الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هل لدينا حقا تيار وطني وديموقراطي؟

كامل السعدون

2010 / 6 / 28
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


-1-

انا وأنتم وامريكا وإيران ووو نعرف أن هناك تيار صدري قادر على تحريك ملايين الأميين الحفاة ب ( دشاديشهم ) السوداء للتخريب والسلب والنهب ومشاكسة الأمريكان بأسلحة بائسة لا تضر ولا تنفع . يفعلون هذا حين يصلهم امر الفقهاء الكرام المقيمين في إيران ، وحين لا امر .. لا نسمع لهم صوت ولا خبر.
واعرف أن شيخا ايرانيا كريما يقيم في النجف ويحاوره الفرنسيون والأمريكان والعرب والعجم ، يتدخل حين يشاء في تشكيل الحكومات والتحالفات ويقبض من ايادي اتباعه المليارات من الدولارات يصرفها بحرية على نشر دعوة جدّه الهاشمي السمحاء .
واعرف أن كوكبة من ذوي العمائم السوداء قادرون على الزج بالملايين في احتفاليات اللطم والنواح ومسيرات بكاء وشجّ رؤوس على رجل رحل قبل الف واربعمائة عام ...!
واعرف أن لدينا اقطاع سياسي قومي عنصري كردي متحالف مع اسرائيل وامريكا وإيران ولديه في اقليمه كل قنصليات وسفارات العالم ويهيمن على سفارات العراق في الخارج وعلى وزارة الخارجية ورئاسة الجمهورية واهم المناصب في الدولة وتنهال عليه الملايين من الداخل والخارج من اكثر من جهة واكثر من مصدر لأنه يلعب اليوم في الساحة العراقية والمشرقية ادوارا لا تقل خطورة عن الدور الذي لعبته ولا زالت تلعبه شقيقته الأثيرة الجميلة اسرائيل ...!
اعرف هذا فمن يدلني على التيار الوطني الديموقراطي المزعوم ...؟
منْ بحق الآلهة ؟

-2-

في بلد عاش حصارا اقتصاديا جائرا لعقد من السنين وحروبا ونزاعات لما يفوق الربع قرن وشمولية لما يفوق الثلاثين عاما وصراع سياسي وانقلابات لعشرات السنين وإحتلال وديموقراطية مزيفة لسبع سنين وحضور اجنبي متعدد الأطراف وحرب طائفية طوال تلك السنين السبع وفساد هائل لم يبلغه اي بلد في العالم .
في ظل هذا كله وفي ظل امية واسعة وأمية ثقافية هائلة وخراب اقتصادي بالغ وكرامة ممتهنة وجوار مهيمن على المشهد الإجتماعي والسياسي والثقافي .
في ظل هذا كله .. ايمكن توقع وجود يسار .. أو بالأحرى تيار يساري ؟
قطعا وبالتأكيد .. كلا ... مستحيل .
وجود ديموقراطيون.. ممكن .. لكن تيار ديموقراطي أو يساري .. عنوان مبالغ فيه ولا يحمل اي قدر من المصداقية .
وليس في ذلك مثلبة ، بل هو إنعكاس لحركة الواقع والتاريخ في العالم والمنطقة .


-3-

تتحدث الماركسية .. ويتحدث التاريخ الإنساني قبل الماركسية وبعدها عن العامل الذاتي والظروف الموضوعية ودورهما في خلق الحراك السياسي وتوجيه دفة الجماهير صوب اهداف كبيرة خطيرة .
العامل الذاتي يحرك التاريخ ويتحرك معه .. الأفراد المتميزون .. المجاميع الموحدة الإرادة .. المتفائلة .. الصلبة .. المؤمنة بقوة بأهدافها ومبادئها .
تلك تفعل فعلها .. بذات الوقت هناك ظروف موضوعية تتجمع وتتشكل وتشكل المشهد السياسي في إتجاه معين .
مُحمد .. ماركس .. لينين .. هتلر .. غاندي ... ماو ... عبد الناصر .. عبد الكريم قاسم .. هرتزل.. محمد بن عبد الوهاب .. الخميني ...الخ الخ .. نماذج لشخصيات كان لها حضورا تاريخيا مؤثرا في ظل ظروف تقاطعت بقوة مع أمانيهم ومبادئهم وقناعاتهم .
حين انقلبت الظروف الموضوعية عليهم .. حين اجتمع العالم كله ضد البعض منهم .. حين تغير المزاج العام .. حين جدّت مستجدات ( كشوف علمية أو جغرافية مثلا أو موارد اقتصادية غير متوقعة أو متغيرات مناخية حاسمة ..الخ ) ، تأثر بالضرورة هذا العامل الذاتي وأضطرب حراكه وانهزم لا إلى غير رجعة ولكن .. على الأقل .. إلى حين .
اي ظروف موضوعية يملك اليسار اليوم في بلدنا وفي الشرق عامة ؟
لا شيء من هذا البتة .. خصوصا وأن هذا اليسار الضعيف للغاية لا يملك حتى ولا موقف مستقل عن الإحتلال والطائفية ولم يبد منه رأيا في السلب والنهب والفساد ....!


-4-

قبل الإحتلال وحين لاحت في الأفق بوادر غزو امريكي واسع لبلدنا .. كان لدي وهم أن هذا الغزو سيكرر فينا تجربة خلق رأسماليات وطنية قوية كتلك التي في اليابان والمانيا وكوريا الجنوبية ووو.. !
وخابت الظنون والأوهام وليس لها إلا أن تخيب لأن الأمريكان لا يمكن أن يتعاملوا بأمانة ونبل مع العرب أو المسلمين بقدر تعاملهم مع دول ذات ثقافات ليست على عداء معهم كاليابان الكونفشيوسية أو جنوب افريقيا أو المانيا أو إسرائيل اليهودية ...!
لا يمكن .. لا يمكن البتة .. فكان الذي كان .. استوردوا إيران وأشركوها في التحرير المزعوم وخرجوا يبحثون في المنافي عن حثالاتنا ليسلموهم الحكم والسلطة على اساس راية الطائفة والقبيلة والعرق ...!

-5-

حسنا .. ما العمل ؟
تلك الثلة الطيبة .. تلك الفئة القليلة من العراقيين الذين لما يزالوا مؤمنين بالحضارة .. بالتقدم .. بالعلم .. بالتحرر من سطوة التاريخ إلى فضاء الجغرافيا .. من قيد الماضي إلى افق الحاضر والمستقبل .. اهل اليسار والديموقراطية ... هؤلاء عليهم أن يعيدوا قراءة الواقع من جديد .. بتواضع وأمانة وصبر وأناة .. يقرأون الظروف الموضوعية .. يعيدوا تقييم الحدث الجلل الذي حصل نعني .. الغزو والإحتلال وما نجم عنهما من قيح .. ثم يضعوا برنامج عمل إستراتيجي يعتمد التثقيف والتوعية .
تثقيف الناس وتوعيتهم .
وليتهم ينشغلوا بالهيئات النقابية والثقافية فتلك هي الأكثر مساسا بالمجتمع والأكثر تأثيرا فيه ، ونجاحاتهم في قيادة المجتمع هي ما يمكن أن يميزهم عن اهل السلطة وطوائف السلطة .
ويقربهم من الناس ويعطيهم مصداقية اكثر وإحتراما اكبر ومحبة اصدق من تلك التي يوليها الناس لأحزاب السلطة وعمائم السلطة .
ربما يكون الطريق طويلا لكنه اكثر نبلا وسلامة من الطرق القصار التي تكون قطعا على حساب الكرامة والقيم والمباديء والإستقلالية .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - تصحيح
علي مهدي الشمري ( 2010 / 6 / 28 - 12:27 )
الاخ الكاتب المحترم ان الشيخ الذي تقصده في النجف والذي يتحاور مع الفرنسيين ليس أيرانيا ,بل هو باكستاني الجنسية ويحمل رتبة (عميد طيار في الجيش الباكستاني سابقا),أما بخصوص التياري اليساري الديمقراطي,فما دام نواته موجودة حسب اعترافك فأن هذه النواة تنموا باضطراد لتوفر الظروف المناسبة لها في الارض العرا قية خصوصا وان الاحزاب الحاكمة بدات بالابتعاد عن الوسط الجماهيري من خلال تصرفاتها المشينة ضد الشعب ,أو بالاحرى ان الطبقات الشعبية بدأت تلفظها وتتجه الىمن يمثل مصالحها ويحقق مطالبها ,
فالمسيرة طويلةوالمتساقطون كثر لوعورة الطريق ,وربما ضارة نافعة,فالعراقيل التي وضعها المحتل لا يستطيع أجتيازها بسهولة أصحاب المصالح الخاصة والمطامع,وأنما هي امتحان عسير للوطنيين الشرفاء والمخلصين لشعبهم وقيمهم,وهناك قول مأثور لسيد البلغاء الامام علي(ع) طريق الحق موحش لقلة سالكيه,,,,,,,,,
تقبل تحياتي ,

اخر الافلام

.. فيديو: هل تستطيع أوروبا تجهيز نفسها بدرع مضاد للصواريخ؟ • فر


.. قتيلان برصاص الجيش الإسرائيلي قرب جنين في الضفة الغربية




.. روسيا.. السلطات تحتجز موظفا في وزارة الدفاع في قضية رشوة| #ا


.. محمد هلسة: نتنياهو يطيل الحرب لمحاولة التملص من الأطواق التي




.. وصول 3 مصابين لمستشفى غزة الأوروبي إثر انفجار ذخائر من مخلفا