الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


رغم ما يقال .. سيبقى النظام الاشتراكي هو الافضل .

حامد حمودي عباس

2010 / 6 / 21
ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية


من خلال عدة حالات جرى خلالها التطرق لموضوع الاشتراكية عموما ، أدلى بعض الكتاب من المؤمنين بالنهج العلماني حصرا ، بآرائهم ، محاولين الخوض في غمار كون ان الاشتراكية العلمية كسبيل لبناء الحياة هل هي الافضل من بين بقية المناهج ، ام أنها غير ذلك .. وكان لابد أن تؤخذ تجربة الاتحاد السوفيتي كمثل ( تنتهي ) عنده كافة مراحل الحوار ، ليتم من خلال النتائج التي بلغتها تلكم التجربه ، كدليل دامغ ، برأي أعداء تلك التجربه ، يثبت ان الاشتراكية العلمية بكل ما حملته من نصوص متطوره ، ما هي إلا محض اكتشافات بائسه ، سرعان ما ماتت بموت منظريها .
وكجزء من إحترام الذات ، والوقوف عند الحدود الطبيعية للمعرفه ، وعدم الخوض فيما لا أمتلك فيه ذات الباع الذي يمتلكه غيري ممن تفرغوا لدراسة المنهج الاشتراكي العلمي وبتعمق وسعة ، فإنني اكتفي هنا بالتذكير بالحقائق التاليه :
أولا - إن الفكر الماركسي ، شأنه شأن أي فكر يرتكز على أسس بعيدة الاعماق ، ولا يقتصر على المرور المتطفل والسريع على حقائق ومرتكزات الحياة ، لا يمكن لمن يخاطر بأمر نقده والغوص في لجة بحوره ، إلا أن يكون حائزا على القدرة بالقيام بهذا الفعل ، وبجدارة مقبولة على الأقل .
ثانيا – إن الاتخاذ الدائم لفشل التجربة السوفيتية ، كحجة وحيدة لمحاولة إثبات عدم جدوى الايمان بالمفهوم الاشتراكي العلمي ، لا يرقى ، بنظري ، الى درجة الموضوعية في إبداء وجهات النظر بهذا الخصوص ، وإلا فإن ذات التوجه لو قيست به تجارب العالم الفكرية والسياسية برمتها ، لاصبحنا ، مجبرين ، على الوقوف أمام ظواهر لا تبلغ أية واحدة منها مبلغ الاستحقاق في الدراسة والتمعن ، ولأنعدمت لدينا تماما بواعث الانتماء .
وتجاوزا لما تقدم من حقيقتين ، أرى فيهما منطلقا منصفا يجب ان تتسم به جميع فعاليات التصدي لنظرية الاشتراكية العلمية ، فإنني أيضا لم أجد من خلال أغلب المحاولات الجارية للنيل من الفكر الماركسي عموما ، والاشتراكية العلمية على وجه الخصوص ، غير محاولات لبلوغ مقاصد معينه ، تهدف للنيل من السير الذاتية لرجالات هذا الفكر وحسب ، دون التوغل في رصد مكامنه والسباحة في بحوره وتفنيد بواعثه ومرتكزاته بحياد ، ودون إيغال في ابداء الشماتة غير المبرره بتوقف تجربة واحدة من التجارب المعتمدة على هذا النهج ، في حين يتم التنكر لبقية التجارب المتبنية له ، والتي تخطت الحواجز ، فبلغت مبلغا جعلها قوة لا يستهان بها في معادلة احتساب القوى في العالم .
إنني أشك في توفر عنصر حسن النية ، عندما اتطلع الى نشر مبتذل لصور تحاول ان تعكس مدى التدني الذي بلغه المجتمع الروسي في الوقت الحاضر ، ويوصف ما يظهر في تلك الصور على أنه واحد من نتائج البناء السوفيتي ، في حين ما تعكسه من واقع مرير ، هو دليل لا يقبل الاختلاف ، على أن ما بلغه هذا المجتمع من حال بعد غياب النظام الاشتراكي ، يعتبر برهان قاطع على أفضلية الظروف التي كانت تعيشها الشعوب في ظل ذلك النظام .. ومن المؤسف جدا ، هو أن البعض ممن يروجون لهذه الدعاية الضعيفة ، هم ممن اكملوا تعليمهم ونالوا شهاداتهم من جامعات ومعاهد الاتحاد السوفيتي سابقا وعلى حساب لم تساهم دولهم فيه بمليم واحد .
وبسؤال مجرد من تأثير أي انتماء مسبق ، أسأل من قدر له التواجد في إحدى جمهوريات الاتحاد السوفيتي ولأي سبب كان ، شرط ان تكون مدة ذلك التواجد كافية لبناء رأي حصيف حول طبيعة المجتمعات هناك ، كيف كانت حال المرأة السوفيتية مثلا في تلك الفتره ؟ .. هل شاهد أحد مظهرا واضحا من مظاهر التجني على كرامة النساء سواء من خلال تعرضهن للاهانة بسبب المعيشة ، أو بعرضهن ضمن برامج التسلية العابرة في ملاهي الليل وحانات الشوارع الساهرة ؟
هل شاهد أو أحس أحد ، بأن شريحة اجتماعية معينه من شرائح المجتمع السوفيتي ، يعوزها السكن أو العمل ، أو يهرس في احشائها الهيروين كما يبدو الان واضح للعيان وفي كل مكان ؟ .. هل شاهد أحد ممن تلقوا علومهم في بلدان الاتحاد السوفيتي ، واقصد بهم اخواني العرب ، باعتبارهم أكثر من غيرهم استعدادا للذم ، أي مظهر من مظاهر التشرد والضياع في تلك المجتمعات كما هو حاصل الان ؟ .. ألم يكن آلاف النساء والرجال تقذف بهم قطارات الفجر، وهم يملئون ارصفة محطاتها متوجهين الى مصانعهم كل يوم ، ولم تكن هناك أية واحدة من ملامح الشعور بالفراغ والبطاله ؟ .. هل حقا ما تلقفته مجتمعاتنا العربية ( الراقيه ) من صبايا روسيات امتهن الدعاره ، هو من نتائج البناء السوفيتي ، وبالتالي فان هذه الظاهرة ، كما يقول أحدهم ، هي مدعاة للنيل من عدالة الاسس التي ارتكزت عليها دعائم ذلك البناء ؟ ..
إن من يقترب الى شخصية الفرد الروسي ، حتى اولئك الذين انقطعت جذورهم بالعهد السوفيتي بحكم السن ، يجد وبشكل واضح جدا تجلي صفات الدعة والاخلاص في العمل ، وترتسم أمامه شخصية لا تحكمها معالم التكبر ، ولا تسيرها بواعث الاحتيال حتى بابسط صوره ، فتبدو وكأنها تتصرف باخلاق القريه ، وتتحرك بدون أدنى تكلف مريب .
لقد عبر احد الكتاب المصريين عن هذه الشخصية ، حينما وصف الخبراء السوفيت ، قبل ان يستأسد انور السادات ، فيصدر امرا بضربهم بالشلوت خارج مصر كما قال ، وصفهم بانهم يقشرون اللب ، وهم يتجولون على ضفاف النيل ، يرتدون ابسط الملابس ، ويتصرفون بكل عفوية رغم انهم خبراء لا يمتلك السادات في بلاده ربع ما يختزن في رؤوسهم من علوم .
هؤلاء الصنف من البشر هم نتاج طبيعي لمجتمع كان السلام يعم نفوس ابنائه ، ولا يعرقل حياتهم أي منغص سوى ذلك التنين القميء ، والذي كان يعرض على بسطائه صور بناطيل الجينز وهياكل السيارات الفخمه كي يخرب تلك النفوس ، ويوجهها للانصياع الى دواعي الانحلال في بوتقة التمدن غير المسيطر عليه ، ضمن فصول حرب شرسه كانت تجري بين الغرب والشرق .
حتى جاء العرب ، متحمسين لتوفير أسباب هد هذه التجربة من أساسها بحجة الدفاع عن مقدرات الاسلام ، ومن أجل إرساء راياته العادله ، وكان من العدل بمكان أن يضرب الذنب قمة الرأس ، وتبدأ دائرة الخراب تحيط بمضارب أبناء قحطان وعدنان ، وتجعلهم فرجة تطاردهم فلول من جندوهم للحرب على قلعة الكفر .
لست هنا منتصرا لغير الحقيقه .. ولا ادعو لغير الانصاف في تقدير الامور ، فالشعب السوفيتي كان افضل حالا مما هو عليه الان بآلاف المرات ، ولا يصح أبدا أن يتخيل المرء ، بما يحمله من اتزان في التفكير ، عقد مقارنة متوازنه بين الحالين دون ان يقر بهذا الواقع .. وسيمر وقت طويل حتى يتأقلم الروس خاصة مع حيثيات ما يفرضه عليهم النظام الجديد ، بما يحمله من موبقات المخدرات والسطو المسلح وعمليات الخطف وحركة عصابات الاتجار بالعمله ..
لقد كنا ، ونحن نتجول في اطراف الساحة الحمراء ، نتندر على ما يعيشه الروس من ظروف توحي لنا احيانا ، بأن إحداث اية اطلاقة وهمية من لعبة للاطفال ، من شأنها أن توقع العشرات في عرض الشارع ، لعدم تعود الناس على ضجيج يزعج حياتهم الآمنه .
يقينا بأن وراء سقوط تجربة الاتحاد السوفيتي ، ما ورائه من أسباب تتعلق باخطاء في التطبيق من قبل قيادات لم تحسن العمل بحكمة لادارة عجلة السياسة .. وكان واحد من أهم العوامل التي أدت لهدم ذلك الصرح الشامخ ، هو الانشغال بدعم العرب ، وتربية واعداد الكثير من ابنائهم ، والانتصار لقضاياهم ، وتحفيز شعوبهم المقهورة للتحرك بوجه ما يعانونه من قهر .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - الاشتراكيه هى الافضل
عماد الاخرس ( 2010 / 6 / 22 - 05:59 )
الاستاذ الفاضل حامد المحترم
لااحد يستطيع التشكيك بالاشتراكيه العلميه او يعترض على ان النظام الاشتراكى هو الافضل ولكن يبقى موضوع التطبيق للنظريه هو الذى واجه الفشل فى الاتحاد السوفيتى فكيف هو الحال فى الواقع العربى وغيره .. لذ فالمرور بمرحلة الاشتراكيه الديمقراطيه والمطالبه بها غايته ليس نكران صحة مبادىء الاشتراكيه العلميه بل العمل بها انسجاما مع الظروف الموضوعيه الحاليه التى تمر بها مجتمعاتنا العربيه على وجه الخصوص وقد يكون تحقيقها على ارض الواقع هو
الطموح الاشتراكى على المدى المنظور وعلى اقل تقديروهذا افضل من العيش فى احلام الاشتراكيه العلميه


2 - النظرية والتطبيق
فؤاد النمري ( 2010 / 6 / 22 - 15:47 )
أنا أحيي في السيد حامد حمودي عباس الأمانة والصدق وأقول من بعد أن انهيار مشروع لينين في الإتحاد السوفياتي هو أكبر برهان على صحة العلوم الماركسية. قبل رحيل ستالين بثلاثة أشهر فقط وفي مناقشات المؤتمر العام التاسع عشر للحزب الشيوعي في نوفمبر 1952 وقف ستالين على المنبر وأشار بيده إلى الجالسين خلفه على السدة وهم أعضاء المكتب السياسي للحزب وقال . . - ليس هؤلاء من سيوصلونكم إلى الشيوعية، يجب خلق قيادات شابة بديلة مؤهلة- . كان الصراع الطبقي يزداد حدة كلما تقدم المجتمع السوفياتي في التطبيق الإشتراكي. الطبقة الوسطى بقيادة خروشتشوف والعسكر أعلنت رسمياً في العام 1959 القضاء على دكتاتورية البروليتاريا وهي الدولة الوحيدة الإشتراكية . ما قبل ذلك كانت الشعوب السوفياتية تعيش في رغد مقارنة مع شعوب أوروبا الغربية وبريطانيا التي كانت ما زالت تتناول مؤونتها في طوابير رغم أن الدمار الذي لحق بالعمران السوفياتي كان أضعاف ما لحق بأوروبا . في أكتوبر من العام 1957 استطاع المجتمع السوفياتي أن يشق عنان الفضاء في حين كانت أوروبا وأمريكا متخلفة في التقنيات . القوة التي حشدها السوفييت لمواجهة النازية عجز عنها الغرب


3 - الاشتراكية ورأسمالية الدولة
فارس اردوان ميشو ( 2010 / 6 / 23 - 00:52 )
الصديق العزيز حامد
ماكان مطبق في الاتحاد السوفيتي هو راسمالية الدولة وليس الاشتراكية ، في الاشتراكية وسائل الانتاج تكون مملوكة للمجتمع وليس للدولة ، في الاتحاد السوفيتي اختزل المجتمع بالحزب الواحد والحزب اصبح هو الدولة ، وقمعت كل الاراء المخالفة للحزب
لم يتفتت الاتحاد السوفيتي بسبب الجينز والسيارات الفارهة ، بل بسبب عوامل داخلية منها الجمود العقائدي ، عندما تتحول النظرية الماركسية من دليل ومرشد للعمل الى عقيدة ودين يبدأ الانهيار ، اذا حدث تناقض بين النظرية والتطبيق تطور النظرية لتنسجم مع الواقع ، الذي حدث في الاتحاد السوفيتي غير الواقع باسلوب تعسفي وقمعي لينسجم مع النظرية ، وكان هذا انحراف عن المادية الديالكتيكية ، لقد قتل وسجن ونفي الملايين من الشيوعيين الحقيقيين لمجرد انتقادهم لافكار القائد المقدس الذي تحول الى الله الشيوعية ،
كان للقادة الحزبيين في الاتحاد السوفيتي منتجعاتهم الخاصة واسواقهم الخاصة التي تباع فيها منتجات الغرب ليستمتعوا هم وعوائلهم بالرفاهية على حساب المواطن العادي المحروم
ان ما شاهدته على وجوه الواطنين من امان هو نفس امان المؤمن الذي يعتقد ان اله السماء يحميه

اخر الافلام

.. مظاهرات في القدس تطالب بانتخابات مبكرة وصفقة تبادل والشرطة ا


.. Boycotting - To Your Left: Palestine | المقاطعة - على شمالَِ




.. رئيس الجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة في إسرائيل: خطاب غا


.. حركات يسارية وطلابية ألمانية تنظم مسيرة في برلين ضد حرب إسرا




.. الحضارة والبربرية - د. موفق محادين.