الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


امنحوني عضوية أمنحكم كرامتي

احمد حسين

2010 / 6 / 19
الادب والفن


من المخجل أن يستجدي البعض قبوله لدى الآخر والتصدق عليه بعضوية اتحاد لا وزن ولا قيمة له في خارطة الثقافة الدولية، ومن المخزي أن يجدد هؤلاء البعض استجدائهم الذي جوبه بالرفض والازدراء للمرة الألف.
هذا هو حال اتحاد الأدباء والكتاب العراقيين مع الاتحاد العام للأدباء والكتاب العرب، فبالرغم من أن إيقاف عضوية الاتحاد العراقي إهانة بحد ذاته إلا أن أدبائنا وكتابنا لم يتحرجوا من التباكي على عضوية هذا الاتحاد المسيس الهزيل الذي لم يسجل له التاريخ موقفا يذكر تجاه أية قضية أو أزمة مرت بها المنطقة العربية، ولم يكتفوا برفض طلبات إعادة هذه العضوية بل ذهبوا إلى أبعد من ذلك حين توجه وفد منهم إلى الاتحاد العربي الذي رفض حتى استقبال الوفد وأسمع أعضائه من الإهانات والكلمات الجارحة لم تحتمله كرامة الإنسان البسيط وليس الأديب والكاتب أو المثقف الذي يقدم كرامته على حياته في أغلب الأحيان، ولم يتعض أدبائنا وكتابنا وأعادوا الكرة مرات ومرات.
يحق للاتحادات والنقابات والتنظيمات الأخرى الثقافية أو الإعلامية أو المجتمعية الانتماء لما يشابهها من تنظيمات إقليمية ودولية، ولا ضير أن تطلب ذلك الإلحاح والمجاملة للحصول على العضوية، لكن أن يصل الأمر إلى حد الاستجداء فهو ما لا يحق لمن نصبوا أنفسهم ممثلين للثقافة العراقية.
إيقاف عضوية العراق في الاتحاد العربي لم يكن بسبب الاحتلال الأميركي كما تدعي الأبواق العربية بل هو قرار سياسي أصدرته الأنظمة العربية وتبنته حفنة من الأدباء والكتاب العرب المتنفذين في اتحاداتهم المحلية، رافضين القبول بالانتخابات التي أجريت سواء منها البرلمانية أو الخاصة باتحاد الأدباء العراقي كونها أجريت تحت الاحتلال، متناسين في الوقت نفسه أن الدول العربية وبلا استثناء ما هي إلا مستعمرات للقرارات الأميركية والأوروبية، وكأن الأدباء والكتاب العرب واتحادهم أوصياء على سيادة العراق وحرية العراقيين.
الغريب في الأمر أن من رفضوا الآن عودة العراق هي اتحادات فلسطين والأردن وسوريا وليبيا، ولا يخفى على أحد حجم الاحتلال الذي ترزح تحت وطئته هذه الدول وأنظمتها وشعوبها، فالأرض المحتلة التي سميت جزافا دولة ما هي إلا مستعمرة إسرائيلية حولتها تل أبيب إلى بالون اختبار وحلبة تستعرض فيها عضلاتها السياسية والعسكرية، أما سوريا فهي أداة طيعة بيد ملالي إيران حتى أنها فقدت القدرة على صنع قرار سياسي بمعزل عن التأثير الإيراني، والأردن ما هي إلا قناة لتمرير السياسات والتوجهات الأميركية البريطانية في المنطقة وهو ما لا يختلف على اثنان، أما ليبيا فيكفيها من الخضوع للقرارات الأميركية ما جعلها تتنازل عن برنامجها النووي استرضاء للبيت الأبيض.
المؤلم في الأمر أن اتحادنا الذي عاد قبل أيام ليسترضي الأدباء العرب ويستعطفهم لإعادة عضويته قدم ممثليه (وثائق) تؤكد أن الانتخابات الأخيرة التي جرت لاختيار أعضائه كانت حرة ونزيهة ولم تخضع لأية مؤثرات استعمارية أو حكومية، وهم بذلك لا يختلفون عن الساسة الذي لم يعيروا لإرادة الناخب العراقي أي اهتمام وراحوا يدعون الدول والأنظمة العربية لتوزع بينهم الحقائب الوزارية رغم أنف الناخبين، ولا أدري مدى شرعية أدبائنا وكتابنا المنتخبين بعد أن رفض أشباههم الفلسطينيين والسوريين والأردنيين والليبيين الاعتراف بإرادة المثقفين العراقيين الذين انتخبوهم؟!.
حالة التضرع اللاهث التي عاشها اتحاد الأدباء والكتاب في العراق والبعض من المثقفين المأخوذين بحمى الولاء القومي والانتماء العرقي، والسكوت المخجل عن عدة إهانات وجهت للثقافة العراقية من قبل متصحري العقول والنفوس، كل ذلك هبط بكرامة الثقافة والمثقف إلى وحل الاستجداء.
شبكة الممارسات الإقصائية الإذلالية التي حاكها مثقفو العروبة منذ سنوات لم تكن خافية الهدف، وسحنة المرض كانت واضحة على وجوه المتخوفين من حضور ثقافي عراقي أثبت وجوده سنويا بعد سقوط نظام التخلف، ولهذا الوجود تنبؤات أطلقها العديد من مثقفينا ووعدوا بها ما ان ينهار طوق النار والفولاذ الذي اعتقل طاقاتنا لعقود، وقد صدقت النبوءة وها هي الجوائز الإقليمية والعالمية في الشعر والقصة والرواية والإعلام والغناء والتشكيل وغير ذلك، تمطر الموات الثقافي والفني لتحييه وتوقظ العملاق الذي طال سباته.
الأعارب مارسوا سياستهم المعهودة في تهميش الآخر الأفضل حرصا على بساطهم السحري الذي يطير بهم من الولاء للحاكم إلى الانصياع للغاصب، وفي طيرانهم المبتذل هذا كانوا ولا زالوا يرون بوضوح ان للعراق ثقافة ومثقفين لم يتدنسوا بأدران التبويق والتزويق، وحضور هؤلاء وظهورهم على الملأ ما هو إلا مرآة صقيلة تعكس بشاعة المتطيرين وتفضح تشوهاتهم، وبالتالي كان لابد من الإقصاء والتعتيم كي لا تنقلب الطاولة، وبالمقابل نجد عمليات جلي وتلميع وتسليط الأضواء على أقلام بائسة وأسماء رثة لمعت في سماء التخلف وأفلت مع أفوله.
كل ذلك مشروع لمن لا شريعة ثقافية وحضارية وإنسانية له، لكن هل من المشروع لمن أصرّ على تمثيل الثقافة العراقية مواصلة اللهاث وراء اللاهثين؟.
قد يبدو الحديث جارحا، وهو كذلك. لكن ما لجرح بميت إيلام.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. عام على رحيل مصطفى درويش.. آخر ما قاله الفنان الراحل


.. أفلام رسوم متحركة للأطفال بمخيمات النزوح في قطاع غزة




.. أبطال السرب يشاهدون الفيلم مع أسرهم بعد طرحه فى السينمات


.. تفاعلكم | أغاني وحوار مع الفنانة كنزة مرسلي




.. مرضي الخَمعلي: سباقات الهجن تدعم السياحة الثقافية سواء بشكل