الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أمن الدولة وأمن المواطن

حسين علي الحمداني

2010 / 6 / 15
مواضيع وابحاث سياسية


دائما ما نسمع عن أهمية توفير الأمن للمواطن ويعتقد البعض بأن مفهوم الأمن للمواطن ينحصر في حمايته من الجرائم الإرهابية والمشابهة لها , خاصة ان مفهوم الأمن في الفكر السياسي والثقافي للمنطقة يقتصر على أمن الدولة فقط دون أن يفكر بأمن الإنسان وقد برز مفهوم الأمن الإنساني في النصف الثاني من عقد التسعينيات من القرن العشرين كنتاج لمجموعة التحولات التي شهدتها فترة ما بعد الحرب الباردة فيما يتعلق بطبيعة مفهوم الأمن ونطاق دراساته. إذ أثبتت خبرة الحرب الباردة أن المنظور السائد للأمن -وهو المنظور الواقعي- لم يعد كافيًا للتعامل مع طبيعة القضايا الأمنية والحاجة لتوسيع منظوره ليعكس طبيعة مصادر التهديد. وكان مفهوم الأمن لدى أنصار الاتجاه الواقعي في العلاقات الدولية يقتصر على حدود أمن الدولة القومية باعتبارها الفاعل الرئيس في العلاقات الدولية، وذلك ضد أي تهديد عسكري خارجي يهددها، أو يهدد تكاملها الإقليمي، أو سيادتها، أو استقرار نظامها السياسي، أو يمس إحدى مصالحها القومية. وفي سبيل حماية تلك المصالح فإن استخدام القوة العسكرية يُعد أداة أساسية لتحقيق الأمن، وتتحول العلاقة بالآخرين لمباراة لا بد فيها من مهزوم ومنتصر، إي أنه يحدد هوية العدو والجهة القادم منها وهذا ما استنزف موارد كبيرة في سبيل التسليح لمواجهة العدو المحتمل والمتوقع. ولكننا نجد ومع بداية الألفية الثالثة بأن الدول أصبحت الآن تواجه بأنماط عدة من مصادر التهديد، والتي ليست بالضرورة مصادر عسكرية، ومنها تجارة المخدرات عبر الحدود، والجريمة المنظمة المدعومة من دول أخرى ، وانتشار الإرهاب الدولي كبديل للحروب بين الدول المتجاورة ، وانتشار الأمراض والأوبئة كالإيدز وأنواع الأنفلونزا ، وانتشار الفقر الذي وصلت معدلاته في العالم نسبا مخيفة ، والتلوث البيئي وحروب المياه التي قد تنشب في أية لحظة, والأزمات الاقتصادية وتداعياتها وعجز المنظور التقليدي للأمن عن التعامل مع تلك القضايا خاصة إن التهديد في معظم الأحيان غير مرئي أو واضح. كما أن القوة العسكرية لا تصلح كأداة لمواجهة تلك الأنماط من مصادر التهديد الذي قد تفوق آثاره المدمرة آثار التهديد العسكري المباشر، فتشير الإحصاءات إلى أنه خلال العقد الماضي تم إنفاق 240 بليون دولار على علاج الإيدز في العالم، وهناك 24 شخصًا يموتون جوعًا كل دقيقة. والأخطر من ذلك أنه لا يمكن لأية دولة أن تغلق حدودها أو أن تستخدم القوة العسكرية للحيلولة دون انتشارها. والخلل الاقتصادي والسياسي في أي مجتمع لم يعد يقتصر على المواطنين فقط بل تمتد تلك الآثار لخارج الحدود في صورة تلوث، وأمراض وأوبئة وإرهاب ولاجئين في حالات الحروب أما في الحالات الاقتصادية فان الخطر قد يشمل العالم بأسره كما حصل في الأزمة المالية العالمية ويحصل الآن في أوربا جراء الأزمة الاقتصادية في اليونان . ومن ثم يتطلب التعامل معها تعاونًا على المستوى العالمي وبأدوات مختلفة.
وليس بمقدور دولة واحدة السعي لتحقيق أمنها منفردة، فلم تمنع القوة النووية التي كان يملكها الاتحاد السوفيتي والتي كانت تكفي لتدمير العالم عشرات المرات من تهاويه ولا استطاعت أمريكا برصيدها المالي العالي جدا من تدارك الازمات الاقتصادية . وعلى جانب آخر حدث تحول في طبيعة الصراعات ذاتها إذ أصبحت معظم الصراعات داخلية بين الجماعات والأفراد وليست بين الدول، فتشير الإحصاءات إلى أنه من بين 61 صراعًا شهدها عقد التسعينيات من القرن العشرين وبداية الالفية الثالثة كان 58 منها صراعًا داخليًا -أي بنسبة 95 % تقريبًا- و90 % من ضحايا تلك الصراعات من المدنيين وليسوا عسكريين ومعظمهم من النساء والأطفال. فالصراعات أصبحت بين جماعات وليست بين الدول والضحايا فيها من المدنيين. ومصادر التهديد الأساسية للدول لم تعد مصادر خارجية فحسب، بل أصبحت من داخل حدود الدولة ذاتها، لهذا نجد بأن هنالك ثمة تحديات كبيرة تواجه أمن الإنسان – كفرد – في العالم وقد لخص تقرير برنامج الأمم المتحدة الإنمائي بعنوان “عولمة ذات وجه إنساني أهم هذه المخاطر وفي مقدمتها عدم الاستقرار المالي للدول وانعكاساته على الفرد وأيضا غياب الأمان الوظيفي وعدم استقرار الدخل بل وفقدان الوظائف كما حدث في الأزمة المالية العالمية من تسريح للعمال والموظفين وكذلك غياب الأمان الصحي فسهولة الانتقال وحرية الحركة ارتبطت بسهولة انتقال وانتشار الأمراض كالإيدز فيشير التقرير إلى أنه بلغ عدد المصابين بالإيدز في مختلف أنحاء العالم حوالي 33 مليون فرد، منهم 6 ملايين فرد انتقلت إليهم العدوى . وفي جانب مهم يؤكد التقرير على غياب الأمان الثقافي إذ تقوم عملية العولمة على امتزاج الثقافات وانتقال الأفكار والمعرفة عبر وسائل الإعلام والأقمار الصناعية. وقد أكد التقرير على أن انتقال المعرفة وامتزاج الثقافات يتم بطريقة غير متكافئة، تقوم على انتقال المعرفة والأفكار من الدول الغنية إلى الدول الفقيرة. وفي أحيان كثيرة تفرض الأفكار والثقافات الوافدة تهديدًا على القيم الثقافية المحلية من جهة ومن جهة ثانية استغلال التكنولوجيا المتطورة في بث الفكر الإرهابي المتطرف وشيوعه في مختلف أرجاء العالم. ولعلنا في العراق نحتاج إلى الكثير من المعالجات في هذا الميدان بغية حماية الإنسان وتوفير الأمن له من خلال تحسين الوضع الاقتصادي والصحي من جهة ومن جهة ثانية اعتبار أمن المواطن من أمن الدولة , يضاف إلى ذلك عقد اتفاقيات واسعة مع دول الجوار والمحيط الإقليمي يتم من خلالها معالجة الكثير من المشاكل التي لا زالت تشكل تهديدا قويا لأمن المواطن وبالتالي أمن الدولة وفي مقدمتها ضبط الحدود ومنع تهريب الأسلحة والمخدرات وإيواء المجرمين المطلوبين .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. -السيد- حسن نصر الله.. رجل عاش في الخفاء وحوّل حزب الله إلى


.. عاجل | حزب الله يؤكد مقتل حسن نصر الله في الضربات الإسرائيلي




.. عاجل | الجيش الإسرائيلي: نحن في حالة تأهب قصوى وهذا ما سنفعل


.. القبة الحديدية تعترض صواريخ في سماء رام الله أطلقت من جنوب ل




.. ‏عاجل | حزب الله: استشهاد حسن نصر الله