الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


إني لأرى -ذيولا- قد أينعت ..

لمى محمد
كاتبة، طبيبة نفسية أخصائية طب نفسي جسدي-طب نفسي تجميلي، ناشطة حقوق إنسان

(Lama Muhammad)

2010 / 6 / 27
الادب والفن


(إني لأرى رؤوساً قد أينعت وحان قطافها...)

الحجاج بن يوسف الثقفي



عندما تقرأ تاريخ المنطقة العربية فإنك لن تدهش من سطوة أصحاب النفوذ و السلطة، و لا من سياسة حد السيف( لا) لأنك متمرس في أفلام (الأكشن) و الرعب بل لسبب يختلف قليلا..
إنك يا عزيزي تعيش الفلم (الواقع) ذاته، فأصحاب النفوذ ازدادوا، سرقوا و انتشروا، و سياسة حد السيف تركت مكانها للبوط العسكري ليكممك و يقفل فمك، سواء كان البوط محتلا لأرضك أو حاكما لها.

ليس هناك من داع للدهشة، و أنت تتمنى أن تعيش في زمن الحجاج أو غيره من الأبطال النموذج الذين (لم) تحرق أقوالهم كما أحرقت كتب – ابن رشد – .
ليس هناك من داع للعجب، و أنت تشهد واقع حضارة غربيّة من على أنقاض (حضارات) مستباحة.
**********


- اليوم العالمي لمناهضة التعذيب ..
- أجل، اليوم السادس و العشرون من حزيران (يونيو)...
- (و ده عطلة رسمية؟!).. (مافيش وظيفة ..حأقدر أشتغل على التكسي؟!).
- لا يا ( راجل)، هو يوم معنوي .
- معنوي .. أنا (عاوز أوكل العيال).

هذه الجمل التي نقلها لي صديقي المصري على لسان زوج أخته الذي يسكن المنطقة العربيّة، و الذي كغالبية السكان لم يسمع بأيام لا داع لها في تاريخ يعيد ذاته.

بالفعل نحن لا نحتاج إلى يوم كهذا.. لا تدهشوا و لا تنعتوني بعدوة الحريّة.
نحن لا نستطيع المشاركة في يوم يناهض جميع أيامنا، لأننا لن نستطيع رفض طقوس و تقاليد أدمناها و ألفناها.

التعذيب يلف حياتنا من لحظة تفكيرنا، إلى عملنا، و حتى إلى أسرة نومنا:

-لن نقدر أن نطوّر دولنا لأننا لا نستطيع أن نتكلم، و لأننا لا نستيطع أن نكتب.. الرقابة في كل مكان، و القائمون عليها لم يحدث أن كانوا من المثقفين.

-لن نجرؤ على المساس برب العمل الأحمق الأخرق الذي ربما كان يحصد الأصفار على نفس مقعدنا الدراسي..مقعدنا الذي خلف العاهات في أعيننا و في ظهورنا ..لنكتشف و بعد فوات الأوان أن ما أنفقنا عمرنا نتعلمه في الكتب كان أنصاف أكاذيب و أثلاث مضيعة للوقت.. الوقت الذي لا قيمة له في منطقتنا التي تحترم الغني و تبجلّه بغض النظر عن وطنيته أو خيره.

-لن تستطيع أنت يا أخي أن تتزوج من فتاة أحلام لا تحقق شروطك الدينيّة، و لن تقبل هي ببطل يعيش على الفتات..
لن تستطيعي أنت يا أختي أن تمارسي حقك الطبيعي في اختيار شريك للحياة، فالشروط التي تتحكم بحياتك أكثر تعقيدا، أما إن كنت من المتزوجات التعيسات فلا تطلبي عدلا من قانون ذكوري، و لا من مجتمع يفترض المطلقة عارا.

نحن لا نحتاج إلى يوم لنناهض التعذيب، لأنّ مقدساتنا هي نفسها التي استغلها من قام بتدميرنا.. فنحن نكره بعضنا، نكره اختلافنا، نقتل من لا يتفق معنا، نتحزب في عشرات الطوائف و السخافات الأخرى.. الجميع يدوس على معتقدات الجميع، ثم نطلب من العالم احترام معتقداتنا!

نحن يجب أن نخجل من طلب تبجيل لكرامة تنقصنا، يجب أن نسأل نفسنا أولا:
لماذا نكفّر جارا دينه يختلف، لماذا نبغض زميلا من طائفة الأخرى، لماذا تركنا صديقا ذي توجه سياسي آخر، لماذا نكره الناجحين و نلوّث سمعتهم، لماذا نكذب، لماذا لا نتطوّر، و الأهم :

لماذا صرنا ذيولا؟!
لماذا صرنا ذيولا؟!

نحن لا نحتاج إلى يوم لنناهض التعذيب، نحن نحتاج إلى مصحة نفسيّة لإعادة تأهيلنا علّنا نفتح عقولنا الموصدة على التاريخ بأكاذيبه و ترهاته..نحتاج إلى يوم نقف فيه مع أصحاب العقول الذين دفعوا حيواتهم ثمنا لفكر دسناه و نحن نبحث عن لقمة ذليلة هي من حقنا و من قوت أطفالنا.
***********


أيّها الحجاج إنني أغبطك، بل و أحسدك أيضا على رؤيتك للرؤوس، فما عاد فينا رأس غير المكسور.
جميعنا( ذيول) حقيقيّة للحضارة المدنيّة العلمانيّة، نتبعها و نتبع ما تنعم علينا به، و نسبّها ..أجل نسبّها ..لأننا نكره الناجحين، و لأنها موجودة و بقوة في زمن تبخرنا، و تلاشينا.

و إنني أيّها البطل النموذج أقول :
(إني لأرى "ذيولا" قد أينعت وحان قطافها...)



يتبع...








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - أستاذة *لمى أنت عظيمة جدا
J Hayek ( 2010 / 6 / 27 - 12:02 )
صحيح لقد شرحت بالتمام واقعنا المرير
وأقول معك
حان لهذه الذيول أن تُقطفَ
وبانتظار
يتبــــع


2 - كمطرقة علي راس الدمل
محمد البدري ( 2010 / 6 / 27 - 21:06 )
وضوح وصراحة ومن قلب الحقوق الطبيعية خرج هذا المقال. بدون لف او دوران حول السلطة نقدا او مناشده تمت صياغة هذا المقال. ملعونة هي تلك الثقافة التي جعلتنا ذويلا وملعون ذلك الدين الذي جعلنا بلا رؤوس. تحية وشكر وتقدير لكلتبة وقلمها النزيه


3 - لا نحناج لرؤوس
حسين محيي الدين ( 2010 / 6 / 28 - 14:24 )
عندما قال الحجاج مقولته الشهيرة كانت هنالك رؤوس فعلا تناقش وتجادل . ترفض وتقاتل تبحث عن الحق فتنصره وعن الباطل فتخذله فكان مصيرها القطع بيد اسلامية وسيف جاهلي فستبدل الناس رؤوسهم بذيول تبحث عن شهوتها الحيوانية وجاه مفقود وطمع مؤمل . معلوم أن الذيل لايقطع ولكن حتىمن استبدل رأسه بذيل لم يسلم على ذيله من الطغاة والعقائد السائدة بين المجتمع


4 - أختاه لقد أصبت كبد الحقيقة
Sir. Galahad ( 2010 / 6 / 28 - 17:40 )
وهل هناك عاقل ينكر قولك

نحن لا نحتاج إلى يوم لنناهض التعذيب، نحن نحتاج إلى مصحة نفسيّة لإعادة تأهيلنا علّنا نفتح عقولنا الموصدة على التاريخ بأكاذيبه و ترهات

هذا بالطبع بإستثناء من علق تحت العنوان البليغ 123 فهو لا ينطبق عليه الشرط


5 - المستقبل لأفكارنا
فيصل البيطار ( 2010 / 6 / 30 - 00:19 )
ليس الأمر بهذا المقدار من السوء ، انا على الأقل أراك سيدتي ، وهناك من المتنورين من لايعدوا ولهم في معاركهم إنجازات رائعه ، ولو أقمنا المقارنه بين حالنا اليوم وما كنا عليه قبل قرن من الزمان ( وهو عمر قصير في حياة الشعوب ) لإتضح حجم الإنجازات التي تحققت وهو ما يدعونا للتفاؤل والمراهنه على المستبقل .
تحيه لك سيدتي الكريمه .


6 - لا داعي للتحريض
علي الانباري ( 2010 / 7 / 1 - 08:02 )
انا اتصور ان ذيلا مطمئنا مرتاح الال افضل من راس مقطوع يلقى في مزبلة
ولا احد يقيم له العزاء
ست لمى
لو تحرك الناس لسلخت جلودهم الرشاشات والسكاكين من قبل السلطات
الحاكمة ولن يحتج احد احتجاجا حقيقيا وتاكدي ان كلماتك الجميلة
لن تنقذهم من موت محقق
نحن قساة وقتلة وان لم تصدقي فانا ادعوك لزيارة العراق لتري بام عينك
ان البطش لا تقوم به الحمومات فقط بل الشعب اكثر جبروتا وقسوة
تحياتي لقلمك الصادق الامين في ارض لا تقيم وزنا للانسان
احترامي لك ست لمى


7 - اختصري
صالح الحمداني ( 2010 / 7 / 2 - 20:17 )
مقال حلو ولطيف
ولكن اختصري
لكي تبدو مقالتك كوجهك منحوتة بشكل اروع
تحياتي


8 - أيتها الشجاعة
عبد الفتاح المطلبي ( 2010 / 7 / 2 - 20:55 )
أيتها الشجاعةيا جان دارك لقد أصبت كبد الحقيقةو لسان حالك يقول ؛ اني لأفتح عيني ثم أغمضها على كثير و لكن لا أرى أحدا سلمت و سلم يراعك،


9 - المترجمه
حسين البلداوي ( 2010 / 7 / 23 - 20:21 )
سيدتي لمى
كتاباتك ترجمه للواقع المرير الذي الفناه مشوارك طويل يااختي وملئ باشواك الحقد والتخلف اتمنى لقلمك اصلاح مايمكن اصلاحه ولك السلام

اخر الافلام

.. قصيدة الشاعر عمر غصاب راشد بعنوان - يا قومي غزة لن تركع - بص


.. هل الأدب الشعبي اليمني مهدد بسبب الحرب؟




.. الشباب الإيراني يطالب بمعالجة القضايا الاقتصادية والثقافية و


.. كاظم الساهر يفتتح حفله الغنائي بالقاهرة الجديدة بأغنية عيد ا




.. حفل خطوبة هايا كتكت بنت الفنانة أمل رزق علي أدم العربي في ف