الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


عن صالح نعيم طويق وابداعه في الصحافة والترجمة

مازن لطيف علي

2010 / 6 / 24
سيرة ذاتية


من المعروف عموما ان يهود العراق شكلوا الجزء الاكبر من الطبقة الوسطى وخاصة يهود بغداد في مطلع القرن العشرين . وقد لعبت النخب اليهودية دورا واضحا وكبيرا في تشكيل الثقافة والاقتصاد والسياسة والصحافة العراقية وبرزت في ميدان الصحافة العراقية أسماء لامعة منذ بداية القرن العشرين، بل لقد لعب بعض العراقيين اليهود دورا فاعلاً في مجال الصحافة ومنهم ممن ذكرت اسماؤهم في مقالات عدة : سليم البصون، انور شاؤل ، مراد العماري ومنشي زعرور وشاؤل حداد وغيرهم .

هنا يجب ان نذكر مبدعا ترك بصماته خلال رحلة العمر على ناصع صفحات صاحبة الجلالة الصحافة العراقية ألا وهو صالح طويق، صاحب الباع الطويل والتجربة الثرة التي تحمل خواطر الأزمنة وتراكمات الحدث والذي كانت مساهماته في الصحافة العراقية لاتقدر بثمن .

نقصد الصحفي الذي نقش على رايته صفة التواضع التي ليس لها حدود، يعمل خلف الكواليس لكن بصماته واضحة، ولهذا السبب لم يترك اية مذكرات وذلك لكي يتجنب التحدث عن نفسه. اسمه الرسمي هو صالح طويق لكنه كان معروفا ايضا باسم "نعيم طويق" ..

ولد هذا الأديب في بغداد عام 1916 من اسرة معروفة وتخرج في مدرسة الاليانس عام 1934 ونشر اول عمل له وهو طالب في المرحلة المنتهية عن عمر يناهز الرابعة عشرة فقط ، حين ترجم عن الفرنسية قصة من الادب التركي نشرت في مجلة "الحاصد" التي ترأس تحريرها الاديب والمحامي انور شاؤول.

بدأ طويق عمله الصحفي في عام 1934 اذ عين محرراً في صحيفة "الاهالي" التي تم اغلاقها واضطر الى العمل في صحف اخرى، منها "المبدأ "، "صوت الأهالي "، "صدى الأهالي"، "الطريق"، "الرأي العام "، "الحوادث" . وفي نهاية المطاف صحيفة "الزمان".

وكان عمله الصحفي يشمل تحرير الاخبار الخارجية والتعليق عليها وترجمة المقالات المهمة عن امهات الصحف العالمية، وكذلك كتابة المقالات السياسية بما في ذلك الافتتاحيات التي عبر فيها بكل صراحة ووضوح عن عقيدته الوطنية الديمقراطية والتقدمية. وقد كان طويق ضليعا بثلاث لغات ؛العربية والفرنسية والانكليزية ، وقد استحدث طريقة خاصة لنقل الانباء من الاذاعات العالمية باللغتين الانكليزية والفرنسية والقيام بترجمتها مباشرة الى اللغة العربية بطريقة اختزال خاصة، ونشرها في الصحيفة على الفور.

بالاضافة لذلك، استحدث بابا خاصا باسم (قالت صحف العالم امس)، وقد جعل مصدر ذلك الباب أغلب محطات الاذاعة العالمية التي تذيع بالانكليزية والفرنسية، مما كان يتتبعه القراء باهتمام بالغ. ومما يذكر في هذا الصدد، ان في احدى فترات العمل العصيبة في سنة 1941 التي تطلبت منه العمل حتى ساعات الصباح، في تلك الفترة انتقلت والدته الحنون للعيش في غرفة صغيرة على سطح بناية الصحيفة، وذلك حرصا على ولدها الوحيد لكي يعود الى (بيته) بأسرع ما يمكن بعد انهاء عمله. فيا له من اخلاص وايثار ويا لها من تضحية لولد حريص ولأم قلقة.

أثرى طويق الفكر والادب العربي بترجمة العديد من المواضيع الادبية لكتاب عالميين منهم : بلزاك، هيجو ، جورجي، دوديه، أناتول فرانس موليير وفولتير وغيرهم وقد بدأ بممارسة هذه الترجمة وكان عمره لايتعدى 13 عاماً .

انتمى الى الحزب الوطني الديمقراطي الذي تأسس في عام 1946 بزعامة كامل الجادرجي ، لأنه شعر ان هذا الحزب اقرب الى توجهاته الديمقراطية .عمل سنوات طويلة مع كامل الجادرجي وكان من المقربين إليه وكتب مقالاته السياسية لصحافة الحزب الى ان حل الحزب بصورة نهائية عام 1963.

ويذكر الشاعر والصحفي مراد العماري وهو من اصدقائه المقربين، ان طويق ترك العمل الصحفي بعد انقلاب 8 شباط عام 1963 لكنه لم يقطع صلته بالجادرجي حتى يوم وفاته في عام 1968، وقد كان الجادرجي يدعوه الى داره ويكتب معه المذكرات السياسية الخطيرة، في وقت كان اقرب الناس اليه يخشون زيارته .وقد كافأه الجادرجي في مذكراته بجزاء سنمار، إذ لم يذكر اسمه ابداً في مذكراته بل ذكره باسم "احد المحررين"، ويقصد " طويق " بالتأكيد، ولعل العذر الوحيد الذي سيورده الجادرجي لمقربه نعيم وهما في جنات الخلود هو انه فعل ما فعل لكون نعيم طويق حريصا على التحرر من كلمة "أنا"

ترك طويق العمل الصحفي نهائيا بعد انقلاب 8 شباط عام 1963 بعد خدمة متواصلة دامت ثلاثين عاما كاملا من العمل المرهق. وعمل محاسباً في احدى الشركات التجارية بعد ان شعر بانعدام حرية الرأي والتعبير في العمل الصحفي في العراق

غادر طويق العراق عام 1973 بسبب الاضطهاد والملاحقة مع من غادر من اليهود الوطنيين الذين تمسكوا بتربة العراق بحرص ومحبة . وسافر الى اسرائيل وترك كل شيء خلفه في بغداد من ذكريات وكتب واصدقاء. وهناك واصل العمل ايضاً في الصحافة، لكن هذه المرة في اسرائيل، وكتب بعد خروجه القسري من بغداد مقالات في جريدة "الانباء" المقدسية تحت عنوان " ذكريات وخواطر" وفي عام 1976 نشر ايضا سلسلة من المقالات تحت عنوان " أثر المواطنين اليهود في المجتمع العراقي الحديث" سوف تطبع على شكل كتاب تصدره رابطة اليهود الجامعيين في اسرائيل.

ويصفه اصدقاؤه والمقربون إليه انه انسكلوبيديا انسانية كبيرة ذات موهبة ادبية وصحفية خارقة، خلقت بشكل انسان مرهف الحس ذا قلب رحيب والذي كلل باكليل غار من التواضع مثبتا قول اينشتاين المأثور بان القيمة الحقيقية للانسان تقاس بمدى تحرره من كلمة "أنا".








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. وول ستريت جورنال: إسرائيل تريد الدخول إلى رفح.. لكنّ الأمور


.. مسؤول عربي لسكاي نيوز عربية: مسودة الاتفاق الحالية بين حماس




.. صحيفة يديعوت أحرونوت: إصابة جندي من وحدة -اليمام- خلال عملية


.. القوات الجوية الأوكرانية تعلن أنها دمرت 23 طائرة روسية موجّه




.. نتنياهو يعلن الإقرار بالإجماع قررت بالإجماع على إغلاق قناة ا