الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


عن سوريا وحاجتها الملحَة لأساطيل الحرية

زينب رشيد

2010 / 6 / 22
حقوق الانسان


عندما يسمع البعض بمشاركة أشخاص من سوريا في عداد من شارك بما يسمى "أسطول الحرية" فان هذا البعض يعتقد ان السوريين قد تجاوزوا جميع مشاكلهم الداخلية والخارجية، ولم يبقى لديهم إلا المساهمة في التخفيف من مشاكل الآخرين وأعباءهم والمساهمة في رفع الحصار عنهم، وعندما يسمع البعض أيضا أن السفير السوري في الأردن قد رافق "المتضامنين" السوريين المفرج عنهم من قبل اسرائيل الى الحدود الأردنية السورية فمن الطبيعي أن يعتقد هذا البعض ان الدولة السورية تولي اهتماما خاصا جدا برعاياها وأمنهم وسلامتهم حيثما تواجدوا واحتاجوا الى رعايتها، أما حين يسمع البعض بأن وزيري الخارجية والاعلام السوريين كانا على اتصال دائم بالمتضامنين السوريين بعد الافراج عنهم، فان اعتقاد هذا البعض سيزول ليحل محله قناعة شبه كاملة على مدى الاحترام الذي يحظى به المواطن السوري من قبل حكومته.
أما حين يصل الموضوع الى ذروته ويستقبل الرئيس السوري المتضامنين السوريين في القصر الجمهوري ليستمع منهم الى تفاصيل معاناتهم من البطش والتعذيب الاسرائيلي خلال فترة توقيفهم بعد السيطرة الاسرائيلية على سفن الأسطول واقتيادها الى ميناء أسدود، فان الجميع هنا وليس البعض فقط، سيحسدون المواطن السوري على مستوى الرعاية والاهتمام الذي يلقاه من رأس الدولة.

أعلم ويعلم الجميع، أن تلك المعاملة من قبل الدوائر الرسمية السورية مع المشاركين السوريين في الاسطول، والموقف الاعلامي الرسمي السوري من قضية الاسطول عموما، ماهي إلا محاولة لركوب موجة المد الأردوغاني التركية، إلا انني أعتقد جازمة بان هذا النظام قد فكر بالطريقة التي ذكرتها أعلاه، راجيا من وراء اهتمامه الخاص والنوعي بالمشاركين السوريين ابعاد الأعين عن حال سوريا الداخلية وما وصلته من تدهور تام على جميع المستويات، وابعاد الآذان عن أنات وصراخ أسرى الحرية في باستيلاته بنوعيها، ماهو فوق الارض منها وماهو تحتها والأخيرة أكثر بكثير.

حال غزة وأهلها حتى لحظة سيطرة حركة "حماس" عليها، وعلى كل المستويات الاقتصادية والمعيشية والتعليمية ومستوى الحريات بانواعها هي أفضل بكثير مما هي عليه في سوريا في ظل سيطرة العائلة الأسدية وأجهزتها الأمنية القمعية، التي أعادت سوريا عشرات السنين الى الوراء، وأحالت شعبها الكريم الى واحدا من أكثر شعوب المنطقة والعالم فقرا، وخنقت الحريات و"أسرت" كل من يرفع صوته مطالبا ولو بالحد الأدنى منها، وأنا أصر هنا على اطلاق مصطلح الأسرى على كل مواطنة سورية وسوري محتجزين في زنازين النظام الأسدى نظرا لفقدان ما كان يُؤمل منها انها ستكون مرحلة مصالحة ممكنة بعد رحيل الديكتاتور الكبير وتوريث الحكم لابنه، وبالتالي فان النظام الحالي وبعد استنفاذه لجميع الفرص التي أتاحها له شعب سوريا الكريم لتحقيق مصالحة تاريخية، فانه أصبح في حال "عدائية" مع كل الشعب السوري ومن يُحتجز من السوريين في زنازينه فهو أسير لدى جهة معادية للشعب والوطن ولكل ما هو انساني وأخلاقي وجميل.

لايوجد في غزة مدارس طينية كتلك الموجودة في كثير من المحافظات السورية، ولا يوجد في غزة صفوف دراسية يزدحم فيها أكثر من ستون طالبا وطالبة، ولا يوجد في غزة حتى بعد الحصار ندرة في المواد الغذائية كما هو الحال مع كثير من المواد الغذائية التي لا تتوافر في السوق السورية الا بواسطة منافذ التهريب عبر الحدود السورية اللبنانية، وخدمات الانترنت هي أفضل في غزة بما لا يقاس بوضع الانترنت البائس في سوريا، كما لاتوجد في غزة ولا في الضفة لائحة تتألف من مئات المواقع الالكترونية المحجوبة، ووضع الماء والكهرباء لغاية سيطرة "حماس" على مقاليد الامور هو افضل بكثير مما هو في سوريا، ومستوى دخل الفرد في القطاع هو اكثر من دخل الفرد في سوريا، وعشرات الآلاف من الموظفين العاطلين عن العمل بعد انقلاب "حماس" ما زالوا يتلقون رواتبهم بانتظام عبر الصراف الألي، فمن يحتاج أكثر لأساطيل الحرية أهل القطاع أم الشعب السوري؟

حتى لحظة سيطرة "حماس" على القطاع كانت هناك مجموعة منابر اعلامية متنوعة ومختلفة حد التناقض تمارس مهام عملها بحرية مقبولة، والانتقادات التي كانت توجه للسلطة حينذاك في تقارير الاعلاميين من غزة لا تعد ولا تحصى. كان هناك فضائيات واذاعات ومجلات وصحف للفصائل المختلفة ومنها ماهو للمستقلين، في حين يحاكم السيد علي العبدالله على مقالة كتبها من داخل سجن النظام الأسدي الذي مازال فيه عقابا له على ابداء رأيه، فمن يستحق أكثر أساطيل الحرية؟ شعب سوريا الأسير أم أهل غزة الذين لم يعرفوا مستوى القمع الذي يعيشونه هذه الأيام لولا "حماس" المدعومة من النظامين السوري والايراني.

لم يمر على أهل غزة مجزرة داخل سجن كمجزرة سجن صيدنايا وقبلها مجزرة سجن تدمر ولا مجزرة بحجم مجزرة حماة، ولم يُنحر رئيس وزراء ووزير داخلية كما حصل مع محمود الزعبي وغازي كنعان، ولم تكن تسري في غزة قوانين الأحكام العرفية الاجرامية التي مازالت سارية على رقاب السوريين منذ مايزيد على أربعون عاما، فمن يستحق أساطيل حرية حتى تنبه العالم لمآساته وما يعانيه من ظلم وقمع واضطهاد؟

شعب سوريا مصمم هذه الأيام، يتقدمه نخبة من بناته وأبنائه الأحرار على الخلاص من النظام الديكتاتوري الأسدي، كي يبني وطنه ومستقبل أبنائه ويلحق بركب العالم المتقدم بعد أن أتت تلك "العصابة" على خيرات الوطن ومسخت المواطن وامتهنت كرامته، وأقل ما يحتاجه شعب سوريا الكريم هو أساطيل حرية تتجه باتجاه الساحل السوري حتى توجه أنظار العالم وتنبه ضمائره الى هول معاناتاه التي يعانيها تحت سياط القمع الأسدي. فهل من مبادر أم أن لا مصلحة ولا تجارة لأحد؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - حماس الفاشية هي التي تحاصر شعب غزة
يعقوب ( 2010 / 6 / 22 - 16:06 )
مقال ممتاز. تحياتي الحارة


2 - شكرا
أحمد مولود الطيار ( 2010 / 6 / 22 - 16:22 )
شكرا للكاتبة تضامنها مع السوريين وأود أن أسألهما لو تفضلت ان كان لديها أرقام موثقة تدعم فيها مقاراناتها بين السوري والغزاوي ، الدخل مثلا ..... الخ


3 - هذا ما رفعناه للبرلمانية العربية في الكنيست
علي ديوب ( 2010 / 6 / 23 - 00:13 )
هذا ما رفعت به الصوت للبرلمانية العربية في الكنيست، خلاللا حملة فسيبوكية للتضامن معها؛ لكن ربما تمت معالجة قضيتها، بل ربما تم حل قضية حصار غزة، و من بعدها القضية الفلسطينية، قبل أن يتم الالتفات للبؤس و الظلم الذي يعاني منه الشعب السوري.


4 - سلمت يداك يازينب
جريس الهامس ( 2010 / 6 / 23 - 17:24 )
على مقالك الجريء الذي وضع النقاط على الحروف وكشف جانباً من الشعوذة القومجية التي تتاجر بها المافيا ألأسدية التي دمرت سورية الحبيبة ووضعتها رهينة لنظام القتلة واللصوص الوراثى تحت كابوس فرض حالة الطوارئ والأحكام العرفية والمخابرات منذ أربعة عقود ونيف أمام بصر وسمع العالم كله عاش قلمك الحر يازينب للتظافر كل الأقلام الحرة ولتتوحد كل الإرادات الوطنية الحرة لتكنيس هذه العصابة والنصر للقلم والفكر الحر الذي يسنمد مداده من اّلام ..الشعب وطموحاته على المدفع وكل جيوش الطغاة - مع تحياتي


5 - الكاتبه المحترمه
هاله ( 2010 / 6 / 23 - 19:15 )
الاوضاع في سوريا لا تختلف عن بقيه البلدان العربية بحسناتها وسيئاتها
فما علاقة موضوعها باسطول الحرية
هل الشعب السوري محتل ام محاصر في المخيمات ام انه يقوم محتليه باطلاق الصواريخ ويحفر الانفاق مع لبنان لجلب السلاح
وجه الشبه بين سوريا وغزة كالشبه بين الفار والفيل
اشكرك

اخر الافلام

.. آلاف الإسرائيليين يتظاهرون في تل أبيب للمطالبة بعقد صفقة تبا


.. مجلس الحرب الإسرائيلي يجتمع لدراسة رد حماس على مقترح صفقة تب




.. حرب غزة: لا تقدّم في مفاوضات الهدنة.. حماس تتمسك بشروطها ونت


.. مظاهرات في تونس لإجلاء الآلاف من المهاجرين غير الشرعيين




.. مصدر مصري رفيع المستوى: أحد بنود مقترح الاتفاق يتضمن عودة ال