الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


لوليتا تسببت في فصلي من المدرسة

محمد نوري قادر

2010 / 6 / 27
الادب والفن



في مكان من المدرسة هو الاكثر اتساعا من بقية الاماكن الأخرى , في اعدادية الجمهورية, صمم إن يكون مكتبة خاصة , توجد فيه بعض الكتب والروايات والمسرحيات بأختلاف مذاهبها وتعددها , خصصت للطلبة والتي يمكن الاستعارة منها مجانا وفق ضوابط معينة , ما عدا قاعة المسرح التي تقع في مقدمة المدرسة والتي تقام فيها الحفلات وبعض العروض المسرحية والتي كانت يوما ما مزدهرة والتي فقدت بعض من بريقها بسبب تدخل الاجهزة القمعية ونظامها التعسفي ضد كل من يعارض اراءها في شتى المجالات الادبية والفنية وتوجيه المدارس وفق ما يتطلبه منهجها ومنع اي نشاط يخالف تلك التعليمات فأصبح شبه بائس ينتحب ايامه الجميلة وانفعالات الجمهور بروائع عالمية ومحلية فذة قدمت على خشبته بعض ابطالها لم يزل على قيد الحياة حتى اليوم . في تلك المكتبة كنا نجتمع احيانا في بعض الفرص الضائعة نتصفح ما هو موجود فيها من روائع لها صدى في نفوس الجميع , نتباهى بقرائتها والاحتفاظ بها بعض الوقت يملئنا الغرور, وقد فعلت فينا ما تفعله من شجون , فأصبحت جزء من حياتنا واحاديث لا تنتهي يملئها الصخب والانفعال , وبتوجيه احيانا من اساتذة لهم وقع خاص في نفوسنا جميعا لقراءة ما يجب قراءته وما هو مفيد في كسب المعرفة التي نحن نبحث عنها في امهات الكتب بنهم وظمأ من لم يرتوي ابدا بقراءات متنوعة في الادب العالمي ومتابعة ما يجري وما يقع بأيدينا من روايات وقصص ودواوين شعر لما لها من اهمية في تطلعاتنا وحياتنا التي تعصف بها الريح حيث لا نعلم , ومنهم الأستاذ الرائع المرحوم ماجد حنتوش وتوجيهاته ونصائحه في الشرح والاستفادة قدر ما نستطيع في هذه الفترة الزاهرة من العمر , والاستاذ الرائع والقدير احمد محمد صالح ( ابو خلدون ) بسعة صدره وغزارة معلوماته وشخصيتة الرائعة والمميزة إضافة إلى جماله ووسامته وابتسامته الجميلة في توجيهنا نحو ما هو مطلوب منا واراءه السديدة في كافة المواضيع التي لها شأن في مادة اللغة العربية التي اعشقها حتى الساعة والتي تركت في نفوسنا الكثير من الود والمحبة مع جميع الأساتذة الذين كانوا مميزين جدا في تلك المرحلة ومنهم الأستاذ المرحوم محمد البنه والاستاذ المرحوم جبار رجب والاستاذ ناصر فياض والاستاذ ستار عناد ...
في المكتبة عندما نذهب أليها اثناء الدوام متعة لا تضاهيها متعة أخرى فهي هروب من بعض الدروس التي نجد فيها بعض الاحراج لاننا لم نحضر مادتها وهي في نفس الوقت ملاذ امن لممارسة حريتنا على أكمل وجه في التدخين بعيدا عن اعين الرقباء والذي تمنعه ادارة المدرسة والذي يصل احيانا للتوبيخ , لكن المكتبة للأسف اصبحت مغلقة ولم تعد تفتح ابوابها إلا بامر من استاذ وصل حديثا كان مقيما في الصومال أسمه ( ح – ع ) ارسل ببعثة دراسية من قبل الدولة إلى هناك ليس لكفائته وانما بسبب ولاءه المطلق لنظام الحكم , أصبح يدرس المادة ومسؤولا عن المكتبة ولم يأذن لاحد بالوصول اليها إلا بشق الانفس , لكنه دعى المرحلة ذات يوم اليها بعد وصوله باسابيع عدة , متبخترا بنفسه يترنح في مشيته , مطالبا الجميع الصمت والهدوء عند تواجدهم , يوزع ابتسامات زائفة وهو في طريقه للمكتبة .
كانت مرحلتنا لم تتجاوز الثلاثين طالبا فقط مع وجود طالبتين ارتضت لهما الادراة بعد موافقة العائلة إن يكونوا مع الطلبة , ولم يكن لذلك شيئا ذا اهمية تذكر , لكنه جعل بعض الطلبة يتنافسون بالتقرب والتودد منهما وبأناقة غير معهودة لم تخلو من سخرية الاخرين وأنتقاداتهم اللاذعة ..
في لقاءه الأول بنا , اراد إن يبدو للاخرين من الطلبة انه يحمل من المعرفة ما يحمله اساتذتنا السابقين , لكنه وقع في متاهة واحراج شديد جعلته ينتفض غضبا ويخرج عن المألوف , عندما حمل بيده رواية (لوليتا ) للكاتب فلاديمير ناباكوف وهو يدعوا الطلبة إن يجدوا فرصة لقرائتها فهي مفيدة جدا , وانه يفضل إن يقرأها الجميع لأنها رائعة من روائع الادب ,وو ..كنت في حينها قد انتهيت من قرائتي الثانية لها فهي حقا رائعة من الروائع التي كتبها مبدعها ضمن المدرسة التي ينتمي اليها كاتبها وهي المدرسة الطبيعية وقد اجاد فيها بأعتراف النقاد وذلك لم يخفى على احد , حتى إن بعضهم وصفها بالرواية الداعرة والاباحية لما تنقله من صور ومشاهد ثرية في وصفها , ولم تزل كما هي متألقة في الادب . رفعت يدي له مستأذنا منه السؤال إذا كان هو قد قرأها , فأجابني نعم
انا أيضا قرأتها
حقا ..!! انها فرصة إن نتناقش فيها معا
لايمكن استاذ
لماذا
انها رواية لا يمكن إن يدور الحديث عنها بحضور الطالبتين
ولكنها رواية ليس إلا
وفيها من الخصوصية ما يجعل وجود الطالبتان محرج جدا, وهذا يجعلني امتنع عن المناقشة , عندها انتبه الطلاب لما يدور بيننا , وساد سكون اشبه بالسكون الذي يسبق العاصفة , وهو يحدق بوجهي بغضب متقد و كأنه يستعد للمبارزة
لا يوجد فيها من الخصوصية شيئا يذكر
نعم , يوجد فيها ما يدعوا للحياء , ما يدعوا إلى عدم الخوض فيها في هذا الوسط ابدا , فانا لم استطيع ذلك واشعر بالحرج
كيف ؟!! لا يوجد فيها مايببر كلامك
وهذا ما يجعلني اقول لك انك لم تقرأها استاذ اطلاقا
وبسخرية لم يكن احدا يعرف ماهييتها كي يستعيد بعض من وقاره الذي فقده في لحظة واوقعه في مأزق يريد التخلص منه قال وهو يتصبب عرقا
يبدو انك هو الأستاذ , اخرج من هنا , عليك إن تذهب للادارة
وهل فعلت ما يسيء ؟
بل أكثر من ذلك
لكنها تسيء لحضورك في هذا المكان
لماذا .. وهو يصر عاى خروجي , وكنت فيها واقفا متأهبا للخروج
انها لوليتا يا أستاذ
خرجت من المكتبه وهو يرمقني بنظرات فاحصة , قاسية , متوعدا إن انال من العقوبة ما استحقه , ولم أكن قد فعلت شيئا
في أدارة المدرسة , لم يكن فيها سوى بعض الأساتذة الذين لديهم دروسا شاغرة , وكان من ضمنهم الأستاذ الراحل ماجد حنتوش , انتبه المدير لحضوري بعد إن قرعت الباب للدخول
ما بك
لقد طردني الأستاذ ( ح –ع ) من المكتبه وطلب مني إن اذهب للادارة
لماذا
لانه طلب من زملائي الطلبة إن يقرأوا رواية لوليتا وقد اخبرته باني قرأتها وقد طلب مني إن نتداخل في مناقشة ما نعرفه عنها بمشاركة الطلبة فأعتذرت له لأنها رواية لها خصوصية ومكان غير الذي هو موجودا فيه الأستاذ
وما هي تلك الخصوصية
انها رواية تتحدث عن رجل عمره اربعين عاما يحاول مضاجعة طفلة عمرها ثماني سنوات بعد التعرف على والدتها , بطرق عدة وملتويه , وهي رواية غنية عن التعريف في الادب العالمي , ولا يمكن الحديث عنها في حضور الطالبتين وهو ما جعلني امتنع عن الحديث عنها , عندها دخل الأستاذ متجهما غاضبا وهو يطلب احالتي إلى مجلس المدرسين متهمني بسوء السلوك
ارجوا إن تهدأ
كيف تريدني إن اكون هادئا وبالقرب منك يوجد طالب مشاكس
سوف نتحقق من الأمر ونعرف السبب
هل تريد إن تقول شيئا , قالها المدير وهو يشير الي َّ موجها كلامه
لا استاذ , لقد قلت ما حصل حقا , لكني على يقين تام انه لم يقرأ الرواية
عندها انفجر الأستاذ غاضبا وهو يرفع يده ملوحا بها يريد إن يضربني لولا تدخل الأستاذ ماجد ووقوفه في وجهه , مانعا إياه من الوصول حيث كنت اقف , وقد أمرني بالخروج من الادارة , خرج بعدها ورائي يطلب الانتظار ,
انتظرت بعد إن اقفل المدير الباب وتم استدعاء بعض المدرسين لمناقشة الأمر واتخاذ القرار , لكنه يبدو انه اتخذ بعد مشادة كلامية بين بعض الأساتذة وبين الأستاذ نفسه , حيث اعتبره بعضا منهم إنني لم اكن مذنبا والاخر اكتفى بالصمت لمحاباة الأستاذ وأرضاؤه , وكان القرار قد صدر في اليوم الثاني بفصلي من المدرسة لمدة يومين , وكان ذلك بسب ما فعلته لوليتا .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - مبدع دوما محمدنوري قادر
قاسم محمد مجيد ( 2010 / 6 / 29 - 10:11 )
القدير محمد
تكتب وتاخذ القارى الى عالمك مشدودا مع كل كلمه رائعه كتبتها
مبدع ورائع صديقي العزيز


2 - تحيه
مازن ماجد حنتوش ( 2011 / 5 / 11 - 23:52 )
تحيه لكل من يحيي ذكرى خالده في قلوبنا ولكل من ينقلنا بكلماته إلى موقع الأحداث والذكريات الجميله التي نحن بأمس الحاجة لنتعايشها ونرتوي من حروفها العذبه فقد مرت سنين وسنين وتبقى كل ذكرى لكل انسان نشر بذور محبته في قلوبنا.أستاذ محمد نوري المبدع فعلا بدون شك أخذتني كلماتك بنسماتها العذبه إلى زمن أحتاج أن أتعايشه في كل وقت لأنها طفولتي التي هي الوحيده التي تعايشتها مع والدي ذلك الأنسان الذي يصعب علي وصف روعته بكلماتي المتواضعه . شكرا لك حقا على ماأبدعت به أخوك الأصغر مازن ماجد المالكي

اخر الافلام

.. طرد كوميدي شهير وصف نتنياهو بـ-النازي- في فرنسا.. ما القصة؟


.. أحمد فهمى و أوس أوس وأحمد فهيم يحتفلون بالعرض الخاص لفيلم -ع




.. أحمد عز الفيلم المصري اسمه الفيلم العربي يعني لكل العرب وا


.. انطلاق فيلم عصابة الماكس رسميًا الخميس في جميع دور العرض




.. أوس أوس: هتشوفونا بشكل مختلف في فيلم عصابة الماكس وكل المشاه