الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حُكّام كرة القدم ...حُكْم الرّجُل الواحد

محمد أبوعبيد

2010 / 6 / 28
مواضيع وابحاث سياسية


بحسب الدارين في فنون وقوانين كرة القدم، فإن حكام هذه الدورة ارتكبوا الكثير من الأخطاء، ما نجم عنها ظلم لبعض المنتخبات المشاركة ، وفي المقابل منح أهداف مجانية لمنتخبات أخرى، أو حرمانها أهدافا ،حصحص حقها، بسبب سوء تقدير من الحكام ، والنتيجة خلل في نتائج كل مباراة.

وكردّ فعل على ذلك ، تولول وتصرخ الجماهير المتابعة ،خصوصاً من خلال شاشات التلفزة، حيث الرؤية تكون أدق من رؤية المتبوئين أماكنهم في الملاعب ، وتتاح لهم الفرصة لمشاهدة اللقطة أكثر من مرة .ويمكن التخيل أن هذه الجماهير لو كانت موجودة "فيزيائيا" في الملاعب، أو في محيطها، لانتفضت ضد جور الحكام ، وهذا رد فعل إنساني طبيعي وغرائزي ضد الظلم خصوصاً الذي توثقه الكاميرا .
هذا الجور الكروي ناجم عن إعطاء الصلاحيات الكاملة للحَكَم في أن يبتّ سيرورة المباراة والتحكم في صيرورتها ما لا يدع فسحة للريب في أن التفرد في القرارات غير منطقي وغير إنساني ويتسبب في إلحاق الضيم والأذى سواء تعسفاً أو نظراً لسوء التقدير.إن الكلام هنا ليس عن طريقة تحكيم مباريات كأس العالم ،إنما الانطلاق من مثال التحكيم في المباريات للولوج في أجواف أحكام آخرى تتعلق بأرزاق وأعناق البشر ، من دون أن يكون الأمر متعلقاً بمجرد لعبة وإنْ كانت الأكثر مشاهدة على الإطلاق وتوتر الأعصاب، أوتثير الغضب حيناً والفرحة أحياناً ، أوتشعل حرباً ،وذلك استثناء، والأهم ما تولده من متعة خاصة .

ظُلْم حَكم المباراة ،إذا تأكد أنه ظلم، يلحظه حوالي 3 مليارات من البشر، لكنْ كم منهم يعلمون عن إجحاف حكّام من نوع أخر في بشر آخرين !. لذلك تتجلى أبهى صور الديمقراطية في أن الحاكم المسؤول ، سيُسأل من قبل رعيته عن أي قرار يتخذه إنْ كان يلحق الظلم بالناس ، وحتى يسْلم المسؤول الديمقراطي من مساءلة الآخرين له ، يتفادى التفرد في اتخاذ قرارات ،خاصة المصيرية منها والمتعلقة بحياة الناس ،وتكون قرارات الرجل الواحد ، أو حُكم الرجل الواحد .

إن هذا الأمر غير ممثَل فقط في الديكتاتور الحاكم لكل مجتمعه ، فثمة صورٌ أخرى مصغرة عنه ،كرئيس مجلس إدارة شركة ، أو مديرها ، أو وزير ، أو رئيس جامعة أو مدير مؤسسة أو مدرسة ، وصولاً إلى رب الأسرة أو ولي أمرها . فكثيرا ما حدث أن أتخذت قرارات متسرعة من قبل الصور المصغرة عن الديكتاتور الأكبر ،تعسفاً أو تصديقاً لشكوى طرف آخر قد تكون باطلة ونجم عنها سوء تقدير، فتكون النتيجة قطع أرزاق لأرباب عائلات قد لا يسُمح لهم حتى في الاستئناف أو معرفة الأسباب التي جعلتهم في هذا القدر أو المصير.ولأن المظلوم هنا لم يكن يعمل أمام ثلاثة مليارات إنسان ، فتذهب قضيته مع الريح ، بينما ملايين الناس تبقى تردد لسنوات ، إن الحَكم ظلم ميسي ، وجار بحق كاكا ، ولم يكن عادلا مع رونالدو ، ولا منصفاً مع توريس ، وهم من أصحاب الملايين ، وكأن في ملاعب كرة القدم فقط الظلم مرتعه وخيم .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. هل تسعى إسرائيل لـ-محو- غزة عن الخريطة فعلا؟| مسائية


.. زيلينسكي: الغرب يخشى هزيمة روسية في الحرب ولا يريد لكييف أن




.. جيروزاليم بوست: نتنياهو المدرج الأول على قائمة مسؤولين ألحقو


.. تقارير بريطانية: هجوم بصاروخ على ناقلة نفط ترفع علم بنما جنو




.. مشاهد من وداع شهيد جنين إسلام خمايسة