الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الذاكرة المتلاشية

كريم الثوري

2010 / 6 / 23
الادب والفن


الذاكرة المتلاشية
Faded memory
ثلاث لوحات لمريم الفارسية
لوحة الحضور
مريام عرفيني بنفسك ؟
قادتني لحانة مُحاذية، كانت الموسيقى تصدح بِالحان المهاجرين ،لامست شفتيها رشفة واين تاريخي مُعتق ، مسحت مسرح الرقص بنظرة عارفة ، إرتجفت بقشعريرة جسدها ، إنسابت ربطة عنقها طواعية حتى استقرت بين مقص اصابعها ، نشَطَتْهاَ بيديها ، فتلتها على وركها النحيل بمغزل خيزرانها ، كانت تسير الهوينا مستندة على اطراف اصابع قدميها ، كادت تُحلق ، فقد انتفضت كملسوعة ،تموسق جسدها الفارع ، حلقت باجنحة الموسيقى ، متخطية جاذبية النظرات، رقصت ، رقصت ، رقصت ، حتى تلاشى المسرح بصمته المُطبق ، سَمعْتُ صوت إبرة سقطت على الارض، فيما إنسلّت رؤوس الصبايا مطأطئات ، مُستقَر الأرض، اتحد الغناء بالرقص بالتصفيق ، على أنغام مقطوعة فارسية إبتدعتها من موسيقى حركاتها المتناغمة بعفوية المتمرس، فذاب الحضور مسحورا ،غير مُصدق... كُنت واحدا منهم ، غير مُصدق ، في حجرها مساءاً.
لوحة التوحد
مريام أريني تفردك ؟
كانت الساعة قد اقتربت من محفل التتويج ، حتى توقف رعاشها مبهورا، مُخلياً لخدرها يُهدهد إرتعاش الكون الغافي ، يقطرُ مُحلى اصفهاني ناعس كحرير مشهد ، امتزج السيل بالساقية ،فترطب ما كان صائما يترقب الصحن ، وراح يفتش عن أسماك لابطة في عتمة الليل ، على ضوء فانوس علاء الدين والمصباح، مبهورا بموسيقى العرفان ، دون خدش أو وجل. كانت لرموشها سهام لا تخطئ معجونة من إمتزاج كل الوان الطيف الشمسي ، فليس لعينها صبغة اللون ، تتبدل كلما أشارت ، كحرباء جسدها، وكنت أُلبي النداء منسابا بتلوينها ، مآخوذا بخدر لذيذ لا يُقاوم ، اقتربت رموشها في مسيرتحدّ ٍ، اقتربت اكثر ، فارتبك حصاري بزاوية اعرفها ،ومازالت تقترب ، تقترب ، حتى تلاشت المسافة ، سقطت من السرير ، اجهشت بتنهيدة أعادت لي الحياة ، بنشاط مَن إستجمع ولم يحصد ، قائلة :
هذا هو الفرق ياملاكي بين جنس فارس الحُر وجنس العرب المُكبل؟ !

لوحة الخسران
مريام كيف هو عناد الفرس؟
اثثّتْ صومعتي على اوجه الطريقة التقليدية ، بحداثة أوربية ، عبأته بالحب الاسطوري ،حررتني من ابجديتي الغبية ، مررتني بدورات إستحالة ، كرهت معها كل تاريخي الشخصي ، رحت انظرها بعيون ، حافظ ، سعدي ، وصدر الدين الشيرازي ، كانت مقامات عمر الخيام محفل التتويج ، مهووسا أُنقب بتاريخ فارس ، حتى اضمحلت بلمح البصر، تلك الغلاظة سيئة الفهم، صرت اهتف دون إرادتي : يالجمال فارس ، يالجمال فارس ، يالجمالك ...من فارس ، وقبل رحيلها الأبدي اهدتني لوحة باهضة التكاليف، جلبتها معها من شيراز ، كان يوم ميلادي ، غابت يومين ضوئيين ،اختفت ثم عادت بها ، وعلى طريقة الجدات . اخرجت مُغلفها بنفائس البخور ، بعد إنتهاء حفل الوداع ، وما كنت اعرف ، فما اوجسني قلبي ، اقتربت مني وقبلتني حتى التحقنا بعالم العناق ، نهضت منتصبة وتركتني كلوحتها المُعلقة، شاخصا بوجه الصدى : قالت : وداعا ساذهب ، لا تتغير ياهذا ، لم افلح بتغييرك ، ما كل هذا التصحر ، تشققاتك ابتلعت مياه المحيطات دفعة واحدة، ومازالت فاغرة فاها ؟!
عجزت بالفكاهة ، عن كسرِ حواجز مُنغلقاتك
وبالدعابة عن تحطيم مُكعبات صمتك
وبالمكر حتى تخطيت سحر العجم
لا احتمل الخسارة ، قبالة إنهيار رصيدك
فمثلي لا يخطىء ، وأنت العثرات
عودي يافعٌ ، وأنت الرياح العاتية
رقصي يرتبك
موسيقاي تهفت
غنائي يتكلس
ما بت اعرف من أنا
من أنت بحق السماء
أيُها الإعرابي ...؟!

كريم الثوري
الذاكرة المتلاشية / لوحة تشكيلية إيرانية نفيسة مازلت معلقة على جدار الذكريات...








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. وفاة زوجة الفنان أحمد عدوية


.. طارق الشناوي يحسم جدل عن أم كلثوم.. بشهادة عمه مأمون الشناوي




.. إزاي عبد الوهاب قدر يقنع أم كلثوم تغني بالطريقة اللي بتظهر ب


.. طارق الشناوي بيحكي أول أغنية تقولها أم كلثوم كلمات مش غنا ?




.. قصة غريبة عن أغنية أنساك لأم كلثوم.. لحنها محمد فوزي ولا بلي