الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


قاموس ميتشل

محمد السهلي

2010 / 6 / 28
القضية الفلسطينية


ما تعجز عنه الإدارة الأميركية (أو لا تريده) في ضبط الحكومة الإسرائيلية تجاه موضوعة الاستيطان لن تستطيعه بالتأكيد في قضايا مصيرية تتعلق بحقوق الشعب الفلسطيني.
فيما كانت أوساط سياسية تتحدث عن نيّة أوباما الطلب من نتنياهو تمديد فترة «تعليق البناء» في المستوطنات، أعلنت الحكومة الإسرائيلية عن خطة جديدة للتوسع الاستيطاني في القدس الشرقية؛ ليعلو صوت الشكوى الفلسطينية باتجاه البيت الأبيض.
يحدث هذا في الشهر الثاني من المفاوضات غير المباشرة التي سارت على إيقاع رزمة واسعة من الاعتداءات الإسرائيلية بدءا من «استخراج» قوانين عنصرية بحق الفلسطينيين مرورا بالاعتداءات المتكررة لجيش الاحتلال والمستوطنين وصولا إلى المجزرة الدموية بحق ركاب «أسطول الحرية»، والتي يسعى نتنياهو للهروب من تداعياتها تحت عنوان ما يسمى تخفيف الحصار عن قطاع غزة.
وفي خطوة لافتة، أقرت الحكومة الإسرائيلية بناء 1600 وحدة استيطانية شمال مدينة القدس هي نفسها التي تم الإعلان عنها سابقا وأدت إلى تجاذبات حادة بين واشنطن وتل أبيب مما يدفعنا إلى التساؤل فيما إذا كان نتنياهو على وشك إعادة الأحداث إلى خط البداية مجددا.
وفي داخل حزب «الليكود» ترتفع الأصوات في مركزه مطالبة باتخاذ قرار استئناف البناء في المستوطنات وعدم الانتظار حتى نهاية مدة «التعليق» التي يفترض أن تستمر حتى السادس والعشرين من شهر أيلول/ سبتمبر القادم، وهذا يعني أن هذا الموضوع سيكون على جدول أعمال المجلس الوزاري الإسرائيلي المصغر في اجتماعه القادم (28/6).
إذاً، نحن أمام «زخم» استيطاني يشكل ـ من جهة ـ تعبيرا حقيقيا عن جوهر السياسة التي تعتمدها الحكومة الإسرائيلية، ومن جهة ثانية «زوادة» يستعين بها نتنياهو أمام الرئيس الأميركي أوباما في لقائهما المقترب في السادس من الشهر القادم، لينصب الجهد الأميركي (في حال بذل) على مناقشة هذه التطورات بعيدا عن مسار المفاوضات غير المباشرة وسبق لنتنياهو أن قام بالتفافيين نالا تأيد الإدارة الأميركية ونقصد التشكيل «الخلّبي» للجنة تحقيق حول مذبحة «أسطول الحرية» وكذلك ما سمي بإجراءات تخفيف الحصار عن قطاع غزة.
وبهذه اللوحة من «الزخم» الاستيطاني يجدد نتنياهو رسالته إلى الإدارة الأميركية وغيرها قائلاً إن تغلبه على خصومه داخل الليكود في وقت سابق لا يعني أنه بات يستطيع كبح النزاعات الاستيطانية لدى معظم أوساط الحزب وكذلك الأمر بالنسبة لأطراف الإئتلاف الحكومي وهو بذلك يسعى إلى قطع الطريق على أية محاولة لتوظيف انتصاره المذكور داخل حزبه في الوجهة التي لا يشتهيها.
وهي رسالة موجهة أيضا إلى المجتمع الإسرائيلي بأوساطه اليمينية المتطرفة يعيد فيها تقديم نفسه كمدافع عن المشروع الصهيوني التوسعي وباحتفاظه على القدرة والإصرار لمواجهة أية ضغوط متوقعة من جانب الإدارة الأميركية بما يخص موضوع الاستيطان وله في الجولات السابقة التي وقعت مع واشنطن بهذا الخصوص خير إثبات.
يأتي هذا في ظل تصاعد الحديث مجددا عن ضرورة إدخال حزب «كاديما» إلى الإئتلاف الحكومي كبديل عن ليبرمان وحزبه «إسرائيل بيتنا» وخاصة أن إيهود باراك وزير الدفاع ورئيس «العمل» قد عاد للمطالبة بذلك ويسانده الآن بقوة بنيامين بن إليعيزر أحد أركان حزبه.
ومن المتوقع أن يتوافق كل من نتنياهو وأوباما خلال زيارته القريبة إلى واشنطن على ضرورة الانتقال إلى المفاوضات المباشرة دون تحقيق أي تقدم على مسار المفاوضات القائمة الآن فهذا مطلب إسرائيلي بالأساس التقى مع اعتبارات الإدارة الأميركية التي تنظر بحرج إلى اقتراب موعد الانتخابات النصفية وتريد أن تصور للرأي الأميركي الداخلي أنها على وشك إحداث نقلة نوعية على مسار المفاوضات بين الجانبين الإسرائيلي والفلسطيني وربما ستسعى أدارة أوباما إلى تجديد الضغط على الجانب الفلسطيني وربما تفعيل الضغط العربي عليه من أجل الدخول في المفاوضات المباشرة مقابل الخوض مع نتنياهو في الإجراءات الاستيطانية الأخيرة وطمأنة الجانب الفلسطيني من خلال ذلك وإشعاره بأن الدور الأميركي حاضر على هذا الصعيد دون أن يعني ذلك بالنسبة لنا على الأقل أن واشنطن قد أدخلت موضوعة توسيع الاستيطان في معجم الاستفزازات التي حذر منها المبعوث الأميركي جورج ميتشل كلا الطرفين لكنه في التطبيق العملي لم يتجه سوى إلى الجانب الفلسطيني عندما طلب منه مرارا بعدم التحريض على الاحتلال!
ومع تقديرنا لما قاله أمين عام جامعة الدول العربية عمرو موسى من دعوة لجنة المتابعة العربية لتدرس «مستجدات» الاستيطان والمطالبة بوقف المفاوضات مع استمراره، إلا أننا وربطا بالسيناريوهات السابقة، لا نستبعد أن تشهد المرحلة القريبة القادمة موجة جديدة من الضغوط الأميركية على كل من لجنة المتابعة والفريق الفلسطيني المفاوض لحملهما على الموافقة على دخول المفاوضات المباشرة تحت عناوين مختلفة من بينها كسب الوقت الذي يمضي دون حصول أي تقدم في المفاوضات غير المباشرة. وسبق لأوساط سياسية أميركية أن دعت إلى مثل ذلك مفترضة أن الدور الأميركي سينشط في رعاية المفاوضات في حال التئامها على مائدة واحدة وبآليات تضمن ـ بحسب هذه الأوساط ـ نقاش جميع القضايا الأساسية، وبأن هذه الصيغة ستمكن واشنطن من محاكمة النوايا بالمواقف داخل قاعة المفاوضات.
إن مثل هذا المنطق ـ برأينا ـ يفتقد إلى أية مقومات تدعم جدواه وجديته على الأرض، لأن الأوساط المختلفة عربية وفلسطينية لا تخفي تقديرها بأن الإدارة الأميركية ليست في وارد إعطاء ملف التسوية السياسية بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي الأولوية التي يمكن أن تبرر مثل هذا الموقف. فالجميع يعرف أن سلم أولويات الإدارة الأميركية يختلف كثيرا على المستويين الداخلي وفي السياسة الخارجية حيث يحتل الملف النووي الإيراني صدارة اهتمام هذه الإدارة ويدل على صحة هذا التقدير مجموعة التطورات التي وقعت في هذا المجال في مجلس الأمن الدولي وخارجه على مستوى الاتحاد الأوروبي وغيره حتى أن إسرائيل ذاتها تدخل على الخط بقوة وهي قد أطلقت منذ أسبوع قمرا اصطناعيا للتجسس وليس بعيدا أن يكون موجها بالأساس ضد إيران.
على ذلك، فإن الحديث عن الانتقال إلى المفاوضات المباشرة لا يعدو في معناه أكثر من مجرد تغيير في مشهد عملية التسوية السياسية وهو لا يفسح في المجال إلا إلى استمرار حكومة نتنياهو في سياسياتها التوسعية وإطلاق يدها في توسعة الاستيطان وتهويد القدس. ولا توجد أية مؤشرات لحصول تقدم ما عند نقاش القضايا الأساسية، لأن ما تعجز عنه الإدارة الأميركية (أو لا تريده) في ضبط الحكومة الإسرائيلية تجاه موضوعة الاستيطان لن تستطيعه بالتأكيد في قضايا مصيرية تتعلق بالحقوق الفلسطينية.
ما سبق يفرض على اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير المبادرة لتقييم ما يقوم به الاحتلال الإسرائيلي من توسع وعدوان على الشعب الفلسطيني والخروج بقرارات تعيد الاعتبار للحالة الفلسطينية والقطع مع حالة المفاوضات القائمة وعدم انتظار المزيد من الانتهاكات الإسرائيلية في الضفة والقطاع.
وأمام الجامعة العربية فرصة الوقوف بجدية أمام ما يجري وإلغاء قرار موافقتها السابق على انطلاقة المفاوضات مع الجانب الإسرائيلي وهو موقف يشكل دعما للشعب الفلسطيني ويسند الموقف الفلسطيني «الرسمي» المفترض في الخروج من هذه المفاوضات التي لا تضيف إلى الحالة الفلسطينية سوى المزيد من الدوران في الحلقة المفرغة .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الجامعات الأميركية... تظاهرات طلابية دعما لغزة | #غرفة_الأخب


.. الجنوب اللبناني... مخاوف من الانزلاق إلى حرب مفتوحة بين حزب 




.. حرب المسيرات تستعر بين موسكو وكييف | #غرفة_الأخبار


.. جماعة الحوثي تهدد... الولايات المتحدة لن تجد طريقا واحدا آمن




.. نشرة إيجاز بلغة الإشارة - كتائب القسام تنشر فيديو لمحتجزين ي