الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


لامبان في كتاب جديد : اصل الحجاب وثنيّ ولا علاقة له بالاديان التوحيدية

مازن لطيف علي

2010 / 6 / 17
قراءات في عالم الكتب و المطبوعات


هل يشكّل الحجاب حقاً إحدى العلامات الدينية ؟ هل هو مرتبط فعلاً بالإيمان والتوحيد ؟ هذه التساؤلات تطرحها الكاتبة رزوين . أ . لامبان في كتابها الجديد " حجاب النساء.. عرض تاريخي نفسي وانطولوجي" حيث توضح ان مسألة حجاب النساء، المرتبطة بمسألة المساواة بين الجنسين ، لم تُحلّ بعد في اوروبا التي ترسّخت النزاعات فيها بهذا الشأن في نهاية القرن العشرين .

لقد ارادت الكاتبة تبيان ان حجاب النساء لم يكن ، تاريخياً، قضية خاصة بالاسلام، وان المقاصد الاجتماعية والنفسية من فرض الحجاب معروفة في الواقع الى حدّ كبير. وقسمت لامبان بنية الكتاب الى ثلاثة اقسام : الأول تناول حجاب النساء في العصور القديمة ، حيث كان الحجاب شائعاً في العصورة القديمة والوثنية في معظم أقاليم البحر المتوسط ، ومنها انتقلت عادةُ وضعه إلى اوروبا وإفريقيا والشرق .

وتظهر الحفريات الأثرية ، بالاضافة الى دراسة النصوص القديمة ، ان نساء منطقة الشرق الأوسط لم يكّن في الأزمنة التوراتية يغطين رؤوسهنّ بصورة معممة ومتواصلة. وقد اظهرت التماثيل والمنحوتات الجدارية ذلك في مصر وبلاد الرافدين، وفي قلب الامبراطورية الحثيّة، وكذلك في سورية وارض كنعان وهي مناطق شاعت فيها تغطية الرأس.

كذلك أظهرت هذه المنحوتات تنوعاً كبيراً في أشكال تصفيفات الشعر النسائيّة، ما يحدونا على الاعتقاد بأن النساء كن يخرجن سافرات ايضاً ، وكانت البدويات في جزيرة العرب، خصوصاً ، يسرن سافرات غالباً على عكس نساء المدن .

وترى الكاتبة ان تاريخ الحجاب في إسرائيل وفي الديانة اليهودية، أقدم الديانات التوحيدية، وأمّ الديانتين التوحيديتين الأخريين، تاريخ جدير بالاهتمام لأنه يوضح ان لا جذور لتقليد الحجاب النسائي في اللاهوت والاسس التوحيديّة، ويعزز النظرية القائلة بأن التقليد الديني للحجاب النسائيّ جاء من الثقافات الوثنيّة الحلوليّة، وبأنه يرتبط بعبادة الالهة التي حاربتها الديانات التوحيدية عموماً .

وتذكر الكاتبة انه لا تقدم لنا الوثائق التوارتيّة دلالة متجانسة حول ارتداء النساء اليهوديات للحجاب ، كما أن التوراة تغطّي فترة زمنية مديدة يصبح من المحال التخيّل أن غطاء الرأس النسائيّ قد اجتاز جميع تلك القرون محافِظاً على الشكل ذاته . تؤكد الكتابة ان القرنين الرابع والسابع أدخل الحجاب النسائي إدخالاً تاماً في الكنيسة ومؤسساتها التي جعلت منه ، لاسيما في الغرب ، رمزاً للمسيحية . وإن ابتلاع العادات الوثنية على هذا النحو لإيهام المسيحيين بأن الحجاب النسائي نابع، تحديداً من دينهم ، يشبه الخداع الذي لجأ إليه بعض أصوليي القرن العشرين المسلمين عندما حاولوا إقناع أتباعهم بأن الحجاب رمز خاص بهم في حين أنه ، في الواقع، لايشكل سمة لأيّ دين ، بل هو ، بالاحرى، علامة ارتداد ماضويّ إلى تقاليد تَرتقى إلى العصور الغابرة ، اي قبل ولادة المسيحية ، ومن بعدها الاسلام .

فالحجاب في القرن العشرين هو دلالة على رفض التطور الاجتماعي، بمعنى انه ظل في القرن العشرين رمزاً للراهبة ولمن نَبذت الزواج وتخلت عن الحياة الجنسية . بات الحجاب إذاً معنى ملتويا ومغايرا مقارنة بالتقليد القديم ، واصبح يشير في مسيحية القرن العشرين ، إلى المرأة غير المتزوجة.

غير أن طقس التكريس الكاثوليكي يزوج الراهبات بالمسيح ، أما بالنسبة للأخوات البروتستانتيات ، اللواتي ـ بالمقابل ـ لا يزوجن بالمسيح ، وليس لديهن إلا طقس التكريس الرهباني، فإن ارتداء الحجاب ليس له أي معنى.

في القسم الثاني تناولت الكاتبة التسريحة النسائية في الكنيسة الكاثوليكية خلال القرن العشرين حيث كان هذا القرن من اكثر الفترات هياجاً فيما يتعلق بتسريح الشعر النسائية، نظراً لما اعترى الكنيسة الكاثوليكية أثناءه من اضطراب وهي ترى نفوذها يتآكل شيئاً فشيئاً ، فقد تصارعت تصوّرات عدة للكنسية خلال القرن المذكور جاعلة من موضوع ثياب النساء ذريعةً للجدال بين الليبرالييّن والمحافظين . تطور المجتمع بتسارع كبير أصبح معه اللباس النسائي في قلب المعركة التي وجب على الكنيسة خوضها لكي تبقى على قيد الحياة .

وتلاحظ الكاتبة ان الصراع بين العلمانية والدين يمرّ في جزء منه آنذاك عبر حجاب النساء وفي العشرينيات من القرن الماضي راحت الابتكارات الجديدة في تصاميم الأزياء التي رَفضت الدخول في تلك اللعبة تتطوّر بمرور الزمن ، فقد كانت الحرب العالمية الاولى وراء تجديد الأزياء ، وسبباً في تحول اجتماعي لا سابق له في آن . انه تحولُ ستزداد قوته أضعافاً أثناء الحرب العالمية الثانية ، فقد تطور التعليم بسرعة كبيرة بعد الحرب العالمية الولى ؛ وتمكنت بعض الطبقات الاجتماعية ، التي كانت حتى ذاك فقيرة ، من تحصيل العلم وتحقيق شيء من اليسر المادي .

وفي تلك الفترة قَصّرت الموضة التنورة وكشفت اجزاء من جسد المرأة ؛ كاحلها، وربلة ساقيها، وكتفها، وذراعيها ، وشعرها . لكن اعتباراً من تلك الفترة تزايدت النصوص الكنسيّة التي تدين الموضات النسائية المشبوهة . وأصبحت تغطية الرأس في صلب مطالب الكنيسة لمواجهة تحديث اللباس النسائي غير ان عدد النساء اللواتي اعرن تعليمات الكنيسة أذناً صمّاء أخذ بالازدياد ، وابرز تغيير مظهرهنّ تراجعَ هذه المؤسسة واضمحلالها.

القسم الثالث تمحور حول المعنى العميق لحجاب النساء حيث اعتبرت الكاتبة ان أول حقيقة نكتشفها بعد قراءة النصوص اليهودية والمسيحية هي أن الحجاب قد فُرض على النساء للدلالة على الاختلاف بين الجنسين بما ينطوي عليه من علاقة خضوع .

فالمظهر الاجتماعي للحجاب هو الذي يشير الى تنظيم إنساني معين قائم على التراتبية . وتضيف الكاتبة ان اولئك الذين يحاجّون مؤيدين ارتداء الحجاب في مدارس الدولة، وذلك بأسم الدفاع عن احترام الاديان والثقافات إنما يشيدون في الوقت ذاته بعدم المساواة بين الجنسين ـ اي انهم يعارضون أحد المكتسبات الأساسية للديمقراطية الحديثة ، فالحجاب ليس جزءاً من دين محدد أو ثقافة معينة ؛ بل هي رؤي بطريركية للمجتمع .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - الاخ الكاتب العزيز
بان الراوي ( 2010 / 6 / 19 - 11:20 )
بالحقيقة مقالك من اطرف وامتع ما فرات
لانك تاتي الى قضية دينية اسلاميه لا اختلاف فيها وهي من ثوابت الدين
وتريد ان تثبت عكسها بكتاب الفته الفرنسية لامبان وحفرياتها
طريف حقا
طريف

اخر الافلام

.. إسرائيل وحماس تتمسكان بموقفيهما مع مواصلة محادثات التهدئة في


.. إيران في أفريقيا.. تدخلات وسط شبه صمت دولي | #الظهيرة




.. قادة حماس.. خلافات بشأن المحادثات


.. سوليفان: واشنطن تشترط تطبيع السعودية مع إسرائيل مقابل توقيع




.. سوليفان: لا اتفاقية مع السعودية إذا لم تتفق الرياض وإسرائيل