الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ما جينة يا ما جينة!!

سعد تركي

2010 / 6 / 20
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


يتصور بعض من مسؤولينا ـ أعانهم الله على حكمنا- أنهم إمتداد لخلفاء بني أُمية أو العباس، ليس في أنهم يحكمون باسم الواحد الأحد أو أنهم ظله في الأرض، ولكن في رغبتهم الشديدة بالظهور في صورة المحسن الكريم.. واذا كان الخلفاء يهبون ويوزعون العطايا من بيت مال جيروه لأنفسهم، فإن المسؤولين يوزعون مكارمهم السخية من مال عام باعترافهم، وبتأكيد دستور أسهموا بصورة أو بأخرى في كتابته!!
رغب النظام السابق( لاعطاء الحكومة وجهاً ديمقراطياً، وللخروج من حرج كون الدستور بقي مؤقتاً لعقود) أن يتحول الدستور الى دائم، فشُكلت لجنة لكتابته، وحاولت هذه اللجنة تقليص صلاحيات رأس النظام في إنفاق المال العام، فاعترض ـ سيادته ـ لأن العوام قد تعرض له حاجتها، فيفتح كيس الدراهم ويوزع هباته ومكارمه السخية على من سعُد برؤية طلعته البهية، وتمتع بما منت يده الكريمة من عطاء وعطايا، ففاز بالحسنيين معاً.
وفي لقاء تلفزيوني أبدى مسؤول كبير شدة خجله، وكان عرق الحياء بادياً على محياه، لشحة مخصصاته التي تبلغ 6 مليارات دينار سنوياً، لأنه غير قادر مع هذا المبلغ الشحيح من إيفاء التزامه بمساعدة المحتاجين والفقراء من أبناء الوطن الذين يشكلون ربع سكانه.. خجل من عدم قدرته على تكريم ناد رياضي فاز في محفل ما، أو فرقة فنية استطاعت ان ترفع اسم العراق عاليا، او مريضا يتعين ارساله الى خارج البلاد، كل هذا وغيره على المسؤول الكبير أن ينفق عليه من كيس للدنانير ينبغي ألا ينضب وألا يشح، كيس ممتلئ أبداً تلبية لحاجات دائمة.
من المعيب جداً أن تستمر صورة مشوهة لعلاقة الحاكم بالمحكوم من زمن الخلافة الاموية فالعباسية الى زمننا الحاضر، صورة رسخها النظام السابق في أذهان الناس، بحيث كان كل ظهور للحاكم، يستتبع مئات من اوراق تحمل هموما وحاجات للناس تحاول أن تصل الى يد السلطة لعلها ترفع ظلماً شخصياً، أو تحل مشكلة خاصة.. من المعيب جداً أن نبقى أسرى مكارم شخصية حين يكون الحل في قانون يرفع الحيف والظلم عن الجميع بما لا يجعل من هذه المكرمة منة يمن بها حاكم ما، او تهدر بها كرامة مظلوم.. من المعيب جداً أن يمنح حاكمٌ داراً لمن لا سكن له، في حين أن أخوة كثيرين بلا مأوى، أو أن يُعالَج مريضٌ خارج البلاد نال شفقة مسؤول، في حين أن آلافاً يموتون بعللهم لأن صاحب القرار لم تصل اليه عرائضهم، أو أن المخصصات لا تكفي الا دائرة من المقربين أو سعيدي الحظ!!
لم نسمع يوماً في أي ديمقراطية نحاول الاقتداء بها ـ كما يقولون لنا ـ أن الحاكم يوزع منحاً وهبات على فقراء بلاده، كل ما نسمعه ونراه قوانين وتشريعات تطبق على الجميع لتحميهم من الفقر والجهل والمرض.. لم نر حاكماً يخطب بالناس والعرائض تنهال عليه مع التصفيق والهتاف.. ولهذا فإن المواطن هناك يثق بحكومته، ويعتز بوطنيته، ويسفح عرقه ودمه إذا دعاه الوطن.. أما هنا في بلادنا فإن السلطة تريدنا أن نطرق أبواب المسؤولين ـ التي قد لا تفتح أبداً ـ ونهتف بذل وخشوع:
ـ ما جينه يا ما جينه حلي الجيس ونطينه.. يا أهل السطوح، تنطونه لو نروح.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أثار مخاوف في إسرائيل.. حماس تعيد لملمة صفوفها العسكرية في م


.. ساعة الصفر اقتربت.. حرب لبنان الثالثة بين عقيدة الضاحية و سي




.. هل انتهى نتنياهو؟ | #التاسعة


.. مدرب منتخب البرتغال ينتقد اقتحام الجماهير لأرض الملعب لالتقا




.. قصف روسي يخلف قتلى ودمارا كبيرا بالبنية التحتية شمال شرقي أو