤشر البطالة في بعض بلدانها الى نسبة 13% ؟
وتصل نسبة الأمية في بلد آخر الى الـ 60% ! أمام حقيقة جمود وتراجع معدلات التنمية وتخلخل الأمن الغذائي وانتفائه أحيانا , وما يصيب بلدان المنطقة جميعها من تداعيات أزمات العالم الاقتصادية اذ تتمدد خرائط الفقر في مجتمعاتها مولدة مشاعر اليأس الجمعي أمام حاضر متأزم ومستقبل غامض جعلها في كثير من المناسبات على أبواب ثورة جوع ، عند ذلك سيتعاظم القلق ويزداد التساؤل عن الوجهة الأخيرة لهدف هذا التهافت على التسلح الذي تشهده المنطقة .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فلسطينيون يرحبون بخطة السداسية العربية لإقامة الدولة الفلسطي


.. الخارجية الأميركية: الرياض مستعدة للتطبيع إذا وافقت إسرائيل




.. بعد توقف قلبه.. فريق طبي ينقذ حياة مصاب في العراق


.. الاتحاد الأوروبي.. مليار يورو لدعم لبنان | #غرفة_الأخبار




.. هل تقف أوروبا أمام حقبة جديدة في العلاقات مع الصين؟