الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هل سيقهر البشر -المستحيل - بفضل العلم؟

جواد بشارة
كاتب ومحلل سياسي وباحث علمي في مجال الكوسمولوجيا وناقد سينمائي وإعلامي

(Bashara Jawad)

2010 / 6 / 25
الطب , والعلوم




في كل حقبة من تاريخ البشرية كانت توجد في ذهنية الناس مجموعة من المستحيلات يقل عددها كلما مر الزمن وتقدم الإنسان علمياً وتطور تكنولوجياً، وفي نفس الوقت تظهر مستحيلات جديدة يسعى الناس إلى قهرها وتحويلها إلى ممكنات، والأمر كله يتعلق بدرجة إدراك واستيعاب عقول الناس لما يوجد حولهم من أشياء وظواهر وأفكار ومعلومات ونظريات وحقائق. فلا يمكن لإنسان من العصر الحجري أن يفهم أو يتخيل أو يصدق وجود الطائرة حتى لو وضعته فيها وأطلعته على مقمورة القيادة ومن داخلها المليء بالأضواء والأزرار والكومبيوترات والمعدات المتطورة والمعقدة، وشرحت له آلية عملها وكيفية تشغيلها وأريته بأم عينه قدرة الطائرة على التحليق في الجو وهي تحمل مئات المسافرين، أو حدثته عن الهاتف المحمول المتطور جداً كالآي فون I Phone أو الكومبيوتر المحمول والانترنيت والستلايت، فهذه الأشياء هو المستحيل بعينه في نظر ذلك الكائن البدائي. ونفس الشيء ينطبق علينا لو أتيح لأحدنا الولوج إلى داخل طبق طائر أو سفينة فضائية قادمة من حضارة كونية أو من خارج الأرض، أي من الفضاء الشاسع، متقدمة علينا بآلاف السنين. والحال أن الطائرة والكومبيوتر المحمول والهاتف المحمول والانترنيت والستلايت باتت في عصرنا الحالي من الأمور العادية المألوفة التي لا تدهش أحد، هذا على سبيل المثال لا الحصر. في حين أن مسألة خلود الإنسان وقهره للموت ما تزال من المستحيلات في عصرنا الحاضر بالرغم من التقدم العلمي الجبار الذي حققه البشر في ميادين الطب والبيولوجيا وعلم الجينات والهندسة الوراثية ومؤخراً في مجال الاستنساخ. علماً بأن هناك علماء يكرسون جل وقتهم وجهودهم لإطالة أمد حياة الإنسان على الأرض، في ظل تطور مذهل حققه علم الأحياء، لا سيما في مجال فك شيفرات الجينوم Génome البشري، وذلك بفضل تطور تكنولوجيا المعلومات والانفورماتيك informatique والحسابات أو الكومبيوترات. ففك شيفرة جينوم SRAS احتاج لـ 31 يوماً في أيامنا هذه بينما استغرق فك شيفرة جينوم HIV إلى 15 عاماً في العقود الماضية، كما انخفضت الكلفة من 10 دولار سنة 1990 إلى سنت واحد اليوم. ونحن نعلم إن قوة المعالج الميكروبروسيسور microprocesseurs تتضاعف كل عامين مما ساهم في مضاعفة قوة الحواسيب المتوفرة حالياً في الأسواق. وقد اكتشف العلماء الجينات المسببة للكثير من الأمراض التي كانت مستعصية بالأمس القريب كتصلب المفاصل والضغط والسكري والتهابات الرئة والربو وعدد من الأورام السرطانية وأمراض القلب وبعض تبعات الشيخوخة كالخرف وفقدان الذاكرة. ومعالجة عدد من الالتهابات لأسباب جينية l athérosclérose، l’hypertension pulmonaire، plusieurs types de cancers ou de maladies cardio-vasculaires، خاصة بعد معرفة التركيبة الجينية وفك طلاسمها. وسوف تتيح لنا التكنولوجيا الحياتية biotechnologie معرفة التركيبة الجينية لأغلب، إن لم نقل، لجميع الأمراض التي يعرفها البشر عن طريق التلاعب بالجينات وتعديلها أو معالجتها وبالذات تلك التي تتعلق بعمر الإنسان والشيخوخة. ومع تطور التكنولوجيا المجهرية أو النانوتكنولوجيا nanotechnologies والربوتات المجهرية nano robots في العقدين القادمين سيصنع العلماء آلة مجهرية تسمى النانوبوت « nanobot »، التي ستعمل كأنها خلية دموية مثل الكريات البيض تسبح في أوعيتنا داخل أجسامنا لتحمي صحتنا ضد كافة أنواع الجراثيم والأمراض والالتهابات وستقوم بتصحيح أخطاء وتشوهات الحوامض النووية ADN مما سيساعد البشر على العيش لأعمار طويلة جداً وبصحة تامة بانتظار التوصل إلى تقنية الخلود والقضاء على الشيخوخة وتحقيق الشباب الدائم وتجديد حيوية الجسم ورونقه. فخلال السنوات الخمسة عشر القادمة سيربح البشر سنة إضافية لمتوسط العمر في كل عام. هناك علماء وخبراء متخصصون بعلم المستقبليات والتوقعات المستقبلية، يستندون إلى معطيات علمية واقعية وليس توهمات خيالية أو شطحات غيبية، ومن بين هؤلاء راي كورزويل Ray Kurzweil صاحب الكتاب الممتع الفرادة باتت قريبة The singularity is near أو عندما يتسامى البشر بالبيولوجيا la singularité est proche : quand les Humains transcenderont la biologie حيث تكهن هذا المخترع الكبير والخبير التكنولوجي المتخصص بتكنولوجيا المستقبل، للبشر على الأرض بمستقبل زاهر مليء بالاختراعات والأجهزة التكنولوجية المتطورة جداً والأنظمة الآلية والأدوات الآلية أو الروبوتات Robots بمختلف الأنواع والأحجام، حتى الميكروسكوبية منها والعملاقة، وتقوم كلها بمهام ووظائف وأعمال مثل مكافحة التلوث البيئي، والتدهور المناخي، والاحتباس الحراري. ومساعدة البشر على إنجاز مهمات ومشاريع يعجزون عنها في الوقت الحاضر، وجعلهم يعيشون بدون شيخوخة، بل وأكثر من ذلك، سيتمكن البشر بين أعوام 2030 و 2050 من " تحميل" télécharger الدماغ البشرية بكل محتوياته ووضعه أو خزنه على رقائق كومبيوترية أو داخل ذاكرة الحاسوب وبالتالي المحافظة على كل شيء يتعلق بشخصية أي إنسان عبقري كالذاكرة والمواهب والأفكار والمشاريع النظرية وماضي الشخص وحاضره الخ، ومن ثم نقلها بواسطة الكومبيوتر إلى نسخة جديد لنفس الشخص تخلق عن طريق الاستنساخ clonage، وسيكون بالإمكان الجمع بين الكائنات البشرية العضوية والآلات اللاعضوية، أو أجزاء منها، أو على الأقل، لأول وهلة، زرع تلك الأعضاء اللاعضوية داخل جسم الإنسان لتعويض أعضائه التالفة أو المستهلكة أو المعطوبة، وتقوم الأعضاء الصناعية الجديدة بوظائف الأعضاء أو الخلايا البشرية العضوية الأصلية وتتفوق عليها بالدقة والكفاءة. وابتداءاً من عام 2050 سيتطور الذكاء البشري وعقل الإنسان ودماغه وتتسع مداركه وقدراته الاستيعابية وملكاته الإبداعية حيث سيصبح من اليسير عليه البدء بأول خطواته الجدية للولوج إلى أعماق الكون الفسيحة وسبر أغوارها. يبدو أن مسألة التوقيت في برمجة المشاريع التكنولوجية أمر فائق الأهمية لدى علماء المستقبليات لمواكبة القفزات الجبارة التي يحققها التقدم التكنولوجي في كافة المجالات للاقتراب من مرحلة الفرادة خلال القرن الواحد والعشرين، عند ذلك ستتصارع حتماً، مجموعة من القيم والمفاهيم والأفكار والمعتقدات والمنظومات الأخلاقية، التي تتصف كلها بالحساسية والخاصية الجوهرية عند البشر مثل الله وماهيته، والكون وحقيقته، والحياة وأصلها، إلى جانب مسائل لا تقل أهمية كأزمة الطاقة والطاقة البديلة أو المستدامة أو المتجددة، والهندسة الوراثية génie génétique وتداعياتها، والذكاء الصناعي intelligence artificielle، والواقع الافتراضي réalité virtuelle، والهندسة الخليوية ingénierie moléculaire. والعمل على حفريات الوعي والإدراك، والهندسة الدماغية المعاكسة ingénierie inverse du cerveau. فالسنوات الخمسين القادمة حبلى بما لا يمكن للعقل البشري تصوره أو تخيله اليوم، حيث ستحقق لنا العلوم عالماً أرضياً يختلف كلياً عن العالم الذي نعيش فيه اليوم، حيث سيظهر على الأرض نوع جديد من البشر يمكن تسميته بالسوبر إنسان super – humains الذي سيكون نتاج الفرادة singularité والتكنولوجيا الخاصة بها وسيكون قادراً على حل كافة المشاكل التي تواجه البشرية اليوم ولا يوجد لها حلول ناجعة في الوقت الحاضر. إن هذه التوقعات أو التكهنات مؤكدة بشرط ألا يقوم الجنس البشري بإبادة نفسه بحرب نووية شاملة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. برنامج جديد | متنزهات (أمريكا) الوطنية | ناشونال جيوغرافيك أ


.. بدء التصويت في أمريكا وأقاليم ماوراء البحارللانتخابات التشري




.. هل ينهي صاروخ -أريان 6- اعتماد الأوروبيون على الأمريكيين وال


.. مستثمري الطاقة الجديدة محتاجين ضمانات.. ويجب تسهيل تركيب الط




.. كلمة أخيرة - الطاقة الشمسية ولا طاقة الرياح أفضل؟ .. رئيس جه