الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


بغداد ألف ليلة

محسن ظافرغريب

2010 / 6 / 18
الادب والفن


بغداد ألف ليلة وشهريار السادي يسكنها مُذ عصرها الذهبي، (حرة الدنيا) كانت شهرزاد لباسها، بي (شهريار) لوعة شعرها وسردها، وبغربة الحر الحرف الراعف تاريخ وضع لبنة نظامها الجمعي، نواة مسكونة بمازوخية حادة في الحب والحرب في آن معا!.
بغداد دار الحكمة، تكتب وتترجم، رغم رقابة المغول، والقاهرة تطبع وبيروت تقرأ وتتمثل وتهضم نكتار روح وحيها الملهم!.

أكثر من 40 مخطوطاً من سفر "ألف ليلة وليلة"، الأولى في القاهرة والثانية في دمشق؛ تضمن آياتاً قرآنية، تـُظهر سماحة وسعة اُفق رحب يستوعب جلالة الملكة الكلمة. بدء بعام 1824م تبنت مطبعة "بولاق" الشهيرة في القاهرة، تحقيق الشيخ عبدالرحيم الصفتي، لألف ليلة وليلة، في أول طبعة عربية تلتها ترجمات بغير لغة الضاد، نشرت لشتى اللغات قصة "علاء الدين والمصباح السحري". نص، لايُنسب إلى كاتب بعينه، سبر غور المسكوت عنه في الأدب الرسمي، ما تعلق بالسياسة أو بالجنس. وصور (شعبياً شبه كوميدي) الولاية الكبرى في الإسلام برمزها الخليفة "هارون الرشيد" وما آل إليه ملكه العضوض من تفكك داخل أسرته، لداعي العنف الذي عبرت عنه قولته الشهيرة بفصل هذا (الرأس) عن هذا (البدن)، وسيافه "مسرور" بحضرته، بقتل ولده لأخيه، "الأمين" من رحم شهرزاد عربية، و المأمون من رحم أعجم!.
لبنان بيروت التي تطبع لبغداد ألف ليلة وليلة، أنجب كاتبة كتابها الأول (نوم الأيام) صدر عام 1986.روائية ثلاثية: "مريم الحكايا"، "دنيا" و"اسمه الغرام"، (علوية صبح)، على نهج ألف ليلة وليلة بغداد وشهرزاد والجنس المحرم، فمنعت رواياتها من التداول في بعض الأقطار العربية، لأن الرقيب لم ير منها سوى الجنس الفاضح، لا معالجة ثيمة العنف الأبوي - السلطوي (الذكوري الشهرياري)، وآليات القمع والعنف داخل العائلة، وكيف أنها تقود في النهاية إلى تفجر الحروب، أي الحرب العالمية الأولى والثانية وصراع الطوائف في العراق ولبنان؛ تقول (علوية صبح)،المشكلة أن المرأة عندما تكتب عن الجنس، فإننا لانرى سوى الجنس"، الجنس جزء من الرواية التي هي تعبير عن ذاكرة نساء على مدى خمسين عاماً. أنا أكتب بجرأة غير معهودة في الكتابة العربية، غير أني أوظف الجنس توظيفاً فنياً. أنا لا أكتب الجنس بطريقة فضائحية."

الحرب زمن الحكايا، يطفو على سطح مثل بئر مظلمة، مثل ذاك الوعي، المسكون بالجن والخرافة والخوف من المعرفة، قرين العجز لدى بعضهم الآخر، عجز يصمت عنه حسن ويعوِّضه بسلطة يستحدها من زمن ذكورته وثقافتها فيربط أطراف عروسه فاطمة بالحبال ويشدها الى حديد النافذة كي يتفوق على عجزه الجنسي ويدخلها. في الليل، وفي غياب مرآته، يسقط حسن مجدداً في عجزه. يعود الى غريزته وتبدو البقرة مرآة لا تُريه من علاقة الجسد بالجسد، او من علاقة الرجل بالمرأة، سوى الجنس، او اللذة على ادنى مستوياتها. وعلى هذا المستوى يمارس حسن سلطته.

رواية داخل رواية
مريم الحكايا
التوفر:
عدد الاجزاء: 1
سنة النشر: 2002
الطبعة رقم: 1
الناشر: دار الآداب
صفحة: 426
القياس: 19.5cm x 13cm
تعريف الناشر:
ظلت علوية لأسابيع تنهض في الليل من عز نومها، فتجد نفسها تبكي ماءً ووحلاً يبللان الوسادة. دموعها لا تستأذن خدها لتهبط عليه وعلى الأوراق البيض الفارغة كلما اقتربت منها وجلست خلف مكتبها لتحاول أن تكتب الرواية من جديد.
طلبت منها أن تعيد كتابة الرواية، ولكنها قالت لي: حاولت ولم أستطع، الإنسان لا يولد مرتين، وكذلك الحكايات. فالحكاية حين تحكى مرة أخرى تصبح حكاية أخرى. علوية التي تكتب داخل كتابة امحت بـ"الماء والوحل". تكتب رواية مشتركة مع ذاتها الثانية (زهير) وذاتها الثالثة (مريم) كأنها الجميع وتظلّ محجوبة عن الانظار، شخصية غريبة غامضة، تائهة في البحث عن الرواية نفسها ولا تعثر عليها، بل لعلها فعلت قليلاً عبر شاشة التلفزيون مما ضاعف من وهم وجودها، فالشاشة مكان افتراضي غير ملموس يجعل الشخص البادي في اطاره ذا وجود افتراضي كذلك. والحقيقة تظل تفلت من اليد، تتأرجح بين معضلة الكذب ومعضلة ما يخفيه "صدّقتهم وكذّبت نفسي بعدما كادوا يصيبونني بالجنون لاقناعي بأنهم أبطال في كتابي، وبأنني لست سوى بطلة هامشية فيه" (ص301). "غرفتي. ملجأ لحكاياتهن وأسرارهن. أستقبلهن فيها ويتوزعن جلوساً على الأرض والصوفا التي ما زالت تبدو حتى الآن حرائق سجائرهن عليها بقعاً صغيرة دوائرها سود. أغلي لهن القهوة في الركوة الكبيرة الحجم، وتتصاعد الحكايات من أفواههن بحرارة أعلى بالتأكيد من حرارة البخار الذي يتصاعد من الركوة".

في مستهلّ الرواية: (المسألة انتهت بالنسبة إليّ). أما الختام فينتهي في الشكّ: (لم تتأكد من شيء,). فنسأل: هل نحن امام شهرزاد جديدة تحكي لا لملك دأب على قتل نسائه، أمّها "كانت دوماً ذلك الكائن الغامض"، ذلك "النبع الأمومي" الذي "أجهل ماءه"، كما لم تُروَ أمّ بهذا الخليط العجيب والغريب من العوالم والوقائع والغرائبيات. سنقرأ الأم التي "أخبرتني كل ذلك وحكت لي حكايات خالاتي كلهن. خالتي البهسانة رنجس، البكّاءة، حزمت حقائبها وهي على أبواب السبعين من العمر وهرولت على درج الطائرة هرباً من لبنان الى أميركا (...) فيما خالتي المومس، نزيهة، التي كانت قد اختفت منذ حوالى الثلاثين عاماً، عادت لتظهر فجأة وهي أيضاً في السبعينات من عمرها. البكاءة أسرعت هرباً، والمومس أسرعت عائدة، فيما خالتي تفاحة صار حلمها الوحيد أن تكون تفاحة وحورية لآدم في الجنة".
إذ "لعناتها لنا كانت تجعلني أحسب أن أمي ليست من جنسنا، بل وأن كل الأمهات والمتزوجات لسن من جنس البنات. كنت أحسب أن كل أم تنتمي الى جنس ثالث لا جنس له (...) وكما لا تعترف بجسدها لا تعترف برغباتها. لم تعترف في حياتها بوجود أي لذة. كل الرغبات واللذائذ تخاف منها وتنكرها، حتى لذة الطعام (...) أمي لم تعترف يوماً بلذائذها وجنسها ولا بأن أبي الشاطر حسن هو رجلها". تحكي معها ابنتها "كما يفعل زوار القبور في قريتي. يجلسون حولها، يحكون مع موتاهم أكثر مما يحكون مع الأحياء" (...) "من غيّر هذا البطل من يساري الى اصولي؟ من غيّر الوطني الى متآمر على الوطن؟ من الذي أضاع المقاييس التي يبحث عنها في اوراقه؟ انها علوية ربما". (...) "شيء ما في داخلي دفعني الى الذهاب والسؤال عنه قبل ان أسافر. ربما لكي اتأكد اذا كنت اعرفه حقاً، أم ان علوية اخترعته".

الرواية تعبّر عن حقيقية حال علوية، واقع حياة قعر البئر (تلك التي هجست بها مريم مراراً). حياة تمزج الكتاب ومرآته، ابتسام ومريم وياسمين وزهير وأبو طلال، وكريم ومصطفى وأبو يوسف، "مريمات، وعلويات، وفاطمات، وسميّات، ويصير زهير وكريم وأبو يوسف وأبو طلال والدكتور كامل، بل الكل، كأنهم اسماء كثيرة لبطل واحد". "هل كانت امي تخترع الحكايات لتصدّقها، وهل علوية تخترع نهاية القصة لتصدقها؟" (...) "كل العتبات تفضي الى اسرار تخيف امي. كل انتقال او تغيير يعني وصولاً الى مجهول يخيف" (...) "بئر كانت تبتلعني وتهوي بي الى اسرارها المغلقة، فابتلع ماء موتي وابتلع الفراغ داخل عظام جمجمتي" (...) "لا. أنا متأكدة انها لم تمت قبل عام 86 على الاقل، فانا قرأت لها آنذاك كتابها - نوم الأيام - الذي صدر في ذلك العام" (...) "لا ادري ما الذي مات فيها حتى انقطعت عن الكتابة، ولا ادري ما الذي بدّلها وغيّرها". واضح اتجاه علوية الكاتبة، لا علوية احدى شخصيات الرواية، الى تصفية حساب ما مع ذاتها ومع القارئ، وكأن هذه الرواية على نحو ما سيرة ذاتية تستعيد فيها الكاتبة شريط حياتها، سلسلة ماضيها وحاضرها، لكن ضمن التساؤلات الصعبة والحرجة المتعلقة بالكتابة ومعناها، بالذات وموقعها في الوجود، بالسياسة والمجتمع، وبالعقبات العاطفية. . عن الناس، وهموم مشاكلهم الصغيرة - الكبيرة، عن المرأة - الرجل، جسدها - جسده، عن حياتها وضعفها، وفظاظته، شاعرية إلفة القرية وسذاجتها الجميلة "هيدا البصل منجدّله متل ما منجدّل شعر البنات. ما خص الحرب فيه... اذا إجت قذيفة حدنا وحدا مات مندفنه ومنبكي ومنعمل عزا، ومنرجع نجدّل البصل". بوح اكثر مما تسع الرواية الأصل!. "تغير النقاط والحروف والفواصل والواوات لتعثر على ذكرياتها ووجهها بين الوجوه والذكريات، ليصير لها اسم ووجه وذكريات (...) لتعثر على جواب. لمست يدها اليسرى، التي تكتب بها، فأحسّت بحرارتها، ولكنها لم تتأكد من شيء. لم تتأكد من شيء".

أنا جئتُ يا بغداد من وطن لو داعبتهُ الريحُ، تنكسرُ! ، كما تشدو "فيروز" بصوتها الملائكي!!.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. المخرج كريم السبكي- جمعتني كمياء بالمو?لف وسام صبري في فيلم


.. صباح العربية | بمشاركة نجوم عالميين.. زرقاء اليمامة: أول أوب




.. -صباح العربية- يلتقي فنانة الأوبرا السعودية سوسن البهيتي


.. الممثل الأميركي مارك هامل يروي موقفا طريفا أثناء زيارته لمكت




.. أمسيات شعرية- الشاعر فتحي النصري