الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ثمار الديمقراطية

أحمد سوكارنو عبد الحافظ

2010 / 6 / 16
مواضيع وابحاث سياسية



يتلخص مفهوم الديمقراطية فى أن السلطة الأولى والأخيرة للشعب. لا شك أن هنالك علامات توضح وجود أو عدم وجود الديمقراطية فى بلد ما حيث تأتى حرية التعبير على قمة هذه العلامات. وكذلك تعتبر حرية اختيار أعضاء السلطة التشريعية والسلطة التنفيذية من العلامات المهمة فى أى نظام ديمقراطى. وبالإضافة إلى هاتين العلامتين فإن هنالك معايير أخرى تضعها الجهات المتخصصة لقياس معدل الديمقراطية فى بلدان العالم لكننا اليوم نود أن نشير إلى علامة أخرى، علامة تتعلق بكيفية التعاطى مع البسطاء والضعفاء من المواطنين. لعل رصد هذه العلامة يتحقق إذا استطعنا الإجابة على السؤال التالى: هل التقدير والاحترام وكافة حقوق المواطنة مقصور على الأغنياء وأصحاب النفوذ فقط أم للبسطاء نصيب فى ذلك؟

كلنا يعرف أن مواطنى الدول الديمقراطية العريقة يتمتعون بحرية التعبير ويمارسون الانتخابات الحرة. فمواطنو هذه الدول يعبرون عن آرائهم فى وسائل الإعلام المقروءة والمرئية بكل حرية وينتقدون أصحاب السلطة والنفوذ بكل قسوة ومن دون خشية التنكيل والاضطهاد ويحصلون على التقدير والاحترام المستحق من قبل حكوماتهم وهذا مرده إلى أن المواطنين هم المنوط بهم اختيار أصحاب هذه السلطات من خلال الاقتراع الحر المباشر ويدرك المسئولون ذلك جيدا فيسعون لترضية المواطنين الذين جاءوا بهم إلى السلطة. ويتضح هذا الأمر من خلال موقفين شهدتهما الساحة البريطانية والأمريكية وتناولتهما وسائل الإعلام فى البلدين.

فلنبدأ بالموقف الأول حيث توجه جوردون براون رئيس الوزراء البريطانى يوم 28 ابريل 2010م إلى مدينة روتشديل حيث التقى سيدة تدعى جيليان دفى. وكان قد حدث أن اقتربت السيدة من براون ووجهت له أسئلة تتعلق بقضايا عديدة. وقد أجاب براون عن الأسئلة بصدر رحب وقام بتحيتها ثم استقل سيارته. وما أن دخل براون السيارة حتى بدأ فى التعبير عن غضبه من مساعديه الذين سمحوا لهذه السيدة أن تقترب منه ونعتها بلفظة "المتعصبة". لم يكن براون يدرك أن الميكروفون الخاص براديو سكاى نيوز الذى يتعلق بسترته مازال يعمل. لقد انزعج براون عندما علم بأن المحادثة الخاصة التى أجراها مع أحد مساعديه سمعها ملايين المشاهدين فى بريطانيا وأدرك سريعا أن هذا الموقف من شأنه أن يلحق الضرر بموقف حزبه (العمال) فى الانتخابات القادمة. أما السيدة جيليان دفى فقد عبرت عن استياءها وغضبها. سارع براون بتقديم الاعتذار للسيدة خلال برنامج إذاعى ولم يكتف بذلك بل عاد مسرعا إلى روتشديل حيث زار السيدة فى منزلها وقضى معها 40 دقيقة خرج بعدها ليعلن للصحفيين بأنه تقدم باعتذار شخصى لها وأنها قبلت اعتذاره.

أما الموقف الآخر فقد شهدته الساحة الأمريكية إبان اكتشاف سيارة مفخخة فى ميدان التايمز سكوير فى قلب مانهاتن بنيويورك فى الأول من مايو 2010م. لقد اكتشف بائعان متجولان من المحاربين القدامى اللذين اشتركا فى حرب فيتنام وهما لانس اورتون وديوان جاكسون أن هنالك دخانا يتصاعد من إحدى السيارات المتوقفة فى ميدان التايمز الذى يكتظ بالمارة والسياح ومرتادى المسارح فابلغا رجال الشرطة الذين اكتشفوا وجود عبوات ناسفة فحاصروا الموقع وقاموا باستدعاء خبراء المفرقعات لتفكيك هذه العبوات. وفى الواقع فإن يقظة البائعين وحسن تصرفهما قد ساهم فى الحفاظ على أرواح الكثير من المواطنين. لذلك لم يجد الرئيس أوباما غضاضة فى إجراء مكالمة هاتفية مع أحدهما وهو ديوان جاكسون حيث قدم لهما شكر وتقدير الشعب الأمريكى لشجاعتهما.

من الملاحظ أن أبطال المواقف التى اشرنا إليها فى بريطانيا وأمريكا هم فى الواقع ينتمون إلى الطبقة البسيطة الكادحة التى لا يسمع صوتها فى الكثير من بلدان العالم الثالث. ورغم ذلك فإن هؤلاء البسطاء يلقون الاحترام والتقدير المعنوى ولا يستطيع أن يتجاهلهم أصحاب السلطة والسلطان سواء تطلب الأمر اعتذارا أو شكرا.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. سائقة تفقد السيطرة على شاحنة وتتدلى من جسر بعد اصطدام سيارة


.. خطة إسرائيل بشأن -ممر نتساريم- تكشف عن مشروع لإعادة تشكيل غز




.. واشنطن: بدء تسليم المساعدات الإنسانية انطلاقاً من الرصيف الب


.. مراسل الجزيرة: استشهاد فلسطينيين اثنين بقصف إسرائيلي استهدف




.. وسائل إعلام إسرائيلية تناقش إرهاق وإجهاد الجنود وعودة حماس إ