الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


البطاقة التموينية والموت السريري

ضمد كاظم وسمي

2010 / 6 / 28
مواضيع وابحاث سياسية


يمكن القول ان لمفردات البطاقة التموينية من الاهمية الغذائية ما جعلها في فترة من الفترات ولاسيما خلال الحصار الاقتصادي سيء الصيت ان تكون سلة الغذاء لـ 90% من الشعب العراقي تقريباً .. ورغم انها لم تكن تفي بكل متطلبات العيش في ظل النظام السابق الا انها كانت توفر حداً معقولاً من لقمة العيش لاكثرية الشعب ولابد من القول ان انسيابية الحصول عليها كانت تتم بانتظام مشهود جعلها تخفف وطأة الحصار المدمر على الطبقات الشعبية المسحوقة .. وبعد الاحتلال الامريكي للعراق ازدادت اهمية مفردات البطاقة التموينية وذلك بسبب الفوضى العارمة التي عصفت بالبلد جراء الخراب الذي انجزه الاحتلال وعملية النهب والسلب المنظم الذي جرى تحت انظار المحتلين ناهيك ما انزلته قرارات بريمر الثأرية الحاقدة والخارجة على كل الاعراف السماوية والارضية بحل الجيش العراقي وتفكيك الدولة العراقية او الغائها تقريباً .. مما اغرق البلد ببحر مائج من البطالة والعطالة ساق الى انخفاض مرعب في مستويات دخول الافراد حتى قيل ان ثلثي الشعب حشروا تحت خط الفقر والجوع عسفاً وظلماً الامر الذي مهد للخراب الاجتماعي واستشراء مافيات الارهاب والجريمة التي ادت الى قيام ما عرف بالحرب الاهلية الطائفية التي راح ضحيتها الملايين بين قتلى ومعاقين ومهجرين ومهاجرين وماج البلد بآفات الترمل والتيتم والانحراف الاجتماعي والفكري .. بالاضافة الى ما نزل بالبلد من خراب اقتصادي وتعطيل ماكنته الصناعية والتعليمية وتشوه في قيمه وتقاليده الاجتماعية !!!
فكانت الحاجة ماسة الى تعزيز المفردات التموينية والاهتمام بها وتحسينها كماً ونوعاً .. بل سرت شائعات ان هذه المفردات ستبلغ اربعين مادة .. لكن تتتابع الامور في ظل احتلال حاقد وحكومات فئوية مصلحية ثأرية جعل الفقراء لم يحصلوا حتى على تلك المواد التي كانت متوفرة في ظل النظام السابق .. وهكذا تدهورت هذه الكميات وتقلصت الى درجة الصفر في اشهر عديدة من كل سنة .. وكانت حجة الحكومة ان التدهور الامني لم يسمح بايصال تلك المفردات الى المحافظات ولكن مع تحسن الوضع الامني وتأمين كافة الطرق الى المحافظات كانت الامور تسير نحو الاسوأ ووصل الامر بمفردات البطاقة التموينية الى شبه تلاش وفي الاشهر الاخيرة ربما لم يصل منها شيء يذكر سوى مادة الطحين وبمواصفات سيئة جداً ..
وفي ظل هذه الظروف ومع وجود عشرة ملايين عراقي يعيشون تحت خط الفقر .. مع امتيازات هائلة لا توجد في أي بلد في العالم للطبقة السياسية الحاكمة في العراق بكل تقسيماتها التنفيذية والتشريعية والقضائية .. لم تقم أي جهة من هذه الطبقة بدور مهم للتخفيف عن فقراء هذا الشعب المسكين .. وفي الوقت الذي برأ القضاء وزير التجارة ولو صحت براءته فمن يبرؤه من عدم تأمين مفردات البطاقة التموينية بل من يبرىء الحكومة والبرلمان والقضاء من قطع لقمة الخبز عن الفقراء والمساكين ولو كانت في هذا الكون محكمة انسانية عادلة لاقتصت من هؤلاء جميعاً .
ومن المضحك ولعله (( ضحك كالبكاء )) ان تتخذ وزارة التجارة قرارها الانساني والشجاع بتقليص مفردات البطاقة التموينية الى خمس مواد فقط !!! ولسائل ان يسأل هذه الوزارة : تقلص ماذا ؟ .. اين هي تلك المفر دات ومن يحصل عليها حتى تقوم بتقليصها وقديماً قيل (( اذا كنت لاتستحي فاصنع ما تشاء )) .. ولا ندري على م ابتنى هذه القرار الخطير .. فهل لأن الظروف الاقتصادية للمواطن العراقي سليمة وتجاوز بها خط الفقر واقترب من خط الرفاهية فأذن ماذا نفعل بالملايين العشر الذين يحيون تحت خط الفقر ؟ ام ان الحكومة لها سيطرتها الامنية والاقتصادية على السوق وتقوم فعلاً بضبط الاسعار ومراقبتها وضبط النوعية بمقاييس سيطرة قوية .. وتتحكم بمستويات الاستيراد والتصدير .. وتوفر فرص العمل للعاطلين ولها مشاريعها الاستثمارية والخدمية الفاعلة .. ؟ والجواب ان الحكومة لعلها لم تفكر يوماً بهكذا موضوعات اساسية في بناء أي اقتصاد وبالتالي كان القرار عبثياً لانه جاء حسب تصور يقوم على اساس تحصيل حاصل !!.. وبذلك تم اعلان موت البطاقة التموينية سريريا بقرار حكومي .
والسؤال الكبير والذي يطرح نفسه بقوة هو : اين تذهب الاموال المرصودة لتأمين مفردات البطاقة التموينية وهي بالمليارات من الدولارات ؟ .. طالما لم يصل الى المواطن من تلك المفردات شيء ذو بال .. فهل وظفت تلك الاموال في مجال الاستثمارات وتشغيل العاطلين والجواب واضح من اين لكم هذا الهاجس الغريب ، اذن وزعت تلك الاموال على المواطنين كمبالغ مالية شهرية او سنوية لكن ذلك لم يحصل ابداً .. ولعل مشاغباً ما يؤكد ان تلك الاموال تدفن في مقبرة الفساد الاداري والمالي وشهرياً تتم قراءة الفاتحة على روحها الطاهرة من قبل ازلام ذلك الفساد والذي توسعت مقبرته .. والتي قد تستوعب العراق طولاً وعرضاً .. وهي تردد : (( انا لله وانا اليه راجعون )) ..








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. البنتاغون: أنجزنا 50% من الرصيف البحري قبالة ساحل غزة


.. ما تفاصيل خطة بريطانيا لترحيل طالبي لجوء إلى رواندا؟




.. المقاومة الفلسطينية تصعد من استهدافها لمحور نتساريم الفاصل ب


.. بلينكن: إسرائيل قدمت تنازلات للتوصل لاتفاق وعلى حماس قبول ال




.. قوات الاحتلال الإسرائيلي تهدم منزلا في الخليل