الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


قصة قصيرة : اش ..

بشير زعبيه

2010 / 6 / 16
الادب والفن


يعرف أن مفعول قراره لن يعمر طويلا وسيجد نفسه بعد يوم أو ساعة أو حتى دقيقة وجها لوجه أمام ذلك المذيع أو تلك المذيعة وهو أو وهي تستدعي بجهد تمثيلي فاضح تعابير ما للحزن حين تقرأ خبرا يبدو له مكررا عن كارثة أو جريمة ما .. وما يبدو له مكررا في كل ذلك هو الذي دفعه في لحظة انفعال الى اتخاذ قرار غير معلن بالكف عن تعذيب نفسه بمشاهدة التلفاز وتحديدا ما يتعلق بالنشرات الإخبارية وتحديدا أكثر تلك الأخبار التي تتصدر المقدمة غالبا ويلقيها المذيع أو المذيعة بطريقة توحي وكأن في مضمون الخبر شيئا ما يكشف عن علامات قريبة لدنو الساعة .. ثم هذه الذبابة البليدة التي تلاحقه وتشغله الآن عن متابعة قراءة الصحيفة وهو يجاور زوجته على السرير في نصف اتكاءة :
- إشْ ..
في هذه الليلة وهي الليلة الأولى لتنفيذ قراره ذاك اقترح على نفسه أن تكون الصحيفة بديل التلفاز وهرب من غرفة الجلوس الى السرير مشترطا على نفسه أيضا ألا يقرأ أو حتى يرى الصفحة الأولى فهي ستذكره حتما بوجه المذيع أو المذيعة والتلفاز لذلك فتح الصحيفة مباشرة على الصفحتين الثانية والثالثة ممسكا طرف الصفحة الأولى بين السبابة والابهام مائلا بها الى الأسفل بينما يمسك بيده اليسرى بقية الصفحات .. يميل برأسه قليلا الى اليمين وكأنه يشيح بنظره عن زوجته عندما يحاول تفحص خبر في الصفحة الثانية ثم ينفض الصحيفة فجأة بيده اليسرى في توتر ظاهر و محاولة مستمرة لابعاد الذبابة التي بالكاد حطت على أرنبة أنفه قبل أن تطير مرة أخرى لتأخذ في الدوران حول نفسها في الفضاء الصغير الفاصل بين وجهه والصحيفة مما استفزه للمرة الثانية ودفعه لأن ينشها بالصحيفة محتفظا بها بين يديه .. لكن العصبية الزائدة أو التي رأتها زوجته كذلك جعلت الزوجة تنبهه الى أن يده والصحيفة كادا أن يصطدما بوجهها , ثم توجه اليه كلاما يحمل نبرة تأنيب وشك :
- أكل هذا من أجل ذبابة ؟!
- .........
للمرة الثالثة التي لايرد فيها على تعليقات زوجته متظاهرا الانشغال بقراءة الصحيفة ومطاردة الذبابة التي تستفزه .. وفي محاولة للفت انتباهه تدنو الزوجة بكل جسمها ناحيته وهي في حالة نصف اتكاء أيضا مائلة برأسها ناحية الصحيفة متظاهرة هي الأخرى بمشاركته القراءة لكن نظراتها الخاطفة التي تنتقل بين وجهه اللا مبالي والصحيفة مع حركة الشفتين المزمومتين بعصبية توحيان بغير ذلك وهو ما عبر عنه تعليق لاحق يخفي تساؤلا بين القلق والشك :
- لماذا لم تعد تطيقني ؟!
- ....................
- منذ مدة ألاحظ عليك هذا ..
- ..................
- تكلم .....
قالتها بانفعال مقربة وجهها نحوه حتى صار رأسها حائلا بين عينيه والجريدة في اللحظة التي كانت فيها الذبابة قد اقتربت من وجههه باتجاه زاوية احدى عينيه ،فانتفض في غضب مشيحا بيديه التين لا زالتا تمسكان بالصحيفة في حركة من اليمين الى اليسار حيث كان لا بد أن تصطدم الصحيفة بوجه الزوجة و ناحية العين تماما لتصرخ قافزة من السرير :
- قصدت ايذائي ..
- الذبابة ..
لكن صراخ الزوجة يعلو أكثر وهي تشتم الذباب وتشتمه ليحس في توتر لم يشعر به من قبل أنها ألحقت به اهانة , واذ ود وهو في ذروة توتره أن تستدرك بجملة تلغي المعنى الذي جعله يفهم أنها أهانته , تتعمد هي ترسيخ ما فهمه تماما بسيل من الكلام المعزز بحركة اليدين ونظرات تنطق تحديا , ما جعله يقفز بدوره ناحيتها شاتما رافعا كفا الى الأعلى كأنه يهيء يده لتوجيه صفعة , أو هكذا فهمت هي عندما ردت في تحد استفزه أكثر :
- لن تجرؤ .. جرب يا ..
هنا تنهال الكف على وجه الزوجة مهيئا الأخرى لصفعة لاحقة , لكن سكوت زوجته المفاجيء جعله يتراجع مكتفيا ببحلقة في وجهها وهي تديره في بطء ناحيته لتقول كمن يسدد طلقة :
- طلقني .. لو كنت رجلا ..
- أنت طالق








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. في ذكرى رحيله.. أهم أعمال الفنان الراحل وائل نور رحمة الله ع


.. كل الزوايا - الفنان يحيى الفخراني يقترح تدريس القانون كمادة




.. فلاشلايت... ما الفرق بين المسرح والسينما والستاند أب؟


.. -بيروت اند بيوند- : مشروع تجاوز حدود لبنان في دعم الموسيقى ا




.. صباح العربية | الفنان السعودي سعود أحمد يكشف سر حبه للراحل ط