الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


اسحاق بار موشيه .. أول يهودي يكتب مذكراته عن بلاد الرافدين

مازن لطيف علي

2010 / 6 / 19
الادب والفن


هو احد كبار القصاصين اليهود الشباب الذين نزحوا من العراق الى اسرائيل وظهرت مواهبه الأدبية والصحفية فيها، وتسنم المناصب الحساسة والمهمة في دار الإذاعة الاسرائيلية في أورشليم- القدس ، ودون في كتب ذكرياته خفايا الحياة السياسية وموقف الحكومات والشعب العراقي من الطائفة الاسرائيلية، بعد ان نضج تفكيره ودراسته في السنة الأولي في كلية الحقوق ببغداد.
ولد اسحاق بار - موشيه في 23 ينايرعام 1927 في بغداد، من عائلة ميسورة . وتولع منذ طفولته بالقراءة، ومن خلال ولعه هذا وتنقله وحضوره في المكتبات العامة حصل على تخويل من احد المسؤلين في وزارة المعارف في العراق للدخول الى المكتبة الوطنية العامة في بغداد لصغر سنه . درس الابتدائية في مدرسة راحيل شمعون ، واكمل دراسته الاعدادية في مدرسة الرصافة عام 1943ودراسته الثانوية في الاعدادية الاهلية وهي مدرسة يهودية كانت تدار من قبل الطائفة الاسرائيلية في بغداد . وإلتحق بار- موشيه بكلية الحقوق ودرس فيها عام 1945 . وعمل في عدد من الصحف كمحرر، منها صحيفة "الشعب" و"الاهالي" .
هاجر من العراق عام 1950 بعد حملة الاضطهاد والفصل القسرية ضد يهود العراق لحملهم على الهجرة، وهكذا غادر جل يهود العراق قسرا بتهجيرهم من بلدهم وموطن ابائهم واجدادهم . وقد أسس في اسرائيل صحيفة الانباء اليومية واشرف على ادارتها عامين . وفي عام 1972 بدأ عطاءه الأدبي الثر، فكتب وأصدر مجموعات من كتب القصص القصيرة باللغة العربية .
يذكر أستاذ الأدب العربي الحديث في الجامعة العبرية، د. شموئيل (سامي) موريه في كتابه "القصيرة القصيرة عند يهود العراق " ان بار- موشيه يبتعد في قصصه عن الحدث ويهتم بالجو النفسي والحوار الداخلي خاصة وبواسطته يحاول رسم الشخصية، فقصصه هي قصص نفسية تهتم بالعلاقات الانسانية واللحظة الانسانية المكثفة .
ويذكر الاستاذ موريه إن معظم ابطال قصصه "يعانون من الانفصام بين العلم النفسي الباطني او عالم الاحلام وبين العالم الخارجي الذي يحيط بهم، والحلم او الوهم بالنسبة لهم لا يقلان اهمية وتأثيرا عليهم من الواقع ، بل ان الاوهام والخيال واحلام اليقظة هي بالنسبة لهم أهم من عالم الواقع . فأبطاله يتأرجحون على الاغلب على الخيط المشدود بين سلامة العقل والجنون، بين الاحلام والهذيان، بين الكابوس وضبابية المشاعر، وهو مولع بالحوار في قصصه ."
صدرت له اول مجموعة قصصية بعنوان "وراء السور" ومجموعة قصصية ثانية بعنوان "الدب القطبي وقصص اخرى" عام 1974 و "رقصة المطر وقصص اخرى" عام 1974. ونشر الأولى من سلسلة مذكراته التاريخية بعنوان " الخروج من العراق" عام 1975 ولأهمية هذا الكتاب قامت الحكومة العراقيه بترجمته في ثمانينيات القرن العشرين من اللغة العبرية الى اللغة العربية، في طبعة خاصة وللتداول المحدود من منشورات ما سمي "مجلس قيادة الثورة في العراق" وصدر بعنوان " الهروب من العراق" وبذلك يكون بار- موشيه اول من كتب مذكراته من يهود العراق ومهد الطريق للكثير من اليهود العراقيين ان يكتبوا مذكراتهم باللغة العربية بتشجيع من رابطة الجامعيين اليهود ومنهم : أنور شاؤل ، ود. سلمان درويش، ومير بصري، د. نسيم قزاز، وشالوم درويش، وسمير نقاش ونعيم قطان .. وغيرهم .
وآخر من يواصل كتابة مذكراته باللغة العربية، هو الاديب الكبير أ.د. سامي موريه في موقع "إيلاف|" ، وقد طبعت مذكراته في بغداد مؤخرا بدون علمه وموافقته وقد سببت له ألماً كبيراً لأنه لم ينتهي من كتابة مذكراته التي ينشرها بشكل حلقات.
وصدرت للأديب اسحاق بار- موشيه مجاميع قصصية اخرى، لكن اهم كتبه هي مذكراته التي اصدرها بصورة رواية بأجزاء اربعة، تمثل وثيقة تاريخية مهمة تروي تاريخ يهود العراق وتعايشهم مع اخوانهم العراقيين بكل مللهم وطوائفهم ، وما تعرضوا له من ممارسات غير إنسانية . وهي تبدأ من ذكرياته "الخروج من العراق " و"بيت في بغداد" و" ايام العراق " و " يومان في حزيران"، إذ توفي في مدينة مانشستر قبل ان يصدر الكتاب من قبل رابطة الجامعيين اليهود بشهرين ولم تتكحل عيناه برؤيته مطبوعا.
وهذا الكتاب يروي فيه الاحداث التي مرت على العراق وتفصيل تأثيرها على حياته كفرد وعلى حياة المجتمع العراقي عامة وعلى حياة الطائفة اليهودية خاصة، وعلى مصيرها . ويصف في روايته هذه يومي الفرهود في الاول والثاني من حزيران عام 1941 اللذين تركا اثرا مؤلما وعميقا الى هذه اللحظة، وسوف تبقى وصمة سوداء في تاريخ العراق المعاصر في نفوس العراقيين بصورة عامة واليهود بصورة خاصة. فقد تعرضوا للقتل والاغتصاب والسلب والنهب خلال هذين اليومين الأسودين.

وتصف سميرة المانع اعمال بار - موشيه بأنها وثائق مهمة تؤرخ لفترة حرجة صورت ما كان من علاقات الألفة المودة التي كانت قائمة بين الشعب العراقي ويهوده ، وكيف تدنت هذه الصلة الى مستوى القتل والارهاب الذي ادارته حكومات عريقة في الرجعية ومغرقة باليمينية، بالاضافة الى عوامل خارجية لاحول للفرد العادي في صدها. وظف اسحاق في اعماله القصصية الفردية الموصلة الحلقات ليكشف احداثا واقعية، بعضها مؤلم حفا في ظروف تشابكت فيها حياة العديد من اليهود مع غيرهم من سكان العراق .
توفي اسحاق بار موشيه الى رحمة الله في التاسع من ديسمبر عام 2003 في مانشستر بانكلترا بسب مرض القلب، فتوقف قلبه الكبير وقلمه السيال وفكره الثاقب. وهكذا فقد العراق وأدب يهود العراق، اديبا كبيرا ودبلوماسيا خلد خدمته في مصر بكتابه الفريد "مصر في قلبي"، ومعلقا صحفيا محترما، محبا للعراق ولجميع إخوانه العرب في البلاد العربية مخلصا لأصدقائه العراقيين خاصة، وكان يواسي المعوزين ويؤازر اصدقاءه يوم الضيق، فكان نعم الصديق ونعم الانسان المحب لاخوانه في الانسانية.










التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. المخرج كريم السبكي- جمعتني كمياء بالمو?لف وسام صبري في فيلم


.. صباح العربية | بمشاركة نجوم عالميين.. زرقاء اليمامة: أول أوب




.. -صباح العربية- يلتقي فنانة الأوبرا السعودية سوسن البهيتي


.. الممثل الأميركي مارك هامل يروي موقفا طريفا أثناء زيارته لمكت




.. أمسيات شعرية- الشاعر فتحي النصري