الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


دموع السياب

علي شايع

2010 / 6 / 24
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي


جرت الانتخابات الهولندية قبل أيام، ويقول المثل عندهم : “لا تستطيع وضع الحذوة لحصان يجري”. فلكل شيء لدى أهل الأرض المنخفضة إيقاعه السريع في الحياة، لكنهم يشترطون البداية الصحيحة الثابتة لأن فيها حسب تصورهم؛ نصف العمل. لذا بقيت البلاد تديرها حكومة مستقيلة لأربعة أشهر، دون حدوث فراغ يذكر، وجرت الانتخابات الجديدة وفاز من فاز فيها دون أن يحدث ذلك تغييراً في الحياة العامة.. قبل وبعد الانتخابات،لأن الدولة ثابتة.
مع هذا لمس كلّ مواطن في هذا البلد حركة دعاية انتخابية لم تفسد منظر المدن، اشترطت لها الدولة أمكنة -مؤقتة- يمكن حسابها بالأمتار القليلة. ففي مدينة يفوق تعداد سكنها 30 ألف نسمة، كان مكان الدعاية الانتخابية الأهم؛ قطعة خشبية عرضها أربعة أمتار وارتفاعها متران ونصف، اجتمعت فيها جميع صور المرشحين، و قس على باقي مدن دولة يبلغ تعداد سكانها 16 مليون نسمة.
الدعاية التلفزيونية لم تستهلك أوقات الناس وتثقل كاهلهم، فالالحاح الدعائي يجلب نتائج عكسية لدى إنسان يريد أن يطالع ويقارن البرامج الانتخابية، لذا كان رصيد المناظرات بين كبار المرشحين وافراً، أثبت خلاله الساسة قدرتهم على طرح برامجهم وخططهم المستقبلية.
ظهيرة يوم الانتخابات، وفي ذروة القلق، بث التلفزيون الأول ندوة ضمّت الفرقاء السياسيين الكبار جميعهم، حضرها وأدارها أطفال لم يبلغوا السن الانتخابي بعد، وكان النقاش حماسياً أحرج بعضهم.. طفل هولندي أشقر في العاشرة من عمره، سأل زعيم حزب متطرف يظهر العداء للاسلام: سيد خيرت فلدرز..ماذا كنت ستفعل لو كنت مسلماً في هولندا؟. وانهالت أسئلة أخرى بالعشرات تتحدث عن الاقتصاد والحاجات اليومية للناس، حتى كأن المشاهد يرى من خلال حماس هؤلاء الصبية ونقاشهم؛ محاكمة المستقبل للحاضر.
الجميل إن بعض المدارس الابتدائية تجري استطلاعات رأي وتوقعات للطلاب عن احتمالات فوز الأحزاب، تنشر في صحف المدينة، وتكون في متناول أحزاب يرى المتابع لنشاطاتهم بأنهم لا يهملون كبيرة ولا صغيرة تشغل الشارع الهولندي.شاركتُ في الانتخابات ولم استغرب مطلقاً أن يكون المكان المقدس الذي سأضع فيه ورقتي الانتخابية هو حاوية نفايات طويلة توضع عادة في بعض البيوت، تباع بثمن بسيط في السوق، تم تحويرها ووضع قفل لها لتكون صندوقاً انتخابياً، فلا أموال تنفق عبثاً، والشكل غير مهم مادامت القيمة في المحتوى.
لم يكن المركز الانتخابي للحي سوى مكان جانبي من بهو دار للعجزة، تذكّر وجوههم وهم يعيشون يومهم المطمئن بأن الديمقراطية لها عمر راسخ وقواعد ثابتة.وأنا أغادر المكان لا أدري أي الأشياء أعلاه دفعت بدمع عراقي غزير، تدحرج من عيوني، مع مطر هولندي انقذني من ملامة الناس، متذكراً العراق والسياب وهو يقول: وكم ذرفنا ليلةَ الرحيل من دموع..ثم اعتللنا - خوفَ أن نُلامَ - بالمطر.

[email protected]








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. معرض -إكسبو إيران-.. شاهد ما تصنعه طهران للتغلب على العقوبات


.. مشاهد للحظة شراء سائح تركي سكينا قبل تنفيذه عملية طعن بالقدس




.. مشاهد لقصف إسرائيلي استهدف أطراف بلدات العديسة ومركبا والطيب


.. مسيرة من بلدة دير الغصون إلى مخيم نور شمس بطولكرم تأييدا للم




.. بعد فضيحة -رحلة الأشباح-.. تغريم شركة أسترالية بـ 66 مليون د