الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هل رأيتِ موت ظلي – 6 -

غريب عسقلاني

2010 / 6 / 16
الادب والفن


هل رأيتِ موت ظلي – 6 -

.. في سفر الرؤيا

.. وجاء في سفر الرؤيا أن امرأة عاشت منذ ألف عام, وما زالت تدب على وجه الأرض صبية, تدرك الوقت ولا يدركها الوقت.. يسكن الوهج عينيها الراقدتين تحت مظلتين من جديلة ليل, تطلان على فضاء الوجد.. تري بياض النهار, وترهف السمع لغناء يبشر بخروج ريح الوجد من برزخ بين الرغبة والهيام.. تحمل الريح سرب صبايا عاريات يتدفأن على جذوة الذكرى, يحترفن الانتظار عند مرافئ الوهم وينتظرن غيمة حبلى بماء زلال انطبع على قطراته وجه فتى/ وليف..
وجاء أن امرأة خرجت من خميلة الهوى.. تاهت بين المدى والمدى, زادها رجفة قلب, وبضع أرغفة نضجت في تنور الألق, التقت بفتى كنعاني ورث عن المسيح سعفة من إكليل الشوك.. عندما حاذته تسمرت وارتجفت.. فصرخ على وجع:
- أنتِ هي!!
- أنا سومرية أبحث عن وليف..!!
- وأنا لي في كل موعد سومرية /مجدلية..
وقيل أنها مشت عشر ليال وعشر نهارات متواصلات, لم تنزف عرق التعب حتى عبرت دروب الناصرة نامت ليلتين وصحت يستبد بها العطش, فهبطت سهل المرج تفتش في وجوه السبايا الكنعانيات لعلها تعثر عليه مرسوما على وجه صبية..
وقيل الفتى كلما مر بحاضرة أو مدينه تعرفوا عليه وسدوا عليه المنافذ مضللين:
- من تبحث عنها مرت قبل يوم من هنا
تصمت الريح عن البوح.. تتناسل من روح امرأة عاشت ألف عام ولا زالت تدب على الأرض تمارس اللهاث عند رصيف الانتظار.. تتلفع بشال من قرنفل, خصرها مشدود بزنار من نوار اللوز.. يسكن وجنتيها قمران من كرز نضج على هجير حزين.. تخبئ بين نهديها في مرجل عطر الياسمين فوق سرة القلب ذاك الفتى, وتترنم:
-هل يأتي القطار؟ وهل يبقى أميري على جلد الانتظار!! "
***
تتناقل النساء الكنعانيات منذ السبي الأخير, أخبار سومرية تجلس عند شرفة الليل تطلق زغاليل الشوق أسئلة في فضاء الليل.. تنتظر, ربما ترى وجه الذي سرقته الأيام منها مرسوما على وجه القمر, فيصبح الليل صوت ناي يحمل صوت الفتى:
"إني يسربلني الأفول.. فكيف أعود ووجهي الموشوم بين نهديك لم يرضع الشوق من مقلتيكِ.. وجهي لم يعد وجهي.. أكله الشوك فالوقت حصار وجفاف..
أنهم وقفوا في وجه الريح.. هل سلبوكِ رسائلي؟ هل سرقوا من صدركِ نبض قلبي؟
إنهم قتلوني بكِ ألف مرة, وفي كل مرة أنفد من ثقب الحلم, وصوتك الراعف تحمله الريح يأتيني نواحاً يجتاز المسافات.."
***
وقيل أنها غفتْ فأطل على وجهها بأسى من فقد الوسيلة للوصول..
وصحتْ لا أحد معها غير ذيول الجفاف والعطش.. لا ترى في البرق ومض شرر, ولا في السحاب مطر, وهبطت على شرفتها ذات ليلة حمامة.. قالت الحمامة:
- أنا زاجلة, يطلقني سيدي إمام العاشقين.. هل من رسالة لمريد من تلاميذ الإمام ينتظر بين آه الفقد وآه الدمع ..؟؟
- هل هو هناك, وما الإشارة
- نوّار الصبر على أكليل الشوك
هدلت الحمامة.. رقصت واستلقت على ظهرها.. فردت جناحيها.. وراحت في الهيام..
كتبت السومرية بماء ريقها على ريش الحمامة تحت الإبط الأيمن بعض ألم.. صار ريقها حامضا فكتبت تحت الإبط الأيسر بعض توجس..
قطعت الحمامة صحاري وسهولا وبحار.. شهدت من المواعيد موت نهار وميلاد قمر, وهبطت في حضن فتى نام على صدر الإمام.. فردت جناحيها بستان عبق في المكان فغنى الإمام:
" يا إله العشق أعِني..
على حال الفتى المعنَّى ..أعِنّي.."
هام الفتى ذرف الدمع خضب ريش الحمامة وشهق:
***
عند فاصلة الاتحاد والحلول, وعن مكابدات الفتى والأمير, كتب إمام العاشقين: .. أنه عندما اشتد عليهما الحصار, وطاردتهما أسراب غربان مسلحة بمناقير حديد منقوعة بسم الغيرة والحقد.. التقيا على وهج الرؤيا, وسكنا براعم الورد, وانتشرا مع الشذا صعدا إلى السماء, وصل الفتى شرفته في بيت الأثير, فأطلت نجمة معاتبة.. صارت النجمة امرأة تذرف الدمع تشكو حالها, وظل الفتى يحدق فيها يرجه العذاب, حتى بزوغ الفجر وميلاد شمس النهار, غادرت النجمة وصحا الفتي يهذي:
- هل للصوت لون وللحضور مذاق..
هل ما رأيت وجه امرأة انطبع على وجه نجمة أضاءت صحراء قلبي..
واختلفت الروايات حول الفتى والأميرة بعد اختفاء إمام العاشقين, حتى صحت البلاد يوما على غيمة طين سكنت السماء, وحجبت ضوء الشمس.. فانتشرت العتمة في الطرقات.. واتشحت نساء المدينة بالسواد ودخلن الصيام بانتظار عودة الشاب الذي قُتل بتهمة عشق امرأة تسكن الحلم..








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. 22 فيلم من داخل غزة?? بالفن رشيد مشهراوي وصل الصوت??


.. فيلم كارتون لأطفال غزة معجزة صنعت تحت القصف??




.. فنانة تشكيلية فلسطينية قصفولها المرسم??


.. فيلم -لا غزة تعيش بالأمل- رشيد مشهراوي مع منى الشاذلي




.. لحظة إغماء بنت ونيس فى عزاء والدتها.. الفنانة ريم أحمد تسقط