الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تظاهرات البصرة وهمجية عصر الديمقراطية المقلوبة

عبد الرزاق السويراوي

2010 / 6 / 20
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


الصراع , وبكل أشكاله المتنوعة , هو وجود تاريخي , تحكمه إشتراطات مكانية وزمانية ترتبط دائما بحاجات لا بد من حدوثها .ومسمّيات المفاهيم السياسية بإرتباطها بحالة الصراع , أيّ صراع , تأتي دلالاتها غالباً , منكوسة على رأسها لدى السلاطين الشاهرين أبداً , سياطهم بوجه الجموع الهائلة من البشر .لا دور هنا للفلسفة ,في إسلوب سياسة السلطان , ولا دور للفلسفة أيضا , في بلورة إحتياجات مَنْ يجلدهم سوط السلطان .
عطشان أنت أمْ جائع أمْ عريان , لست في حاجة لإستدلالات عقلية لتثبت ذلك , لنفسك , أو للسلطان وزبانيته.لسان التاريخ في كل العصور هو ذاته , دائما نجد في قاموسه , المفاهيم مقلوبة تماما , مقلوبة بفعل فاعل وليس عبثاً .الظلم الذي يعانيه الجياع , هو عدلٌ في قاموس السلطان .أنْ تطالب بحقوق هي لك ولكنها مسلوبة عيانا , فهذا تجاوز على ( عدل ) السلطان . فعدل السلطان له أكفّ مرفوعة على الدوام وهي تقبض على السياط , لتبسط هيمنتها , بل لتسلبك حتى جلبابك الذي يقيك بعض الشيء من ضرباتها الموجعة , فالسلطان يريد بذلك مصلحتك التي قد لا تحسن المحافظة عليها , وحينما تلهب جسدك , سياط حرمان حقوقك فتخرج الى العراء او الى شوارع مدينتك وحاراتها , وأنت أعزل إلاّ من لسان كلّ من المطالبة بحقوقه , فأنّ هذا يعني , أنك فعلت ما لا ينبغي فعله , وهو وفقاً لمعايير السلطنة , تجاوز لا ينبغي السكوت عليه . إذن , إذا جعت إسكتْ , إذا عطشت , إسكتْ , أنْ تعيش في رمضاء حر الصيف , إسكتْ , أنْ تخرج من أرضك ملايين البراميل من الذهب الأسود , فتتحول بقدرة قادر الى شدّات من الورق الأخضر لا تعلم أين مستقرها وجيبك خالٍ منها , إسكتْ . وإسكتْ في اللغة السياسية وليس العربية , هو فعل أمر , ولكن لا ثبات في هذا الوجود , ففعل الأمر هذا , ربما يقلبه عود ثقاب , وفق ظروف معينة قد تكون قاهرة , الى فعل آخر , فتحترق كل الأيدي التي تلوّح بالسياط , لأنّ إستمرارية السكوت ,قد تؤدي الى موت على جرعات .تبّاً لكل العصور اللعينة , كم تتشابهين في جورك وتسلطك وظلمك . البصرة هي صانعة عصور فريدة ومتميزة , ومن يحفر في ذاكرة التاريخ يلمس ذلك بوضوح , فما من زاوية من زوايا تاريخها العريق , إلاّ وفار التنور فيها على السلاطين ,أيّ عصر همجي هو الذي عشناه ونعيشه ؟؟ تضعني قسرا في لهيب فرن ناري ليتلذّذ أنفك برائحة شواء جسدي , وتجبرني على السكوت , وتجبرني على الرضا من ذلك , ولكن أجساد البصريين , أبتْ إلاّ أنْ ترفض البقاء في سفود شواءها , فالذي أوعدتموهم به أُخْلِفَ , وإخلاف الوعد , وفق بعض المعايير ,لا يمضي دون ثمن , وثمنه بالتأكيد باهض , ولا يسعني هنا , إلاّ أنْ أقول , هناك متسع من الوقت لمعالجة الأمر .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - أخي السويراوي
محمد الرديني ( 2010 / 6 / 20 - 06:05 )
لا املك الا ان اؤيدك فيما ذهبت اليه ولكني - واسمحلي بالقول - لقد جعلتني اركض وراءك لاعرف ماذا تريد فالعنوان هو الذي حعلني اتلهف الى القراءة ولكن الوقت لايسمح يا صديقي للتنظير في مايعيشه الناس في البصرة او غيرها من المحافظات
لقد تظاهر في البصرة امس الاول 4 آلاف رجل يطالبون بالهرباء في مدينة ظل سكانها يشربون الماء الخابط طيلة 50 سنة
وحين تظاهروا امس تحت خيمة الديمقراطية اطلقوا علهم النار لانهم رموا مبنى مجلس المحافظة بالحجارة واستشهد شاب عمره 26 سنة واسمه حيدر سلمان داود ورجح اثنان
فهل نملك الوقت الان لنكتب في التاريخ والجغرافية كما فعل الحزب الشيوعي خلال السنوات الماضية حين استشهد المئات من رفاقه
ارجو ان يتسع صدرك لما ابديته ولعلي وفقت
سلمت


2 - لجان شعبية للتحقيق
محمود ( 2010 / 6 / 20 - 11:57 )
تحية للسيد الكاتب
على ضوء الاحداث والتظاهرات الجماهيرية في البصرة لنرفع صوتنا عاليا لا للتحقيق من قبل المالكي لا للتحقيق من قبل الحكومة الجائرة لا للتحقيق من قبل محافظة البصرة واعضاء المجلس المرتشين بل الى لجان تحقيق شعبية
نعم الى لجان تحقيق شعبية من الشرفاء الذين خرجوا للمظالبة بحقهم وحق العراقيين
الى لجان تحقيق شعبية لا مالكية ولا حكومية


3 - لجان شعبية للتحقيق
ابو علي ( 2010 / 6 / 20 - 14:30 )
اضم صوتي الى صوت محمود هيا الى اللجان الشعبية لتحقيق جميع مطالب الجماهير البصرية

تحية للسيد الكاتب

اخر الافلام

.. قصة نجاح حلوانية سورية بمدينة غازي عنتاب التركية | عينٌ على


.. إسرائيل ترسل مجددا دبابات إلى شمال قطاع غزة وتزيد الضغط العس




.. السودان: سقوط 27 قتيلا واستخدام - أسلحة ثقيلة- في معارك الفا


.. مصر: التنمر الإلكتروني.. هل تكفي القوانين لردعه؟ • فرانس 24




.. رئيس الوزراء اليوناني في أنقرة في زيارة -حسن جوار-