الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الطفولة على الهامش

علاء كعيد حسب
شاعر و كاتب صحفي

2010 / 6 / 24
الادب والفن


لم تكن لي في العيد هدية و لا دراجة هوائية أسابق بها الريح ، مع ذلك أحب طفولتي كثيرا و أفتقدها شفافة ضائعة وسط كومة الكتب و اللعب و التفاصيل ، فأحيانا ، عبر استحضار ذكريات المدرسة و المشاجرات و الأحداث الحزينة و السعيدة , يدرك المرء إنسانيته دون الحاجة إلى شمعة تنهار أمامه أو شاعر يفتح عاطفته على المجاز . أركب الماضي و ألحق بالخريف الأخير من سنوات الصبى ، و أتلاشى مع صوت الطعريجة (آلة موسيقية تقليدية) أيام العيد و هتاف أقراني حين نعد حبات البرتقال التي قطفناها ليلا من المدرسة القريبة من الحي ، و نجد حصة كل واحد منا برتقالتين ، الصخب و الشغب من جملة مقبلات تلطف مرارة الوضع ، وضع لا يجيد الصغار ببراءتهم ، قراءته في عيون الكبار.



لكل ليلاه ، و لي جمال مراكش الباطني و كافة عيوبها . هذه المدينة تحفظ خطواتي في الأصيل و عمرا سريعا تلتهمه الفصول الأربعة ، ينفذ من بداياته دون وعي أو إدراك . كتبت مرة لأجنبي استفسرني ، كان ينوي زيارتها :



((مراكش الحمراء . كثيرون كتبوا عنها و رسموها : مدينة استثنائية السحر و الهواء . استراح في فنادقها ورياضاتها (دور قديمة فخمة تقليدية الطابع) ملايين السياح ، ممثلون و مغنون و ملوك و شعراء و رسامون و أناس عاديون جذبتهم المدينة بطابعها الآخاد و روائح العطرية و الجلد و المأكولات و زمن أكل عليه الدهر و شرب ، صنع مجدها و دروبها الضيقة و رجالها السبعة . و في حدائق أكدال و المنارة و تحت صومعة الكتبية و بين البهارات و أرواح العبيد القدامى في الرحبة القديمة و على وقع الشموع المنثورة ليلا على امتداد ساحة جامع الفنا المغمورة بدخان الأطعمة المتصاعد نحو السماء ، شرقيون و غربيون أجمعوا على أنها تحفة نادرة و وجه جميل للحياة المغربية )).



الطفولة التي أحن إليها كلما تذوقت في لعابي طعم الحليب ، و رغم بساطتها ، معقدة و مركبة و متصلة بالألم كعين الذبابة . و لعل عيون الكبار المهشمة بشمس لا تمسح البؤس عن الوجوه ، و خطوات العابرين وحيدين في الأصيل ، من جملة الوضع الذي لم نفهمه حين كنا صغارا ، نلعب و نتعارك و نتسابق في زاوية أو درب قديم طويل لا يفضي إلى شيء ، في الهامش ، حيث رسم الله وجها مشوها للمدينة ، لا يعرفه السياح .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أحمد حلمى من مهرجان روتردام للفيلم العربي: سعيد جدا بتكريمي


.. مقابلة فنية | الممثل والمخرج عصام بوخالد: غزة ستقلب العالم |




.. احمد حلمي على العجلة في شوارع روتردام بهولندا قبل تكريمه بمه


.. مراسل الجزيرة هاني الشاعر يرصد التطورات الميدانية في قطاع غز




.. -أنا مع تعدد الزوجات... والقصة مش قصة شرع-... هذا ما قاله ال