الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


بين نوري المالكي ويان بيتر بالكينده مسافة بعيدة ..

جاسم المطير

2010 / 6 / 16
مواضيع وابحاث سياسية


بين نوري المالكي ويان بيتر بالكينده مسافة بعيدة ..
نوري المالكي رئيس وزراء عراقي منتهية ولايته يحمل في العراق الرسمي لقب (دولة) .
بيتر بالكينده رئيس وزراء المملكة الهولندية منتهية ولايته لكنه لا يحمل لا لقب (فخامة) ولا (دولة) ولا لقب (أستاذ) ولا أي لقب آخر .
الأول زعيم حزب الدعوة الإسلامية في بلاد الرافدين والثاني زعيم الحزب المسيحي الديمقراطي في الأراضي المنخفضة .
تابعتُ مواقف وخطى ورؤى الزعيم الأول بما يتعلق بالانتخابات العراقية البرلمانية التي جرت في 7 – 3 – 2010 كما تابعتُ مواقف وخطى ورؤى الزعيم الثاني بما يتعلق والانتخابات البرلمانية الهولندية التي جرت في 9 – 6 – 2010 . وجدتُ الكثير من اختلاف العلاقات الانتخابية وغير الانتخابية في كاريزما هذين الزعيمين . ربما هذا شيء طبيعي جدا فلا جامع يجمعهما رغم أنهما متدينان . بالتأكيد أن (الديمقراطية النقية البيضاء) هي الصورة الخارجية والداخلية في ثقافة الرئيس التنفيذي الهولندي يان بيتر بالكينده في موضوع الزمان والمكان وفي موضوع رعاية زهور بلاده الخضراء ، بينما (ديمقراطية المنطقة الخضراء) تحاذي خطوات متعرجة في مسير الرئيس العراقي التنفيذي نوري المالكي . أي أن الرؤية الحيادية للديمقراطية هي الشيء غير المستهدف في ثقافة نوري المالكي . كلاهما يملك مهارات كثيرة ، سياسية وروحية وسيكولوجية ، لا أريد التطرق إليها، لكنني أود أن أتطرق لنقطة اختلاف واحدة بينهما ، نقطة رئيسية ، تتعلق بالبنية الأساسية لرؤية كل منهما للنتائج التي أفرزتها الانتخابات الأخيرة على كل منهما في بلديهما .
في الانتخابات العراقية كان نوري المالكي يعتقد انه وحزبه سيفوزان بها فوزا ساحقا وأن العديد من تصريحات الدعاية الانتخابية أكد فيها المقربون منه أن فوز أي قائمة أخرى على قائمته الانتخابية المسماة (دولة القانون) هو أمر مستحيل ، بل يحتاج إلى (معجزة) ، وقد تحققت (المعجز) ة فعلا حين رسا رقم المصوتين لشخص نوري المالكي في محطة القطار الرقمية الأولى ، بعد فرز نتائج انتخابات 7- 3 – 2010 ، بينما لم تستطع قائمته من الرسو في نفس المحطة ، بل تجاوزتها (القائمة العراقية) التي يرأسها أياد علاوي ، التي احتلت المرتبة الأولى في حين صار ترتيب قائمة (دولة القانون) بالمرتبة الثانية . كان هذا هو الواقع النهائي في النتائج الانتخابية مما جعل نوري المالكي يتجاوز المواصفات الانتخابية ، متمردا عليها ، محتجا على المفوضية العليا للانتخابات ، متهما إياها بخطابية تلفزيونية عديدة ، بأنها كانت مزورة لنتائج الانتخابات ، التي حاول الهروب منها بالانتقال المعقد إلى الخوض في معمعان خطوة جديدة استهلك فيها أجهزة الدولة عموما والمفوضية الانتخابية خصوصا ، عندما أجبرت ميكانيكية سلطته كرئيس للوزراء وظيفة المفوضية الانتخابية على (إعادة الفرز والعد) في المنطقة الانتخابية بالعاصمة بغداد بصورة ضيعت الكثير من الجهد والمال والوقت ، وغمرت البلاد بأزمة سياسية خانقة ، كما اوجد جبالا ثلجية أمام مسيرة الدولة مصحوبة بكثافة الانفعالات الكامنة وراء تصريحاته الفضائية وتصريحات عدد كبير من أصحابه ومساعديه من أمثال حسن السنيد وعلي الأديب وحيدر العبادي وحسين الشهرستاني وحاجم الحسني ورجل الدين علي العلاق وعباس البياتي وجميعهم (نوّاب) بالبرلمان الجديد متعالين على المواطنين العراقيين بينما أصواتهم الانتخابية التي حصلوا عليها (لم تتجاوز القاسم الانتخابي المطلوب ) حالهم مثل حال غيرهم من المتمسكين بمساند الكراسي القيادية أكثر بكثير من تمسكهم بالتكوين الأساسي لمصلحة الشعب والوطن ، خالقين بذلك مواقف (متوترة) في داخل ما يسمى بالعملية السياسية ، خاصة بعد ظهور نتائج (إعادة الفرز والعد) التي أكدت شروق الشمس بعد أسبوعين من جهد الدولة وعمل المفوضية الانتخابية فتبين أن النتائج الانتخابية الأولى لا ولن تتغير . هذا ما جعل نظر الشارع العراقي يقول أشياء كثيرة بانفعال تام عن موقف نوري المالكي الذي ظل رئيسا ساكنا ، مستسلما ، منسجما مع تدهور أركان العملية السياسية من دون أن ينفعل انفعالية الإنسان القادر على تقديم الاعتذار للشعب الذي ساهم بتضييع وقته أو على الأقل الاعتذار للمفوضية الانتخابية في وقت كان من الضروري على أي مسئول ديمقراطي حقيقي أن يستقيل فورا من جميع مناصبه الحزبية والوزارية بسبب ما أعياه من الفشل لو استطاع آن يتعلم من حاضر وماضي الأمثلة الكثيرة التي قدمها ويقدمها القادة الغربيون لمواجهة حالات فشلهم ، الجزئي أو الكلي .
لا أريد البحث في جذور أمثلة ماضي الحكومات الغربية المماثلة ، بل أريد تقريب نوري المالكي ومستشاريه من اقرب أمثلة الحاضر الانتخابي في دولة غربية اعني بذلك مثال موقف رئيس الوزراء الهولندي يان بيتر بالكينده الذي يملك تاريخا وزاريا حيا وفاعلا وإنتاجيا خلال سنوات طويلة من العمل الوزاري المتواصل لكن نتائج الانتخابات البرلمانية الهولندية التي جرت يوم 9 - 6 – 2010 التي أعلنت نتائجها الأولية قبل منتصف الليل بقليل حتى تناقلت نشرات الأخبار الهولندية والعالمية نبأ استقالة ٍفورية ٍ قدمها هذا الرئيس التنفيذي الهولندي متنازلا ، إلى الأبد ، عن المركز القيادي في حزبه ليمارس بشجاعة متناهية نقدا ذاتيا لحاضره القيادي الذي أدى إلى خسارة كبيرة في مقاعد حزب المسيحيين الديمقراطيين بمعدل النصف تقريبا عما كان يحتله في البرلمان السابق . خسارة غير مسبوقة لهذا الحزب وصفها بالكينده في تجمع لأعضاء ومناصري حزبه في مدينة لاهاي ( إنه وحده يتحمل المسؤولية عن هذه الخسارة ، وإنه لذلك يعلن استقالته الفورية من زعامة الحزب) .
تلك هي المسافة المتباعدة بين ثقافتي نوري المالكي وبيتر بالكينده ، مسافة لا يعبر بها المالكي نهيرا صغيرا لأنه متمسك بمسند الكرسي ، بينما تساعد بالكينده على إتمام نقلة السلطة من بحر إلى آخر ، وتداولها سلميا ً ، كي تبقى رحمة الديمقراطية دائمة للجميع لأنه متأكد بأن (النقد الذاتي) هي أعلى مراحل الثقافة الحرة .
انبثقت هذه الصورة أمامي وأنا أتصور أمر الدنيا ، كما رآه ابن المقفع في كتابه القيم كليلة ودمنة ، على أن الدنيا ليست سوى ليل ونهار ينتهيان مقضومين بالموت إذا لا تستفيق حياة المرء بفرحة تهل على الناس أجمعين .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
بصرة لاهاي 16 – 6 – 2010








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - نسيت نقطة جوهرية
محمد الرديني ( 2010 / 6 / 16 - 19:48 )

خوية جاسم اللي يجي الى الحكم بدبابة كيف يمكن ان يترك الكرسي
والذي يعتقد ان العراق كعكة لازم يأكلها هو وجلاوزته كيف يمكن يترك السلطة
واللي رافع شعار لو هالملعب لو مالعب كيف تريد ان يكون رجل شفاف ونظيف
بس شنو نسوي .... من قلة الخيل


2 - بين الثرى والثريا
حسين محيي الدين ( 2010 / 6 / 16 - 20:40 )
مقارنتك بين الاثنين مقارنة غريبة فرئيس الوزراء الهولندي رجل عريق ومتمرس . درس الديمقراطية وعايشها وتربى عليها هو وأسرته أما صاحبنا فلا يزال يعتقد بأن المكوار أحسن من الطوب ولا يفرق بين الحنطة المعفرة التي تستخدم كبذوروبين الحنطة المعدة للاكل مال البلابوش


3 - اهكذا يتسطح الانسان حينما يعيش فى الدول الراق
اكاديمي مخضرم ( 2010 / 6 / 16 - 21:56 )
كنت اعتقد - واريد اصر على اعتقادي ان السيد جاسم المطير رجل اكثر من متعلم وخصوصا حينما كان صاحب مكتبة لبيع الكتب فعلى الاقل يكون قد قراء ولو واحد بالالف من تلك الكتب وكان بينها الكثير من الكتب المحترمه
ولكنني صدمت بهذه المقارنه التي قام بها بين سياسي هولندي واخر في بلاد العذاب الذي لم يعرف بلد في الدنيا جغرافيا وتاريخيا مثيلا لما يتعرض اليه من الارهاب فالسيد المحترم نسى ان عمر الدوله الراءسماليه الهولنديه مئات من السنين ونسى ان هولنده التي يعشقها على ماهي عليه الان كانت في بدايتها حينما كانت بالمستوى البائس للتطور الاقتصادي الاجتماعي العراقي كانت ذباحة للشعوب وكانت تتنافس مع الدول الكولونيالية الاخرى على استعباد ملايين الناس وتذيقهم صنوف العبودية والاذلال من اجل ان تستحوذ على الفائض الاقتصادي منها وجلبها لمتروبولها وان المالكي يكفيه شرفا وسموا على رئيس وزراء
هولنده انه لايقوم بهذا الدور المخزي في استعباد وذبح ابناء الشوب البريئة المستعبده
سيد جاسم المثل العراقي تعرفه يقول اكعد اعوج لكن احجي عدل مع تمنياتي ان تستيقظ من غفوتك وتتعامل مع واقع شعبنا الدامي بجدية مناسبه مع تمنيات


4 - بعض الشر أهون
علي الشمري ( 2010 / 6 / 16 - 22:21 )
أستاذنا الكبير المطير المحترم بخصوص بعض النواب الذين ذكرت اسمائهم في مقالتك والذي ملئوا الفظائيات تصريحات نارية,صحيح انهم لم يصلوا الى القاسم الانتخابي ولم يعتبروا ممثلين حقيقين للشعب ,لكنهم رغم هذا قد حصلوا على بضعة ألالاف من الاصوات,لكنك ياأستاذنا العزيز نسيت احد النواب الفلتة(حميد معله)والذي حصل على 3 اصوات فقط لا غيرها ,وهو كثيرا ما يصرح بكيفية تشكيل الحكومة ولجنة اختيار رئيس الوزراء ,وكأنه هو المتحكم بمصير الحكومة المستقبلية ومصير الشعب العراقي,وهو لحد الان يعتبر من القياديين في المجلس الادنى الاسلامي,,,,,والله العظيم ماأسرحه بثلاث نعاج ثولات.,
والشئ بالشئ يقال أن حميد معلة كان في لندن يتصدق عليه العراقيين مصرف جيب وخصوصا من رضوان الكليدار ,واليوم يعتبر من اكبر الملياديرية واصحاب العقار في العراق الجديد..
تقبل تحياتي


5 - الى استاذي الاكاديمي المخضرم
محمد الرديني ( 2010 / 6 / 17 - 00:34 )
لست بصدد الدفاع عن وجهة نظر جاسم المطير بها ولكني اود ان اقول ما فهمته حين قرأت هذه الافكار
لكل عهد ديكتاتوري سلاحه الخاص في تدمير الانسان وتهميشه من اجل البقاء في السلطة وصحيح ان اوروربا بشعوبها ناضلت اكثر من 150 سنة لتصل ماتصل عليه الان ولكن هذا لايعني ان نمر بنفس التجارب المريرة التي مروا بها لنتنفس الصعداء بعد ذلك والا ملقيمة تراكم المعرفة الانسانية والاستفادة من التجارب الانسانية
ماذهبت اليه سيدي العزيز صحيح تماما ولكنهم الان يعيشون عصرا من الممكن ان ياتينا على طبق جاهز لنطبق مانريده خدمة لشعبنا
الديكتاتورية في العراق الان تريد الانفراد بالسلطة باسم الطائفية والمذهبية
ولو يملك اصحاب السلطة وعلى رأسهم السيد المالكي بقايا غيرة على هذا الشعب لاحترم نفسه وتخلى عن الكرسي لانه ببساطة انتهت مدة خدمته ففي كل العالم الان لاتوجد دولة تحترم نفسها تظل بلا حكومة كل هذه الفترة
لقد رأينا مافعله السيد المالكي وزمرته في مقدرات الشعب ولايمكن لك ان تقنعني انه كان عاجزا عن قلع جذور الفساد والقبض على كل المخربين ولا يمكن ابدا ان يظل هذا الفساد المقيت معشعشا بيننا ابتغاء المطامع الشخصية


6 - تابع
محمد الرديني ( 2010 / 6 / 17 - 00:40 )
لا أميل الى ترجيح كفة سياسية على اخرى فانا بالمطلق متشائم فقد ولى عهد اليسار العظيم كما ولى الاتحاد السوفيتي ولكن الذي اريد ان اؤكد عليه ان شعبنا بانتظار رجل شريف يلتف من حوله شرفاء لايبغون الا خدمة هذا الشعب الذي لم نجد في التاريخ شعبا مثله عانى ما عاناه
اليس من الافضل ان يتذكرنا الناس بكلمة طيبة حين يقولون كما قالوا عن سوار الذهب الذي وعد بتسليم السلطة في اول انتخابات سودانية وكان عند قوله ام يريدون ان يزيدوا الملايين الاضافية في ارصدتهم الداخلية والخارجية
سلمت ايها الاكاديمي المخضرم


7 - لعنة الجياع
عبد الحسين سلمان ( 2010 / 6 / 18 - 09:47 )
تحية للاستاذ المطير والى كل اصحاب الردود
الذي لفت نظري وجعلني مندهشا ومستغربا هو تعليق الصديق الاكاديمي المخضرم والذي مع الاسف اطلقت عليه لقب الاكاديمي المتجدد ومع الاسف الشديد سوف اطلق عليه لقب الاكاديمي المتحجر..وانا لااعرف المطير ولا هو يعرفني كما انني لا اعيش في بلد الزهور بل اعيش واعمل تحت رحمة صحراء الربع الخالي
بيع الكتب ليس عيبا بل هي من انبل المهن ويكفي ان اصحاب الاكشاك في شارع المتنبي هم من صفوة المثقفين العراقيين ومنهم سعدون هليل ابو محمد
هذا اولا وثانيا اراد الاستاذ المطير ان يقارن بين انتخابات هولندا وانتخابات العراق...وبين كيف ان الاول استقال بينما الثاني لزكة جونسون
وبالقلم العريض ايها الاكاديمي ان بيتر بالكينده هو سليل تقافة متحضرة والمالكي سليل سيد قطب والمادودي.. الاولى تحترم الانسان والثانية تسحقه
وكما قال صديقنا حسين محيي الدين .. مقارنة غريبة .. مقارنة المعلم بالبلطجي
اي شرف وسموا يكفي المالكي؟؟؟ سوى لعنة الجياع
مع فائق التقدير والمحبة

اخر الافلام

.. ترقب نتائج الجولة الثانية من الانتخابات التشريعية المبكرة..


.. مفاوضات الهدنة.. ضغوط متزايدة على نتنياهو لقبول الاتفاق




.. الناخبون الفرنسيون يصوتون في الجولة الثانية من الانتخابات ال


.. اعتراض صواريخ في سماء جبل ميرون أطلقت من لبنان




.. قوات الاحتلال تقصف مدرسة العائلة المقدسة في غزة