الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ظلال الزعيم -عبد الكريم- في المشهد العراقي

كمال يلدو

2010 / 6 / 15
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


لا يختلف اثنان من ان زلزال 2003 قد فتح الابواب مشرعة على العديد من الملفات والقضايا التي كانت الانظمة السابقة قد اطبقت عليها وحولتها الى " محرمات" ، ومنها تحليلات وقصص تروى عن ثورة 14 تموز وشخصياتها ورمـزها المركزي الشهيد " عبد الكريم قاســم" .
وشــهدت الفترة الماضية كتابات كثيرة ونشـــرت صـور فريدة وقصص تكاد أن تكـون ضربا من الخيال في زماننا الحاضر عن شــخصية الزعيم ، فيما خصص البعض جزءا من كتاباتهم لتقييم الثورة وقياداتها وسياساتها التي لست بصددها اليوم ، لكن ما يهمني هو شخصية قاسم بالذات .
وأن اختلف النقاد في تقييم الثورة ، فأن احـدا لا يختلف ربما حول المزايا الانسانية للزعيم عبد الكريم وتواضـعه واخلاصـه لقضية العراق والشعب وخاصة الكادحين والمحرومين منهم ، كما جاء في خطابه الاول او في خطابه الاخير بســاعات قبيل اغتياله. فقد كان يؤكد انه "ابن الفقراء " وأنـه لايحارب الاغنياء بل " سيرفع من مستوى الكادحين المعيشـــي". ان صـفات الزهـد ، والبســاطة، والصدق والاخـلاص التي لازمت شــخصيته قبل الثورة وأثناءها قـد منحتــه ميزة لم ينلها اي من الحكام في العراق في طول تأريخـه السياسي المعاصـر ، واصبحت الميزان الذي يكيل بـه المواطن مصداقية الحاكم وجديتـه ، وصــارت هذه المقارنات تطرح اكثر في الصحافة ووســـائل الاعلام خاصة من قبل الجيل الذي عايش الثورة وزعيمها .
فالشهيد قاسم عاش بعد الثورة في دار مؤجرة كانت تابعة لدائرة الاوقاف ، وكان له حارسان اثنان فقط امام بيته، وسيارتـه لم تكن مصفحة حتى يوم محاولة اغتياله اللئيمة ،اما راتبه الشهري فقد كان على اساس انه وزيرا للدفاع ، ولم يتقاضى راتبا لكونه رئيس الوزراء او القائد العام للقوات المسلحة، وقيل ايضا انه كا قد استلف قرضا بمبلغ 750 دينار قد بقى بذمته ، ولما استشهد كان لايملك سـوى 750 فلسا او دينار وربع على اكثر تقدير .
ترى الا يحق للعراقيين ان يقارنوا بين شـــخصية الزعيم والحكام الجدد؟

اليس من حقهم والحال يـتدهـور يوما بعد يوم ، والازمات تشتد ، من الكهرباء الى الماء الى شبكات الصرف الصحي الى البطالة والفساد الاداري وسـرقة المال العام ، الى المحسوبية والمنسوبية التي فاضت رائحتها الكريهة في كل زوايا الحياة العراقية ، ناهيك عن الارهاب والميليشيات والامان ، بينما سياسيونا البواسل مازالوا مختلفيـن في تفســير ( القائمة الاكبر والقائمة الاصغر) ، ويعـدون العـدة ويعقدون الاجتماع تلو الاجتماع لاقتســام الكعكعة ، وتوزيع المناصب والوزارات ، وحال الناس ترويه السنتهم عبر بعض القنوات التلفزيونية غير المنحازة .

ان مأثرة اخلاق الزعيم الشهيد عبد الكريم قاسم الســامية تلقي بظلالها قوية في المشهد السياسي المرتبك والمعقد ، فالمواطن يــريد ان يصل الى بـر الامان ، فيـما السياسيون يجعلون هذه المهمة مستحيلة ، ونـداء المواطن يصـل للسماء مؤكدا لهم بأن تجربة العراق فيها الكثير من الدروس فلماذا لا يتعلمون ؟ على ان هذا بالضبط ما يجنح اليـــه العديد من الساســة في دول العالم المختلفة ، حينما يتخذون من ابطالهم القوميين او الوطنيين ، او قادتهم التأريخيين نماذج يحاولون التقرب منها في الاداء والعطاء ، الا في عراقنا الجديد الذي يأبى فيه سياسيونا من هذه المقارنة ، تارة لجهلهم بالثورة وأبطالها ، او كراهية بها ، او حتى عمـدا ، وهـذا ما يفســر سياسـة التعتيم والتغييب لتجربة الزعيم قاســم رغم قصـر مدتها. بينما الحقيقة تثبت يوما بعد يوم بأن اغلبية السياسيين لم يأتوا لخدمة هذا الشـــعب اصـلا ، بل ان رياح الصدفة قد قذفتهم والامواج ليجدوا أنفســهم بين ليلة وضحاها متربعين الكراسي الوفيرة ويحصـدون الرواتب العالية والامتيازات وينعمون بالحمايات الكبيرة !
وبكل يقين اقول ان احدا من الساسة الجدد لم ولن يجروء يوما على تقريب صورته من نزاهة وطيبة واخلاص قاســـم، لأنهم ببساطة قـد انغمروا في حزبيتهم الضيقة ، او مصالحهم الشخصية ، بعيدا كل البعد عن الشعارات والخطب الرنانة الطنانة التي كانوا يطلقونها ايام المعارضة او عشية الانتخابات ، ولهذا فأن المواطن العراقي حينما يســتخدم " الزعيم قاسم" كأداة للمقارنة ، انما يريد بــها رجــم السياسي أو حتى ( ســــبّه) لانه عرف حق المعرفة اي نوع من البشر صار يتصـدر المشهد السياسي العراقي .

ان السمات الشخصية الانسانية الفريدة التي جمعها " الزعيم" ، لم تكن طارئـة ولا مستوردة من الخارج! بل خرجت من رحـم الاصـالة العراقية المشـــهود لها بالنبل والاخلاص لقضية المواطن العراقي ، هـذا الذي عانـى وضــحى وكابد الجوع والحرمان والحروب والحصار والارهاب ، وذهب لصناديق الانتخابات من اجل غـد جديد ، لا من اجل زيادة معاناته على يد من ائتمن لهم صــوته .
ان الســيماء الشــخصية للزعيم الراحل عبد الكريم قابلة لأن تتكرر مرات ومرات في السياسيين والقادة في وقتنا الراهن، ذلك لأن العراق وطن معطاء وملئ بالمخلصين والشرفاء اللذين ينتظرون حســـن اختيار الناخب لهــم حينما يضــع بصمته امام اســمائهم ، وحتى اللذين فازوا اليوم ، فالوقت لم يفتهـم بعـد في ان يبرهنوا انهم يحترمون هذا الشعب الذي اختارهم ، وعليهـم ان يفـوا بألتزاماتهم ، على الاقل كما وعـدوا ! حتـى يحوزوا على مكانـة مرموقة في وجدانـه ، وأن تكتب اسمائهم ناصعة في صـدر تأريخـه السياسي المعاصر.

فهـل من عـارف لهـذا الدرس ؟

حزيران 2010
الولايات المتحدة








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - عرب وين ...
محمد علي محيي الدين ( 2010 / 6 / 15 - 18:01 )
الأخ الكريم
لا وجه للمقارنة بين زعيم وطني أثبت نزاهته وأخلاصه وأبتعاده عن الدنايا وعملاء للمحتل جائوا لنهب وسرقة المال العراقي أن معظم هؤلاء أبناء وأحفاد للقوى التي حاربت الثورة وناصبت الزعيم العداء والتاريخ اليوم أثبت أنه أفضل منهم وأكثر سموا ونبلا فكيف كان الأباء وهؤلاء الأبناء
للأسف الشعب العراقي يتناسى الماضي ويعيش في الحاضر ويتعامل بالعاطفة دون العقل فيكون حاله كما هو عليه الآن يلهث خلف سارقي قوته ويمنحهم السلطة على طبق من ذهب.
لقد برمنا بأفكارنا القديمة عن عظمة الشعب ولنا أن نتسائل هل أن شعبنا العراقي يستحق ما كنا نردده الشعب العظيم


2 - متى ياتي اليوم الذي ينصف فيه الزعيم الخالد
قارئ ( 2010 / 6 / 16 - 09:52 )
بعد انهيار الاتحاد السوفيتي ازيلت كل معالم الدولة السوفيتيه وضاع جيل لايعرف شيئا عن قادته العضام وخاصة في عهد يلسين وها اليوم فلاديمير بوتين يظهر الحقيقة للعالم والشعب الروسي منجزات ستالين التي شوهت ولم تزل تشوه لنصبر قليلا على انصاف الزعيم لان اعدائه لازالو احياء وعلى راءس الدولة العراقيه حاليا وهو جلال الطالباني الذي احتمى عند عبدالناصر لمعاداة الزعيم اذا لانرجو خيرا من هؤلاء من انصافه وهم يرتعبون من ذكر اسمه وهم يقلدون صدام في سلوكهم كلما كثرت الحمايات وقطع الشوارع كلما اهابني الشعب واحترمني ويا لها من معادلة خاسرة فالشعب الاعزل دافع عن الزعيم ثلاثة ايام متواصلة امام العسكر بدباباته

اخر الافلام

.. خبراء عسكريون أميركيون: ضغوط واشنطن ضد هجوم إسرائيلي واسع بر


.. غزة رمز العزة.. وقفات ليلية تضامنا مع غزة في فاس بالمغرب




.. مسيرة إسرائيلية تستهدف سيارة مدنية شمال غرب مدينة رفح جنوب ق


.. مدير مكتب الجزيرة في فلسطين يرصد تطورات المعارك في قطاع غزة




.. بايدن يصف ترمب بـ -الخاسر-