الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ثلاثة شهور مالكية ذهبت مع الريح ..!

جاسم المطير

2010 / 6 / 19
مواضيع وابحاث سياسية


ثلاثة شهور مالكية ذهبت مع الريح ..!
من الواضح أن محاولة جمع الائتلافين الشيعيين (دولة القانون) بزعامة نوري المالكي و(الائتلاف الوطني) بزعامة عمار الحكيم في ما أطلق عليه أسم (التحالف الوطني) الذي تشكل بعد حوالي 3 شهور من انتهاء الانتخابات البرلمانية العراقية كان تكتيكا مقصودا .
الأساس في تشكيل هذا التحالف هو محاولة جعله (الأكبر) من جميع التكتلات الفائزة في انتخابات يوم 7 – 3 – 2010 عسى أن يكون (مقروءا دستوريا) من قبل المحكمة الاتحادية ليسهم ، حسب نظرهم ، في تغيير موقف رئيس الجمهورية ، بعد انتخابه ، من تحدي (الصمت) إلى إعلان (الكلام) بتكليف رئيس القائمة العراقية إياد علاوي بمهمة تشكيل الوزارة القادمة . كان الهدف من التحالف المذكور هو استجابة للظرف الخاص ذي المكون النفسي الخاص ببعض قادة دولة القانون وبعض قادة الائتلاف و منافسة (الكتلة العراقية ) لهم ولتحدياتهم وطموحاتهم إثر نجاح هذه الكتلة بنيلها اكبر عدد من المقاعد الانتخابية في مجلس النواب الجديد.
استغل نوري المالكي وعمار الحكيم القصور الواضح في وعي الشعب العراقي، في المرحلة الشائكة بالمحاصصة والطائفية والميليشيا ومفخخات تنظيم القاعدة ، التي أعقبت سقوط الدكتاتورية عام 2003 فراحا يركضان وراء شعار يحمل مفهوما جديدا هو (تشييع الوزارة) بمعنى جعل الوزارة العراقية تحت قيادة شيعية . لا ادري هل أن انشغالهما بالصراع حول (أدب الدين) و(أدب الدنيا) أنساهما المفهوم الذي أشاعه صدام حسين وعمل به طيلة 35 عاما اعني مفهوم (تبعيث السلطة) ومن ثم (تبعيث المجتمع) أي جعل (السلطة والمجتمع) تابعين أبديا لحزب البعث وفق نظريته ( جئنا لنبقى ) .
اثبت نوري المالكي وعمار الحكيم ومن خلفهما بعض القياديين الشيعة مثل علي الأديب وحيدر العبادي وعباس البياتي وحسن السنيد وهادي العامري وخالد العطية وهمام حمودي وغيرهم من عشرات المعاونين والمستشارين وأعضاء البرلمان ومجالس المحافظات ، أنهم ، جميعا ، لا يملكون (قدرات متكاملة) في العمل المثمر للوطن والشعب وذلك من خلال مواصفات الزهد والعمل المتواصلين كمدخرين ، في الحاضر والمستقبل ، يؤهلهما البقاء على رأس السلطة (إلى الأبد) ، كما يعتقدون ، رغم أن (عقيدة إلى الأبد) ليست عقلانية وليست علمية ، كما أنها تتعارض مع علمية وعقلانية الديمقراطية ، التي فرضت نفسها على العراقيين ، جميعا ، سنة وشيعة ، بعد سقوط أصنام الدكتاتورية . الديمقراطية ، كما يعرف الجميع ، تتعارض تعارضا رئيسيا مع (الحكم المطلق) الذي تدور مفاهيمه في عقول بعض أجهزة الإعلام ، السمعي والبصري ، المبشر ، يوميا ، برأي عام طائفي للدخول إلى الجنة بينما غالبية الطرق المؤدية إلى وظائف الدولة مليئة بالفاسدين من أتباع الذئاب والنمور والخنازير وبنات آوى حسبما تشير إلى ذلك بعض تقارير هيئة النزاهة التي لا تكتم البينات القانونية في تصريحات رئيسها عن اثام وخيانة وزراء ووكلاء ومدراء عامين وصولا الى خطيئة الموظفة في امانة العاصمة وجميعهم في الغالب من مناصري (التحالف الوطني) أو من أعضائه .
لعل من الجدير بالذكر أن كتلة دولة القانون ورئيسها نوري المالكي قد تحولا بعد نيسان 2003 من مناضلين لإسقاط الدكتاتورية إلى (نخبة سياسية – إدارية) غير متمرسة بعلوم وأساليب عمل مؤسسات الدولة ، من ثم إلى (نخبة قيادية) تحاول إتقان ممارسة خلق الظروف المناسبة لبقائها في السلطة وعدم السماح بتداولها ، معتقدين أن خطبهم في الشاشات الفضائية كافية لتحقيق مساواة المواطنين أمام القانون في وقت يهملون فيه إهمالا تاما كل ما يتعلق بدماء الشعب المسالة في الشوارع من دون إيقاف مسيلها . كان من نتيجة هذا التحول من طبقة نخبوية مناضلة ضد الدكتاتورية قبل عام 2003 إلى طبقة لا ترضى بأن يخلفها غيرها في دهاليز السلطة والحكم . لذلك تقاوم ، بمختلف السبل ، مفهوم ووقائع (تداول السلطة) حسبما فرزته نتائج الانتخابات في 7 – 3 – 2010 رغم وجود ملاحظات كثيرة عن أن تلك النتائج لم تكن نزيهة بالكامل .
لكن كتلة (دولة القانون) ومعها حليفها القديم – الجديد (الائتلاف الوطني) لا يريدان التنازل السريع عن مكاسب مادية ، وعن نفوذ كبير ، وعن مكانة اجتماعية – سياسية ، وعن وسائل توزيع الخيرات على منتسبيهم في الوظائف العليا والمناصب السيادية ، كوسيلة لاختراق الاقتصاد العراقي الخاص والسيطرة عليه تماما . إنهما لا يريدان التخلي عن (السلطة) لأن في هذا التخلي (خسارة مادية- -سياسية - نفعية) تجعل هذين الحزبين سائرين إلى خسائر أخرى في الانتخابات القادمة . لذلك فأنهما ظلا يتشبثان بــ(السلطة) ومراكز الحكم والوزارة ورفض آلية (الانتقال السلمي – الانتخابي – الديمقراطي للسلطة) . من هذا الموقف كان لجوئهما ــ بعد فشل دولة القانون إلى ما سمي ــ إعادة الفرز والعد ــ من ثم إلى المحكمة الاتحادية للحصول على (مسند قانوني) يضعهما بالمرتبة النيابية (الأولى والأكبر) حتى يصار لتكليفها بتشكيل الوزارة الجديدة التي هي ، الآن ، حامل في شهرها الرابع بنوع من الحمل الصعب ، خارج الرحم الوطني وليس داخله ، خاصة بعد صدور قرار المحكمة الاتحادية قبل يومين بعدم الموافقة القانونية على جعل التحالف الوطني هو الكتلة الأكبر الفائزة في الانتخابات بسبب عدم صلاحية المحكمة نفسها لإصدار مثل هذا القرار كما أشار قرارها الدستوري المتواضع .
مع الأسف الشديد أننا نرى وجود تصورات الخلافية الشائكة لدى اكبر قوتين دينيتين شيعيتين منحازة إلى نفسيهما وليس للشعب كله ، كما أن هاتين القوتين تمارسان مواقف لا تخلو من تطرف يلحق ضررا بصميم مبادئ الديمقراطية والمساواة أمام القانون . كما انه لا بد من مصارحة السيدين نوري المالكي وعمار الحكيم ان شئون الحكم والسلطة هي شئون مختلفة تماما عن ادارة الشئون الدينية والمذهبية وهي ( شئون مثالية – غيبية ) . لا بد من المصارحة بالقول ان الدين والمذهب لا يرتبطان بالدولة وإذا ما ارتبطا فان ذلك الارتباط يسيء إساءة بالغة بالمؤسسات الديمقراطية وبمفاهيمها ومدلولاتها مثلما لا ينجو الدين والمذهب من أذى كبير وانقسام حاد في حالة ارتباطهما بالدولة وبالسياسة وبالسلوك الاستبدادي وبالديماجوجية السياسية .
لا أظن أن نوري المالكي وعمار الحكيم لا يساورهما قلق كبير على الدين الإسلامي وعلى المذهب الشيعي او أنهما ليسا حريصين اشد الحرص على ضمان سلامتهما وتقدمهما ، لكنني اذكرهما بأن أول الحرص والسلامة يكمن في الدفاع عن مصالح الشعب العراقي كلها وفي مقدمة ذلك تأمين حقوق المواطنين الفقراء ورفع مستوى حياتهم وذلك ما لم يتوفر خلال السبع الماضية من السنين . المسألة الأساسية هنا لا تتطلب الركض وراء ( قيادة السلطة) وإلا فلا ..! بل يمكن الانطلاق من (المشاركة بالسلطة) بل حتى أن (معارضة السلطة) يمكن أن تسهم في بناء مستقبل العراق كله والنضال للخروج من دائرة التخلف الاقتصادي ،عن طريق العمل لتطوير إستراتيجية التنمية الصناعية والزراعية ، كي يساهموا جميعا مثل القوى الآخرى في الحكومة وفي أجهزة الدولة لرفع المستوى الغذائي والاستهلاكي والصحي لأنباء الشعب كافة .
أن مشكلة (تشكيل الوزارة) لا يمكن حلها بتضييع الوقت ولا بالاستبداد في الرأي أو التخويف بالسيف ، بل بإعادة فرز المعضلات كلها والعمل السريع لحلها لتعزيز المقومات الأولية للديمقراطية ، لجميع المؤسسات الدستورية ، أولها تطبيق المواد الدستورية المتعلقة بالرئاسات الثلاث ، الجمهورية والوزارية والبرلمانية ، واحترام الإرادة الشعبية ، واحترام قرارات المحكمة الاتحادية ، واحترام مفهوم العالم الألماني (ماكس فيبر) حول (الشرعية السياسية) التي قال فيها ( أن نظام الحكم لن يكون شرعيا إلا عند الحد الذي يشعر فيه المواطنون بأن ذلك النظام يعمل لصالح الشعب والوطن ، عند ذاك يستحق التأييد والطاعة ..) .
ختاما أقول أن قوى الشعب عليها أن تظهر سريعا في الشارع العراقي لتقول كلمتها مذكرا القراء الأعزاء بقول المصلح عبد الرحمن الكواكبي :( الأمة التي لا يشعر كلها أو أكثرها بآلام الاستبداد لا تستحق الحرية ) .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
بصرة لاهاي في 19 – 6 - 2010








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ترقب نتائج الجولة الثانية من الانتخابات التشريعية المبكرة..


.. مفاوضات الهدنة.. ضغوط متزايدة على نتنياهو لقبول الاتفاق




.. الناخبون الفرنسيون يصوتون في الجولة الثانية من الانتخابات ال


.. اعتراض صواريخ في سماء جبل ميرون أطلقت من لبنان




.. قوات الاحتلال تقصف مدرسة العائلة المقدسة في غزة