الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حوار الطرشان

عبدالوهاب طالباني

2010 / 6 / 18
مواضيع وابحاث سياسية


في غمرة المشهد السياسي الحالي اوضح عضو ائتلاف العراقية فتاح الشيخ في تصريح يحمل قدرا غير قليل من الغباء:

"ان المادة 140 لن تكون حجر عثرة امام التحالف الكوردستاني وائتلاف العراقية . وزعم الشيخ في تصريح الى وكالة خبر للانباء: لا خلاف مع التحالف الكوردستاني في تشكيل الحكومة، كل الامور تحل عندما يتفاوض ويتفق الاطراف على المناصب الخلافية.مؤكدا" ان المفردات الخلافية بيننا وبين التحالف الكوردستاني سنلجأ بها الى الدستور ولا اتصور ان المادة 140 ستكون حجر عثرة امام التحالف الكوردستاني مع العراقي.

يبدو من هذه التصريحات ان الشيخ لا يفهم اساسا جوهر التحرك السياسي الكوردستاني ، وفاته ان اولويات الكوردستانيين بكل احزابهم ليست في مناصب وزارية وما شابه مع حقهم في كل ذلك ، ان اولويات الكوردستانيين تكمن في ترسيخ وجودهم واقدامهم على ارضهم التاريخية المستقطعة وعودتها الى بيئتها ومحيطها الطبيعي الكوردستاني ، وعلى رأس تلك المدن مدينة كركوك .

طبعا ، (من المفرح!) ان لا يكون هناك اي خلاف حول المادة 140 ( حسب تصريحات الشيخ) ، ولكن من السابق لاوانه ان يصدق الكوردستانيون بسهولة التصريحات اللفظية لعناصر "العراقية" وخصوصا ان بينهم من يتمنى حتى هذه اللحظة تعريض الكورد الى انفالات اخرى ، بل ويعادي الشعب الكوردي بكل وضوح ويعلن عن احقاده العنصرية جهارا وعلى الملآ. ولا اعتقد ان الكورد ستغريهم من الان فصاعدا الوعود والكلام الذي يقال في الليل ويمحوه النهار ، فالكورد شبعوا من وعود الاخرين الذين ما ان استلموا صولجان الحكم حتى تناسوا كل شيء ، واصبحوا يتامرون يمينا ويسارا من اجل تحجيم الوضع الكوردستاني ، وخلق المتاعب امام حكومة كوردستان والدخول في اتفاقيات امنية مع دول الجوار مضرة بالبلاد.

وفي خضم الصراع السياسي والمناقشات والتصريحات المتناقضة للاطراف العربية العراقية حول ازمة من سيشكل الحكومة العراقية القادمة ، تظهر هنا وهناك مثل هذه الطروحات وطروحات بعضها ليس الا محاولات لجس النبض ومعرفة ردود الافعال ، وقسم من هذه المواقف المعلنة ليس الا تكتيكات انية لا علاقة لها بستراتيجيات الاحزاب والكتل السياسية . وهذا الجدل في جانب منه يحمل في طياته احيانا اشارات الى مواقف حقيقية يمكن البناء عليها ، وفي جانب اخر قد تحمل هذه التصريحات الكثير من الدجل ، والكذب ، والضحك على الذقون.

ودون اي مراء او خشية من خسران اي طرف كان لكوردستان موقف واضح من العملية باسرها عندما اعلن الرئيس بارزاني ان الدستور يقول يجب ان يعهد بتشكيل الوزارة الى الكتلة العراقية لانها كقائمة حصلت على اكبر الاصوات في الانتخابات ، مؤكدا على الاولويات الكوردية في موضوعة احترام الدستور بكل مواده بما فيه المادة 140 .

وفي رأيي المتواضع عندما اعلن الرئيس بارزاني هذا الموقف كان يدرك بالتأكيد ان "العراقية" حتى وان كلفت بتشكيل الوزارة الجديدة سوف لا تستطيع ان تفعل ذلك لانها ستجابه بالموقف الموحد للكتل الشيعية التي ، منطقيا ، لن تغامر بنسف فرصتها السياسية في حكم العراق حتى وأن كانت الخلافات بينها تصل الى حدود التقاطع شبه المستحيل. والرئيس بارزاني كان واقعيا في كلامه ولم يحابي "العراقية" على حساب الكتل الاخرى.

وفي جانب اخر فالموقف الكوردستاني يبدو واضحا لاي مراقب ، فهم اذ يفهمون جيدا عمق الخلافات السياسية والطائفية في العراق ، ويعرفون ان ليس سهلا اذابة كل هذه الجبال من الجليد الذي تراكم في تاريخ العراق الذي بني على اخطاء وتناقضات سياسية قاتلة ، اقول مع معرفة كل هذه الحقائق فقد اعلن ممثلوهم انهم سيكونون مع من يعمل على احترام الدستور ، ويتعهد بتنفيذ بنوده وخاصة المادة 140 وكذلك مع من يتعهد بتفهم الخلافات مع حكومة كوردستان ويعمل على معالجتها حسب الدستور ايضا ، ويمكن ان يدرك المراقب جيدا ان هذا الموقف لا يقبل اي تفسيرات او توضيحات ، ولا يتضمن اي تكتيكات انية ، بل انه يدق بكل وضوح وصدق في عمق العملية السياسية.

ولكن المصيبة هو ان تكون هناك اطراف عربية عراقية ( سنية وشيعية) لا تريد تنفيذ بنود الدستور العراقي وتتحايل عليه بكل الاساليب غير المشروعة ، فيضطر الجانب الكوردي (صاحب المطالب التعجيزية!!) للدخول مع تلك الاطراف في مفاوضات ومناقشات ومساومات كي تكون تلك الاطراف وفية لدستور البلاد وتحترم وثيقة المواطنة وضمانة (وحدة ) العراق انطلاقا من مضامين دستوره ، بينما تلك الاطراف نفسها تدعى (العراقجية) الى حد التعصب وتتهم الكورد بعدم احترام (الوحدة الوطنية!) ، بالله عليكم اين يحصل هكذا مواقف منافقة سوى في بلد مثل العراق؟

ان هذا المشهد لوحده يؤكد مدى هشاشة الاساس الذي صنع به الانكليز هذا الكيان ، فاكثرية اهله يعتقدون بأن الكورد عالة عليهم ، فاما اين يكونوا عراقيين (بمعنى الغاء طموحاتهم القومية الاساسية ) او لا يكونوا . وهذه ال(اللايكونوا) لا تحمل معان غير المعاني التي جسدتها حروب الدولة العراقية منذ تاسيسها ضد الكورد الى الان ، اقول الى الان وهي حرب بوسائل اخرى لا تقل شراسة في ابعادها السياسية والاجتماعية عن الحروب العسكرية التي استمرت تحرق كوردستان طيلة عمر الكيان العراقي.

ويبدو ان الحوار مع الاطراف العراقية الاخرى ينحصر في بذل جهد كوردي ل(حمل) الاطراف العراقية على احترام الدستور ، والغريب ان تلك الاطراف وحتى قبل بدء المجهودات الكوردية بدأوا يصرحون بأن (تنفيذ المادة140 ) الدستورية مطلب تعجيزي.!!

ولنكن صريحين ، الا تعني هذه المواقف( العراقية) ان الكورد يدقون على حديد بارد ، وانهم ينشغلون في حوار طرشان ؟

ما الجدوى اذن من كل هذه اللعبة التي نحب نحن الكورد ان نسميها ديمقراطية( لا ادرى انضحك على انفسنا ام ماذا؟) ، وهي لعبة ( في شكلها العراقي) ليس الا نوعا من الضحك على الذقون.

فالكورد متهمون في كل الحالات وليس في العراق وحده ، في ايران وفي تركيا نرى الشئ نفسه ، وهي تبدأ من التحايل على الدستور منذ تشريعه ومن السموم التي يطلقها اعضاء في البرلمان العراقي ضد الشعب الكوردي علانية لتتحد مع اصوات المدافع الايرانية التي تقتل زرعنا وضرعنا وحياتنا على الحدود ، وتتماهى مع النيات السيئة لحكام الاناضول العنصريين الذين يتناسون مكابدات عشرين مليون انسان كوردي يقتلونهم منذ دهر ، ويضحكون على العالم بارسال سفن (الحرية) لانقاذ الارهاب باسم انقاذ اهل غزة .

لا ادري ، بماذا يمكن ان يوصف دور الوفد الكوردستاني الى بغداد الذي يبدو ان مهمته الاساسية تكمن وتدور حول تثقيف (الاطراف العراقية ) كي تحترم الدستور؟

تصوروا اذا قال العراقيون في الكتل المعروفة انهم لا يحترمون الدستور ( طبعا بالطريقة التحايلية المعروفة عنهم ومن خلال المساومة على المادة 140) فماذا سيكون الموقف؟

ارى ان الكورد يخوضون مناورات صعبة جدا اهم عناصرها هو عدم وجود النية الحقيقية عند الاخرين كي يكونوا عراقيين بالمعنى الديمقراطي المعاصر الذي يعشعش في العقل الكوردي ، وهم ما زالوا اسرى افكار المس بيل ورئيسها بيرسي كوك ، ويبدو ان الكورد يريدون وبالحاح غريب ان يكونوا ملكيين اكثر من الملك!

وقد يعتقد بعض الاطراف العراقية وبعض من يقف وراءهم عبر الحدود ان ثمة حقائق ثابتة لا يمكن تغييرها في الواقع العراقي مهما بلغت امواج الصراعات من ارتفاع ، هذه الاطراف بقناعتها تلك انما تقود العراق الى ضفاف ستأكلها الامواج نفسها ، والواقع الذي قد يعتقدونه ثابتا هو هش بما فيه الكفاية ، وليست هناك ثوابت يمكن ان تتحمل صدمات العصر وعلى الاقل صدمات القصور في فهم التغيرات التوازنات الدولية الحالية ، ومن يعتقد ان الكورد محاصرون ويسهل خنقهم اذا تطلب الامر ، فأنهم واهمون كثيرا ، فالابواب الفولاذية الموصدة التي يحرسها طواغيت الشر من الشوفينيين والعنصريين الفاشيين ، والتي كان صعبا فتحها في العقود الماضية ، اصبحت الان هشة امام المعادلات الجديدة التي فرضتها ارادة الشعب الناهض ، وامام العقل والحكمة التي تسير اوضاع كوردستان وجعلتها عصية امام عفاريت الارهاب البعثي القاعدي الاسلامي المتطرف.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. Ynewsarab19E


.. وسط توتر بين موسكو وواشنطن.. قوات روسية وأميركية في قاعدة وا




.. أنفاق الحوثي تتوسع .. وتهديدات الجماعة تصل إلى البحر المتوسط


.. نشرة إيجاز - جماعة أنصار الله تعلن بدء مرحلة رابعة من التصعي




.. وقفة طلابية بجامعة صفاقس في تونس تندد بجرائم الاحتلال على غز