الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


غزة - اسطنبول : مأزق الخطاب العربي

الفيتوري بن يونس

2010 / 6 / 16
مواضيع وابحاث سياسية


تمثل العقلية العربية نموذجا فريدا في تعاطيها مع الأشياء بتطرفها الموقفي اتساقا مع قول شاعرها نحن قوم لا توسط عندنا فهي إما مغرقة في الخيال قافزة فوق كل الحقائق والواقعات أو راكنة إلى الاستسلام حد أن لا فعل بداعي العقلانية ومن المؤسف حقا أن التطرف الخيالي يفضي بها دائما إلى التطرف الاستسلامي وطبيعي أن يكون خطابها – الموجه إلى آخر لا يمثل الخيال في منظومته الفكرية إلا نوعا من التسلية يملأ به جزء من وقت فراغه المحدود أصلا و لا يقيم وزنا للأصوات الواهنة المستجدية – غير ذي اثر
وكي لا اذهب بعيدا بقارئ يعيش نفس المأزق سأتخذ من احد أهم القضايا التي واجهت هذه العقلية في العصر الحديث وهي قضية الصراع العربي الإسرائيلي مثلا على صدقية عدم الأثر بل و الأثر العكسي .
فالخطاب العربي مع بدايات هذا الصراع بدا جانحا في خياليته درجة أن حدد البحر مكانا لرمي إسرائيل المسكينة قافزا فوق حقيقة أن إسرائيل أصبحت دولة تعترف بها كل دول العالم الفاعلة وعلى رأسها العظميين و بقية الدائمين بل أن هذا الخطاب ساهم بطريقة أو بأخرى في اعتراف آخرين بل ودعمهم لدولة ضعيفة وشعبها الذي يوشك أعداءه أن يلقوا بمن نجا منه من هولوكست الفوهرر المهزوم إلى البحر المتوسط حتى من باب الحفاظ على هذا البحر من التلوث .
و في ظل هذا الجنوح كان من الطبيعي أن نخسر حربنا الأولى ونمنى بهزيمة منكرة في الثانية ويقتنع فريق منا بأن ما حقق في الثالثة هو أقصى من يمكن تحقيقه ومن هنا حاول التعقل الذي سرعان ما أفضى به ضغط الجنوح الخيالي مدعوما بفردية القرار إلى مهاوي الاستسلام وهذا الفريق أصبح يزداد يوما اثر يوم حتى انضم إليه صاحب القضية المباشر في أوسلو .
الخطاب الأول خلق وضعا دوليا معاديا أو على الأقل متعاطفا مع إسرائيل ضد العرب القافزين فوق الحقائق بتجاهل وجود إسرائيل حقيقة واقعية وقانونية بل لا يهم هذا الخطاب أن يمارس طريقة ولا تقربوا الصلاة وقد تملكني الأسى و إنا استمع إلى الطريقة الفجة التي تعامل بها مقدم نشرة الأخبار في قناة الجزيرة الفضائية مع المتحدث باسم الحكومة الإسرائيلية عندما مارس معه سياسة القفز والمصادرة بدل الرد عليه بالعقل والمنطق عندما قال هذا المتحدث إن من حق إسرائيل كدولة محاصرة – بكسر الصاد – أن تقوم بما قامت به عندما أنزلت جنودها على متن سفن ما عرف بأسطول الحرية المتوجه إلى غزة بهدف كسر الحصار عليها وفقا للقانون الدولي ذاكرا نص إحدى مواد اتفاقية دولية
والخطاب الثاني نظر إليه على أساس انه خطاب لا ينم على الاعتراف بالآخر من مصدر القوة بل لا يعدو أن يكون خطاب مهزوم لا يحق له في عرف الحرب وفقا للرئيس بوش الأب أن يقترح حتى مجرد الاقتراح ، وقد ساهم في ضعف هذا التيار انه صادر عن حكام يفتقدون إلى الشرعية لا يهمهم شيئا قدر ما يهمهم بقاءهم في سدة الحكم بدليل التضارب المتطرف بين موقف الشارع الجانح وموقف الحاكم المستسلم الذي ينظر له إعلام دعائي يمارس كذبا لا ينطلي على احد.
مقارنة بخطاب عربي على هذه الشاكلة نجد خطابا ثالثا يصدر عن دولة أوروبية مسلمة هي تركيا يحرك العالم بمؤسسات مجتمعه المدني والرسمي حد أن اخلص أصدقاء إسرائيل تحدثوا عن وجوب إيجاد حل لفك الحصار عن غزة – طبعا الموقف التركي له أهدافه الخاصة وغير المتعلقة بنصرة العرب – والعالم لم يستجب له حبا في أحفاد أتاتورك بل لأنه خطاب عقلاني يستوعب كافة الحقائق صادر عن طرف قوي .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أنس الشايب يكشف عن أفضل صانع محتوى في الوطن العربي.. وهدية ب


.. أساتذة ينتظرون اعتقالهم.. الشرطة الأميركية تقتحم جامعة كاليف




.. سقوط 28 قتيلاً في قطاع غزة خلال 24 ساعة | #رادار


.. -لن أغير سياستي-.. بايدن يعلق على احتجاجات طلاب الجامعات | #




.. هل يمكن إبرام اتفاق أمني سعودي أميركي بعيدا عن مسار التطبيع