الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


لكي يكون الواقع هدفنا

تقي الوزان

2010 / 6 / 19
مواضيع وابحاث سياسية


عند نقل مباريات كرة القدم الخليجية , في الفضائيات الخليجية أيضا , يجري التركيز في التصوير على ساحة اللعب فقط , ونادرا ما تظهر المدرجات ( الفارغة ) من الجمهور في الصورة , وذلك لعدم وجود قاعدة جماهيرية للعبة , رغم وجود الملاعب الفخمة , والتنظيم العالي للاتحادات والنوادي , وصرف مبالغ خيالية لتطوير اللعبة وبالذات للعقود مع اللاعبين الأجانب , والتي تخجل الحكومات والاتحادات من إعلان ضخامتها , لأنها تكشف الوجه الحقيقي للزيف الرياضي , المفتعل , الذي يراد منه مجارات اهتمامات الشعوب وإضفاء الصفة الحضارية للدخول إلى أسمى روابط الشعوب , الا
وهي الرياضة , وبالذات كرة القدم .

مثلما هو نقل مباريات دول الخليج , أجد أن تعليق الأهمية على بعض الاحتجاجات – وأكثرها كلامية – ويمكن إجهاضها قبل أن تتحول إلى موجة رفض عراقية ضد المظاهر السلبية التي أخذت بخناق كل شئ في حياتهم , واعتبارها إرهاصات, أو بوادر أولية , يعوّل على تراكمها , لتتحول الى قوة احتجاجية تستطيع في المستقبل المنظور ان تفرض إرادتها على الجهات الحكومية والسياسية المتنفذة , فهي لا تختلف كثيرا عن الحدث الذي يجري في ساحات ملاعب الخليج والذي تركز عليه الكاميرات , بدون جمهور ولا مشجعين . ومثلما تسمع المعلقين على هذه المباريات يستخدمون ذات المصطلحات الكروية التي تناقش حدة المنافسات ومهارات لاعبي مانشستر وريال مدريد وبايرن ميونخ وغيرها من النوادي العريقة , نجد بعض المقالات لبعض الأخوة تستخدم ذات الأسلوب , وتناقش وضعية الجماهير العراقية التي خضعت لعقود من الاستلاب والتشويه , وفقدت الكثير من تطبعها الإنساني والحضاري والسياسي , بنفس المنطق الجدلي والعلمي للتطور الطبيعي الذي يرافق نهضة الشعوب , ويضع التراكم الكمي كأساس للتغير النوعي المعوّل عليه .

كل الشعوب ترتبط بأرض تسمى الوطن , وحكومة تنظم الدورة الاقتصادية للبلد , وتعيد ترتيب الأمور الأساسية لهذه الشعوب كلما استجد شئ . الا في العراق , وفي مرحلته الأخيرة الأكثر سوءا , فلم يعد للوطن تلك القيمة التي تثير حمية أبنائه , ويكون وحدة جامعة لمصالحهم , وبدل الوفاء له , أصبح الوفاء للقومية والطائفة والمنطقة والعشيرة . ان تراجع الشعور بالوطنية ظاهرة عالمية جاءت لصالح أولوية الاقتصاد , وهي مرتبطة بالانتصار الذي حققته الرأسمالية في صراعها مع الاشتراكية , ولكنها جاءت بتراجع نسبي لباقي الشعوب , وليس بمثل هذا الاضمحلال والتشوه الذي حدث في العراق , وهي الخسارة الأكبر للعراقيين , و فقدان البوصلة للسير بالاتجاه الصحيح . ومن المرجح إنهم لم يتمكنوا من إعادة انتمائهم هذا في المستقبل القريب, لافتقارهم للوسائل والمؤسسات الجامعة , مثل الجيش , الشرطة , الحكومة الاتحادية الحريصة على إعادة الدورة الاقتصادية وتوزيع الدخل على مجموع السكان , وتنهض بمسئولية إعادة العراقية للعراقيين. وأي متتبع يمكن أن يرى بوضوح : ان أية وزارة عراقية لا يمكنها أن تعمل بذات السياق ( القانوني )في جميع المحافظات , وتختلف من محافظة الى أخرى حسب رغبات مراكز القوى في تلك المحافظات , لابل المديريات العامة التابعة للوزارات في المحافظات, لا تستطيع أن توحد سياقاتها في الدوائر التابعة لها في باقي الاقضية والنواحي .

العراق اليوم ليس أكثر من كمب للاجئين , وإدارة الكمب ( الحكومة العراقية ) تستلم موارد العراق النفطية لتوزعها على العراقيين , حسب الامتيازات التي يتقاتل عليها السياسيون ( الفائزون ) في الانتخابات , والتي أدت الى اعاقة تشكيل الحكومة لأكثر من ثلاثة اشهر , ولا توجد في الأفق بادرة توافق , رغم وصول مبعوث أمريكي عالي المستوى ل( حسم) الخلاف إذ اقتضت الضرورة . ويرى الكثيرون ان من مصلحة الاحتلال الأمريكي ان يستمر الوضع العراقي بهذا الضعف والتمزق , وهو البديل الكفيل لسحب اغلب القوات الأمريكية , والبقاء على قوات نخبة تستطيع إلحاق الأذى بكل من يتعرض للمصالح الأمريكية , او يتصدى لاعادة حق العراقيين باستعادة جميع حقوقهم . خاصة وان هذه القوات تمكنت من ربط أية مقاومة مسلحة للاحتلال , بالقوى التي سقطت بنظر العراقيين , من قاعدة وسنة تكفيريين والحثالات المجرمة للقوى الصدامية , او العصابات والمليشيات الشيعية المرتبطة بالمصالح الإيرانية .

يؤكد البعض , ان ما دام سلطة الاحتلال هي اللاعب الأقوى في الساحة العراقية , فستجري صياغة وحدة العراق بمقاسات مصالح هذه السلطة , ووفق إقرار قانون استثمار النفط والغاز , وما سيترتب عليه من استحقاقات امنية , وتوجهات مدنية للدولة ترافق إيجاد البيئة الآمنة والطبيعية لعمل شركات النفط العملاقة وملحقاتها , وليحكم العراق من يحكم من ( أبنائه ) الطائفيين والقوميين والباحثين عن السلطة والجاه والمال الحرام , وهي وحدة ستكون بمجملها مهلهلة , كسيحة , لا تستطيع النهوض بأية خطوة حقيقية للعراقيين .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تفاصيل صغيرة منسية.. تكشف حل لغز اختفاء وقتل كاساندرا????


.. أمن الملاحة.. جولات التصعيد الحوثي ضد السفن المتجهة إلى إسر




.. الحوثيون يواصلون استهداف السفن المتجهة إلى إسرائيل ويوسعون ن


.. وكالة أنباء العالم العربي عن مصدر مطلع: الاتفاق بين حماس وإس




.. شاهد| كيف منع متظاهرون الشرطة من إنزال علم فلسطين في أمريكا