الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أزمة كهرباء... أم أزمة حكم؟

ابراهيم الحريري

2010 / 6 / 27
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


التغيير: طبعة ثانية ومنقحة تحت الطبع

استقال اخيرا وزير الكهرباء السيد وحيد كريم؛ بدا وحيدا في مواجهة عاصفة الاحتجاج الشعبي التي بلغت ذروتها في البصرة، وانتشرت في انحاء مختلفة من البلاد، وقد يقدر لها، اذا لم توضع حلول سريعة للأزمة، وهذا امر مشكوك فيه، مقدر لها ان تشمل العراق بأسره. وقد تتخذ في الظروف المعقدة التي تمر بها البلاد، ابعادا خطيرة، لا يمكن التكهن بمداها.
لم يكن امام وزير الكهرباء الا ان يستقيل. فقد اطلق من الوعود الكثير، وعندما جاء وقت الحساب، في اتون صيف لاهب، يحرق الاخضر واليابس، احترق وزير الكهرباء بنار وعوده، وما كان للأمر إلا ان يكون كذلك.
وبغض النظر عما اذا كان أقيل او دفع للاستقالة، فان ما حدث كان لا بد ان يحدث، استقالة أم إقالة.
يمكن الثناء على الوزير الذي رضخ للضغط الشعبي. ولعل هذا يؤسس لتقليد استقالة المسؤول حين يفشل، وهذا امر لم تعتد عليه السياسة العراقية في العقود المنصرمة.
لكن، هل ستحل استقالة الوزير ازمة الكهرباء؟ بل هل هي، في الجوهر، حقا، ازمة كهرباء، ام تتجاوز ذلك لتكون ازمة حكم؟
ونحن لا نعني بذلك حكومة بعينها، بل نظاما متكاملا تعاقبت على الحكم فيه، منذ نيسان 2003، حكومات متعددة، لم تستطع ان تحل اية ازمة، بل كانت ولادة للازمات، يأخذ بعضها برقاب بعض تضيف كل حكومة، ونكاد نقول كل وزير، حصة، في نظام محاصصة مقيت ولد بعملية تغيير قيصيرية، لم يقدر فيها للشعب، وقواه الحية، ان يلعب دورا في التغيير، بل لم يكن يراد له ان يلعب أي دور، سوى اطلاق رغبات التدمير والنهب المنفلتة، كبديل عن انخراط الشعب في عملية تدمير النظام القديم واعادة بناء نظام جديد يقوم على مبدأ المواطنة والمشاركة الفاعلة في ارساء الحكم على اساس المشاركة البناءة، لا المحاصصة المفرقة.
لم يكن يمكن للطريقة التي تم بها التغيير الا ان تلد جنينا مشوها هجينا، وضع البلاد على حافة حرب اهلية شاملة، ما تزال نارها تستعر تحت الرماد يمكن لاية شرارة حمقاء ان تشعل اوراها، وما اكثر الحمقى والحماقات في التكالب الاناني، قصير النظر، بل الاجرامي، على السلطة والثروة.
ما كان يمكن للطريقة التي تم بها التغيير، وتم خلالها استبعاد الناس عن تقرير مصائرهم وعن تحقيق رغباتهم، الا ان ما يجري هو تطبيقه العملي, فتحولت "الديمقراطية" الى عملية تعبئة طائفية مقيتة، وتدليس، وتزوير، وسرقة لاماني الناس، تتوجت بمجلس نيابي، مطعون في شرعية العديد من المقاعد التي تم تقاسمها بين الكتل الكبرى على اساس قرار المحكمة الاتحادية الدستورية الذي يطعن في احد اوجه التعديلات التي جرت على قانون الانتخابات وازمة تشكيل حكومة، وهما: الازمتان، ازمة البرلمان الذي تحيط شرعيته او شرعية العديد من مقاعده الشكوك وازمة تشكيل الحكومة، اذا اضيفت اليها الازمات الاخرى، وما اكثرها، ولعل اكثرها اثارة للشرر هي ازمة الكهرباء، كل هذه الازمات تشير الى ازمة واحدة هي، في الجوهر من كل الازمات، ونعني بها ازمة الحكم.
وامر حل هذه الازمة لا يتم عن طريق الضغوط والمناورات المتقابلة بين القوى التي ساهمت في ازمة الحكم، اذ انه لن ينتج عن ذلك إلا اعادة انتاج نظام الازمات بأشكال اخرى مختلفة.
ان حل ازمة الكهرباء وسائر الازمات الاخرى. وفي الجوهر ازمة الحكم، يتطلب تدخل الناس بكل الوسائل السلمية الدستورية، التي اشرها الدستور، وبتدخل منظمات المجتمع المدني وسائر قوى الشعب الحية التي تملك برنامجا واقعيا ممكنا للتغيير.
وفي هذه الاوقات العصيبة التي تمر بها البلاد، والتي تتسع فيها حركة الاحتجاج، من المهم جدا التأكيد ان يتطور الاحتجاج الى حركة تغيير حقيقية، اذ قد تجري محاولات لحرف حركة الاحتجاج، عن اهدافها، واطلاق اعمال فوضى تسيء الى حركة الاحتجاج، وتقدم مبررا لمغامرات ومؤامرات غير مأمونة العواقب بدعوى استعادة النظام، وليس الحديث الذي يدور في بعض الاروقة من "حكومة انقاذ وطني" قد تأتي على ظهر الدبابات مهما كان لونها ورايتها بدعوى التصدي للفوضى وفرض النظام. ليس هذا الحديث، مجرد بالون اختبار، بل قد يكون احد البدائل التي يراد منها حل ازمة الحكم، بإعادة انتاج الدكتاتورية بشكل جديد.
لقد انطلقت حركة الاحتجاج وهي تتوسع، ويمكن لها، اذا اقترنت بالوعي والتنظيم الضروريين، ان تبدأ طبعة جديدة، منقحة للتغيير، تغييرا حقيقيا، بمشاركة الناس هذه المرة، ومن اجلهم.
ولا يتوقعن احد ان يتم هذا الامر بسهولة، وفي امد قصير فسيتجادل التغييران، ويتصارعان، وقد يستغرق ذلك امدا طويلا. قد يشهد فترات من الاحتدام والتعايش حتى تكتمل الطبعة الثانية المنقحة من التغيير، بواسطة الناس ومن اجل الناس.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - الاستاذ الحريري تحياتي لماذا هذا الابتعاد
اكاديمي مخضرم ( 2010 / 6 / 27 - 20:24 )
الاستاذ ابراهيم الحريري اعلامي عراقي عريق ورجل مثقف ومحب للعراق
كما كان اهل الاربعينات والخمسينات يحبون العراق وطنا حرا وشعبا سعيدا
ماان راءيت اسمه على صفحة مقالات في الحوار المتمدن حتى غمرني سرور منقطع النظير
ورني احترمه واحبه احاول مخاورته ولو جزئيا على امل حوارات اوسع واعمق مستقبلا
1 صدقني استاذ ابراهيم ان الصراع في العراق ليس طائفيا او دينيا انت تعلم ان الان احتاج ليعيش الى الغذاء واذا به يطور اكلات ومطابخ حتى صار الامر
وكاءنه فن مستقل عن الحاجه للسعرات الحراريه وهكذا اصبح الامر مع الملابس والمساكن حتى صار الامر ان تفوز زها حديد بجائزةاليونسكو عن فن المعمار العالمي اي ان الدين والمذهب والعرق تستخدم ليس اكثر من ديكور او اليه للتعبئه وليس هذفا بحد ذاته
2اعاتبك انك ربما بغفلة تستعمل بعض نفس مصطلحات انصاف المتعلمين وبعض الخبثاء ككلمة المحاصصة انت تعلم جيدا ان المحاصصة واحدة من ارقى انواع الدمقراطيه اذا كانت في الشعب الواحد تتمثل في هيكلية الدوله وسلطاتها
كل الخصوصيات فالمشكله ليست في المحاصصة وانما هل ان ممثلي اصحاب الحصص هم الاكفاء والاخلص والااءمن والذي في قلبه


2 - تكمله رجاء
اكاديمي مخضرم ( 2010 / 6 / 27 - 20:44 )
والذي في قلبه حبا ورحمة وتعاطفا مع ابناء شعبه
هذه ليست مثاليات السبع سنوات الماضيات دللت انها اساسيات ولو اكدنا عليها
وجعلناها معايير للتقدير وللتحقير للترقيه وللتسفيه لكانت حالنا غير ما نحن عليه اليوم هذه الامور مطبقه في ادارة خيرة دول عصرنا فلنتعلم منها
ليس للمباهاة ااءتيك بتجربة متواضعه من حياتي العمليه في اواسط السبعينات كنت استاذا في احدى جامعاتنا وكلفنا نحن ثلاث اساتذه في اختصاص واحد ان نضع اسئلة لامتحان واحد جئت صباح يوم الامتحان واذا الكليه في هرج ومرج ماذا حدث ساءلت قالوا الاسئله بيعت للطلبه وافتضحت السرقه
كدت يااستاذ ابراهيم ان اموت خجلا لان العماده استدعت الشرطه للقبض على الاساتذه المعنيين فتوجهت لمكتب العميد وكان بعثيا وانا محسوب على الاعداء
واذا بالعميد يستقبلني دكتور رجاء انت خارج قوس لقد ابطلنا الاسئله ارجزك اذهب لمكان هادئ وضع للامتحان اسئلة جديده انت لايستدعيك احد حتى للشهاده وانا متاءكد ان كثيرا من الناس عندهم مثل هذه الشواهد
اما نحن ومنذ03نرى السفله والساقطين واللصوص وقطاعي الطرق يحتلون المسرح السياسي للبلاد واخذ البعث يصيح هذوله شيعه والشيعه


3 - التكمله رجاء
اكاديمي مخضرم ( 2010 / 6 / 27 - 21:05 )
لايعرفون حكم البلاد ونحن نصيح هذا الاسلام السياسي والاسلام السياسي ظلامي ورجعي دون ان نتذكر الاهم ونقول بلادنا مدمره وبحاجه الى اعادة الاعمار ولايمكن ان يحدث ذالك بدون تخطيط وبرمجه على اساس العلم الوضعي الصحيح وعلى اساس تجارب الشعوب الاخرى التي عاشت نفس التجربه وهي كثيره ومتعددة الانظمه السياسيه والايديولوجيات لذالك يجب جمع كفاءات العراق
كلها وحمايتها وهنا الكفاءه اولا الى جنب الامانه والاخلاص وليس العمائم والكشايد التي نحترمها ونمنحها ماتريد من الفلوس ونجلسها في معابدها للدعاء لنا بالتوفيق
وانت تقول ان السياسيين يتصارعون على الكراسي وتسميها السلطه والثروه وبانانيه هذا ايضا ليس من ثقافتك العميقه استاذ ابراهيم
ان الذي يجري صراع سياسي عميق انه صراع طبقي شرس ولكنه ولكنه مموه مثل قصة الدولمه وحاجة الانسان للسعرات الحراريه وعبقرية زها حديد
والحاجه الى كهف يقي من الحر والبرد واذى الوحوش
في جانب يقف كل الشعب العراقي بقيادة ناقصة الوعي ورؤيةغير واضحة الرؤيه
وفي الجانب الاخر كل وحوش المنطقه بكل خبثها المتراكم وخزائنها الملياريه
ومخابراتها الشيطانيه تريد عودة البعث فمع من نقف ي

اخر الافلام

.. مصادر: ورقة السداسية العربية تتضمن خريطة طريق لإقامة الدولة 


.. -الصدع- داخل حلف الناتو.. أي هزات ارتدادية على الحرب الأوكرا




.. لأول مرة منذ اندلاع الحرب.. الاحتلال الإسرائيلي يفتح معبر إي


.. قوات الاحتلال الإسرائيلي تقتحم مناطق عدة في الضفة الغربية




.. مراسل الجزيرة: صدور أموار بفض مخيم الاعتصام في حرم جامعة كال