الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ترانيم دول العبيد

عهد صوفان

2010 / 6 / 16
مواضيع وابحاث سياسية


ترانيم دول العبيد

نحن عبيد ونعتقد أننا أحرار.....
في بلادنا طوقَنا ثالوث القداسة ....
قداسة الدين وقداسة التراث وقداسة الحاكم........

الدين قادم من السماء . أوامره من الخالق ونحن نطيع إطاعة العبد لسيده.
لا نناقش ولا نسأل ولا نتكلم بل نقبل وننفذ حتى لا يحلّ غضب الله علينا ويدخلنا عذابات النار التي لا تنطفئ ..
نار متوقدة أعدت للكافرين الظالمين الذين لا يؤمنون بالله ورسوله ..
أما التراث المقدس فهو الأثر الباقي والقادم إلينا من التاريخ من سلوك وكلام وأفكار قالها الصحابة الأجلاء الطاهرون المطهرون ...
هو كلّ ما قالوه ونقلوه وأمرونا أن نفعله حتى قيل عنهم المعصومين عن الخطأ ...

فهم لا يخطئون ولا يقولون غثا ولا هراء ..ملأوا تاريخنا كتبا ومجلدات, صفحاتها بالآلاف ..
علمونا كل شيء وأفتوا في كل شيء في العلم والتاريخ والفيزياء والكيمياء والطب والحبّ والزواج والوضوء ....
لم يتركوا لنا صغيرة أو كبيرة إلا كتبوا وحددوا الرأي الشرعي فيها ...
ونحن عبيد لهذا التراث نمشي كالقطيع المطيع ...

وزاد الحصار علينا بمقدس ثالث هو الحاكم الذي يحكم باسم الله, فهو ولي الأمر الذي نزلت فيه الآيات بأن نطيع ولي الأمر ونقدس ولي الأمر وندعوا الله في صلاتنا ليزيد عمره ويطيل حكمه وسلطانه ..
ونحن جمهور العبيد نعيش في دول العبيد قطعان ماشية نأكل ونشرب وننفذ ما نؤمر به ...
فإن أراد حربا فنحن وقودها وحطبها.
وحروبهم كثيرة لا نعرف متى بدأت ولا نعرف متى تنتهي.

كل حياتنا حروب ونضال وجهاد وسفك دماء. نخترع الأعداء والعداوات. ونجيّش البشر تحت شعارات لا نعرف معناها وصرنا نرددها كالببغاوات.
كل العالم صار متهما ونحن الأنقياء الأتقياء, نحن صوت المظلومين ضد الظالمين.. ونحن حملة الرسالات والقيم وعلينا البذل والعطاء.
و أجرنا سيكون في الآخرة ..في هذه الدنيا لا يوجد أجر . فقط الأجر في الآخرة بعد موتنا وتحلل أجسادنا هناك تنتظرنا الملائكة لتأخذنا إلى حيث الجميلات الفاتنات حور العين, هناك أنهار من الخمر لنشرب ونسكر ونتحلى بعدها بالعسل السماوي ...

أجرنا عظيم لأننا فعلنا كل ما أمرنا به وقدمنا الطاعة لثالوثنا المقدس الله والتراث والحاكم ...
نحن في سجن القداسة نعيش . وجيوش هذا الثالوث لا ترحم المخالفين ولا تقبل التطاول ولا حتى التطوير .
هم سعداء بحصارنا وانتصارهم علينا..

في دويلاتنا لم نصل بعد إلى دولة الأحرار.
دولة الإنسان والعدل والمساواة, دولة الأمن والأمان, وقد لا نصل لأن وراثة البداوة عندنا عميقة الجذور...
في دويلات البداوة, قطعان البشر كما قطعان الماشية تسير خلف الراعي بانقياد وطاعة عمياء.
شكلنا دويلاتنا الاسمية وسمينا الوزراء والمدراء واشترينا الدساتير والقوانين وحفظناها في ثلاجات حتى لا تفسد وتبقى ميراثا لأبنائنا يتفاخرون بها حين يشاؤون...
تحكم دويلاتنا قوانين القبيلة وعادات القبيلة وروح القبيلة.

في دول العبيد كل شيء مقدس.
ولا يجوز الاقتراب من الخطوط, لأنّ كل الخطوط حمر.
في كل مكان مكتوب عدم الاقتراب فهنا مقدس وهناك عرف وذاك تقليد.
وهذا تراث وعادات وقيم وشيم..
ورسل وصحابة وقامات...
وإله ودين, ووحي السماء, وأرض مقدسة وماء مقدس...
ومخابرات وأمن نظام, وأمن داخلي, وأمن خارجي, وأمن دولة, وأمن سياسي, وأمن عسكري, وأمن اقتصادي...

صرنا عبيدا لأنه لم يبق لنا شيء إلا أن نكون عبيدا.
لم يبق لنا مكان في عالم الأحرار. وعالم البشر...
كل مقاعد الأحرار احتلتها البداوة...

ونحن نعرف المطلوب منا والمرغوب فينا. نعمل بصمت ننتظر نهاية العمر...
في وجوهنا وطأة الزمن القاسي. وفوق ظهورنا تراكمت جبال من الحزن واليأس.
عقولنا تبرمجت على القبول. فصرنا نرى كما يرى ثالوثناالمقدس.
ونتكلم كما يريدون. تحولنا إلى آلات تكرر كلامهم وتماثل افعالهم..
ونحن لا نشعر أننا فقدنا نعمة التفكير.. لا نقرأ ونحس أننا مثقفون..
نناقش ونجادل في كل الأمور.

وبلاغتنا تحولت إلى إتهام الآخرين بانحرافهم وفسادهم وتآمرهم..
أدمنا الادعاء والاتهام....إنها ترانيم الجياع المسحوقين تحت أقدام هذا الثالوث!!..








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - اضاءة ساطعة
محمد البدري ( 2010 / 6 / 17 - 01:46 )
شكرا يا استاذ عهد علي اشارتك الي مواطن ضعف عديدة في شخصياتنا ولمحت الي مراكز الهزيمة في اعماقنا وضغطت علي بؤرة المرض الذي جعلنا نصل لما نحن فيه. لكن الم يكن تعطيل العقل كجهاز مناعة ضد كل الضغوط التي تحيل الحر الي عبد وعدم تنميته بما يسمح بفهم ما لم نستطع البوح به كاف لان نستدعيه بشجاعة للغلب علي حالتنا الحالية ام ان العبيد يفتقون ايضا الشجاعة. ارجو الا نحبط من اجابة ربما تكون هي الوحيده رغم املي في ان تكون هناك خيارات واجابات متعددة. تحيه لك وشكرا مرة اخري


2 - شكراً جزيلاً
شامل عبد العزيز ( 2010 / 6 / 17 - 10:51 )
تحياتي وتقديري لك وللأستاذ البدري - نقاط مهمة ورسم صورة صحيحة لواقع لا يشك أحد فيما قلته ولكن المشكلة هناك الكثير من المثقفين من يبررون بحجة المحافظة على الهوية ويؤيدون الأعمال التي لا نستطيع أن نقول عنها سوى قمة التخلف وهؤلاء يساعدون الثالوث لكي يسحقنا أكثر مما نحن مسحوقين .. جزيل شكري وتقديري سيدي الكريم


3 - إلى العزيز محمد البدري
عهد صوفان ( 2010 / 6 / 17 - 11:49 )
تحية لك على تعليقك وملاحظتك أحيانا يا صديقي نكتب بأسى وألم لأن الأمل بعيد. أنا لا أيأس ولكن ضخامة وكبر المعوقات تدفعنا أحيانا لأن نذرف دمعة على المستقبل البعيد لعلها تريح نفوسنا المعذبة ولكن ليست اليائسة. نحن نواجه جبالامن الصعوبات كما ونوعا وليس سهلا مواجهتها ونحن عزل من كل شيء إلا من الكلمة سلاحنا الوحيد
سنبقى يا صديقي العزيز أوفياء لعقولنا نعمل بين الألغام التي تفترش طريقنا
اشكرك ونحن معا يدا بيد


4 - عزيزي شامل
عهد صوفان ( 2010 / 6 / 17 - 12:14 )
عزيزي بعض اليأس يتسلل أحيانا إلى نفوسنا لأننا نصدم ببعض المثقفين الذين يفترض ان يكونوا في المقدمة ولكن لقوة هذا الثالوث وامتلاكه مقومات وكل متع الحياة يستطيع ان يغري البعض وبأساليب لا تخطر على بال فنفقد عندها يدا نحن بحاجتها. هذا مؤلم وخاصة عندما نرى زحف التخلف وتمدده في كل الأرجاء
أحيانا نصاب بالدوار والحزن على امة هي نحن ولكنها بعقول مغسولة أدمنت الطاعة العمياء والخضوع تحت وطأة الحاجة
سأبقى مع كل الأنقياء أمثالك في نفس الطريق نتقاسم حب الحياة الذي يذرع الأمل فينا
اشكرك


5 - التنوير هو الحل
المترصد ( 2010 / 6 / 17 - 12:53 )
تحيه طيبه ايها الصديق العزيز عهد في الواقع ان تراثنا كما تفضلت لم يترك لنا شيئا لنجتهد به لم يترك لنا شيئا لنفكر به على طريقتنا هذا التراث المتهالك المليء بالاوهام والاخطاء الفادحه لا زال حاضرا في حياتنا بقوة لاننا عندما اصطدمنا بحضارة الغرب لم نكن نملك شيئا نقدمه سوى الجهل والتخلف والاميه وبدل ان نبدأ من نقطة الصفر استعنا بخرافة تاريخنا الذهبي الذي قتل كل تطور وابداع فينا فاصبحنا نشكك بكل مستجد قادم من الغرب الينا واصبحنا نرى في سلفنا كائنات خارقه لا تخطيء ابدا فاصبحت افعالهم بطولات واصبح اجرامهم وغزواتهم فتوحات واصبحت تصرفاتهم دساتير تدرس في مدارسنا انه الافلاس يا عزيزي الافلاس الفكري والتعصب القبلي الطائفي الذي رمى بنا الى قاع الحضارة انظر يا اخي الى دول اسيا وقارن كيف كانت من خمسين عاما قارن انجازاتها بواقعنا لا اعتقد ان هناك مقارنه اصلا شيء طبيعي ان يحكمنا حكام مستبدون متسلطين فهذا نتاج الانغلاق الفكري والتقوقع في قداسه تاريخنا وتراثنا وديننا لن تقوم لنا قائمه ما دام هذا المقدس يشل حركتنا ويرسم لنا طريقنا الحل بالتنوير والتنوير كما يفعل امثالك وباقي الزملاء الاعزاء تحيه لك


6 - واحد من القلة التى أقرأها
Zaher Zaman ( 2010 / 6 / 17 - 14:14 )
الأخ / عهد
تحياتى لك على احدى روائعك تلك ، التى جسدت فيها ولخصت بايجاز ، ذلك الكائن البشرى المسمى ( العربى )! هى نفس الصورة الكاريكاتورية المأساوية التى ر’ها وعايشها المستشرقون جيلاً بعد جيل ثم نقلوها الى حكامهم وشعوبهم ، ولأننا خير أمة أخرجت للناس رفضنا تلك الصورة البائسة ، واتهمنا المستشرقين ، بأنهم يحقدون على الاسلام والمسلمين وخاصة العرب منهم ! ولأن الدين عند الله الاسلام ، انبرى مضللونا ( أقصد مثقفونا الذين يبرمجوننا تحت حذاء الثالوث ) يتهمون المستشرقين بأنهم كذابين ومضللين ، ولا يبغون من وراء مساعيهم ، غير هدم الاسلام الذى لن يقبل الالاه فى الآخرة من اعتنق من الأديان غيره ! على أية حال الشعوب التى لا تستطيع نقد مناهجها الحياتية ، ةتعدل منها بما يوافق روح العصر الذى تحياه ، هى شعوب ميتة ، ولا تستحق سوى أن تدوسها عجلات الحياة دونما ندم.
تحياتى


7 - اخي الفاضل عهد صوفان
مرثا ( 2010 / 6 / 17 - 15:03 )
سلام لك وكل نعمة
أخي ..العبيد لايرنمون ولكنهم يصرخون
من يعرف طعم الحرية فقط يستطيع ان يغني ويترنم
لك تقديري وكل احترامي


8 - الأحرار والعبيد
عبد المسيح ( 2010 / 6 / 17 - 17:37 )
أخي عهد، التعميم لا يعطي حكم صائب، فلا يصح أن نقول أن كل الموحدين طيبون لأن الشيطان موحد. ولا يمكن أن تقول أن كل الكفار أشرار، فأبو طالب كان كافرا خيرا وكذلك أبوه. كل معتنقي الأديان يوقنون أن دينهم سمائ نزل من السماء، ولو كانت كلها ذات مصدر واحد ما اختلفت. أقول ذلك لأنك جعلت كل أتباع الأديان عبيد. المسلمون عبيد لله: (الفاتحة 5)، (البقرة 21، 221). ونبيهم عبد لله: وَإِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِمَّا نَزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا فَأْتُوا بِسُورَةٍ ..(البقرة 23). لكن المسيحييين ليسوا عبيد لقول السيد المسيح: لا اعود اسميكم عبيدا لان العبد لا يعلم ما يعمل سيده لكني قد سميتكم احباء لاني اعلمتكم بكل ما سمعته من ابي (إنجيل يوحنا 15:15). وايضا لقوله: و العبد لا يبقى في البيت الى الابد اما الابن فيبقى الى الابد فان حرركم الابن فبالحقيقة تكونون احرارا (إنجيل يوحنا 8: 35،36).
تحية لشخصك الكريم


9 - أخانا العزيز
قارئة الحوار المتمدن ( 2010 / 6 / 17 - 17:44 )
أشعر برنة الأسى أو بعض الحزن من خلال سطورك وهذا على غير ( عهدنا ) بك , أنتم الطليعة المتألقة وبكم تسير القافلة . مقالك لقي تجاوباً كبيراً في نفسي وهو بالذات ما هدفت الإشارة إليه في مقالي الأول _ في بيتنا قرد _ فإذا كان الناس يحمّلون القرد الذي لا يد له في خلقته الشؤم والقرف والنجاسة والقبح , وبُرمِجت جيناتهم حتى ما عادت عقولهم تنظر الحقيقة إلا من خلال ما لُقِنوا , أفلا تريدهم أن تصمت عقولهم أمام مواقف من الكون ؟ والمحزن فعلاً أن يكونوا من صفوة المجتمع ويتصرفون بطفولية في التفكير . أشكرك


10 - صديقي العزيز المترصد
عهد صوفان ( 2010 / 6 / 17 - 18:56 )
أشكرك أيها المتألق بروحك وكلامك . واقعنا مؤلم وأحيانا تحار فيه.من كثرة امراضه التي صار بعضها مستعصيا.فالواقع مرير وفاس. ويحتاج من صاحب السلطة وصاحب القرار يحتاج قرارا ولكن صاحب القرار صار شريكا مع الدين شراكة لا انفصام فيها وهذا يعقد ويصعب طريق الوصول الى غد جميل.لكن لن نركع ولن نستسلم ما دامت روح المحبة تجمعنا لننشر ثقافة العقل المستنير المحب للجميع
تحية لك..


11 - رد لأعز الأصدقاء
عهد صوفان ( 2010 / 6 / 17 - 19:31 )
أخي زاهر العزيز
تحية لك واشكر تعليقك الطيب وإضافتك القيمة فنحن احيانا نزرع وردة ونتمنى ان تنموا ولكن البعض الذي يزرع الشوك يخنق الورود وان اعترفنا بوجود الأشواك فلا يعني ان نتوقف ونستكين لكن صرخة الألم تخفف أحيانا من هول واقعنا الصعب

أختي العزيزة مرثا
تحية لك على الملاحظة لكن يا صديقتي عندما تتحول الحياة إلى كابوس على البشر يتحول غناؤهم وأهازيجهم إلى ترانيم حزينة تصور الألم الدفين فلو نظرت العراق وحللت اسباب الحزن المؤثر في غنائهم وفي كل تراثنا الشعبي لوجدنا خلفه الظلم والمعاناة لكني اتمنى للجميع الفرح الحقيقي. فهل نحن في واقع يسمح لنا ان نفرح وان نعيش دون خوف من هذا الثالوث المخيف؟؟


12 - رد لأعز الأصدقاء
عهد صوفان ( 2010 / 6 / 17 - 19:44 )
عزيزي عبد المسيح
أنا لا أعمم وأعرف رسالة المسيح المحبة ولكن أين هي من حياتنا وواقعنا ومعاناتنا. أحد اركان الثالوث المقدس هو الاسلام وليس المسيحية وهذا ليس مجاملة مني بل هي الحقيقة. وانت تعلم مدى القهر الذي يعاني منه المسلم قبل المسيحي من هذه التعاليم التي قواها الحاكم الجائر ليتسلط وينهب ولكن بعد ان خدر الغالبية العظمى وهذه الغالبية المخدرة قد لا تستفيق وهذا مبعث خوفي أحييك

عزيزتي قارئة الحوار المتمدن
اشكرك ايتها الطيبة الصادقةولا تخافي علي لأني معكم قوي وبوجودكم اتثبت أكثر من كان معه أمثالك لن يسقط فنحن صرنا كأسرة نقاتل بالكلمة الصادقة ونأمل ان نكسر طوبة في جدار هذا الثالوث واملي كبير لأن الحياة والمكتشفات ستقدم العون لنا لنوصل رسالة مفادها ان استخدام العقل هو مفتاح الحضارة والحياة تحية لك ايتها العزيزة وسترين في المقال الجديد ما يسرك ويسر الجميع

اخر الافلام

.. مشهد مرعب يظهر ما حدث لشاحنة حاولت عبور نهر جارف في كينيا


.. شبح كورونا.. -أسترازينيكا- تعترف بآثار جانبية للقاحها | #الظ




.. تسبب الحريق في مقتله.. مسن مخمور يشعل النار في قاعة رقص في #


.. شاهد| كاميرا أمنية توثق عملية الطعن التي نفذها السائح التركي




.. الموت يهدد مرضى الفشل الكلوي بعد تدمير الاحتلال بمنى غسيل ال