الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أردوغان في المدّ والجزر أو... عدنان مندريس مستعاداً

محمد سيد رصاص

2010 / 6 / 16
مواضيع وابحاث سياسية


كان صعود حزب السيد رجب طيب أردوغان صاروخياً منذ أن بدأ من نقطة تأسيس في شهر آب2001كانت غير مضمونة النتائج لماخرج من رحم حزب الفضيلة(وريث حزب الرفاه الاسلامي التقليدي بزعامة نجم الدين أرباكان،والمحاصر آنذاك من العسكر والعلمانيين حتى قرار حله في حزيران2001)،وليكون فوزه في انتخابات برلمان3تشرين الثانينوفمبر2002مفاجئاً وغير متوقع.
تجسد هذا الصعود في ثلاثة انتخابات ،اثنتان برلمانية في2002و2007والثالثة بلدية عام2004 حيث لاتختلف الأخيرة من حيث عكسها لاتجاهات الرأي العام عن الانتخابات العامة مادام كل شيء مؤدلج في تركيا منذ أن ربط أتاتورك في العشرينيات بين قضايا الزي(الحجاب- الطربوش-القبعة...إلخ)وكثير من القضايا الاجتماعية – الثقافية مع مسألة العلمانية:كانت أرقام تلك الإنتخابات الثلاث على التوالي(34,4%،42,2%،46,6%) تعكس بوضوح هذا الصعود.لم تحط الأرقام فقط بحجم هذا الصعود وإنما كانت هناك أمكنة أعطته دلالات خاصة مثل أن يفوز (حزب العدالة والتنمية) بنسبة 35,4% من أصوات إزمير في انتخابات2007التي ظلت لثمانية عقود معقلاً للأتاتوركية العلمانية وأيضاً أن يحصل على نسبة42%من أصوات مدن البحر الأسود في تلك الإنتخابات،متجاوزاً حدود الأماكن التقليدية للتدين وللاسلاميين في مدن وريف اقليم الأناضول وفي القسم الآسيوي من استانبول،فيمالامس في المناطق الكردية رقم 30%من الأصوات.
كان هذا مرفوقاً مع قيادة أردوغان للصعود الاقتصادي التركي حتى وصلت تركية إلى الرقم 16من حيث الترتيب العالمي عبر حساب الناتج المحلي الاجمالي(أرقام2008،وفقاً لموسوعة "روزنامة العالم2010"،نيويورك،ص738)والأولى في منطقة الشرق الأوسط الممتدة بين باكستان والمغرب. كذلك كان هذا الصعود متزامناً(أومترابطاً)مع نظرة أميركية جديدة إلى اسلام معتدل"ما"أتت على خلفية ماحصل لبرجي نيويورك في11أيلول2001،ومع تولي أنقرة برعاية أميركية لأدوار محورية في مثلث (الشرق الأوسط- البلقان- القفقاس)الذي تقف تركية في وسطه،وخاصة في الشرق الأوسط حيث كان التعثر الأميركي في العراق وأفغانستان وتداعيات فشل إسرائيل في حرب تموز2006مرفوقاً مع صعود القوة الاقليمية لطهران في المنطقة الممتدة بين كابول والشاطىء الشرقي للبحر المتوسط من دون نسيان صعدة.
في الربع الأول من عام2009،ووسط موجة أصبح فيها نجم أردوغان عالياً جداً في عموم المنطقة وخاصة عند العرب أثناء حرب غزة وماأعقبها بأيام بينه وبين بيريز في مؤتمر دافوس،بدأت في بلاد الأتراك مؤشرات معاكسة:انعكاسات كبيرة للأزمة المالية-الاقتصادية العالمية البادئة في نيويورك بأيلولسبتمبر2008أوصلت الاقتصاد التركي إلى معدلات بطالة بنسبة13%آنذاك مع مؤشرات بداية ركود في النمو الاقتصادي . بداية هبوط أرقام (حزب العدالة والتنمية )في الإنتخابات البلدية يوم29آذارمارس2009 وبنسبة نزول لامست رقم8%عن أرقام2007فيماكل الأحزاب الأخرى في حالة صعود بمافيها العلمانيون الأتاتوركيون في( حزب الشعب )وطورانيو (الحركة القومية) وأكراد عبدالله أوجلان في(حزب المجتمع الديمقراطي)واسلاميو(حزب السعادة)الأصولي الذي حقق أصوات ملفتة بتلك الإنتخابات في مدينتي قونية وملاطية بالأناضول وفي الأحياء الآسيوية من استانبول.
بالترافق مع هذا،شهد عام2009 ثم2010بداية اصطدام أردوغان بالجدار المسدود في ملفات عديدة:انحصاره بين متشددي المؤسسة العسكرية وتصلب حزب العمال الكردستاني ماأدى لعدم قدرته على احداث أي اختراق اعتدالي في الموضوع الكردي.بداية انقلاب التوازن الاستراتيجي لصالح الروس في المدى الجغرافي الممتد بين القفقاس وقرغيزيا فيما التفكير التركي القديم منذ أيام توركوت أوزال(رئاسته :1989-1993)كان منصباً برعاية أميركية على إقامة عالم تركي يمتد بين بحر إيجة وتركستان عند الحدود الصينية يقوم بملء الفراغ السوفياتي إذالم يكن أيضاً ممتداً بمفاعلاته إلى تركستان الصينية . عدم قدرة أردوغان على احداث أي اختراق في الموضوع العراقي يساهم في تحجيم النفوذ الايراني هناك. انسداد أفق التسوية بين سوريا واسرائيل مع صعود نتنياهو بعد أن بدأت أنقرة دور الوسيط في المحادثات غير المباشرة منذ أيار 2008. فوز القوميين الأتراك المتشددين على المعتدلين في انتخابات القسم التركي الشمالي من جزيرة قبرص. وصولاً إلى الذروة في 17أيار2010لماساهم أردوغان في ابرام اتفاق بطهران مع الرئيسين البرازيلي والايراني يتناول الملف النووي الايراني قامت الولايات المتحدة بإحالته إلى عالم الأموات بعد ساعات من حصوله عندما أعلنت واشنطن الاتفاق مع روسيا والصين على مشروع قرار جديد من مجلس الأمن بتشديد العقوبات على ايران، ليقود هذا إلى مسار جعل صدور هذا القرار يوم 9حزيرانيونيو،والذي اعترضت عليه تركية والبرازيل، بمثابة ورقة نعي لاتفاق طهران واعلان "ما"من واشنطن والدول الكبرى بأن موضوع كبير مثل الملف النووي الايراني هو أكبر وأخطر من أن يتم تسليم مقود حله إلى الدول المتوسطة مثل تركية والبرازيل.
بدون قراءة تل أبيب لهذا الشرخ في العلاقات بين أردوغان والإدارة الأميركية ماكانت إسرائيل لتتجرأعلى مهاجمة سفن المساعدات الآتية من استانبول إلى غزة بعد أسبوعين من (اتفاق طهران)،وهي خطوة تدل كثيراً على انقلاب المشهد الذي حصل بمؤتمر دافوس يوم30كانون ثانييناير2009بين أردوغان وبيريز إلى عكسه أميركياً لمااستند رئيس الوزراء التركي إلى حالة مدِ كان يعيشها دور أنقرة الاقليمي عند واشنطن فيماكانت إسرائيل خارجة لتوها من تكرار ثاني للفشل في الأدوار بغزة بعد ذلك الفشل الذي حصل بصيف2006في لبنان بخلاف أدوار تل أبيب الناجحة لصالح الأميركان في حربي 1967و1982.
هنا ،يلاحظ ،في الفترة الممتدة بين عامي2002و2008، أن صعود نجم أردوغان كان شاملاً للداخل التركي وللنطاق الاقليمي وأيضاً يطال الجو الدولي . أعطت انتخابات29آذارمارس 2009مؤشراً على بداية انتهاء المد الأردوغاني في الداخل،ثم لتأتي استطلاعات رأي ،مثل التي نشرت نتائجها مؤسسة"بولستر سونار"في 30أيار مايو2010 والذي جرى بيومه التالي الهجوم الاسرائيلي ،لتبيِن لأول مرة تفوق (حزب الشعب) على حزب أردوغان لوأجريت الإنتخابات النيابية ذلك اليوم ونزول الأخير بنسبة 15%عن أصوات انتخابات برلمان2007 .
عندما يحصل هذا الجزر في القوة الداخلية بالترافق مع فشل وانسدادات في ملفات داخلية واقليمية وبداية سحب الغطاء الدولي،فإن كل هذا يعني بداية حالة الكسوف السياسي.هنا،إذا أردنا المقارنة،فقد كان صعود عدنان مندريس و(الحزب الديمقراطي)،وهو اسلامي أو معاد للأتاتوركية ومتلاقٍ مع واشنطن بالحرب الباردة ، أكثر صاروخية عبر انتخابين للبرلمان التركي في عامي1950و1954منذ فوزه بأغلبية52,6%من الأصوات و(397487من مقاعد البرلمان)عام1950وانزاله حزب أتاتورك من كرسي السلطة..في انتخابات برلمان1957 نزلت مقاعد حزب مندريس من(503541) عام 1954إلى(424610).ترافق هذا النزول في القوة الداخلية لاحقاً مع فشل وانهيار حلف بغداد إثر انقلاب14تموز1958على الهاشميين ونوري السعيد في بلاد الرافدين،ومع صعود الناصرية،وتنامي المد السوفياتي بالشرق الأوسط. في يوم27أيارمايو1960جرى انقلاب عسكري أتاتوركي التوجه على عدنان مندريس ،قام بتفصيل دستور1961الذي جعل"مجلس الأمن القومي"حاكماً فعلياً من وراء المشهد السياسي الحزبي ،ووضع "المحكمة الدستورية العليا"سيفاً مسلطاً فوق رأس الحياة السياسية التركية.
هل يتفادى أردوغان هذا المصير؟..............








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. لحظة سقوط صاروخ أطلق من جنوب لبنان في محيط مستوطنة بنيامين ق


.. إعلام سوري: هجوم عنيف بطائرات مسيرة انتحارية على قاعدة للقوا




.. أبرز قادة حزب الله اللبناني الذين اغتالتهم إسرائيل


.. ما موقف محور المقاومة الذي تقوده إيران من المشهد التصعيدي في




.. فيما لم ترد طهران على اغتيال هنية.. هل سترد إيران على مقتل ن