الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


وتريات النواب: مراجعة جديدة - الجزء الثالث

اسماعيل محمود الفقعاوي

2010 / 6 / 28
الادب والفن


1. اطلاق كلمة الفتنة على الصراع ودلالة ذلك
يقول التطهيريون وغيرهم كثر جداً وبحسن نية أن ما جرى لعثمان رضى الله عنه من ثورة عليه واستشهاده ولعلي وأبنائه وكثير من الطالبيين فيما بعد، بأنها كانت فتنة. والفتنة من الفتون والفتن والافتتان والانغراء المحذر من الوقوع فيه بالمشاركة فيه او الخوض فيه. إن ما جرى هو كما المرأة الحسناء التي تغري وتفتن بمحاسن جسدها المؤمنيين وتفتنهم عن السلوك الإيماني والشرعي والأخلاقي القويم ليقعوا في الاثم والمعصية. وهم يذكرون حديثاً نبوياً يسند وينصر دعواهم بضرورة تجنب الفتنة بالقول أن الرسول صلى الله عليه وسلم كان قد قال بنزول فتن كقطع الليل المظلم على المسلمين، "القاعد فيها خير من القائم، والقائم فيها خير من الماشي، والماشي فيها خير من الساعي، من تشرف لها تستشرفه، ومن وجد فيها ملجأ أو معاذاً فليعذ به." قال الحافظ ابن حجر رحمه الله، في شرح معاني الحديث: "قوله: من تَشَرَّف لها (أي: تطلع لها، بأن يتصدى وبتعرض لها ولا يُعرض عنها....". قوله: تستشرفه (أي تهلكه، بأن يشرف على الهلاك، يقال استشرفت الشيء علوته واشرفت عليه، يريد من انتصب لها انتصبت له، ومن أعرض عنها أعرضت عنه." وأنا لست بفقيه في علم الجرح والتعديل للأحاديث النبوية الشريفة ومتونها وعنعناتها، لكني أذكر القارئ بأن تلك الصراعات وسيطرة المنتصر على السلطة كان يحور ويصوغ التاريخ بما ينصر ادعائه بالحق في السلطة ومن ثم كبناء فوقي كان له كتبة ومؤرخي السلطة بل وأظن أن هذا السلطان كان يغمض العين إن لم يكن ليشجع واضعوا الأحاديث ومختلقيها على رسول الله صلى الله عليه وسلم ليدعموا ادعاءات ولي نعمتهم ومقلدهم المكانات الاجتماعية الرفيعة. أذكر وبشكل باهت جمع أحد جامعي الحديث لما يقرب من ستمائة ألف مما يُدعى بحديث، ليستخلص منها النزر القليل من الصحيح مما قاله أو فعله الرسول صلى الله عليه وسلم. وأظن من مثل هذه الأحاديث، الحديث القائل لعلي كرم الله وجهه، "تقلك الفئة الباغية". وبناء على ما تقدم ففي ظني ولادة واستخدام كلمة "فتنة" لتطلق على وصف الصراع الاجتماعي هي كلمة جرى صياغتها لوصف الصراع بعد حدوثه بمدة ليست بالقليلة من قبل المنتصرين كي يبعدوا الجماهير عن الاستمرار في تذكر الاغتصاب والوحشيات التي استخدمها المنتصرون ضد مخالفيهم ومن ثم يعيد هذه الجماهير ترتيب نفسها لمواجهة جديدة لاسترداد المجتمع من المغتصب (وهذا ما حدث ودليله كثرة الثورات على الخلافة الرسمية من وقت مبكر من الخلافة الأموية ثم العباسية)، وهؤلاء المغتصبون للسلطة المنتصرون بغير وجه حق يحاولون تخويف الجماهير من متابعة منظري استمرار الكفاح ضدهم بأن هؤلاء المنظرين يدعون إلجماهير إلى ما يفتن الإيمان ويغري بالوقوع في الحرام والكفر. وهم يحاولون أيضاً تصغير شأن الكارثة التي احدثها المغتصبون الظلمة من ثم تهوين أمره على الجماهير المسلمة فلا تصل إلى حد وصف الظلمة بالخروج على ومن الإسلام ومن ثم وجوب مقاتلتهم أو استمرار العمل على مقاتلتهم، وهذا، كما قلت، قد حدث وكفرت الجماهير بطرق وصور شتى المغتصبين. وإنها كلمة مثقلة بالاختلاق السياسي الهادف لإبعاد مفكري الأمة قديماً وحديثاُ عن قراءة ما جرى من صراع قراءة صحيحة تقود إلى اتخاذ مواقف انتمائية تكون غالباً ضد الظالم المغتصب وتؤدي إلى استخلاص عبر صحيحة تساعد في تحاشي المجتمع لكثير من النتائج القائمة على الفهم والرؤية الخاطئين.

2. إهانة للدولة الاسلامية الفتية والقوية وحديثة الولادة والوحدة القومية كسنامة المطلب التاريخي وتطوره بإسناد الصراع إلى ابن سلول.

أما الادعاء بإسناد كوارث صراعية في المجتمع الإسلامي إلى شخص يدس على الإسلام بسبب ماضيه اليهودي فبالإضافة إلى أنه قول تطهيري ساذج يحاول تبرئة المجتمع من بشريته وبعض أفراده ذوي النزعات السيادية ولو بشكل شرير كون هؤلاء الأفراد حسب زعمهم أفراد لمجتمع إسلامي فالبضرورة جميع الأفراد يجب أن يكونوا تامين وكاملين ومنضبطين بملطقية الشريعة قرآناً وسنة محمدية. إن المجتمع الإسلامي الذي عبث به ابن سلول – حسب زعمهم – بأي حال من الأحوال كان مجتمعاً فتياً فيه فرسانه ومفكريه ومؤمنيه ورجاله الأبطال الذين كانوا قادة لجيوش يحدوها الإسلام او/و الخوف من ماضي هيمنة وسيادة واستعباد الامبراطوريتين الفارسية والبيزنطية على قبائل المناذرة والغساسنة العرب، هذا من ناحية، ومن الأخري قيام هاتين الامبراطوريتين بشن هجومات على عرب الجزيرة، فوجه المسلمون فتوحاتهم شمالاً وغرباً وشرقاً ولم يوجهوها جنوباً إلى أفريقيا التي لم تؤذ العرب قبل الإسلام. أقول أمة فتية وبكل هذا الإمكانيات والطاقات من التسفيه لها ولإسلامها ناضج الزخم ولطموحاتها وفتوحاتها الناجحة والسريعة التحقق أن يقوم فرد واحد وحيد كابن سلول بالتلاعب بها وزجها في اقتتالاتها وصراعاتها الداخلية. إن أمة بهذا الوصف يتلاعب بها فرد واحد بسبب حقد شخصي لأسباب نفاقية ما كانت لتكون بما كانت عليه من قوة ومنعة وتكوين دولة بل كانت ستكون أضعف مما كانت عليه من قوة بآلاف المرات مما يثبته ما حققته في الوجود المشخص من قيام دولتها وما تمتلئ به كتب التاريخ العربية وحتى الأجنبية. إن دولة مثل ما يصف المتطهرون يعبث بها ويكاد يقوضها فرد واحد وحيد مخبول ومعمي القلب والبصر بالحقد، ما لها أن تُعمر أكثر من عقد واحد، وكان يجب أن يكون مصيرها الزوال والفناء والاندثار من زمن بعيد. وأظن إن فيما قلت ما فيه الكفاية ليرعوي اخوتي الباحثون التطهيريون عن الإساءة للدولة الإسلامية وصراعاتها الاجتماعية السياسية الطبيعية والتاريخية، وليعطونا الفرصة لدراسة تاريخنا كما حدث بالضبط لا كما يتمنى الواهمون بأنهم يحسنون صنعاً عندما يماهون بين النظرية (العقيدة بشقيها القرآن الكريم والسنة الشريفة) والممارسة والتطبيق (المجتمع بطبقاته التي في وحدتها يجري صراعها، ورجالاته الديمقراطيين العادلين وانتهازييه القافزين على السلطة بغير إرادة الشعب وبالقوة الغاشمة والخديعة). ليقلع هؤلاء الباحثون ذوي القصد والعندية في التطهير وليستزيد أبرياء البحاثة ذوي النوايا الطيبة قراءة في كتب تاريخنا القديم ليجدوا في ثنايا استشهاداتها بذور حقيقة ما جرى.

3. بعض الآراء المحذرة والناصحة لكيفية تناول الخلاف أو حتى ترك الخوض فيه.

لقد خضت واخوتي الأصدقاء الأكثر تزمتاً مني في الاستمساك بالطقوس (ولا أشكك مطلقاً في صدق تدينهم وإيمانهم) ما أكتب من نقاش، فأوصوني أن أحذر المشتشرقين، وأن أوكل أمر الصراع إلى الله، وأن أكون نبيهاً حذراً عندما ندرس تصرفات أصحاب رسول الله أو زوجاته، خاصة عائشة أمنا، فننتقي أفكارنا وكلماتنا، وأن استزيد من كتب مثل "العواصم من القواصم"، والبعض قال اترك الأمر للمؤرخين المتخصصين فنحن بحاجة إلى اتساع كبير من القراءة لنصبح مأهلين لتناول هذا الصراع (وفي هذا السياق أقول أن هذا الراي خاطئ بشكل فاضح، فهل هناك معيار كمي أو وصفي لوصول الإنسان لمرحلة النضج المؤهلة للدخول في دراسة التاريخ؟؟؟؟ إذن ليتوقف الشباب والمفكرين عن الخوض في أي قضية حتى يأتيهم الحكم من قبل آخرين بأهليتهم للدخول في جدل ونقاش لقضية ما. الحقيقة والواقع يقولان أن عملية الوصول إلى تقديم آراء واستنتاجات لحدث ما ندرسه، يقوم الإنسان بالدخول في غمار نقاشه من طفولته ويصبح ذا عمق إلى درجة ما في المراهقة. وهكذا يتطور المرء الباحث والدارس باتجاه لحظة تقديم آراء في القضايا التي يتناولها أكثر صواباً وقرباً من حقيقة ما جرى بشكل عام. إن الإنسان لن يصل إلى مرحلة النضج بمعني الاكتمال المعرفي ومن ثم الوصول إلى مرحلة أن يكون له الحق في دراسة قضايا معينة والتقرير بشانها. إننا نعرف كتاباً صغار السن جداً يبزون شيوخاً باحثين في ذات الموضوع.) وأن... وأن. إن في ما قيل روح الانتقائية من أجل تثبيت رأي مسبق وفكرة مقررة سلفاً – وهذا ليس الأسلوب العملي في التفكير والدراسة - وليس الانتظار إلى ما يفرزه الدرس العلمي للشواهد والمسرودات في كتب التاريخ. إن التحذير من المستشرقين على أساس أنهم يدسون السم في العسل، غير دقيق القول. ففي البداية والنهاية، توجد القصص والأحداث التي يعالجها المشتشرقون مشفوعة بالمراجع والوثائق والتي يمكننا الرجوع إليها للتثبت. إن من شروط العلم أن الانتاج الفكري الانساني مباح ومفتوح أمام كل البشرية وخاضع لمزيد من الدراسة. وإن كنت أحمل وألوم على المستشرقين فذلك لدورهم كرأس حربة متقدمة مهدت للاستعمار الهولندي والبرتغالي والبريطاني والفرنسي العسكري الذي غزا وطننا. وكذلك، للدور المشوه الذي قدموا فيه الشرق للغرب بحسب ما في أذهانهم من صورة مجحفة ظالمة مسبقة عن الشرق لا تمت لحقيقته الواقعية مفصلين له بما يتناسب مع تلك الصورة ويؤزرها، كما أوضح المفكر الفريد في زماننا المرحوم إدوارد سعيد في كتابيه الاستشراق وكتاب الإمبريالية والثقافة. لقد قال لي أخي كلايف روبسون عن مشاعره عندما قرأ الاستشراق، "لقد كان مرآة وُضعت أمامنا لترينا وجهنا القبيح عندما اخترعنا شرقاً غير الشرق. عندما كتبنا ما لدينا من صورة متحيزة معادية للشرق لا تمت لحقيقة الشرق وأقنعنا أنفسنا بأن هذا الشرق الذي اخترعناه كان عدونا، فمارسنا هجومنا على عدونا بسبب ما اخترعناه من شرق على هوانا." وعندما فاتحت هذا الصباح صديقي العزيز الدكتور وعضو المجلس التشريعي عن حماس (وهو كان قد أدهشني بما يحمله من مبدئية عميقة حقيقية لمحبة الإنسانية – في زيارات سابقة مطولة شرفني بها في بيتي - ويرى أن هذه الرؤية جوهرية في عقيدة الإسلام) قال، "ما فائدة النبش في الماضي وما فائدة ذلك في واقعنا المعاصر." لقد كان متسرعاً ربما لأن الوقت الذي كان امامه في لقائنا كان قصيراً جداً، ثم استدرك قائلاً بسرعة ما عرف عنه من فطنة وذكاء، "نعم ندرسه لأخذ العبرة منه فالقرأن الكريم مليء بأحداث التاريخ الماضي وقصصه من أجل الاعتبار منه." كيف يجب علينا عدم الاقتراب من دراسة الماضي بعلمية صارمة جادة ونحن نتلاعن شيعة وسنة ونتكافر، ونحن أحوج ما نكون للوحدة في مواجهة الاستعمار الصهيوني والأمريكي والغربي. أو لا تتخذ الشيعة من قبل مزيفي التاريخ والحقيقة من رجال مطبلي السلاطين المخنثين المنبطحين لأمريكا وإسرائيل فيوجهون الصراع إلى إيران ويستزلمون عليها، ويقولون زوراً وبهتاناً أن تحرير القدس يبدأ بتحرير طهران. وكذلك من الناحية الشيعية ينظرون لنا بأننا أحفاد المغتصين وأننا كنا وراء ما هم فيه من فجيعة عقائدية بشأن علي كرم الله وجهه وذويه، فيكون السب والشتم للخلفاء الراشدين لدى الكثير منهم جزء اساسي مما يعتقدونه الإيمان، ويا خشيتي، ليمارسون الشتم كجزء من الصلاة التي لله. إن دراسة ما جرى بحق تفتح لنا اليوم آفاق لنعرف أين كان كل جماعة منا ظالماً أو مظلوماً، فنعرف بالضبط ماهي احتياجات الوحدة بيننا وما يتوجب علينا نحن الطرفين الاعتذار عنه لبعضنا، ويفاقم الحكام المتأمركون والمتصهينون الأمر لغرض في نفس يعقوب بالعزف على وتر الشيعة والسنة.

4. ذي قار يوم انبثاق جنينية الوحدة العربية من إرهاصات متفرقة سابقة.

وكان أن جاء يوم ذي قار. قبله كان الفرس المستخدمين لقبيلة المناذرة العربية عبيداً محاربين عنهم بالوكالة القبائل العربية الأخرى. ولا أذكر تماماً فيما إذا كان الفرس قد طلبوا من المناذرة تجريد جريدتهم ويهاجموا قبيلة عربية أخرى فرفض المناذرة، فثارت ثائرة الأسياد الفرس ولم تقعد، فأرغوا وأزبدوا وجمعوا وجندوا وحشدوا الرجال والحديد لتأديب المناذرة فما كان من القبائل العربية الأخرى إلا أن وقفوا متحدين مع المناذرة لينازلوا الفرس وينتصروا عليهم، فكان يوم ذي قار. وبعد ذلك، بزمن تأتي البعثة المحمدية وليصف محمد صلى الله عليه وسلم المصان بالوحي إضافة لما فطر عليه من عمق الرؤية والكشف ليقول عندما ذكرت ذي قار أمامه "ذي قار يوم العرب" مختصراً مجلدات ومجلدات في تحليل كيفية وصول القبائل العربية التي كانت متفرقة متقاتلة على الكلأ والماء والمضارب إلى بذور الولادة كأمة متحدة. نعم لقد كانت ذي قار هي مؤشر وعلامة تاريخية مادية على وصول القبائل تاريخياً إلى ارهاصات وبذور الحاجة والضرورة إلى ولادة الأمة العربية كقومية موحدة. لقد كان الأمر حينذاك بذوراً وإرهاصات قوية لها أسبابها التجارية التبادلية فيما بين القبائل أو احتياج قريش وفرعها الهاشمي لتصريف الفائض التجاري عن سوق مكة وقريش إلى القبائل الأخرى. وبالتأكيد، كان للنية لإنهاء الاستعمار الفارسي من بعض أجزاء الجزيرة العربية دور جوهري في الدفع باتجاه ولادة الوحدة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مهرجان كان السينمائي - عن الفيلم -ألماس خام- للمخرجة الفرنسي


.. وفاة زوجة الفنان أحمد عدوية




.. طارق الشناوي يحسم جدل عن أم كلثوم.. بشهادة عمه مأمون الشناوي


.. إزاي عبد الوهاب قدر يقنع أم كلثوم تغني بالطريقة اللي بتظهر ب




.. طارق الشناوي بيحكي أول أغنية تقولها أم كلثوم كلمات مش غنا ?