الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الاجتياح ..

أمل فؤاد عبيد

2010 / 6 / 28
الادب والفن


كانت لرائحة البيوت .. مذاق الزعتر .. والباذنجان المشبع بالجوز وزيت الزيتون .. في المخيم .. كنت ألقى جذري الممتد حتى اللاشعور .. كان ملاذي حيث أشتهي عناق الهوية .. وشوارع تتوزع بين المباني كأوردة تورق بحرارة الدم الواحد .. وصباحات يتعشقها هديل الحمائم .. وفضاء من الرحمة يخترقه صفير الطائرات المنذر بالخراب .. من آن لآن .. لتعاود الوجوه احتضان شوقها الجنوبي .. هي تساكن إصرارها .. أجنة مشبعة بالحنين .. أغيب في ملامح صديقتي إكرام .. ومنزلها في المخيم .. ونباتات الريحان والزعتر الأخضر .. ورائحة المرمرية .. وزهور لا اسم لها .. وورد جوري يتمايل على غصنه .. وأسطح مفتوحة على الأسطح .. وجيران يتبادلون التحايا تارة .. وتارة يتصايحون الطلبات .. فتيات هنا وهناك ينثرون الغسيل بلا تنسيق .. وشعور ناعمة تغطي الظهور .. ونوافذ تكاد تقترب من الأرض .. تلقاك بأغاني الحب هنا .. وأناشيد وطنية هناك .. تتذيلك رغما عنك .. تختلط مسامعك حتى تغيب .. تلك الساعة أذكرها .. نتدارس أنا وهي كتابنا .. حتى نتهاوى صرعى الخوف فجأة .. لحظة المؤامرة .. برا وبحرا وجوا .. لا ملجأ هنا .. نتراكض المكان حيطة الفراغ .. نتخفى الزوايا بلا فائدة .. أتركها لأغيب في زقاقات المخيم .. وهروب منفتح على النجاة .. يلف جمعا من الهائمين على وجوههم .. يلوذون بخوفهم وفلذات أكباد تذهلها المباغتة .. وتغيب الأناشيد جوف الظلم والردم .. أتراكض والجمع قِبلة الملجأ البعيد .. تتعطل الحواس سهوة حياة بلا قرار .. تتخلفنا أصوات القصف ولازلنا نقطع الوعر من جميع الجهات .. أغيب في عينيِّ أسّمع صدى إغاثتي .. لست وحدي .. يخالطني الجمع صياح الفجيعة .. نقترب أكثر من الملاذ الأخير .. تنضح جوانا تواريخ متناثرة .. نفس عنوان الجرم .. يتبدل ثوبه مرارا وتكرارا .. نتبادل النظرات مواساة وصبر على الجرح .. نصل بوابات تلقانا بلهفة .. ننتثر المساحة .. وأسئلة تغيم بريق العيون باحثة عن آخرين .. وأفواه تتبادل النداءات حيرى بين الحاضرين والغائبين .. يتخارجون ويتداخلون تحت سوط الإبادة .. أرقبهم في زاوية منهم .. ثم أتدارك رحمي .. فأسّاءل دربي ببطء .. تاركة خلفي ومن حولي .. أشباهاً لي .. يسبقني الطريق حتى ألوذ في ذات الجرح والوجيعة ..








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الدكتور حسام درويش يكيل الاتهامات لأطروحات جورج صليبا الفكري


.. أسيل مسعود تبهر العالم بصوتها وتحمل الموسيقى من سوريا إلى إس




.. فنانو الشارع يُحوِّلون العاصمة الإسبانية مدريد إلى رواق للفن


.. كريم السبكى: اشتغلنا على فيلم شقو 3 سنوات




.. رواية باسم خندقجي طلعت قدام عين إسرائيل ولم يعرفوها.. شقيقته