الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


من مفهوم الأجهزة الإيديولوجية للدولة إلى مفهوم -الربان- ‏الاجتماعي

بودريس درهمان

2010 / 6 / 24
الصحافة والاعلام


النظرية المعرفية المستندة إلى تقنية اشتغال الحواسيب تعتمد ‏على مصطلح ‏‎ بالانجليزية driverو مصطلح ‏pilote‏ باللغة الفرنسية و يمكن استعمال مصطلح "ربان" ‏باللغة العربية كمرادف لهذين المصطلحين المتداولين في ‏مجال المعلوميات. هذا "الربان" الذي تحتاجه الأنظمة ‏المعلوماتية للاشتغال هو نفسه الربان الذي تحتاجه ‏المجتمعات للاشتغال و الإنتاج كذلك.‏
الربان سواء في مجال المعلوميات أو في مجال المجتمعات ‏وظيفته هي تحفيز الإنتاج بشتى أنواعه، و تحفيز التقدم ‏الاجتماعي على جميع المستويات، لكن عند المجتمعات التي ‏مواطنوها متدني الوعي و المعرفة و لم يلجوا المدارس و ‏الجامعات إلا خلال السنين الأخيرة، مثل هذه المجتمعات ‏يقتصر دور الربان الاجتماعي على تحفيز الميولات ‏الغريزية فقط و مساعدتها على الظهور بداخل الحقل ‏الاجتماعي لاستعمالها كمشوشات لتفادي النقاش في قضايا ‏مستعصية كالبطالة، الديمقراطية و العدالة الاجتماعية. ‏النظرية السلوكية الاجتماعية التي هي وراء تثبيت دور ‏الربان الاجتماعي ترى بأنه كل ما نجح الحيوان أو الإنسان، ‏لأن الأمر يتعلق بعلوم الترويض الاجتماعي، في تخفيض ‏مستوى التوتر الذي ينتج عن اصطدام هذا الإنسان ‏بـاستفزازات"الربان" تتم عملية خلق دعائم لهذا "الربان" ‏بداخل الحقل الاجتماعي. "الربان" الاجتماعي هو عبارة ‏على مصاص ‏ASPIRATEUR‏ لبعض الأنظمة المشغلة الأخرى ‏حيث يحولها إلى أنظمة مساعدة أو أنظمة فلكلورية داعمة ‏في الحالات التي يحدث فيها الارتباك. ‏
‏"الربان" الاجتماعي نظام مندمج و متداخل الوظائف يتداخل ‏فيه السياسي بالإعلامي و الديني بالاجتماعي و غيره هذا ‏‏"الربان" الاجتماعي هو تطور دقيق لمفهوم الأجهزة ‏الإيديولوجية للدولة، الذي بلوره الماركسيون الجدد مثل ‏لويس ألتوسير، نيكوس بولانتزاس و غيرهم، و الذي أحاط ‏بحيثياته المؤسساتية ما يسمى بداخل علوم التربية بالتيار ‏المؤسساتي الذي تبلور خلال سبعينيات و ثمانينيات القرن ‏الماضي و الذي مثله الثنائي الفرنسي استابليت و بودلو كما ‏مثله بداخل علوم المجتمع بيير بورديو. الفرق بين مفهوم ‏‏"الربان" الاجتماعي و مفهوم الأجهزة الإيديولوجية للدولة ‏هو أن الربان يرتكز حاليا على الإغراء و الاستقطاب ‏الإرادي بالإضافة إلى الترويض في حين الأجهزة ‏الإيديولوجية كما وصفها وحددها الماركسيون الجدد كانت و ‏لازالت ترتكز على القوة و القهر بواسطة الاعتقال التعسفي، ‏الاختطاف و تشويه سمعة النشطاء السياسيين و الإعلاميين ‏و غيرهم
‏"الربان" الاجتماعي استفاد كثيرا من التطور الهائل الذي ‏حصل في علوم الترويض التي مارسها العلماء خلال كل ‏فترة القرن التاسع عشر على أسس صلبة و متينة و بداخل ‏مختبرات علمية و نظريات متعددة كانت في حالة النشوء. ‏لقد استطاع هؤلاء العلماء التدقيق في عملية تهذيب و أنسنة ‏كل الحيوانات تقريبا، من الأسد إلى الفيل ومن الدب إلى ‏الثعبان ، لقد استطاعوا إحداث خروقات هائلة بداخل ‏سلوكات عالم الحيوانات و هذا ما أهلهم في ما بعد الاستفادة ‏من هذه المعارف و التقنيات التي تخص عوالم الحيوانات و ‏تطبيق ماهيتها على عوالم الإنسان و عوالم المجتمعات و ‏التجمعات البشرية.‏
علوم عدة تدخل في هذا المجال من علوم السلوك الحيواني ‏إلى علوم البرمجة الذهنية اللغوية مروارا بعلوم التمثلات و ‏علوم الإغراءات و الاستيهامات التي تعتمد عليها تقنيات ‏الإشهار و تقنيات الدعاية. بفضل هذه العلوم تم تحويل ‏المجتمعات المركبة و المستعصية على الفهم و التغيير إلى ‏عائلات صغيرة يتصرف فيها الأب(رمز السلطة المركزية) ‏و الأم(رمز السلطة الروحية و الوجدانية) و الأبناء ‏الكبار(رمز السلطة السياسية) و الأقرباء(رمز السلطة ‏الاجتماعية).‏
لقد تساءل أحد العلماء الفرنسيين و هو السوسيولوجي ‏كوستاف لوبونGustave le bon‏ صاحب نظرية الحشود ‏و تساءلت معه كل الروايات الفرنسية الصادرة خلال القرن ‏التاسع عشر و المنتمية إلى ما يسمى في تاريخ الأدب ‏بالأدب الواقعي عن ظاهرة الحشود و ظاهرة الغرائز التي ‏هي في مجملها تعود إلى أسباب اجتماعية، تساءل هؤلاء عن ‏الأسباب الغير مفهومة التي تجعل الفرد حينما يكون داخل ‏جماعة يصبح لا عقلانيا و جد متهور و قد يلجأ أحيانا إلى ‏الضرب و القتل و ترويج الحكايا الكاذبة فقط لأنه تحت ‏تأثير الجماعة و حينما تنفض عنه الجماعة أو حينما تستدرك ‏الجماعة و تقوم بالتمسك بزمام الأمور بعيدة عن انزياح ‏الأفراد الواقعين تحت تأثير مخدر الجماعة آنذاك فقط ‏يستشعر الفرد لا أهميته و عدميته و يبقى يتخلص تدريجيا ‏من مرض الجماعة...هذه التأثيرات السلبية المتبادلة ما بين ‏الفرد والجماعة و التي قد تكون السبب الرئيسي في حدوث ‏اضطرابات و ماسي في الحياة الشخصية للأفراد هي في ‏عموميتها اقرب إلى السلوكات البدائية و منها تسللت العلوم ‏الحديثة لتأسيس نظرية الربان الاجتماعي و تحفيز المجتمع ‏و الاقتصاد.‏








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. انتخابات تشريعية في فرنسا: اكتمال لوائح المرشّحين وانطلاق ال


.. المستوطنون الإسرائيليون يسيطرون على مزيد من الينابيع في الضف




.. بعد نتائج الانتخابات الأوروبية: قادة الاتحاد الأوروبي يناقشو


.. ماذا تفعل إذا تعرضت لهجوم سمكة قرش؟




.. هوكشتاين في إسرائيل لتجنب زيادة التصعيد على الجبهة الشمالية