الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حكامنا يريدون من الديمقراطية ان تنتمي اليهم ..

جاسم المطير

2010 / 6 / 24
مواضيع وابحاث سياسية


حكامنا يريدون من الديمقراطية ان تنتمي اليهم ..
قرأت اليوم منذ الصباح الباكر ثلاثة أخبار رئيسية قدمت استشهادا قويا على أن (الديمقراطية الناشئة) في العراق تواجه خطر عودة روابطها إلى امتدادات الماضي القاهر في زمان نظام صدام حسين وما قبله . الأخبار الثلاثة ذات تفاعل ، بين الماضي القمعي والحاضر النابت الجذور بعيدا عن حقوق الإنسان . إن صح رأيي فأن الوضع يستوجب رؤية حكومية – برلمانية منسجمة بأفكارها ونشاطها مع المستقبل ومع المأمول فيه .
تسلسل الأخبار كما يلي :
(1) الخبر الأول مفاده أن حكام البصرة ( المحافظ + مجلس المحافظة) يحاولون تدجين الأوضاع الراهنة في البصرة لصالحهم دون أية محاولة صادقة لمعالجتها . اهتماماتهم مقننة لأنفسهم إذ اتخذوا إجراءات أمنية احترازية بإصدارهم أوامر عسكرية إلى حمايتهم ، والى قوى الشرطة الوطنية من مختلف صنوف الأجهزة الأمنية ، في عملية حماية (مبان) الحكومة تحسبا لوقوع تظاهرات جديدة بعد أن شهدت المحافظة يوم السبت 20 – 6 – 2010 تظاهرة سلمية جماهيرية أحياها نحو 4 آلاف مواطن ابتدأت بالمطالبة بتحسين وضعية الطاقة الكهربائية في المدينة وانتهت بعملية إطلاق نار من قبل القوات الأمنية مما أدى إلى سقوط شهيدين وعدد من الجرحى في صفوف المتظاهرين.
(2) الخبر الثاني مفاده أن رئيس الوزراء نوري المالكي قرر قبول استقالة وزير الكهرباء كريم وحيد من دون أن يتخذ إجراءات فاعلة معلنة استجابة لتحديات الظرف الخاص في الشارع العراقي ومن دون تغيير العقل والوجدان الحكوميين لتلبية مطالب الجماهير المتظاهرة .
(3) الخبر الثالث هو ما ذكرته مقالة جريدة الواشنطن بوست الأميركية : ( إن الإحباط يتفشى في العراق بسبب شكوى السكان من عدم حصولهم إلا على ساعات قليلة من الكهرباء في اليوم الواحد، مشيرة إلى انشغال المسئولين بكراسي السلطة أكثر من اهتمامهم بالخدمات العامة وان الكثير من العراقيين يقولون أن المسئولين يصبون عنايتهم على كراسي السلطة أكثر من اهتمامهم بالخدمات العامة.) .
أتصور أن من عادة (الحكام الإسلاميين غير الديمقراطيين) حتى إنْ وصلوا إلى كرسي السلطة بــ(الديمقراطية الانتخابية) إلا أنهم يظلون غير عارفين لحقيقة ومعنى الديمقراطية ، غير عارفين آليات ممارساتها . أمثلتهم كثيرة في الشرق الأوسط : ( منظمة حماس الفلسطينية وجماعتها .. وزراء حزب الله وجماعتهم .. حكام إيران وجماعتهم .. وبعض أسماء جماعة السنة والشيعة العراقيين الذين حكموا العراق منذ عام 2003 ومنهم رؤساء وزراء ورؤساء برلمان ووزراء و مدراء ومستشارين وغيرهم وغالبية أعضاء مجالس المحافظات الوسطى والجنوبية ) . جميع هؤلاء الحكام يتبجحون بــ( الانتخابات) التي أوصلتهم إلى مناصب لم يحلموا بها من قبل ، لكنهم بعد تبوئهم على عروش مناصبهم صاروا ( يعتبرون الديمقراطية مسبحة ذات 101 حبة) يستخيرون بواسطتها كل خطوة أو قضية لها علاقة بمصالح الشعب يراد التصويت عليها وفق المصالح الشخصية أو الحزبية ..!
مؤدى هذا الموقف غير العارف بالديمقراطية ناتج عن فكرة متوالدة لدى هؤلاء أو متوارثة على اعتبار أن ( الديمقراطية هي نموذج حكم غربي ) وان الغرب استعماري وانه مناصر لإسرائيل وان الغربيين كفار ، وليسوا محتشمين . عليه فأن كل ديمقراطية هي سياسة غربية – إسرائيلية . لكن والحق يقال أن هناك مستويات في هذا الموقف من الديمقراطية ، فما يخدم مصالح الحكام أنفسهم من الديمقراطية يأخذونه ويمجدونه . أما الديمقراطية ذات القضية الشعبية قد لا تفرض نفسها عليهم ولا ينحازون إليها لأسباب طبقية ، أو طائفية ، أو نفعية ، أو دينية ، فأنهم يتنكرون لها معتبرين إياها تفكيرا استعماريا – صهيونيا أو انه يتعارض مع الدين . بكل الأحوال فأنهم يجدون مختلف الاتهامات لتوجيهها نحو الديمقراطية والديمقراطيين الحقيقيين في بعض فصولها وفصولهم أو حتى أنهم يطوقون كل السبل لحرمان الديمقراطيين الصادقين من ممارسة أدوارهم الشعبية وحقوقهم الإنسانية .
الأخبار الثلاثة المشار إليها في مقدمة مقالتي تؤكد اقترانا واضحا بين الجهل الحكومي في معالجة مشاكل الناس والمجتمع وأصول الحكم ، وعدم إلمام غالبية القادة الحكوميين الجدد بالمفاهيم الإنسانية ، التي كان قد طرحها ابن المقفع ، منذ قديم الزمان ، على الحكام لكي يحققوا لشعوبهم الحياة الصالحة ، مؤكدا أن (الحياة الصالحة) لا تتحقق بغير عمل الحكام وزهدهم باعتماد العقل والعقلانية وسيلة وحيدة للحكم العادل والسلوك الأمين والفعل المنطلق من صفاء النية .
العقل والعقلانية في العصر الحديث لا يمكن ظهورهما إلا بالحلول الديمقراطية ، البدائية والرئيسية ، التي تستوجب من قادة البلد جميعهم أصحاب الكتل الانتخابية الفائزة بالانتخابات العمل وفق ما يلي :
(1) كل قوة سياسية من الكتل الفائزة في انتخابات 7-3 – 2010 عليها (التنازل عن بغلة الغرور ) إذا ما آمنت تلك القوى، حقا وفعلا ، أن الديمقراطية هي أسلوب متكامل في الحياة والأخلاق وليست مجرد أسلوب في حكم الناس والسيطرة على منافع المناصب الحكومية .
(2) الاعتماد على الأخلاقية الديمقراطية الجوهرية والنزيهة لخدمة الناس المحكومين بواسطة (القيم الإنسانية ) وليس بـ(الحديد والنار) الموجهة ضد التظاهر الجماهيري كوسيلة للتعبير عن مطالبهم المشروعة وهي الوسيلة التي سماها (شغبا) نوري المالكي ، تماما مثلما كان يسميها جميع الحكام غير الديمقراطيين طيلة القرن العشرين .
(3) لا بد أن يعرف العاملون في الميدان السياسي أن الديمقراطية صيرورة اجتماعية تعتمد على الحوار وليس على أطلاق الرصاص أو تقييد حريات المواطنين ورميهم في السجون .
(4) إن الديمقراطية في تجارب كل الشعوب الديمقراطية ، التي سبقتنا ، هي الأداة الوحيدة القادرة على تحويل حرية الفرد والمجتمع إلى صفة مؤسسية نموذجية قادرة على خدمة المحكومين وتغيير حياتهم نحو الأحسن .
ما تقدم يعني أول ما يعني ان على حكامنا الوطنيين ان يكفوا عن اشغال انفسهم باجبار الديمقراطية على (الانتماء) اليهم انما الصحيح هو ان( يثبتوا) حقيقة ادعائهم بالمنهج الديمقراطي وان عليهم مواصلة العمل ليلا ونهارا ، بوجود الطاقة الكهربائية أو من دونها ، لتحرير العقل الحكومي في كل أجهزة الدولة ، و لتحرير المحكومين بتحرير إرادة الإنسان العراقي ولتحرير القوى الاجتماعية والسياسية كلها لصنع الاختيار التاريخي الواعي في عملية بناء العراق الجديد ..
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
بصرة لاهاي في 24 – 6 – 2010








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ترقب نتائج الجولة الثانية من الانتخابات التشريعية المبكرة..


.. مفاوضات الهدنة.. ضغوط متزايدة على نتنياهو لقبول الاتفاق




.. الناخبون الفرنسيون يصوتون في الجولة الثانية من الانتخابات ال


.. اعتراض صواريخ في سماء جبل ميرون أطلقت من لبنان




.. قوات الاحتلال تقصف مدرسة العائلة المقدسة في غزة